المداخل الأساسية لنظريات الإعلام- النظريات المتعلقة بالقائم بالاتصال- نظرية ترتيب الأولويات (وضع الأجندة)

تصنف هذه النظرية على أنها من نظريات القائم بالاتصال، ذلك لافتراض النظرية أن وسائل الإعلام هي من يقوم بترتيب اهتمامات الجمهور من خلال إبراز القضايا التي تستحق، وإهمال قضايا أخرى؛ فيبدي الجمهور اهتمامه بهذه القضايا دون غيره.

وتفترض نظرية ترتيب الأولويات أن القائمين على وسائل الإعلام والعاملين فيها يختارون بعض الموضوعات والقضايا - وأحيانا الشخصيات - لاسيما السياسية، ويركزون فيها، ويظهرون اهتمامهم بها لمدة محددة أو مفتوحة إذا كانت المختارات تتعلق بسياسات تلك الوسائل، وإن هذا التركيز والاهتمام سيثيران بدورهما اهتمام الجمهور – عاديا كان أو نخبويا أو حتى من صانعي القرار- بتلك الموضوعات والقضايا والشخصيات تدريجيا، بخلاف الموضوعات والقضايا والشخصيات التي لا تحظى بتركيز أو اهتمام وسائل الإعلام. وفي إطار هذه العلاقة التفاعلية تحدد وسائل الإعلام الموضوعات والقضايا التي يجب أن ينشغل بها الجمهور، بما ينسجم مع توجهات تلك الوسائل ويلبي أهدافها (1).

وتعد الدراسة التي أجراها ماکسویل ماكومبس و دونالد شو التي نشرت عام 1972 أول دراسة ميدانية تهدف إلى معرفة تأثير وسائل الإعلام على ترتيب الاولويات عند الناخبين في أثناء حملة الرئاسة الأمريكية عام 1968 (2) حيث قام الباحثان بتحليل مضمون لما قدمه التلفزيون والصحف والمجلات من أخبار عن المرشحين والموضوعات التي يناقشونها طوال فترة الانتخابات وقد خرجوا بنتيجة من هذا البحث إن هناك توافقاً كبيراً بين مقدار الانتباه الذي توليه الصحافة تجاه موضوع معين ومستوى الاهمية التي يوليها الناس لهذا الموضوع في مجتمعهم بعد أن تعرضوا لوسائل الإعلام. وقد أدى نجاح الدراسة الأولى إلى قيام الباحثين بإجراء بحث أكبر حول انتخابات الرئاسة عام 1972 وقد أكدت نتائج هذه الدراسة ما جاء في الدراسة الأولى (3). وبناء على نتائج هذه الدراسات فإن هناك علاقة وثيقة بين جدول اهتمامات وسائل الإعلام الاخبارية أو الصحافة بشكل عام في أثناء حملة انتخابية و بین ترتیب اهتمامات الجمهور. فتعرض الجمهور لوسائل الإعلام بدعم من قدرته على فهم ومعرفة القضايا المحيطة به ووضع تصورات عن الحلول للمشاكل التي تواجهه.

وتهتم بحوث ترتيب الأولويات عادة بدراسة أثر وسائل الإعلام، ومنها الفضائيات، في تحديد أولويات الموضوعات والقضايا لدى الجمهور الذي يتابع تلك الوسائل، لكن البحوث الحديثة لم تعد تتبنى فرضية ترتيب وسائل الإعلام لأولويات الجمهور فحسب - وهي الفرضية الرئيسة للنظرية - بل أخذت تتبنى حركية العلاقة بين متغيرات نظرية ترتيب الأولويات، أي وسائل الإعلام والجمهور وما يتكون في أوساطه من رأي عام وصانعي القرار بشكل تفاعلي ودائري على النحو الآتي .(4) :

أولاً: أجندة وسائل الإعلام تسهم في وضع أجندة الرأي العام.

ثانياً: أجندة وسائل الإعلام تسهم في وضع أجندة صانعي القرار بأسلوب مباشر.

ثالثاً: أجندة وسائل الإعلام تسهم في وضع أجندة صانعي القرار بأسلوب غير مباشر عبر تأثيرها في أجندة الرأي العام.

رابعاً: أجندة بعض وسائل الإعلام تؤثر في أجندة وسائل إعلام أخرى.

خامساً: أجندة الرأي العام تسهم في وضع أجندة وسائل الإعلام.

سادساً: أجندة الرأي العام تسهم في وضع أجندة صانعي القرار بأسلوب مباشر.

سابعاً: أجندة الرأي العام تسهم في وضع أجندة صانعي القرار بأسلوب غير مباشر تأثيرها في أجندة وسائل الإعلام.

ثامناً: أجندة صانعي القرار تؤثر في أجندة وسائل الإعلام.

تاسعاً: أجندة صانعي القرار تؤثر في أجندة الرأي العام بأسلوب مباشر عبر السياسات والقرارات التي تقوم عليها.

عاشراً: أجندة صانعي القرار تؤثر في أجندة الرأي العام بأسلوب غير مباشر عبر تأثيرها في أجندة وسائل الإعلام.

_____________

(1) أ.د بشير العلاق نظريات الاتصال - مدخل متكامل، عمان دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، 2010، ص85.

(2) عزيزة عبده: الإعلام السياسي والرأي العام دراسة في ترتيب الأولويات، القاهرة: دار الفجر للنشر والتوزيع، 2004، ص 102.

(3) ملفين ديفلير وساندرا بول روکتیش: نظريات وسائل الإعلام، ط3، القاهرة، الدار الدولية للنشر والتوزيع، 1999، ص 366.

(4) أ.د بسيوني ابراهيم حمادة: دراسات في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال والرأي العام، القاهرة، عالم الكتب، 2008، ص 205.