المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



فضائل علي في سورة «البراءة» وآية «سقاية الحاجّ»  
  
1920   11:48 صباحاً   التاريخ: 7-12-2015
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : نفحات القران
الجزء والصفحة : ج9 , ص212- 218
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / سيرة النبي والائمة / سيرة الامام علي ـ عليه السلام /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-12-2015 5055
التاريخ: 6-5-2022 1679
التاريخ: 13-12-2014 1744
التاريخ: 13-12-2014 2224

في سورة التوبة، وفي موضعين منها نزلت آيات تتضمن مناقب عظيمة لأمير المؤمنين عليه السلام بلحاظ سبب نزولها والروايات التي نقلها أغلب المفسرين والمؤرخين والمحدّثين.

الاولى‏ : آيات مقدّمة سورة البراءة

الآيات التي في مطلع هذه السورة التي نزلت بشأن اعلان الحرب على‏ المشركين الذين ينقضون العهد، وقد اتفق كافة المفسرين والمؤرخين تقريباً على‏ أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وأثناء نزول هذه الآيات في السنّة التاسعة للهجرة التي تعلن فيها عن نقص العهد مع المشركين، اختار «أبا بكر» لإبلاغ هذا الأمر إلى‏ عامة الناس في مكة خلال الحج، ولكن لم يمض من الوقت شي‏ء حتى استرجع الآيات منه وأعطاها لعلي عليه السلام وأمره بإبلاغها إلى‏ أهل مكة في مراسم الحج، وهكذا فعل.

وبالرغم من وجود جدل بين المحدثين والمفسرين والمؤرخين في تفرعاتها، نشير هنا إلى‏ جانب من هذه الروايات :

1- يقول أحمد بن حنبل الإمام السنّي المعروف في مسنده الذي هو أحد كتب الحديث المعروفة لدى السنةّ : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعث بالبراءة إلى‏ أهل مكة مع أبي بكر، لا يحج بالبيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلّا نفس مسلمة، من كان بينه وبين رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مدّة فأجله إلى‏ مدّته، واللَّه بري‏ء من المشركين ورسوله، قال : فسار بها ثلاثاً، ثم قال‏ لعلي عليه السلام : إلحقه فَرُدَّ عليَّ أبا بكر وبلغها أنت، قال : ففعل، قال : فلما قدم على‏ النبي صلى الله عليه و آله أبو بكر بكى‏ وقال : يا رسول اللَّه حدث فيّ شي‏ء؟ قال : «ما حدث فيك إلّا خير ولكن امرت أن لا يبلغه إلّا أنا أو رجل منّي» (1).

وينقل الترمذي في سننه المعروفة وهي من المصادر الرئيسة للحديث لدى أهل السنّة، هذه الرواية بتعبير آخر في بحث تفسير القرآن عن أنس بن مالك، أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعث بالبراءة مع أبي بكر، ثمّ دعاه وقال : «لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلّا رجلٌ من أهلي فدعا علياً فأعطاه إيّاها» (2).

ثمّ نقل الترمذي رواية اخرى‏ عن ابن عباس حول هذا الموضوع، ولكن أكثر تفصيلًا وبياناً (3)، واللطيف أنّه يقول بعد نهاية الحديثين، سواء عنه أم نقلًا عن الآخرين : هذا حديث‏ حسن غريب، إلّا أنّه لم يعبر بهذا بشأن غيرهِ من الروايات سواء قبله أو بعده، وهذا بحدّ ذاته من الامور الغريبة، وكأن كل حديث يروي منقبة استثنائية بحق علي عليه السلام يعتبر غريباً بنظرهم.

2- ينقل السيوطي في الدر المنثور عن «عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل» و «ابن مردويه» عن علي عليه السلام لما نزلت الآيات العشر الاولى‏ من سورة التوبة على‏ النبيّ صلى الله عليه و آله دعا أبا بكر ليأخذ هذه الآيات ويقرأها على‏ أهل مكة؛ ثمّ دعاني النبي صلى الله عليه و آله فقال لي : أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى‏ أهل مكة فاقرأه عليهم فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه، فرجع أبو بكر إلى‏ النبي صلى الله عليه و آله فقال : يا رسول اللَّه نزل فيّ شي‏ء؟ قال : «لا، ولكن جبرئيل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك» (4).

