أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2016
1926
التاريخ: 2024-07-27
729
التاريخ: 27-6-2019
2115
التاريخ: 18-9-2019
1797
|
نظراً إلى أنّ الجدال بالباطل يتسبب في إخفاء الحق وزيادة عناصر التعصب والخشونة وما يترتب على ذلك من المفاسد والاضرار الكثيرة ، نرى أنّ الروايات الإسلامية قد نهت عن الجدال والمراء بشدّة خاصّة إذا كان بالنسبة إلى الامور الدينيّة ومن ذلك :
1 ـ ما ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «ما ضَلَّ قَومٌ بَعدَ أَنْ هَداهُمُ اللهُ إلّا اوتُوا الجَدَلَ» ([1]).
2 ـ وهذا المضمون ورد أيضاً في حديث آخر مع تفاوتٍ يسير عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أيضاً حيث قال : «ما ضَلَّ قَومٌ إلّا أَوثَقُوا بالجَدَلَ» ([2]).
3 ـ وقد ورد في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «لَعَنَ اللهُ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي دِينِهِ اولئِكَ مَلعُونُونَ عَلى لِسانِ نَبِيِّهِ» ([3]).
4 ـ وفي حديث آخر عن هذا الإمام (عليه السلام) أيضاً أنّه قال : «الجَدَلُ فِي الدِّينِ يُفسِدُ اليَقِينَ» ([4]).
5 ـ في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : «إِيّاكُم وَالخُصُومَةَ فِي الدِّينِ فَإنَّها تُشغِلُ القَلبَ عَنْ ذِكرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتُورثُ النِّفاقِ ، وَتَكسِبُ الضَّغائِنَ ، وَتَستَجِيرُ بالكِذبَ» ([5]).
والتعبير بالخصومة في الدين رغم أنّها لا تنطوي تحت عنوان الجدال ولكنّها من الموارد الشبيهة بهذا المعنى.
6 ـ ونظير هذا المعنى ما ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنّه قال : «إِيَّاكَ وَالخُصُومَةَ فَإنَّها تُورثُ الشَّكَّ وَتَحبِطُ العَمَلَ وَتُردِي بِصاحِبِها» ([6]).
7 ـ ومن نصائح لقمان الحكيم لابنه في ترك الجدال : «يا بُنَيَّ لا تُجَادل العُلَماءَ فَيَمقُتُوكَ» ([7]).
8 ـ ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : «مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالجَدَلِ تَزَندَقَ» ([8]).
9 ـ قال الإمام على بن موسى الرضا (عليه السلام) لأحد أصحابه : «أَبلِغْ عَنِّي أَولِيائِي السَّلامَ وَقُلْ لَهُم أَنْ لا يَجعَلُوا لِلشِّيطانِ عَلى أَنفُسِهِم سَبِيلاً وَمُرهُم بِالصِّدقِ فِي الحَدِيثِ وَأَداءِ الأَمانَةِ وَمُرهُم بِالسُّكُوتِ وَتَركِ الجِدالِ فِيما لا يَعنِيهم» ([9]).
10 ـ نختم هذا البحث بحديث آخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن نسبة الإيمان والمراء والجدال ، حيث يقول : «لا يَستَكمِلُ عَبدٌ حَقِيقَةَ الإِيمانِ حتَّى يَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن كانَ مُحِقّاً» ([10]).
أمّا المراء الذي سبق وأن قلنا بالفرق بينه وبين الجدال فحاصل الكلام هو أنّ الجدال يعني كل شكل من أشكال الشجار اللفظي والنزاع الكلامي ، في حين أنّ المراء يأتي بمعنى المباحثة في شيء يكون فيه شك وترديد ، فتارة تكون هذه المباحثة بدافع من طلب الحق وتوضيح المطلب ، واخرى تكون بدافع من التعصّب واللّجاجة وإظهار التفوّق والفضل على الطرف الآخر ، وهذه الحالة مذمومة جداً ، وفي الروايات الإسلامية ينصب الذم على هذا النوع من المباحثة اللفظية ، رغم عدم وجود تفاوت كبير بينه وبين الجدال.
1 ـ ورد في الحديث الشريف معنى المراء بما تقدم أعلاه ، فعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قال : «لا يَستَكمِلُ عَبدٌ حَقِيقَةَ الإِيمانِ حتَّى يَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن كانَ مُحِقّاً» ([11]).
وهذا إشارة إلى أنّ المناقشة والمنازعة اللفظية من موقع اللجاجة وبدافع من إظهار التفوّق والفخر على الآخر حتّى في المسائل الحقّة تكون سبباً في سقوط الإنسان على المستوى الأخلاقي والعقائدي.
2 ـ وفي حديث آخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضاً بواسطة عدّة أشخاص من الصحابة الذين قالوا : دخل رسول الله يوماً علينا ونحن نتمارى في شيء من أمر الدين فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله ثم قال : «إِنّما هَلَكَ مَنْ كانَ قَبلَكُم بِهذا ، ذَرُوا المِراءَ فَإِنَّ المُؤمِنَ لا يُمارِي ، ذَرُوا المِراءَ فَإنَّ المِماري قَدْ تَمَّتْ خَسارَتُهُ ، ذَرُوا المِراءَ فَانا المِماري لا أَشفَعُ لَهُ يَومَ القِيامَةِ ، ذَرُوا المِراءَ فَانا زَعِيمٌ بِثَلاثَةِ أَبياتٍ فِي الجَنَّةِ فِي رِياضِها وَأَوسَطِها وَأَعلاها لِمَنْ تَرَكَ المِراءِ وَهُوَ صادِقٌ ، ذَرُوا المِراءَ فَإنَّ أَوَّلَ ما نَهانِي عَنهُ رَبِّي بَعدَ عِبَادَةِ الأَوثانِ المِراءُ» ([12]).
