أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2016
4358
التاريخ: 17-10-2017
13116
التاريخ: 22-12-2019
2055
التاريخ: 20-6-2018
2086
|
يعد الالتزام بتحديث المشروع من أهم التزامات شركة المشروع في عقــد الــــــ (M.O.O.T)، إذ أن هذا التحديث يتوقف عليه نجاح المشروع وتحقيق الأهداف التي تم توقيع العقد من أجلها، التي هي تقديم الخدمات بكفاءة وانتظام وضمان تسليم المشروع في نهاية مدة العقد إلى الجهة المانحة بحالة جيدة (1).
وبما أن عقد الـ (M.O.O.T) هو قيام شركة المشروع بتحديث أحد مشاريع البنية الأساسية وتطويره تكنولوجيا على وفق المعايير العالمية، ومن ثم تشغيل المشروع وتسليمه إلى الجهة المانحة عند انتهاء مدة العقد (2)، فأنه يحق لنا التساؤل عن مضمون هذه التكنولوجيا وأهميتها بالنسبة لطرفي هذا العقد وعلى عاتق من تقع مسؤولية اختيارها وخصائصها وموقف شركة المشروع من نقل التحسينات وكيفية توطينها؟
ابتداء يمكن القول بأن الالتزام بتحديث المشروع هو نقل التكنولوجيا المتطورة إليه. وينصرف لفظ التكنولوجيا إلى مجموعة معلومات تتعلق بطريقة مبتكرة لتطبيق نظرية علمية أو اختراع، وتعد المعلومات التي يتركب منها عقد نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية مالاً معنوياً (3)، يطلق عليه حق المعرفة (4) .
ولا يقتصر التزام شركة المشروع بتحديث المشروع على المعارف والخبرات وإنما يشمل فضلاً عن ذلك توريد الآلات والمعدات والتجهيزات وإعداد الدراسات الأولية وعمل.
الرسومات وتحضير البيانات الضرورية لتحديث المشروع، فضلاً عن إقامة الأبنية اللازمة وتجهيزها بالمعدات المطلوبة لتشغيل المشروع (5).
يعد عقد الـ (M.O.O.T) من أهم وسائل نقل التكنولوجيا المتطورة إلى الدولة المضيفة، لارتباط هذا النوع من العقود بمشاريع البنية التحتية في الدولة، فضلاً عن طول مدة العقد وضخامة الأموال المستثمرة فيه، الأمر الذي يدفع شركة المشروع إلى استخدام أحدث التقنيات التكنولوجية (6)، لذا تلجأ الجهة المانحة إلى شركات متخصصة في مجال التكنولوجيا وتحديث التجهيزات للحصول على الخدمات التي ينص عليها العقد، وهذه الشركات في الغالب تكون أجنبية ويكون العقد الموقع معها ذات صفة دولية (7).
ويحقق نقل التكنولوجيا مصلحة لشركة المشروع، إذ يسهل لها إدارة المشروع وتحصيل أكبر قدر من الفوائد والأرباح وتقديم الخدمة الجيدة (8) ، وأن للجهة المانحة مصلحة أيضاً في الحصول على التكنولوجيا الجديدة التي تساعدها في تحقيق التنمية الاقتصادية، فضلاً عن أثر التكنولوجيا البالغ في رفع كفاءة المشروع وبالتالي تقديم الخدمات بشكل سريع وتحقيق المكاسب الاقتصادية (9) ، وغالباً ما تقوم الجهة المانحة باختيار التكنولوجيا التي يتم استخدامها في المشروع بتحديد مواصفاتها في مستندات المناقصة الخاصة بها، ويبدأ هذا الاختيار من مرحلة دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع مروراً بالتصميمات الأولية والتفصيلية للمشروع ومواصفاته الجوهرية والخدمات التي يقدمها عندما ترغب الجهة المانحة في الحصول على تكنولوجيا سابقة الاستخدام ومعروفة لديها أو متوافقة مع التكنولوجيا المستخدمة في مشاريع أخرى، وبأية حال يفضل بالنسبة للجهة المانحة استخدام التكنولوجيا الأكثر ملائمة للظروف المحلية (10).