3- وفي نفس الكتاب يروي عن «أحمد» و «الترمذي» و «ابن مردويه» أيضاً عن «انس» بأنّه صلى الله عليه و آله بعث بآيات البراءة مع أبي بكر، ثمّ دعاه وقال : «لا ينبغي لاحد أن يبلغ هذا إلّا رجل‏ من أهلي، فدعا علياً فأعطاها إيّاه» (5).

4- ويروي أيضاً في هذا الكتاب عن «سعد بن أبي وقاص» : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعث بآيات البراءة مع أبي بكر إلى‏ مكة حتى‏ إذا كان ببعض الطريق أرسل علياً عليه السلام فأخذها منه ثمّ سار بها، فوجد أبو بكر في نفسه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : «لا يؤدّي عني إلّا أنا أو رجل منّي» (6).

5- ويروي في الكتاب نفسه عن «أبي سعيد الخدري» الصحابي المعروف : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعث أبا بكر يؤدّي عنه براءة، فلما أرسله بعث إلى‏ علي عليه السلام فقال : يا علي أنّه لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو أنت فحمله على‏ ناقته العضباء فسار حتى‏ لحق بأبي بكر فأخذ منه براءة، فأتى‏ أبو بكر النبي صلى الله عليه و آله وقد دخله من ذلك مخافة أن يكون قد انزل فيه شي‏ء، فلما أتاه قال : «مالي يا رسول اللَّه؟ (وساق الحديث) إلى‏ أن ذكر قول النبيّ صلى الله عليه و آله : «لا يبلّغ عنّي غيري أو رجل منّي» (7).

6- وفي هذا الكتاب أيضاً يروي عن «أبي رافع» الصحابي المعروف : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعث أبا بكر بآيات البراءة إلى‏ الحج فنزل عليه جبرئيل وقال : «إنّه لن يؤدّيها عنك إلّا أنت أو رجل منك» (8).

7- 8- روى‏ الحاكم الحسكاني في «شواهد التنزيل» ما يقارب من اثنتي عشرة رواية بشأن هذا الموضوع عن أنس بن مالك، وابن عباس، وسعد، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وغيرهم حيث يطول المقام بذكرهم جميعاً، وبمقدور الراغبين الرجوع إلى‏ الكتاب المذكور الذي هو في متناول الجميع من أجل المزيد من التحقيق‏ (9).

وروى‏ جماعة كثيرة اخرى‏ أيضاً هذه الرواية بطرق مختلفة، وأنّ رواة هذا الحديث كثيرون إلى‏ الحد الذي يقول المرحوم العلّامة الأميني : «هذا الحديث أخرجه كثير من أئمّة الحديث وحفاظه بعدة طرق صحيحة يتأتى‏ التواتر بأقل منها عند جمع من القوم ثم عدد 73 نفراً منهم‏ (10) ثم يضيف : إنّ رواة هذا الحديث ينتهي أسانيدهم إلى‏ جمع من الصحابة الأولين منهم علي عليه السلام، أبو بكر، جابر بن عبد اللَّه الأنصاري، أنس بن مالك، أبو سعيد الخدري، سعد بن أبي وقاص، أبو هريرة، عبد اللَّه بن عمر، حبش بن جنادة، عمران بن حصين، أبو ذر الغفاري» (11).

ونختم هذا البحث بشعر ل «شمس الدين المالكي» وهو من شعراء القرن الثامن الهجري المعروفين، يقول :

وأرسلهُ عنهُ الرسول مبلّغاً             وخصّ بهذا الأمر تخصيص مفردِ

وقال هل التبليغ عني ينبغي‏            لمن ليس من بيتي من القوم فاقتدي‏

النتيجة :

إنَّ هذه الرواية بهذه السعة في المصادر تعتبر أحد الأدلة الواضحة على‏ أفضلية علي عليه السلام على‏ غيره بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله واعتماده صلى الله عليه و آله عليه، وغاية قربه من اللَّه تعالى، فهو يقول بصريح القول : «أمرني جبرئيل الامين عن اللَّه بأن يبلغ علي هذه الآيات»، وقال صلى الله عليه و آله : «لن يؤدّي هذا الأمر إلّا أنا أو رجل منّي، وأنّ علياً وحده المؤهل لأداء هذا العمل».

وبالنظر إلى‏ أنّ : إلغاء العهود مع المشركين كان أحد أكثر المراحل حساسية في تاريخ الإسلام ويقتضي اطلاعاً وتدبيراً وشجاعة استثنائية وكان من الممكن أن يواجه ردود فعل قوية من قبل المعارضين أثناء مراسم الحج، فإنّ اختيار علي عليه السلام لهذه المهمّة كان أفضل دليل على‏ أنّه أعلم الامّة وأشجعها وأكثرها تدبيراً، ومن المسلّم به أنّ الذي يُختار لهذا الأمر أكثر أهلية وأجدر لخلافة النبيّ صلى الله عليه و آله.