3 ـ وفي حديث آخر عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «ذَرُوا المِراءَ فَإنّه لا تَفهَمُ حِكمَتُهُ وَلا تُؤمَنُ فِتنَتَهُ» ([13]).
وهو إشارة إلى أنّ الشخص المماري يرى أنّه لم يعرف نفسه ولا الآخرين ، ومثل هذا الشخص يعيش أجواء الحرمان من إدراك الحقائق الدينية قطعاً.
4 ـ وجاء في حديث آخر أنّ رجلاً قال للإمام الحسين (عليه السلام) اجلس اناظرك في الدين ، فأجابه الإمام : «يا هذا أَنَا بَصِيرٌ بِدِينِي مَكشُوفٌ عَلَيَّ هُداي فَإن كُنتَ جاهِلاً بِدِينِكَ فَاذهَبْ وَاطلُبهُ ، مالِي وَللمُماراةِ وإِنَّ الشَّيطانَ لِيُوسوِسُ لِلرَّجُلِ وَيُناجِيهِ وَيَقُولُ ناظِرِ النَّاسَ فِي الدِّينِ كَي لا يَظُنُّوا بِكَ العَجزَ وَالجَهلَ» ([14]).
5 ـ وفي حديث آخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «أَربَعٌ يُمِتْنَ القُلُوبَ الذِّنبُ عَلى الذَّنبِ وَكَثرَةُ مُناقشَةِ النِّساءِ يَعنِي مُحادَتَهُنَّ وَمُماراةُ الأَحمَقِ تَقُولُ وَيَقُولُ وَلا يَرجَعُ إِلى خَيرٍ وَمُجالَسَةُ المَوتى ، فَقِيلَ : يا رَسُولُ اللهِ وَما المَوتى ، قَالَ : كُلُّ غَنِيٍ مُترَفٌ» ([15]).
6 ـ جاء عن أمير المؤمنين قوله : «إِيّاكُم وَالمِراءِ وَالخُصُومَةَ فَإِنَّهُما يَمرُضانِ القُلُوبَ عَلَى الإِخوانِ وَينبِتُ عَلَيهِما النِّفاقِ» ([16]).
7 ـ ولهذا فقد ورد في حديث آخر عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال في خطاب له أمام حشدٍ من المسلمين : «أَورَعُ النّاسِ مَنْ تَرَكَ المِراءَ وَإِنْ كانَ مُحِقاً» ([17]).
8 ـ وفي رواية عن الإمام أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «جِماعُ الشَّرِّ اللِّجاجُ وَكَثرَةُ المِمارَاةِ» ([18]).
9 ـ ونختم هذا البحث بحديث آخر عن سلمان الفارسي عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «لا يُؤمِنُ رَجُلُ حَتّى يُحِبُّ أَهلِ بَيتِي وَحَتّى يَدَعَ المِراءَ وَهُوَ مُحِقٌّ فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطابِ : ما عَلامَةُ حُبِّ أَهلِ بَيتِكَ؟ قالَ : هذا ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلى عَليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ (عليه السلام)» ([19]).
ولا شك أنّ هذين الموضوعين يرتبطان ببعضهما برابطة وثيقة حيث ذكرهما النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في كلامه مقترنين ، ولعل هذه الرابطة من جهة أنّ دلائل فضل الإمام علي وأهل بيته (عليهم السلام) إلى درجة من الوضوح والبداهة بحيث يقبلها كل إنسان يتحرّك من موقع الإنصاف ويبتعد عن الجدال والمراء والخصومة ويهدف إلى طلب الحقيقة.
* * *
إنّ الروايات الشريفة في ذمّ المراء كثيرة جدّاً ، وما ذكر من الروايات العشر أعلاه إنّما هي نماذج وعيّنات من هذا الباب والنظر الدقيق في هذه الأحاديث والروايات يكفي لكي يحيط الإنسان بأخطار هذا الخلق الذميم وعواقبه الوخيمة وآثاره المخرّبة على المستوى الفردي والاجتماعي.
[1] احياء العلوم ، ج 3 ، ص 1553.
[2] بحار الانوار ، ج 2 ، ص 138 ، ح 52.
[3] المصدر السابق ، ص 129 ، ح 13.
[4] غرر الحكم.
[5] بحار الانوار ، ج 2 ، ص 128 ، ح 6.
[6] المصدر السابق ، ص 134 ، ح 30.
[7] مجموعة الورام ، ج 1 ، ص 117 ، (باب ما جاء في المراء والمزاح).
[8] المحجة البيضاء ، ج 1 ، ص 107.
[9] ميران الحكمة ، ج 1 ، ص 273.
[10] المحجة البيضاء ، ج 5 ، ص 208.
[11] بحار الانوار ، ج 2 ، ص 139 ، ح 53.
[12] بحار الانوار ، ج 2 ، ص 139 ، ح 50.
[13] المصدر السابق ، ص 134 ، ح 31.
[14] المصدر السابق ، ح 32.
[15] المصدر السابق ، ص 128 ، ح 10.
[16] المصدر السابق ، ص 139 ، ح 56.
[17] المصدر السابق ، ص 127 ، ح 3.
[18] غرر الحكم.
[19] سفينة البحار ، مادة «مَرَء» بحار الانوار ، ج 27 ، ص 107 ، ح 79.
|
|
العمل من المنزل أو المكتب؟.. دراسة تكشف أيهما الأفضل لصحتك
|
|
|
|
|
عناكب المريخ.. ناسا ترصد ظاهرة غريبة
|
|
|
|
|
إحياءً لليوم الوطني للقرآن الكريم.. المجمع العلمي يواصل برنامجه التطويري الربيعي لطلبة حفظ القرآن الكريم
|
|
|