ويمكن أن لا توجد هناك رغبة من الجهة المانحة في نوع محدد من التكنولوجيا الخاصة بالمشروع، أو إذا كانت الجهة المانحة لا تتمتع بالخبرة الكافية في هذه المجالات، فإنها تقوم بنشر إعلان عن المناقصة من دون تحديد نوعا معينا من التكنولوجيا التي يجب استخدامها في المشروع، ومن ثم تترك اختيار نوع التكنولوجيا لشركة المشروع.
علماً أننا نؤيد قيام الجهة المانحة باختيار نوع التكنولوجيا التي يجب أن تستخدم في المشروع وعدم ترك الخيار لشركة المشروع، حتى إذا لم تكن تتمتع بالخبرة والدراية الكافية في هذه المجالات وذلك من خلال إنشاء جهة متخصصة كأن تكون هيئة أو مؤسـسـة تقــوم بتقويم أنواع ومستويات التكنولوجيا المنقولة واختيارها على وفق ضوابط وشروط محددة كأن تكون التكنولوجيا حديثة ومتوافقة مع البيئة.
أن أهم ما يجب أن تتمتع به التكنولوجيا التي هي موضوع التحديث هو مسألة السرية والتي يقصد بها العمل على ألا تكون المعلومات سواء في مجموعها أو في الشكل والتجميع الدقيق لمكوناتها، معروفة عادةً أو من السهل الحصول عليها من قبل أشخاص في أوساط المتعاملين في نوع تلك المعلومات (12).
فانطلاقاً من أن التكنولوجيا ذات قيمة اقتصادية عالية فأن من الطبيعي أن يحرص منتجيها على سرية المعلومات في العقود التي تتضمن نقل التكنولوجيا من خطر إفشاؤها للغير (13)، لذا تؤدي السرية دوراً مهماً وبارزاً في إطار توفير الضمانات في عقـود نـقـــل التكنولوجيا، لأنها تعد أحد الركائز الأساسية في عالم التقنيات التكنولوجية المتطورة إذ تعد الأداة الرئيسة للاحتكار التكنولوجي الذي يمنح القوة التنافسية لمنتجيها وعدم اقتصار أهميتها فقط على كونها وسيلة لفرض الحماية القانونية على المعرفة الفنية باعتبارها محل عقد نقل التكنولوجيا ووصفها عملاً لهذه الحماية (14)، الأمر الذي يدفع أطراف العقد إلى الحفاظ علـــى سرية هذه المعارف ومنع نقلها للغير (15).
والهدف من الالتزام بالسرية هو الحفاظ على المعلومات والبيانات ومنع أي طرف من أطراف العقد من الافصاح عنها أو استخدامها من دون الحصول على إذن مسبق من صاحب هذه المعلومات، وذلك عندما لا تدخل هذه المعلومات ضمن نطاق حقوق الملكية الفكرية ومن ثم ضمن الحماية القانونية لها (16) ، ولكي يتحقق الهدف من هذا الالتزام لابد من تحديد نطاقه من حيث المحل والزمان والأشخاص (17).
فمن حيث المحل فلابد من تحديد ما يتصف بالسرية في التكنولوجيا المنقولة محل العقد ووجوب منع إفشاء أي عنصر من عناصرها، أما من حيث الزمان فهو تحديـد مـدة الالتزام والتي تبدأ من تاريخ قيام شركة المشروع بنقل التكنولوجيا إلى الجهة المانحة لحين انتهاء المدة المتفق عليها، ولا يوجد معيار معين لتحديد هذه المدة وانما يترك هذا التحديد لظروف كل عقد والحرية المطلقة لأطرافه في تحديدها ، أما نطاق الالتزام من حيث الأشخاص فيقصد به تحديد الأشخاص الذين يجوز لهم الوقوف على أسرار المعلومات الفنية للتكنولوجيا محل العقد من عمال ومستخدمين وغيرهم (18).
ويرد هذا الالتزام في العقود أغلبها التي تتضمن نقل تكنولوجيا بشكل شرط يفرض على الأطراف التعهد بعدم إفشاء المعلومات التقنية إلى الغير (19) ، ولما كان العقد هو المصدر الأساسي لالتزامات أطرافه فأن هذا الالتزام يكون مصدره العقد (20)، كما هي الحال في عقد تأهيل وتشغيل معمل أسمدة بيجي الذي ألزم الأطراف بالحفاظ على سرية المعلومــات فــــي النص بأنه: "على كل من طرفي العقد أن يلتزم بالكتمان وأن يمتنع إن لم يحصل على الموافقة المسبقة المكتوبة من الطرف الآخر على أن يكشف لأي شخص طبيعي أو شخص معنوي شروط هذا العقد أو أية معلومات خاصة بالمعمل، بما في ذلك رخص المعرفة الفنية، وعدم استخدامها لأغراض أخرى لا علاقة لها بتنفيذ هذا العقد (21).