والجدير بالاهتمام أنّ أبا بكر نفسه أدرك هذا الأمر أيضاً، وعند حضوره عند النبيّ صلى الله عليه و آله‏ استفسر باضطراب : هل نزل شي‏ء بحقي؟ فأجابه النبيّ صلى الله عليه و آله : «هذا العمل يؤدّيه شخص منّي!».

وهنا نلاحظ أنَّ المشككين- بما امتلكوه من حكم مسبق- بذلوا كل ما بوسعهم من أجل التقليل من أهميّة هذه المنقبة، وتجاوزوا هذه المسألة بتحليلاتهم الواهية.

فمثلًا يقول «الآلوسي» في «روح المعاني» : هذا الحديث يدل باختصار على‏ افضلية علي عليه السلام وقربه من الرسول صلى الله عليه و آله، وهذا ما لا ينكره مؤمن، لكنه لا يدل أبداً على‏ أنّ علياً أليق بأمر الخلافة من أبي بكر، ثمّ يضيف قائلًا : وقد ذكر بعض أهل السنّة نكتة في نصب أبي بكر أميراً للناس في حجهم ونصب الأمير «كرم اللَّه وجهه» مبلغاً نقض العهد في ذلك المحفل، وهي أنّ أبا بكر كان مظهراً لصفة الرحمة والجمال، وعلي عليه السلام هو أسد اللَّه ومظهر جلاله ففوض إليه نقض عهد الكافرين الذي هو من آثار الجلال وصفات القهر فكانا عينين فوّارتين يفور من إحداهما صفة الجمال، ومن الاخرى‏ صفة الجلال في ذلك الجمع العظيم الذي كان أنموذجاً للحشر ومورداً للمسلم والكافر.

يقول الآلوسي بعد ذكره لهذا الكلام : «ولا يخفى‏ حسنه لو لم يكن في البين تعليل النبي صلى الله عليه و آله» (12).

وكما قال «الآلوسي» في كلامه الأخير فإنّ هذا التحليل «الشاعري» لا يتفق وقول النبيّ صلى الله عليه و آله، فهو يقول بصراحة : لقد أمرني جبرئيل عن اللَّه أنّ هذا الأمر لا يؤدّيه إلّا أنا أو رجل منّي، أي رجل نظير للنبي صلى الله عليه و آله ويمتلك مواصفات خاصة وأقرب الناس إليه، ونحن نعلم أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان جامعاً لصفات الجمال والجلال.

لماذا يصر هؤلاء الاخوة على‏ إغفال منقبة بهذه العظمة أو يحرفونها عن منحاها الحقيقي بتبريرات شاعرية، مخافة أن يستند إليها الشيعة ويثبتوا حقانية مذهبهم؟!

وننهي كلامنا هذا بالحديث الذي روي عن أبي ذر الغفاري في كتاب «مطالب السؤال»، فهو يقول : قال النبي صلى الله عليه و آله : «علي منّي وأنا من علي ولا يؤدّي إلّا أنا أو علي» (13).

الثانية : آية سقاية الحاج‏

نقرأ في قوله تعالى‏ : {أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الحَاجِّ وَعِمارَةَ الَمَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِى سَبيلِ اللَّهِ لَا يَستَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهدِى القَومَ الظَّالِميِنَ} (التوبة/ 19).

 

لقد أورد الحاكم الحسكاني الحنفي في «شواهد التنزيل» ما يربو على‏ عشر روايات من طرق مختلفة في ذيل هذه الآية، تثبت أنّها نزلت بحق علي عليه السلام.

ففي احدى‏ هذه الروايات ينقل عن أنس بن مالك : إنّ «العباس بن عبد المطلب» و «شيبة» قعدا يفتخران، فقال له العباس : أنا أشرف منك، أنا عم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ووصي أبيه وساقي الحجيج، فقال شيبة : أنا أشرف منك، أنا أمين اللَّه على‏ بيته وخازنه، أفلا أئتمنك كما ائتمنني؟ فاطّلعَ عليهما علي عليه السلام فأخبراه بما قالا، فقال علي عليه السلام : أنا أشرف منكما، أنا أول من آمن وهاجر، فانطلقوا ثلاثتهم إلى‏ النبي صلى الله عليه و آله فأخبروه فما أجابهم بشي‏ء، فانصرفوا فنزل عليه الوحي بعد أيّام فأرسل إليهم فقرأ : {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ ...} إلى‏ آخر العشر (14).

