أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-01-2015
1850
التاريخ: 7-12-2015
1865
التاريخ: 11-10-2014
1804
التاريخ: 29-01-2015
1521
|
قال تعالى : {مَرَجَ البَحرَينِ يَلتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرزَخٌ لَّايَبْغيَانِ* فَبِأَىِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* يَخْرُجُ مِنْهُما اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرجَانُ}. (الرحمن/ 19- 22)
لقد وردت أقوالٌ كثيرة في تفسير هذه الآية،...، فتارة قيل : المراد من البحرين بحران ذواتا ماء عذب ومالح، حيث يتجاوران في الكثير من المناطق دون أن يختلطا مع بعضهما، ويلاحظ هذا المشهد جيداً في جميع المناطق التي تصب فيها الأنهار بالبحار.
والتفسير الآخر اللطيف لهذين البحرين، تيار «غولف استريم» والأنهار البحرية العملاقة التي تتحرك في الكثير من محيطات العالم وتأخذ المياه الدافئة من المناطق الاستوائية نحو المناطق القطبية، وربّما يختلف لونها عن لون المياة المحيطة بها، والمدهش أنّ عرضها يبلغ أحياناً مائة وخمسين كيلو متراً وعمقها عدّة مئات من الأمتار، وقد تصل سرعتها إلى 160 كم في اليوم! وتختلف درجة حرارتها عن المياه المجاورة ب 10- 15 درجة!.
إنّ هذا التيار من المياه الدافئة يخلق رياحاً دافئة ويمنح قسماً من حرارته إلى المناطق المجاورة، ويعمل على تلطيف الجو في المناطق الشمالية للكرة الأرضية التي يمر بها، ويجعلها ملائمة، ولولا هذه التيارات البحرية لتعسرت الحياة في تلك البلدان، وربّما لا يمكن تجرعها.
وطبعاً فإنّ «غولف استريم» اسم لأحد التيارات والأنهار البحرية، ويشاهد شبيه ذلك في مياه القارات الخمس، وأنّ السبب الرئيس لهذه الحركة هو الاختلاف بين درجة حرارة مياه المناطق الاستوائية ومياه المناطق القطبية. (1)
وحيث إنّ آيات القرآن ذوات ظاهر وباطن، فقد تفسر تفسيراً مادياً ومعنوياً، ففي الروايات الإسلامية فسر هذان البحران بعلي وفاطمة عليهما السلام، وفسر اللؤلؤ والمرجان معنوياً بالحسن والحسين عليهما السلام.
فقد روي في «شواهد التنزيل» عن «سلمان الفارسي» في تفسير آية «مرج البحرين يلتقيان» أنّ «المراد هو علي وفاطمة عليهما السلام» ثمّ يضيف : قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، يعني الحسن والحسين» (2)، ونقل هذا المعنى بطريق آخر عن «ابن عباس» و «الضحاك» (3).
وجاء في رواية اخرى عن «سعيد بن جبير» عن «ابن عباس» أنّ المراد من «مرج البحرين يلتقيان» علي وفاطمة عليهما السلام، والمراد من «بينهما برزخ لا يبغيان» حب دائم لا ينقطع ولا ينفد، والمراد من «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان» الحسن والحسين عليهما السلام (4).
وورد في رواية اخرى تعبير أكثر وضوحاً عن «ابن عباس» بشأن «بينهما برزخ لا يبغيان» وهو أنّ المراد «ود لا يتباغضان» (5).
وفي الحقيقة أنّ البرزخ يعني «الحائل بين شيئين» فالمحبة هنا تحول دون البغي والتجاوز.
وبعد أن يذكر «السيوطي» أيضاً في تفسيره الروائي «الدر المنثور» الروايات المتعلقة بالتفسير الظاهري لهذه الآية، نقل مضمون الأحاديث المتقدمة عن «ابن عباس» وعن النبيّ صلى الله عليه و آله، فيقول : روى «ابن مردويه» عن «ابن عباس» في تفسير آية «مرج البحرين يلتقيان»، أنّ المراد علي وفاطمة عليهما السلام.
ثمّ يضيف : قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، يعني الحسن والحسين عليهما السلام» (6).
وروى هذا المعنى عن «انس بن مالك» أيضاً (7).
واللطيف أنّ المفسر المعروف «الآلوسي» بعد أن ينقل الرواية الآنفة في تفسير «روح المعاني» عن «ابن عباس» و «انس بن مالك»، وكذا عن طريق الطبرسي عن «سلمان الفارسي» و «سعيد بن جبير» و «سفيان الثوري» يضيف قائلًا : «والذي اراه أنّ هذا إن صح ليس من التفسير في شيء بل هو تأويل كتأويل المتصوفة لكثير من الآيات، وكل من علي وفاطمة رضي اللَّه تعالى عنهما عندي أعظم من البحر المحيط علماً وفضلًا وكذا كل من الحسنين رضي اللَّه تعالى عنهما أبهى وأبهج من اللؤلؤ والمرجان بمراتب جاوزت حد الحسبان» (8).
إنّ اعترافه الصادق بمنزلة هؤلاء العظماء امر حسن في ذاته، على شرط أن لا يكون غرضه سلب قيمة هذه الروايات!
ولعل الآلوسي تناسى أنّ هذا الحديث روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله، بطرق عديدة، وأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله له كامل الصلاحية في تأويل الآيات، وأنّ مقارنته بتأويلات الصوفيين الموضوعة والمنحرفة التي تفتقد للسند مقارنة مجحفة لا تتناسب وشأن العالِم.
على أيّة حال، فهذه الآية من الآيات التي تدلل على الفضل العظيم والمقام الرفيع لعلي وزوجته وولديهما الحسن والحسين عليهم السلام، لأنّها شبهت علياً وفاطمة عليها السلام ببحرين عظيمين، البحر الذي يكشف عن عظمة الباري جلّ وعلا، والذي يعتبر مصدراً للبركات، ومنطلقاً للعلوم والمعارف الزاخرة، ومظهراً بارزاً لفضائل الأخلاق كالجود والسخاء والطهارة والعصمة، وتشبه ولديهما باللؤلؤ النفيس الذي لا نظير له، الذي ينمو في أعماق البحر، ثمّ يبرز إلى الخارج، تكامل فيه الحسن والجمال، ظاهرياً وباطنياً، والعلم والتقوى والفضيلة والطهارة والعصمة.
فأي شخص تشاهد فيه كل هذه المناقب؟ ومن أكثر جدارة بخلافة النبيّ صلى الله عليه و آله غير علي وأولاده عليهم السلام، وكم مروا من هذه المناقب مرور الكرام!
______________________________
(1) للمزيد من التفصيل في هذا الصدد وبشأن هذه الآيات راجعوا الى التفسير الأمثل ذيل الآيات مورد البحث.
(2) شواهد التنزيل، ج 2، ص 209 (ح 919.
(3) المصدر السابق، ص 208.
(4) شواهد التنزيل، ج 2، ص 210.
(5) المصدر السابق، ص 230.
(6) تفسير در المنثور، ج 6، ص 143.
(7) المصدر السابق.
(8) تفسير روح المعاني، ج 37، ص 93 (ذيل آيات البحث).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يعلن إطلاق المسابقة الجامعية الوطنية لأفضل بحث تخرّج حول القرآن الكريم
|
|
|