وأيضا نص على هذا الالتزام عقد تأهيل وتشغيل ونقل ملكية معمل سمنت كربلاء الذي جاء فيه على كل من الطرفين المحافظة على سرية المعلومات وعدم استخدامها للأغراض غير المشروعة وكشفها لأي طرف ثالث باستثناء الأطراف الرسمية والمحاكم والسلطة المالية (22).
والسؤال الذي قد يُثار هنا هو مدى التزام أطراف العقد بالسرية في حالة افتقاد العقد إلى نص ينظم من خلاله هذا الالتزام؟
يلتزم أطراف العقد بالمحافظة على سرية التكنولوجيا - المعرفة الفنية - حتى في حالة عدم وجود نص في العقد ينظم هذا الالتزام على أساس أن المعرفة الفنية تتصف بطابع السرية، فأن إفشاؤها من أحد الأطراف يؤدي إلى الاضرار بالآخر وفقدان الصفة التنافسية لإنتاجها، الأمر الذي يتطلب معه الحفاظ عليها طي الكتمان على أساس أنها من مستلزمات العقد (23)، إذ يجب أن يعامل الطرفان كلاهما تفاصيل العقد على أنها خاصة وسرية، لا يجوز الافصاح عنها إلا في حدود تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها العقد أو الخضوع للقوانين النافذة. ويجب أن لا ينشر أحد المتعاقدان، أو يسمح بنشر، أو يفصح عن أية من خصوصيات الأعمال في أية ورقة تجارية أو تقنية أو في أي مكان آخر ما لم يكن هناك اتفاق مسبق مع المتعاقد الآخر (24).
ويعد كل طرف من أطراف العقد مسؤولاً تجاه شريكه بالتعويض المناسب عن أي خرق للالتزام بالسرية من أي شخص يعمل تحت إمرته ويستمر هذا الالتزام طيلة المدة المحددة له في العقد أو طيلة مدة العقد ويمكن أن يستمر بعدها (25).
وينتهي هذا الالتزام بانتهاء تلك المدة أو قبل انتهائها في حالة الكشف عن عناصر التكنولوجيا - المعرفة الفنية - بشكل يجعل أمر الحصول عليها سهلاً جداً بفعل لا يرجع إلى أحد طرفي العقد (26).
ومن المسائل التي ترتبط بالتكنولوجيا أشد الارتباط هي تلك التحسينات التي تطرأ على التكنولوجيا التي قامت باستخدامها شركة المشروع في تحديث المشروع المنفذ، هل يمكن للجهة المانحة استخدام هذه التكنولوجيا بعد انتهاء مدة العقد وتسليم المشروع إليها؟ التحسينات هي التغييرات التي يتم إدخالها على التكنولوجيا المستخدمة في تنفيذ المشروع (27) . وقد اختلف الفقه حول مدى التزام شركة المشروع بإدخال التحسينات علــــى التكنولوجيا التي يتم استخدامها في المشروع المنفذ على رأيين:
الرأي الأول: يذهب أصحاب هذا الرأي (28) ، إلى القول بوجوب النص في العقد على التزام شركة المشروع بإدخال أية تحسينات تطرأ على التكنولوجيا المستخدمة في المشروع ومن ثم هذا الالتزام من الالتزامات العقدية، وأن عدم النص على يصبح هذا الالتزام يجعلـــه خـــارج نطاق العقد، الأمر الذي يتطلب للالتزام بإدخال هذه التحسينات توقيع عقد جديد بين الجهة المانحة وشركة المشروع يكون محله إجراء التحسينات للتكنولوجيا المستخدمة في المشروع.
الرأي الثاني: يرى أصحاب هذا الرأي (29)، بأن شركة المشروع تلتزم بإدخال التحسينات التي تطرأ على التكنولوجيا المستخدمة في المشروع وإن لم ينص العقد على ذلك، استناداً إلى مبدأ حسن النية، فضلاً عن الغاية الأساسية من التعاقد والتي تهدف إلى الالتحاق بالتقدم والتطور التكنولوجي.