وورد هذا المضمون أيضاً بشي‏ء من الاختلاف في بقيّة الروايات.

وجاء في بعضها : لما سمع العباس بنزول الآية قال ثلاثاً : «إنا قد رضينا».

وبالإضافة إلى‏ «الحاكم الحسكاني» فقد نقل هذه الروايات أيضاً جمع غفير- بعضهم بشكل مفصل وبعضهم على‏ نحو الاختصار- في كتبهم، منهم :

«الطبري» في تفسيره عن «أنس بن مالك» (15).

«الواحدي» في «أسباب النزول» (16).

«القرطبي» في تفسيره‏ (17).

«الفخر الرازي» في «التفسير الكبير» (18).

«الخازن» في تفسير «الخازن» (19).

«أبو البركات النسفي» في تفسيره‏ (20).

«ابن الصباغ المالكي» في «الفصول المهمّة» (21).

وفي تفسير «الدر المنثور» وهو تفسير يستند إلى‏ أحاديث أهل السنّة نقل روايات كثيرة بشأن نزول هذه الآية بحق علي عليه السلام، والقصة الآنفة (22).

وهنا يتبادر إلى‏ الذهن سؤال هو : أليس التفاخر أمر منبوذ في الإسلام؟ فلم يُقْدِم أمير المؤمنين عليه السلام على‏ هذا الأمر؟

تتضح الاجابة عن هذا السؤال من خلال الالتفات إلى‏ قضية واحدة وهي : إنّ الناس ربّما يقعون بالخطأ في تشخيص القيم، فيتركون القيمة الحقيقية ويتبعون الامور المتأخرة من ناحية القيمة، ففي مثل هذه الحالات لا مانع من الافتخار والتباهي من أجل توضيح الحقيقة، بل تعتبر واجباً في بعض الحالات، فمثلًا ربّما يفتخر شخص بنفسه في احدى‏ المجالس قائلًا : إِنني امتلك الثروة الفلانية، وآخر يقول : إنّ القصر الفلاني يعود لي، ويقول ثالث : كفاني فخراً إنني أمير بلدي!.

وينبري شخص قد جلس هناك فيقول من أجل ابراز القيم الحقيقية :

بالرغم من افتقاري للمال والثروة والمقام والجاه إلّا أنني افتخر بكوني حافظاً للقرآن.

فهذا الفعل لا يعد قبيحاً بل هو درس بليغ.

8- آية «صالح المؤمنين»

نقرأ في القرآن الكريم، أنّ الباري جل وعلا خاطب بعض نساء النبيّ صلى الله عليه و آله اللواتي ارتكبن مخالفة، قائلًا : {وَانْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَانَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الُمؤْمِنيِنَ وَالمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلَكَ ظَهِيرٌ}. (التحريم/ 4)

إِنَّ عبارة «صالح المؤمنين» تشمل المؤمنين والصالحين والصادقين من أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله، وليس الصحابة والأنصار الذين عاصروه فحسب، بل هي تشمل المؤمنين والصالحين في سائر الدهور والأعصار أيضاً، أولئك الذين يتصدون لنصرة الإسلام والنبيّ صلى الله عليه و آله ورسالته بمختلف السبل.

بيدَ أنّ المهم هنا أنّ‏ «صالح المؤمنين» فسرت في روايات عديدة بعلي عليه السلام، وتؤكد على‏ أنّه أفضل واكمل مصداق لهذه الآية، ونظراً لمجيئه جنباً إلى‏ جنب جبرئيل تتجلى‏ عظمة منزلته وأهميّة هذه الفضيلة جيداً.

نعم فقد كان علي عليه السلام أفضل نصير لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله مدى حياته بعد اللَّه وجبرئيل الأمين، وعليه فمن يستحق أن يخلف النبيّ صلى الله عليه و آله غيره؟ ألا تدل هذه الروايات على‏ أنّه كان أفضل الامّة، وأفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه و آله؟

والآن لننظر في اسناد هذه الروايات ونتطرق إلى‏ جانب منها الذي اقتطف بشكل عام من مصادر أهل السنّة :

ينقل «الحاكم الحسكاني» ثمانية عشر حديثاً! في ذيل هذه الآية من مختلف الطرق، بأنّ المراد من‏ «صالح المؤمنين» علي بن أبي طالب عليه السلام، منها : إنّه يروي عن «أسماء بنت‏ عميس» تقول : سمعت النبيّ صلى الله عليه و آله يقول : «صالح المؤمنين علي بن أبي طالب» (23).

