أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2016
2199
التاريخ: 3-2-2021
1702
التاريخ: 20-1-2021
1896
التاريخ: 3-9-2021
2357
|
إنّ التقدم المذهل للمسلمين في العصور الأولية من تاريخ الإسلام كانت ولا زالت مثار تعجب المؤرخين في الشرق والغرب ، ولكنهم إذا تفكروا في أسباب وعوامل هذا التقدم السريع لأدركوا بسرعة سرّه.
ومن البديهي أنّ أحد علل التقدم السريع هو التزام جيش الإسلام بالمواثيق والعهود وهذا هو ما أكد عليه القرآن الكريم ونبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) مراراً ، وهذه المسألة على درجة من الأهمية بحيث كان الجيش الإسلامي يضحي من أجلها بالكثير من الانتصارات السريعة على الكفار.
أنّ القانون المهم (الأمان) الذي يعد أحد التعاليم الإسلامية يؤكد هذا المعنى أيضاً وأنّ كل جندي من جنود الإسلام وفي أيّ رتبة كان يمكنه أن يعطى الأمان لبعض رجال العدو بشكل مؤقت ويجب على جميع المسلمين في الجيش الإسلامي احترام هذا الأمان وكأنّه عهد مقطوع ولازم الوفاء.
وهناك نماذج كثيرة ذكرها المؤرخون في تاريخ الإسلام تحكي هذا المعنى ومنها :
1 ـ ما ذكره ياقوت الحموي في (معجم البلدان) عن فتح مدينة (سهرياج) ([1]) من القصة العجيبة حيث بعث الخليفة في ذلك الزمان الجيش إلى هذه المدينة لفتحها.
يقول فضل بن زيد الرقاشي : حاصرنا سهرياج في أيام عبد الله بن عامر وقد سار إلى فارس افتتحها ، وكنّا ضمنا أن نفتحها في يومنا وقاتلنا أهلها ذات يوم فرجعنا إلى معسكرنا وتخلف عبد مملوك منّا فراطنوه ، فكتب لهم أماناً ورمى به في سهم فرحنا إلى القتال وقد خرجوا من حصنهم وقالوا : هذا أمانكم فكتبنا بذلك إلى عمر ، فكتب إلينا : إنّ العبد المسلم من المسلمين ذمته كذمتكم ، فلينفذ أمانه ، فأنفذناه ([2]).
ومصدر هذه القصة هو ما ورد من الحديث النبوي المعروف في حجة الوداع حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للمسلمين كافة : «المُؤمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكافَأُ دِمائُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ يَسْعى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ» ([3]).
2 ـ وورد في التواريخ الإسلامية أنّ المسلمين في عصر الخليفة الثاني هزموا الساسانيين وقبضوا على (هرمزان) قائد الجيوش الفارسية وجاءوا به إلى عمر بن الخطاب ، فقال له الخليفة : لقد نقضت العهود معنا دائماً فلما ذا إرتكبت هذا العمل؟ فقال الهرمزان : أخاف أن تقتلني قبل أنّ أقول لك سبب ذلك ، فقال له الخليفة : لا تخف.
وفي هذه الأثناء طلب الهرمزان الماء فجيء له بإناء فيه ماء فقال الهرمزان : لو أعلم بأنني أموت من العطش فأنني لا أشرب من هذا الأناء أبداً.
فقال لهم عمر : اذهبوا وأتوه بماء في إناءٍ يقبل أن يشرب منه ، فجاؤوا له بقدح فيه ماء وناولوه بيده ، فنظر إلى ما حوله ولم يشرب وقال : أنني أخاف أن أقتل وأنا أشرب الماء.
فقال له عمر : لا تخف فأنا أعطيك الأمان من القتل إلى أن تنتهى من شرب الماء.
فما كان من الهرمزان إلّا أن ألقى بالقدح من يده فانسكب الماء على الأرض ، فقال عمر وهو يتصور أنّ القدح سقط من يده بدون اختيار : ناولوه قدحاً آخر ليشرب.
فقال الهرمزان : أنا لا أريد الماء بل كان مقصودي أن أحصل منك على الأمان ، فقال له الخليفة : ولكني سأقتلك لا محالة.
فقال الهرمزان في جوابه : إنك قد أعطيني الأمان من القتل.
فقال الخليفة : أنت تكذب فأنا لم أعطك الأمان.
وكان (أنس) حاضراً فقال : صدق الهرمزان لقد أعطيته الأمان إلى أن ينتهى من شرب الماء.
فتفكر الخليفة في ذلك وقال للهرمزان : لقد خدعتني ولكني سوف أقبل خدعتك هذه لكي تعتنق الإسلام ، فلما رأى الهرمزان هذه الحالة (وهي إلتزام المسلمين بعهودهم ومواثيقهم) شع نور الإيمان في قلبه وأسلم ([4]).
والملفت للنظر أنّه يستفاد من الروايات الإسلامية أنّه حتى شبهة العهود والأمان يجب الوفاء بها ، ففي الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «لَوْ أَنَّ قَوْماً حاصَرُوا مَدينةً فَسَألُوهُمُ الأَمانَ فَقالُوا : لا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ قالُوا : نَعَمْ فَنَزِلُوا إِلَيْهِمْ كانُوا آمِنِينَ» ([5]).
وبهذا ترى أنّه ليس فقط العهد والأمان يجب الوفاء به بل إحتمال وجود العهد الوفاء به أحياناً.
[1] يوجد في مركز نواحي بوانات بلاد الفُرس قرية تسمى سوريان ، والظاهر هي نفس سهرياج ، لانّه ورد في معجم البلدان في ذيل هذه القصة اسمها الفارسي سوريانج يكون مخففه سوريان.
[2] معجم البلدان ، ج 3 مادة سُهرياج.
[3] اصول الكافي ، ج 1 ، ص 404 ، ح 2.
[4] التفسير الأمثل.
[5] وسائل الشيعة ، ج 11 ، ص 50 ، ح 4.
|
|
دليل التغذية الأولى للرضيع.. ماذا أنسب طعام بعد 6 شهور؟
|
|
|
|
|
ماذا نعرف عن الطائرة الأميركية المحطمة CRJ-700؟
|
|
|
|
|
جامعة العميد تنظّم ندوة عن مكتبتها المركزية لطلبة كلية الطب
|
|
|