ويمكن القول بأن الاتجاه الثاني هو الأرجح لأن إدخال التحسينات على التكنولوجيا المستخدمة في المشروع يعد من مستلزمات تنفيذ العقد وإن لم ينص علــى هـذا الإدخال، فالتحسينات هي الأساس الذي تقوم عليه عملية التحديث بوصفها الالتزام الجوهري في تنفيذ العقد، أي أنها عملية التحديث تشمل ضمنياً إدخال التكنولوجيا الحديثة وما يطرأ عليهـا مــن تحسينات إلى المشروع محل العقد.
أما بخصوص التساؤل المطروح حول مدى إمكانية الجهة المانحة لاستخدام التكنولوجيا بعد انتهاء مدة العقد وانتقال ملكية المشروع إليها فيمكن القول بأنه في الحالات معظمها يتم نقل ملكية التكنولوجيا المستخدمة في المشروع إلى الجهة المانحة عند انتهاء مدة العقد وبديهياً يحق للجهة المانحة هنا استخدام تكنولوجيا المشروع بالكامل لإدارة المشروع وتسييره كالحق في استخدام الآلات ومعدات المشروع وبراءات الاختراع والعلامة التجارية (30)، وهذا ما أكدته النصوص الإرشادية للبوت B.O.T الصادرة عن اليونيدو عام 1996 ، إذ نصت على أن تمنح شركة المشروع الحكومة ترخيصاً غير قابل للنقض، وبدون رسوم أو ضرائب وغير حصري يجيز استخدام جميع البراءات المملوكة أو التي تم إدارتها والسيطرة عليها حالياً أو فيما بعد من قبل شركة المشروع وضمن الحد الضروري اللازم لتشغيل المشروع وصيانته وإصلاحه ومناوبته(31).
علماً أن الشركات الأجنبية تعمل على حرمان الجهة المانحة من استخدام التكنولوجيا بعد التشغيل أو حتى بعد تسليم المشروع بوضع عديد من القيود في العقد بصورة شروط تهدف إلى إبقاء الجهة المانحة في حاجة لشركة المشروع، الأمر الذي دفع بعض التشريعات إلى النص على إبطال الشروط التي تحضر استخدام التكنولوجيا (32) ، كقانون التجارة المصري رقم (17) لسنة 1999 الذي نص في مادته السابعة والخمسين بأنه يجوز إبطال كل شرط يرد في عقد نقل التكنولوجيا ويكون من شأنه تقييد حرية المستورد في استخدامها أو تطويرها". كما يمكن للجهة المانحة مواجهة هذه الحالة من خلال إضافة فقرة في العقد تنص على أن من حق الجهة المانحة استخدام نفس تقنيات المشروع بعد نقل ملكيته إليها استخداماً مجانياً وبدون أتعاب مستقبلية (33).
وإذا كان الهدف من نقل التكنولوجيا إلى الدولة المضيفة هو تحقيق تنمية تكنولوجية في هذه الدولة فالسؤال الذي يطرح هنا هو كيف يمكن توطينها؟
يمكن القول بأن توطين هذه التكنولوجيا لا يتحقق إلا بتدريب العمال الوطنيين عليها، فالتنمية التكنولوجية لا يمكن الوصول إليها من دون وجود كوادر بشرية قادرة على استيعاب التكنولوجيا وتطويرها، الأمر الذي يوجب على شركة المشروع الاستعانة بالخبراء والمتخصصين أصحاب الكفاءة العالية لتدريب العمال الوطنيين على استيعبات التكنولوجيا المتقدمة والمستخدمة في المشروع (34) ، فتلتزم شركة المشروع بتدريب العمال الوطنيين على تشغيل المشروع وصيانته وما تطلبه الجهة المانحة وما يحدده العقد قبل تسليم المشروع (35)، ويعد الالتزام بتدريب العمال الوطنيين وسيلة من وسائل نقل التكنولوجيا الحديثة(36)، وأن أهميته في عقد الـ (M.O.O.T) تنبع من كونه يمكن العاملين الوطنيين من أن يأخذوا على عاتقهم إدارة وتشغيل المشروع مستقبلاً بعد انتهاء العقد وتسليمه إلى الجهة المانحة (37)، فهو يضمن للجهة المانحة بعد تسليمه إليها سهولة إدارته وبكفاءة عالية من دون الحاجة إلى الخبرات الأجنبية في المستقبل (38) ، مما يؤدي إلى القول بضرورة النص على هذا الالتزام في مضمون عقد الـ (M.O.O.T) فيصبح العقد هو مصدر الالتزام(39) ".
