المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



زكاة الغلات  
  
53   02:15 صباحاً   التاريخ: 2024-11-05
المؤلف : الشيخ الطوسي
الكتاب أو المصدر : المبسوط في فقه الامامية
الجزء والصفحة : ج1 ص214
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الزكاة / ماتكون فيه الزكاة / الغلات الاربع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-30 136
التاريخ: 22-9-2016 768
التاريخ: 2024-11-05 54
التاريخ: 5-10-2018 962

شروط زكاة الغلات اثنان: الملك والنصاب. فالنصاب فيها واحد والعفو واحد فالنصاب ما بلغ خمسة أو ساق بعد إخراج حق السلطان والمؤن كلها. والوسق:

ستون صاعا والصاع أربعة أمداد، والمد: رطلان وربع بالعراقي. فإذا بلغ ذلك ففيه العشر إن كان سقى سيحا أو شرب بعلا (1) أو كان عذبا، وإن سقى بالغرب (2)، والدوالي وما يلزم عليه مؤن ففيه نصف العشر وما زاد على النصاب فبحسابه بالغا ما بلغ، والعفو ما نقص عن خمسة أوسق، وإذا كانت الغلة مما قد شربت سيحا وغير سيح حكم فيها بحكم الأغلب. فإن كان الغالب سيحا أخذ منه العشر، وإن كان الغالب غير السيح أخذ منها نصف العشر. فإن تساويا أخذ نصفه بحساب العشر، والنصف الآخر بحساب نصف العشر. والقول قول رب المال في ذلك مع يمينه.

ووقت وجوب الزكاة في الغلات إذا كانت حبوبا إذا اشتدت، وفي الثمار إذا بدا صلاحها، وعلى الإمام أن يبعث سعاته لحفظها، والاحتياط عليها كما فعل النبي (صلى الله عليه وآله) بخيبر، ووقت الإخراج إذا ديس الحب ونقى وصفي، وفي الثمرة إذا جففت وشمست، والمراعى في النصاب مجففا مشمسا. فإن أراد صاحب الثمرة جذاذها (3) رطبا خرصت عليه ما يكون تمرا وأخذ من التمر زكوته، والحكم إن أراد أن يأخذ بلحا أو بسرا مثل ذلك، ووقت الإخراج في الحب إذا ذري وصفي.

وإذا أخرج زكاة الغلات فلا شيء فيها بعد ذلك، وإن بقيت أحوالا إلا أن تباع وتصير أثمانا ويحول على الثمن الحول.

إدراك الغلات والثمار يختلف أوقاتها باختلاف البلاد، فثمرة النخل بتهامة قبل ثمرة العراق، وبعض الأنواع أيضا يتقدم على بعض بالشهر والشهرين، وأكثر من ذلك، وفي ذلك أربع مسائل:

أولها: إذا طلعت كلها في وقت واحد وأدركت في وقت واحد فاتفق وقت اطلاعها وإدراكها فهذه كلها ثمرة عام واحد فإذا بلغت نصابا ففيها الزكاة.

الثانية: اتفق اطلاعها واختلف إدراكها مثل أن اطلعت دفعة واحدة. ثم أدرك بعضها بعد بعض ضمها بعضها إلى بعض لأنها ثمرة عام واحد.

الثالث: اختلف اطلاعها وإدراكها وهو أن اطلع بعضها وأرطب. ثم اطلع الباقي بعد ذلك فإنه يضم بعضها إلى بعض. وإن كان بينهما الشهر والشهران لأنها ثمرة سنة واحدة.

الرابعة: اختلف اطلاعها وإدراكها وهو أن اطلع بعضها وأرطب وجذ. ثم اطلع الباقي بعد جذاذ الأول. فكل هذا يضم بعضها إلى بعض لأنه ثمرة عام واحد وكذلك إن كان له نخل كثير في بعضه رطب وفي بعضه بلح وفي بعضه طلع فجذ الرطب ثم أدرك البسر فجذ. ثم أدرك البلح فجذ. ثم أدرك الطلع فجذ ضم بعضها إلى بعض لأنها ثمرة عام واحد.

وإن كان له ثمرة بتهامة وثمرة بنجد فأدركت التهامية وجذت. ثم اطلعت النجدية. ثم اطلعت التهامية مرة أخرى لا يضم النجدية إلى التهامية الثانية وإنما يضم إلى الأولى لأنها لسنة واحدة والتهامية الثانية لا تضم إلى الاولى ولا إلى النجدية لأنها في حكم سنة أخرى. إذا كانت الثمرة نوعا واحدا أخذ منه، وإن كانت أنواعا مختلفة أخذ على حساب ذلك ولا يؤخذ كلها جيدا ولا كله رديا، والنخل إذا حمل في سنة واحدة دفعتين كان لكل حمل حكم نفسه لا يضم بعضه إلى بعض لأنها في حكم سنتين. إذا بدا صلاح الثمار ووجبت فيها الزكاة وبعث الإمام الساعي على ما قدمناه ليخرص عليهم ثمارهم، وهو الحزر (4) فينظركم فيها من الرطب والعنب فإذا شمس كم ينقص وما ذا يبقى فإذا عرف هذا نظر فإن كانت الثمرة خمسة أوسق ففيها الزكاة، وإن كانت دونها فلا شيء فيها. ثم يخير أرباب الأرض بين أن يأخذوا بما يخرص عليهم ويضمنوا نصيب الزكاة أو يؤخذ منهم ذلك ويضمن لهم حقهم كما فعل النبي (صلى الله عليه وآله) مع أهل خيبر فإنه كان ينفذ عبد الله بن رواحة حتى يخرص عليهم، وإن أراد أن يترك في أيديهم أمانة ووثق بهم في ذلك كان أيضا جائزا إذا كانوا أهلا لذلك فمتى كان أمانة لم يجز لهم التصرف فيها بالأكل والبيع والهبة لأن فيها حق المساكين، وإن كان ضمانا جاز لهم أن يفعلوا ما شاء، ومتى أصاب الثمرة آفة سماوية أو ظلم ظالم أو غير ذلك من غير تفريط منهم سقط عنهم مال الضمان لأنهم أمناء في المعنى: فإن اتهموا في ذلك كان القول قولهم مع يمينهم، ومتى خرص عليهم الثمرة، ثم ظهر في الثمرة أمارة اقتضت المصلحة تخفيف الحمل عنها خفف وسقط عنهم بحساب ذلك.

