وتتصف القوى العاملة في اقتصاد المعرفة بعدة خصائص منها : ⁽¹⁾

أ ـ تعدد الجنسيات : فموارد اقتصاد المعرفة (ومنها العمالة) دولية المصدر وعالمية السوق. فقد أقامت شركات كبرى مثل International IBM Business Machines بدءاً بالنصف الثاني من القرن العشرين. فروعاً لها خارج الولايات المتحدة ووظفت أجانب في هذه الفروع حرصاً منهـا عـلـى تحقيق تواجد على الساحة الدولية ومع حلول التسعينات والنمو الذي شهدته صناعة المعرفة، أخذت الحدود الجغرافية بين الصناعات تتلاشى وحصلت اندماجات وتحالفات بين الشركات المنتجة لأنواع مختلفة من مكونات المعرفة. وفي الوقت ذاته ظهرت شركات صغيرة تستخدم الإنترنت كقنوات توزيع أو ما يطلق عليها Dot.coms وهكذا جاءت ظاهرة القوى العاملة متعددة الجنسيات.

ب ـ ارتفاع مستوى المهارات : يعتمد اقتصاد المعرفة على تكنولوجيا متقدمة بما في ذلك من أجهزة كمبيوتر والكترونيات ومعدات اتصال، وقد شهدت هذه التكنولوجيا معدلات مرتفعة من النمو، واتصفت بارتفاع معدلات الإنفاق على البحث والتطوير. وبسبب ارتفاع مستوى التكنولوجيا فإن نسبة مرتفعة من عمالة صناعات المعرفة هم ممن تلقوا مستويات عالية من الدراسة والتدريب من المهندسين والعلماء والفنيين. وقد فسر ثوينغ وفيرديير (2003 Thoenig and Verdier)، تميز عمالة المعرفة بارتفاع مستوى المهارات، لأن العولمة تؤدي إلى تزايد مخاوف التقليد والاعتداء على المواقع الاحتكارية التي تتمتع بها دول الشمال من قبل دول الجنوب (الدول النامية). وقد دعا ذلك شركات في الدول المتقدمة إلى انتهاج - سياسات دفاعية بالاعتماد على تكنولوجيا إنتاج تتطلب مهارات عالية، أو إجراء تغييرات تكنولوجية داخلية برفع مستويات تكنولوجيا الإنتاج.

ج- ارتفاع معدلات أجور عمالة المعرفة وذلك لسببين:

ــ الأول: هو ارتفاع مستويات مهارة عمالة المعرفة كما سلف.

ــ الثاني: أن اتحادات (نقابات) العمال باتت تستخدم الإنترنت وسيلة لخدمة أعضائها وإيصال رسالاتها وتظلماتها للمجتمع.

هذا التطور بحد ذاته أثر في طبيعة الحركة العمالية بتحسين دميوقراطية الاتحادات ووقف انخفاض إعداد منتسبيها (2002 ,Freeman).

د ـ ارتفاع عدد ساعات العمل الأسبوعية وهذه مرتبطة بالخاصية السابقة، حيث أن ارتفاع الطلب على العمالة الماهرة في مجالات الكومبيوتر والانترنت أدى إلى ارتفاع أجورها وبالتالي ارتفاع عدد ساعات العمل الأسبوعية (لوجود علاقة طردية بين الأجر وساعات العمل ... علاقة منحنى العرض) فقد وجد فريمان (المرجع السابق) أن العاملين في مجالات الكمبيوتر أو الإنترنت تزيد ساعات عملهم بنسبة 5% إلى 6% مقارنة بغيرهم من العمال.

هـ- تغير أسلوب التوظيف أو البحث عن العمل : حيث أن التوسع في استخدامات الكومبيوتر والأنترنت أدى إلى توجه عدد متزايد من العمال وأصحاب العمل إلى خدمات الكومبيوتر والإنترنت لأن الإنترنت هو أرخص - الطرق للحصول على معلومات عن الوظائف المطروحة في سوق العمل . والحصول على معلومات من الأشخاص الباحثين عن عمل . فقدر فريمان أن كلفة الإعلان عبر الإنترنت بعشر قيمة الإعلان في الجريدة، كما أن الردود أسرع والعمالة من جانبها، أصبح بإمكانها استعراض عدد أكبر من العروض. وقد رأى فريمان أن استخدامات الإنترنت ترفع مستوى التضامن العمالي وتخلق ظروفاً دولية جديدة New Internationalism تربط اتحادات العمال على مستوى العالم فيما بينها وكذلك مع المتعاطفين معها على مستوى العالم من خلال إيصال أعداد العمالة بصورة فورية للمهتمين بها. وأصبح بإمكان اتحادات العمال إيصال تظلماتها إلى الأعضاء ورجال الأعمال والجمهور دون الحاجة للمرور بقنوات الإعلام، وذلك من شأنه أن : يصنع ضغوطاً على الشركات للاستجابة لمطالبها.

و ـ تصنيف العمالة حسب نوع العمل : فقد قامت لجنة حاجات القوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعرفة بتصنيف القوى العاملة في مجال تكنولوجيا المعرفة حسب طبيعة عملهم إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى : وتتضمن العمالة التي تقوم بتطوير وإبداع وتصميم واختبار مادة مصنعة، أو تطوير خدمات وتطبيقات متعلقة بها، وتتضمن البحوث في هذا المجال. ويشمل هذا العمل الأفكار ووضع مخططات المواد المصنعة المتعلقة بالكمبيوتر ، وتقوم على أسس نظرية وتفكير منطقي وما ينتج عنه من خلق سلعة أو خدمة أو تطبيق جديد. وهكذا، هذا عمل يعتمد على تظافر جهود مجموعة من الأفراد فالفرد الواحد ليس بإمكانه القيام بهذه الوظائف المتشابكة.  وعمالة هذه المجموعة تتطلب قدراً كبيراً من التعليم والدراسة الأكاديمية الرسمية.

المجموعة الثانية : وتتضمن العمالة التي تقوم بشكل أساسي بتطبيق وتكييف وتركيب وصيانة منتجات أو خدمات المعرفة التي طورها آخرون. وتتميز هذه العمالة بمهارات عالية في مجالات الصيانة والاستخدام وحل المشكلات الناتجة عن هذا الاستخدام والعمالة في هذه المجموعة تتنصف بحصولها على التدريب الفني والمهني اللازم أو التدريب على البيع والتسويق.

هذا التنوع والاختلاف في طبيعة وخصائص العمالة في المجموعتين يضفي قدراً من المرونة تمكنهم من تعديل وتطوير مهاراتهم حسب تغير التكنولوجيا أو الوظائف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محمد الزيادات ، إدارة المعرفة، ص 248.