وهذا ما ذهبت إليه العقود أغلبها ، ومنها عقد تأهيل وتشغيل معمل سمنت سنجار الذي نص على "تتولى شركة المشروع القيام بتدريب العاملين حسب اختصاصاتهم في تشغيل وصيانة وإدارة المعمل وفق خطة تقدم للجهة المانحة تتضمن إعداد واختصاصات المتدربين والفترات المقترحة والتدريب داخل وخارج العراق (40) وعقد تأهيل وتشغيل ونقل ملكية معمل سمنت كربلاء الذي نص على يتولى الطرف الثاني - شركة المشروع - تدريب العاملين حسب اختصاصاتهم في تشغيل وصيانة وإدارة المعمل (41). وأيضاً عقد الهاتف الخلوي MTN في سوريا الذي بدوره نص على هذا الالتزام إذ جاء فيه يلتزم المتعهد بتدريب عناصر ونظراء من الإدارة وفق ما هو وارد بالمواصفات الفنية لتحقيق نقل الخبرة والمعرفة وفق برنامج تضعه الإدارة بالتنسيق مع المشغل يحدد فيه عدد المتدربين والنظراء ومكان وزمان التدريب وموضوعه دون أن تتحمل الإدارة أي تكلفة لقاء ذلك (42).
وقد ورد هذا الالتزام في عقد محطة سيدي كرير لشراء الطاقة الكهربائية في مصر إذ نصت على "تبدأ الشركة مع الهيئة على حساب الشركة وحدها قبل تاريخ نقل الملكية بثمانية عشر شهراً، بوضع برنامج تدريب للموظفين التابعين للهيئة أو الذين تحددهم الهيئة، ويشمل البرنامج إعداد مواد التدريب واستخداماتها ويوفر تدريباً نظرياً وتدريباً عملياً من خلال العمل لعدد كاف من موظفي الهيئة في ما يتعلق بتشغيل وصيانة المشروع"(43). وحظي هذا الالتزام باهتمام العقود النموذجية (الفيديك (44) ) إذ جاء في شروط الكتاب الفضي يلتزم المقاول بتدريب العاملين لدى رب العمل على تشغيل وصيانة الأعمال وفقاً لمتطلبات رب العمل فإذا نص العقد على ضرورة التدريب فإنه ينبغي تنفيذ هذا التدريب قبل تسليم الأعمال إلى رب العمل (45).
وقد يكون التدريب عملياً ونظرياً في الوقت نفسه يشمل الجوانب التقنية والإداريـــة والتجارية وكذلك أعمال الصيانة كافة (46) ، فالتدريب النظري هو الذي يكون بطريقة دروس
تلقى على العاملين في أحد مراكز التدريب أو في مقر الشركة الأم لشركة المشروع، والأمر الذي يتطلب إرسال العاملين في بعثات خاصة ويجب إيفادهم في ندوات دراسية(47). أما التدريب العملي فيتم ممارسته بحسب البرامج المعدة له بإشراف ذوي الخبرة الذين يتولون الشرح للمتمرنين والإجابة على أسئلتهم وتقديم التقارير عنهم، ويقتضي هذا التدريب تشغيل العمال للآلات وعدم الاكتفاء بالمشاهدة السلبية (48)، ويجب أن لا يقتصر هذا التدريب على الموظفين المكلفين بإدارة وتشغيل المشروع بل يجب أن يمتد إلى الموظفين الحكوميين المكلفين بإدارة مسؤوليات رقابية وإشرافية (49) ، وأن يستمر هذا التدريب ليشمل مراحل المشروع كافة منذ لحظة بداية أعمال التحديث إلى انتهاء التسليم (50)، على أن تلتزم شركة المشروع بتقديم تقريراً دورياً للجهة المانحة تبين فيه مدى قدرة العمال الوطنيين على التقدم في التدريب وإمكانيتهم في تحمل مسؤولية تشغيل المشروع مستقبلاً، ففي حالة عدم ثبوت كفاءتهم تلتزم الجهة المانحة بترشيح عمالة أخرى تتولى شركة المشروع لتدريبهم(51). ولكن ما مدى التزام شركة المشروع بتدريب العمال الوطنيين خلال مدة العقد؟ يتجه الرأي الغالب إلى أن التزام شركة المشروع بتدريب العمال الوطنيين هو التزام بتحقيق نتيجة، ولا تستطيع شركة المشروع التنصل من المسؤولية بإثبات أنها بذلت العناية المعقولة في هذا الصدد (52).