وروي في الكتاب نفسه عن «ابن عباس» أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال بحق علي بن أبي طالب عليه السلام : «هو صالح المؤمنين» (24).

ويروي عن «عمار بن ياسر» قوله : سمعت علياً عليه السلام يقول : دعاني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وقال :

«ألا أُبشرك : قلت : بلى‏ يا رسول اللَّه ومازلت مبشراً بالخير، قال : قد أنزل اللَّه فيك قرآناً، قلت : وما هو يا رسول اللَّه؟ قال : قُرنت بجبرئيل، ثم قرأَ : وجبريل وصالح المؤمنين» (25).

وينقل هذا المعنى‏ أيضاً في رواية أُخرى‏ عن «حذيفة».

وفي رواية ينقل عن «ابن سيرين»، وفي اخرى‏ عن «علي بن أبي طالب» نفسه، أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال : «صالح المؤمنين، علي بن أبي طالب» (26).

كما نقل الكثير من المفسرين هذا الحديث في تفاسيرهم، منهم السيوطي في «الدر المنثور» في ذيل الآية عن «ابن عباس» و «أسماء بنت عميس».

ويقول «البرسوئي» في تفسير «روح البيان» بعد نقله لهذه الأقوال في ذيل هذه الآية :

منها قول مجاهد في أنّ المراد من صالح المؤمنين، علي عليه السلام ويؤيده قوله صلى الله عليه و آله : «يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى‏»، ثمّ ينقل آيات عديدة حيث اطلق الباري تعالى‏ كلمة الصالحين في القرآن الكريم على‏ كبار الأنبياء، ويستنتج بأنّه لمّا كان علي عليه السلام بمنزلة نبي اللَّه‏ «هارون»، فهو جدير بصفة الصالحين‏ (27).

بالإضافة إلى‏ أنّ هذه الرواية نقلت من قبل جماعة آخرين مثل «العسقلاني» في «فتح ‏الباري»، و «ابن حجر» في «الصواعق»، و «علاء الدين المتقي» في «كنز العمال».

وخلاصة القول : إنّها منقبة عظيمة لا نظير لها إذ قرن اللَّه تعالى صالح المؤمنين بجبرئيل، ومصداقها التام والكامل على‏ ضوء هذه الروايات علي بن أبي طالب عليه السلام.

نعم، فقد كان جنباً إلى‏ جنب النبيّ صلى الله عليه و آله في جميع مراحل حياته، وكان يعد نصيراً وظهيراً له في الأحوال جميعاً، وهو اجدر الجميع بخلافته صلى الله عليه و آله.

________________________

(1) مسند أحمد، ج 1، ص 3.

(2) سنن الترمذي، ج 4، ص 339، ح 5085.

(3) المصدر السابق، ح 3091.

(4) تفسير در المنثور، ج 3، ص 209.

(5) تفسير در المنثور، ج 3، ص 209.

(6) المصدر السابق.

(7) المصدر السابق، ص 230 (بشي‏ء من الاختصار).

(8) المصدر السابق.

(9) شواهد التنزيل، ج 1، ص 232- 243 (الحديث رقم 309 و 310 و 311 و 312 و 314 و 315 و 316 و 317 و 318 و 323 و 324 و 325).

(10) للاطلاع على‏ اسماء هؤلاء ال 73 شخص راجعوا كتاب الغدير، ج 6، ص 341- 388.

(11) الغدير، ج 6، ص 341- 348.

(12) تفسير روح المعاني، ج 10، ص 47.

(13) مطالب السؤال، ص 18 (على‏ ضوء نقل الغدير، ج 6، ص 348).

(14) شواهد التنزيل، ج 1، ص 249.

(15) تفسير جامع البيان، ج 10، ص 59.

(16) أسباب النزول، ص 182.

(17) تفسير القرطبي، ج 8، ص 91.

(23) شواهد التنزيل، ج 2، ص 256، ح 982.

(24) المصدر السابق، ص 258، ح 987.

(25) المصدر السابق، ص 259، ح 989.

(26) المصدر السابق، ص 255- 263.

(27) تفسير روح البيان، ج 10، ص 53.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .