أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2014
1961
التاريخ: 14-3-2016
1114
التاريخ: 14-10-2014
1105
التاريخ: 16-10-2014
2703
|
قال الزركشي : قيل : إن آيات الأحكام خمس مائة آية ، وهذا ذكره الغزالي وغيره ، وتبعهم الرازي ( أبو بكر الجصاص) ! ولعل مرادهم : المصرح به ؛ فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام .. قال : ومن أراد الوقوف على ذلك فليطالع كتاب الإمام في أدلة الأحكام للشيخ عز الدين بن عبد السلام .
قال : ثم هو قسمان : أحدهما ما صرح به في الأحكام ، وهو كثير . وسورة البقرة والنساء والمائدة والأنعام مشتملة على كثير من ذلك .
والثاني ما يؤخذ بطريق الاستنباط . ثم هو على نوعين :
أحدهما ما يستنبط من غير ضميمة الى آية أخرى – بل بدلالة الفحوى – كاستنباط الشافعي تحريم الاستمناء باليد من قوله تعالى : {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون : 7] .. بعد قوله : {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون : 6] ..
واستنباط صحة أنكحه الكفار من قوله تعالى : {امْرَأَة فِرْعَوْنَ} [التحريم : 11] . و {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد : 4] .. أي بدلالة التقرير ..
واستنباطه عتق الأصل والفرع بمجرد الملك ، من قوله تعالى : {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم : 92 ، 93] . فجعل العبودية منافية للولادة ، حيث ذكرت في مقابلتها ؛ فدل على أنهما لا يجتمعان .
واستنباطه حجية الإجماع من قوله : {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء : 115] .
واستنباطه صحة صوم الجنب من قوله تعالى : {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ – الى قوله تعالى - حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة : 187] . فدل على جواز الوقاع في جميع الليل ، ويلزم منه تأخير الغسل الى النهار ، وإلا لوجب أن يحرم الوطئ الى آخر جزء من الليل بمقدار ما يقع ..
ومن ذلك ما استنبطناه من قوله تعالى : {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف : 18] . أن المرأة لا تصلح لتصدي أمر الولاية ولا سيما القضاء .. حيث كانت الشؤون الإدارية الشائكة بحاجة الى صلابة وشدة وعزيمة فائقة ، الأمر الذي تعوزه المرأة وهي عائشة في نعومة وأحاسيسها رقيقة ، فتغلبها العاطفة أكثر من صمود العقل الرشيد .. إنها تعيش عيشتها في الابتهاج بالزينة و زبرجتها خائرة القوى ، لا شأن لها في ومعارك الحياة القاسية ، وهي لا تملك الدفاع عن نفسها لدى الخصام ، فكيف بها وفصل الخصومات في غوغاء المعارك ..
والثاني ما يستنبط مع ضميمة آية أخرى ، كاستنباط الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وابن عباس : أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله تعالى : {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف : 15] ، مع قوله : {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان : 14] . وعليه جرى الشافعي .. (1) .
من ذلك ما أثر عن الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) بشأن سارق رفع الى الخليفة (المعتصم) فجمع الخليفة لذلك الفقهاء وقد أحضر الإمام أيضاً . فسألهم عن موضع القطع .
فقال ابن أبي داوود : من الكرسوع (طرف الزند) واستدل بآية التيمم .. وقال آخرون : من المرفق ، نظراً الى آية الوضوء .
فالتفت الخليفة الى الإمام مستفهماً رأيه .. فاستعفاه الإمام ، لكنه أصر عليه وأقسم عليه بالله أن يخبره برأيه .. فقال الإمام : أما إذا أقسمت علي بالله ، إني أقول : يجب القطع من أصول الأصابع (الأشاجع) فيترك الكف (الراحة) . فسأله الخليفة عن الحجة في ذلك ؟
فقال الإمام : قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : " السجود على سبعة أعضاء ... " فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق ، فعلامَ يسجد ؟ وقد قال تعالى : {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن : 18] ؛ يعني به هذه الأعضاء السبعة التي تسجد عليها . {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن : 18] . و ما كان لله فلا يقطع .. (2)
وروى العياشي – أيضاً - : أن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا قطع السارق ، ترك له الإبهام الراحة (3) .
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتاب الإمام في أدلة الأحكام :
معظم آي القرآن لا يخلو من أحكام مشتملة على آداب حسنة وأخلاق جميلة . ثم من الآيات ما صُرح فيه بالأحكام أو يؤخذ بطريق الاستنباط ، إما بضم آية أخرى أو بلا ضم ، كما تقدم في كلام الزركشي :
قال : ويستدل على الأحكام تارة بالصيغة ، وهو ظاهر . وتارة بالإخبار مثل {أُحِلَّ لَكُمْ} [البقرة : 187] و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة : 3] ، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } [البقرة : 183] . وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر ، أو نفع أو ضر .. وقد نوع الشارع ذلك أنواعاً كثيرة ، ترغيباً لعباده وترهيباً وتقريباً الى أفهامهم . فكل فعل عظمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله لأجله ، أو أحبه أو أحب فاعله ، أو رضي به أو رضي عن فاعله ، أو وصفه بالاستقامة أو البركة أو الطيب ، أو أقسم به أو بفاعله .. او نصبه سبباً لذكره لعبده أو لمحبته ، أو لثوب عاجل أو آجل ، أو لشكره له ، أو لهدايته إياه ، أو لإرضاء فاعله ، أو لمغفرة ذنبه وتكفير سيئاته ، أو لقبوله أو لنصرة فاعله أو بشارته ، أو وصفه بالطيب أو كونه معروفاً ونحو ذلك من التعابير الكثيرة الواردة في القرآن ، تنم عن مشروعية عمل أو رجحانه أو بالعكس . فكل ذلك يستنبط منه حكم شرعي لازم أو راجح فعله أو تركه .. (4)
وهذا الذي ذكره هو الصحيح ، نظراً لما نبهنا عليه من أن كل آية في القرآن الكريم ، هي تحمل رسالة الى الناس جميعاً عبر الأبدية ، وما هي إلا بذلك الدستور العام المستفاد إما صريحاً من اللفظ أو تلويحاً وبدلالة فحوى الكلام ومفهومه العام المستخرج من بطن الآية بدلالة الالتزام .
وهذه قصص القرآن وامثاله ، لم تذكر تسلية للقارئ أو المستمع ، وأنما هي تذكرات وعبر وعظات تستهدفها الآيات في فحوى عام .. إذن فكل آي القرآن آيات أحكام ..
______________________
1- البرهان للزركشي ، ج2 ، ص3-5 .
2- تفسير العياشي ، ج1 ، ص319-320 ؛ وسائل الشيعة ، ج28 ، ص253 ، باب 4 ، حد القطع ، رقم 5.
3- المصدر نفسه ، ص6 . وهكذا ذكر ابن حزم : أن علياً (عليه السلام) كان يقطع الأصابع .. وكان عمر يقطع من المفصل . أما الخوارج فيرون القطع من المرفق أو المنكب (المحلى لابن حزم ، ج11 ، ص357 ، رقم 2284).
4- ذكرناه بتلخيص عن الإتقان ، ج4 ، ص35-37.
5- الفهرست لابن النديم ، ص63.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|