أما بالنسبة لعملية اختيار المتدربين فإن الجهة المانحة تقوم باختيارهم بناء علـــى مواصفات ومؤهلات عملية وفنية تشترطها شركة المشروع لتفادي الخطأ في الاختيار الذي قد تقع به الجهة المانحة في حالة انفرادها في الاختيار ومن ثم ضمان نجاح تشغيل وصيانة وتطوير المشروع بعد انتهاء مدة العقد (53).
علماً أن المشرع الصيني قد نص على هذا الالتزام في القواعد القانونيـة الخاصـــة بالاستثمار الأجنبي بمشروعات البوت بقوله تكون شركة المشروع مسؤولة عن تدريب الأشخاص المطلوبين لكي تكون لديهم القدرة المستقلة لتشغيل المشروع وصيانته بعد تسليم المشروع (54).
أما بالنسبة للوضع في العراق فإن المشرع العراقي لم ينظم مشروعات البوت بقانون خاص وإنما ألزم شركة المشروع بوصفها مستثمراً أجنبياً بتدريب العمال العراقيين وتأهيلهم وزيادة كفاءتهم ورفع مهاراتهم وقدراتهم (55).
___________________
1- د. وائل محمد السيد إسماعيل المشكلات القانونية التي تثيرها عقود B.O.T وما يماثلها، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009، ص177.
2- د. دويب حسين صابر عبد العظيم، الاتجاهات الحديثة في عقود الالتزام دار النهضة العربية القاهرة بدون سنة نشر ص 62.
3- د. عصام أحمد البهجي، عقود البوت (B.O.T) الطريق لبناء مرافق الدولة الحديثة، دار الجامعة الجديدة، مصر، ، 2008 ، ص 161.
4- حق المعرفة هو كل وسيلة أو أسلوب يتسم بالسرية، ويترتب على استغلاله في الصناعة من قبل أصحاب المشروعات تحقيق فائدة عملية، ينظر في تفصيل ذلك د. مصطفى احمد أبو الخير، عقود نقل التكنولوجيا، ط 1 ، ايتراك للنشر والتوزيع، القاهرة، 2007 ، ص 160.
5- د. محمود الكيلاني، عقود التجارة الدولية في مجال نقل التكنولوجيا، مطبعة عبير، حلوان، 1988، ص220.
6- علاء إبراهيم الحسيني، الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد البناء والتشغيل ونقل الملكية B.O.T، رسالة ماجستير كلية القانون جامعة بابل، 2008، ص38.
7- د. مروان محي الدين القطب، طرق خصخصة المرافق العامة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009 ، ص379.
8- ماهر محمد أحمد، النظام القانوني لعقد (البوت) B.O.T، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة بنها، 2004 ، ص 324.
9- محمد فكري عطا الله عبد المهدي، التزامات شركة المشروع في عقود (B.O.T)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 2004، ، ص 166.
10- محمد فكري عطا الله عبد المهدي، التزامات شركة المشروع في عقود (B.O.T)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 2004، ، ص 167-168.
11- د. سمير عبد العزيز ود إسماعيل حسين إسماعيل ود شكري رجب العشماوي، نظام البناء التشغيل - نقل الملكية B.O.T لتمويل وإدارة وتحديث مشروعات البنية الأساسية الدار الجامعية، الإسكندرية، 2007، ص 97.
12- د. وليد عودة الهمشري، عقود نقل التكنولوجيا، ط ا ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009، ص 204.
13- د. ياسر سيد الحديدي، عقد الفرنشايز التجاري، بدون سنة نشر، ص109.
14- د. وليد عودة الهمشري، المصدر نفسه، ص197.
15- د. السيد مصطفى أحمد، مصدر سابق، ص 162.
16- د. هاني صلاح الدين الإطار القانوني لمشروعات البنية الأساسية التي يتم تمويلها عن طريق القطاع الخاص بنظام بناء والتملك والتشغيل والتمويل مجلة القانون والاقتصاد العدد ،69، 1999، ص118.
17- د. مي محمد عزت شرباش النظام القانوني للتعاقد بنظام الـ (B.O.O.T)، دار الجامعة الجديدة، الأسكندرية، 2010، ، ص 83
18- د. السيد مصطفى أحمد، مصدر سابق، ص 486.
19- د. صالح بكر الطيار العقود الدولية لنقل التكنولوجيا، ط1 ، شهد للنشر والإعلام، القاهرة، 1992، ص230.
20- المادة (150) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951.
21- المادة (1/34) من عقد تأهيل وتشغيل معمل أسمدة بيجي.
22- المادة (32) من عقد تأهيل وتشغيل ونقل ملكية معمل سمنت كربلاء.
23- درع حماد عبد، عقد الامتياز، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة النهرين، 2003، ص 145، ثم لاحظ نص المادة (2/150) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951.
24- Conditions of contract for PEC Turnky project, op. cit., P..
"Both parties shall treat the details of the contrat as private and confidential, except to the extent necessary to carry out obligations under it or to comply with applicable laws. The party shall not publish, permit to be published, aor disclose any particulars of the works in any trade or technical paper or else where with out the previous agreement of the employer.
25- د. صالح بكر الطيار العقود الدولية لنقل التكنولوجيا، ط1 ، شهد للنشر والإعلام، القاهرة، 1992، ص231.
26- د. السيد مصطفى أحمد أبو الخير، مصدر سابق، ص487.
27- د. مي محمد عزت ،شرباش، مصدر سابق، ص 86.
28- د. وليد عودة الهمشري، عقود نقل التكنولوجيا، ط 1 ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009، ، ص 255 - 256 ، كذلك محمد فكري عطا الله عبد المهدي، التزامات شركة المشروع في عقود (B.O.T)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 2004، ص 168.
29- د. ندى زهير الفيل ود رواء يونس النجار، المركز القانوني للمستثمر (شركة المشروع) في عقد البوت، بحث مقدم الى مؤتمر التنظيم القانوني للاستثمار في العراق، كلية الحقوق جامعة الموصل، العدد5 ، 2011 ، ص 36؛ كذلك د. مي محمود عزت شرباش مصدر سابق، ص 86
30- د. سمير عبد العزيز ود إسماعيل حسين إسماعيل ود شكري رجب العشماوي، نظام البناء التشغيل - نقل الملكية B.O.T لتمويل وإدارة وتحديث مشروعات البنية الأساسية الدار الجامعية، الإسكندرية، 2007 ، ص 106.
31- نقلاً عن محمود فكري عطا الله، مصدر سابق، ص 169.
32- د. مي محمد عزت شرباش المصدر السابق، ص 84-85
33- د. سمير عبد العزيز ود إسماعيل حسين إسماعيل ود شكري رجب العشماوي، نظام البناء التشغيل - نقل الملكية B.O.T لتمويل وإدارة وتحديث مشروعات البنية الأساسية الدار الجامعية، الإسكندرية، 2007 ، ص 106.
34 – د . وائل محمد السيد إسماعيل المشكلات القانونية التي تثيرها عقود B.O.T وما يماثلها، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2009، ، ص203.
35- Conditions of contract for EPC Turnkey projects, op. cit., P. 14.
"The contract shall carry out the training of emplyer's personnel in the operation and maintenance of the works to the extent in the emplyer's requirements. If the contract specifies training which is to be carried out before taking over".
36- أبو بكر محمد عثمان، مشاركة القطاع الخاص في إنشاء وتسيير مرافق البنية التحتية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة الموصل، 2012 ، ص 336.
37- د. دويب حسين صابر عبد العظيم، الاتجاهات الحديثة في عقود الالتزام دار النهضة العربية القاهرة بدون سنة نشر ، ص233
، ص358.
38- د. سمير عبد العزيز و د. إسماعيل حسين إسماعيل و د. شكري رجب العشماوي، المصدر السابق ص 104.
39- د دویب حسین صابر عبد العظيم المصدر السابق، ص 358.
40- المادة (5/3) من عقد تأهيل وتشغيل معمل سمنت سنجار.
41- المادة (3/5) من عقد تأهيل وتشغيل ونقل ملكية معمل سمنت كربلاء.
42- المادة (15) من عقد الهاتف الخلوي MTN في سوريا مشار إليه لدى د. مروان محي الدين القطب، مصدر سابق، ص 426 .
43- المادة (6/2) من اتفاقية سيدي كربر لشراء الطاقة الكهربائية في مصر.
44- عقود الفيديك هي: عقود نموذجية وضعها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين تتضمن الشروط العامة والخاصة لأنماط مختلفة من عقود البناء والتشييد، وتحقق التوازن بين حقوق والتزامات أطرافها، وتحدد مراكزهم القانونية لتنظيم أعمال البناء وتوحيد القواعد القانونية المطبقة بشأنها، ويمكن استخدامها على نطاق واسع لأنواع مختلفة من المشاريع الهندسية الدولية والمحلية، إذ أصدر هذا الاتحاد أنواع عديدة من العقود النموذجية في مجال البناء والتشييد، يطلق عليها أسم قوس قزح الفيديك نسبة إلى تعدد ألوان أغلفة كتب هذه النماذج حيث. سمي كل عقد بلون الغلاف الذي صدر فيه، وذلك لتسهيل التمييز بينه وبين غيره من النماذج، ومن هذه النماذج الكتاب الأحمر الصادر بخصوص (عقود) مقاولات أعمال الهندسة المدنية)، والكتاب الفضي الصادر بخصوص (عقد مقاولات الأعمال المتكاملة تسليم مفتاح)، وغيرها. للتوسع ينظر: د. سمير حامد عبد العزيز الجمال القواعد القانونية المستخدمة في عقود الفيديك، مجلة الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، العدد 52 ، 2012، ص28 وما بعدها.
45- المادة (5/5) من شروط الكتاب الفضي مشار إليها لدى د. هاني صلاح سرى الدين التنظيم القانوني والتعاقدي لمشروعات البنية الأساسية الممولة عن طريق القطاع الخاص، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001 ، ص321.
46- د. سمير عبد العزيز، و د. إسماعيل حسن و د شكري رجب العشماوي، مصدر سابق، ص103.
47- نجاتي عبد الغني إبراهيم غازي، التنظيم القانوني لعقد منح التزام المرفق العام في ظل قوانين الخصخصة المعروفة بنظام الـ (B.O.T)، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 2007 ، ص 206.
48- خالد بن محمد عبد الله العطية، النظام القانوني لعقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1999 ، ص 131.
49- د. سمير عبد العزيز، و د. إسماعيل حسن ،ود شكري العشماوي، مصدر سابق، ص 104.
50- د دویب حسین صابر عبد العظيم، مصدر سابق، ص 361.
51- سميرة حصايم، عقود البوت B.O.T: إطار لاستقبال القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري - تيزي وز، 2001، ، ص112.
52- يوجد رأي آخر يذهب إلى وجوب التفرقة بين التزام شركة المشروع بإدماج العمال الوطنيين في العمالة الفنية المعقدة في المشروع حيث يعد هذا الالتزام التزام بتحقيق نتيجة يقع على عاتق شركة المشروع القيام به وبين التزام شركة المشروع بإكساب هؤلاء العمالة المهارات الفنية والتقنية حيث يعد هذا الالتزام التزام ببذل عناية ويمكن لشركة المشروع التنصل من المسؤولية بمجرد إثبات أنها قامت ببذل العناية المطلوبة، ينظر في تفصيل ذلك د دويب حسين صابر، المصدر السابق، ص358-359.
53- خالد بن محمد عبد الله العطية المصدر السابق، ص 131.
54- Provisional regulations on foreign investment Build-Operate-Transfer projects, in the people's republic of China, 1947.
Article: "The project company shall be responsible for the training of the personnel required to assume independent responsibility for the operation and maintenance of the project after the transfer of the project".
55- المادة (14 ثامناً) من قانون الاستثمار العراقي رقم (13) لسنة 2006.
|
|
دون أهمية غذائية.. هذا ما تفعله المشروبات السكرية بالصحة
|
|
|
|
|
المنظمة العربية للطاقة تحذر من خطر.. وهذه الدولة تتميز بجودة نفطها
|
|
|
|
|
وفد أكاديمي يشيد بجهود مؤسسة الوافي في مجال التوثيق وحفظ التراث
|
|
|