أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
7854
التاريخ: 13-12-2015
7649
التاريخ: 24-09-2014
8357
التاريخ: 29-09-2015
8213
|
شبهة - يقال أحياناً : كيف يمكن أن يكون الأنبياء والأئمّة معصومين مع جواز التقيّة لهم، وجواز الكذب وأمثاله في مقام التقيّة، أليست تلك ذنوباً؟ فلو جازت التقيّة لهم لاستحالت عصمتهم من الذنب والمعصية.
الجواب :
يجب الإلتفات إلى ملاحظتين دقيقتين :
1- الشبهة الخطيرة التي راودت البعض من المغفّلين حول «التقيّة» والتي غدت مصدراً لشبهات جمّة أخرى، هي توهّمهم بأنّ «التقيّة» تعني إبداء موقف الضعف أمام الآخرين، واسدال الستار على الحقائق، وانحصار مؤيّديها في أتباع المذهب الشيعي فقط.
في حين أنّ «التقيّة» بمعناها الحقيقي قانون عقلائي معروف وواضح يتّبعه كلّ العقلاء في الوقت المناسب، وهي في الحقيقة نوع من التكتيك لمحاربة العدو أو مواجهة الأحداث الخطيرة.
بيان ذلك : هناك أحداث في تاريخ الجهاد الديني والاجتماعي والسياسي، يتعرّض أتباع الحقّ ومذهبهم للخطر فيما لو قاوموا بشكل علني، ومن هنا نرى أنّ وجه الصراع يتغيّر وتستبدل المقاومة المباشرة بغير المباشرة والعلنية بالسرّية، والهدف هو توجيه «ضربات أكثر» للعدو ب «خسائر أقل»، وبعبارة أخرى الحدّ من ضياع القوى، وهذا النوع من الصراع والعمل السرّي ليس سوى «التقيّة» ولكن بأسلوب آخر.
إنّ النشاط السرّي مقابل العدو يعتبر في كلّ حروب العالم على طول التاريخ (خصوصاً اليوم) من أهمّ أصول المقاومة، الخطط الحربية كلّها سرّية، كلّ ملابس الجنود وأنواع العتاد والسلاح بعيدة عن أنظار العدو، وهذه كلّها صور أخرى من «التقية».
لو وقع أحد الضبّاط الكبار في أسر العدو، واحتمل أن يستفيد العدو كثيراً من معلوماته، لوجب عليه كتمان أمره وعدم إخبار العدو بالحقيقة، بل لو تمكّن من إغوائهم بعباراته لوجب ذلك، وهذه أيضاً من أوجه التقيّة.
لِمَ نذهب بعيداً، ففي صدر الإسلام حين كان المسلمون يشكّلون الأقلّية، كانوا يكتمون عقائدهم حين وقوعهم في قبضة العدو، لئلّا تذهب الطاقات سدى، فالكل قد سمع قصّة عمّار وأبيه، كما أنّ القرآن أجاز هذه المسألة في العديد من الآيات «1».
ومؤمن آل فرعون الذي وردت قصّته بالتفصيل في القرآن كمثال على ذلك، حيث استخدم أسلوب التقيّة، وعبّر عنه القرآن صراحةً ب {رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} (غافر/ 28).
ولا يجيز أي عاقل أن يكشف المجاهدون عن أنفسهم في مثل هذه الظروف الحسّاسة وهم قلّة، لئلّا يتعرّف عليهم العدو بسهولة ويقضي عليهم.
اللطيف هو أنّ «التقيّة» قد اعتبرت بمثابة الدرع الواقي بالنسبة للمؤمن في الروايات الإسلامية، كما ورد ذلك عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : «التقيّة ترس المؤمن» «2».
فلو أنّ أحداً لجأ إلى مكان منيع في ساحة المعركة ليقي نفسه من ضربات العدو، هل يعدّ مرتكباً لعمل مخالف يا ترى؟!
ومن هنا يتّضح أنّه كلّما ابتلي أحد بموارد التقيّة وكتم أمره وعقيدته التي يؤمن بها لمصلحة أهمّ، أو تحدّث على خلافها، فهو فضلًا عن عدم ارتكابه للذنب يكون عاملًا بالمباح أو الواجب، وشأن ذلك شأن الكذب لإصلاح ذات البين، أو لإنقاذ حياة مؤمن.
واللطيف هو أنّ القرطبي المفسّر السنّي المعروف، وفي ذيل الآية (106) من سورة النحل حينما يصل إلى مبحث «التقيّة» يقول : «يعتقد كلّ علماء الإسلام أنّه لو أجبر أحد على التفوّه بعبارات الكفر خوفاً على حياته، فلا حرج عليه في ذلك مع اطمئنان قلبه بالإيمان، ولا تبّين منه زوجته، ولا يحكم بأحكام الكفر» وبعد تعرّضه لقول ضعيف حول الإرتداد الظاهري لشخص كهذا يقول : «هذا كلام ينفيه الكتاب والسنّة والقرآن وحديث النبي الأكرم صلى الله عليه و آله».
طبعاً الأنبياء عليهم السلام في موقع لا يسمح لهم بالتقيّة أبداً، أي إنّهم لا يكتمون حقائق الدين بأيّ ثمن، ولا يقولون خلاف الواقع في هذا الطريق، وإلّا لبقيت حقائق دعوتهم خفيّة، ولزال الإعتماد على كلامهم، ولفقد إخبارهم عن الوحي السماوي اعتباره، لكنّهم لو ابتلوا بمشاكل شخصية فيحتمل كتمانها من قبلهم، وقد اختفى النبي الأكرم صلى الله عليه و آله في غار ثور أثناء هجرته من مكّة إلى المدينة وسلك الأودية والبوادي، وسار ليلًا واختفى نهاراً لئلّا يعثر عليه العدو وتتعرّض حياته المباركة للخطر، هذه كلّها كانت تقية ولا معصية في ذلك كلّه، كما إنّه لم يصدر منه صلى الله عليه و آله ما يخالف الحقّ.
_________________________
(1) راجع (آل عمران/ 28) و (النحل/ 106).
(2) وسائل الشيعة، ج 11، ح 6، من الباب 24 من أبواب الأمر بالمعروف ص 461.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|