وإذا أراد قسمة الثمرة على رؤوس النخل كان ذلك جائزا إلا أن الاولى في القسمة أن يكون أفراد الحق دون أن يكون بيعا فلأجل ذلك تصح القسمة، ولو كان بيعا لم يصح لأن بيع الرطب بالرطب لا يجوز، وإذا كان أفرادا جاز من الساعي بيع نصيب المساكين من رب المال، ومن غيره وتفريق ثمنها فيهم، وإن رأى قسمتها خرصا على رؤوس النخل فيفرد للمساكين تقسيمهم من نخلات بعينها فعل، وإن رأى أن يبيعها أو يجددها فعل، وإن رأى قسمتها بعد الجذاذ كان أيضا جائزا لأنه افراد الحق ولا ينبغي لرب المال أن يقطع الثمرة إلا بإذن الساعي. إذا لم يكن ضمن حقهم فإن كان ضمنه جاز له ذلك، وإنما قلنا: ذلك لأنه يتصرف في مال غيره بغير إذنه، وذلك لا يجوز، ومتى أتلف من الثمرة شيئا لزمه بحصة المساكين، وهو مخير بين أن يأخذ حقه من الثمرة وبين أن يأخذ ثمنه منه بقيمته، ومتى أراد رب الثمرة قطعها قبل بدو صلاحها مثل الطلع لمصلحة جاز له ذلك من غير كراهية، ويكره له ذلك فرارا من الزكاة، وعلى الوجهين معا لا يلزمه الزكاة، وأما قطع طلع الفحل فلا يكره ذلك على حال.

الرطب على ضربين: صرب يجيء منه تمر، والثاني لا يجيء منه. فأما الأول كلما كثر لحمه وقل ماؤه كالبرني والمعقلي وغير ذلك، والكلام فيه في ثلاث فصول في جواز التصرف، وفي قدر الضمان، والنوع الذي يضمنه. فأما التصرف فلا يجوز فيه قبل قبول الضمان بالخرص لأن فيه حق المساكين ومتى خرص عليه واختار رب المال ضمانها وضمن جاز له التصرف على الإطلاق، ومتى أتلف الثمرة ببيع أو أكل وغير ذلك فإن كان ذلك بعد الضمان فعليه قدر الزكاة على ما خرص عليه، وإن أتلفه قبل الخرص والضمان فالقول قوله مع يمينه، ويضمن قدر الزكاة تمرا، وإنما قلنا ذلك لأن عليه القيام به حتى يصير تمرا، والنوع الذي يخرجه فإنه يلزمه في كل شيء بحصته فإن كانت الأنواع كثيرة ضمن من أوسطها، وكذلك الحكم في العنب سواء إذا كان مما يجيء منه زبيب، وأما ما لا يجيء منه التمر مثل الخاسوى والإبراهيم والعنب الحمري فإن هذا لا يجيء منه تمر ولا زبيب مثل الأول لكن حكمه وحكم الأول سواء في أنه يقدر ويحرز بتمر وزبيب لأن عموم الاسم في الفرض يتناول الكل، وينبغي أن يحرز ما يجيء منه التمر والزبيب من نوعه لا من نوع آخر، ويكفي في الخرص خارص واحد إذا كان أمينا ثقة لأن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث عبد الله بن رواحة ولم يرو أنه أنفذ معه غيره وإن استظهر بآخر معه كان أحوط. لا زكاة في شيء من الحبوب غير الحنطة والشعير والسلت وشعير فيه مثل ما فيه، وكل مئونة تلحق الغلات إلى وقت إخراج الزكاة على رب المال دون المساكين، والعلس نوع من الحنطة يقال: إذا ديس بقي كل حبتين في كمام. ثم لا يذهب ذلك حتى يدق أو يطرح في رحى خفيفة ولا يبقى بقاء الحنطة، وبقاؤها في كمامها ويزعم أهلها أنها إذا هرست أو طرحت في رحى خفيفة خرجت على النصف فإذا كان كذلك تخير أهلها بين أن يلقى عنها الكمام ويكال على ذلك. فإذا بلغت النصاب أخذ منها الزكاة أو يكال على ما هي عليه ويؤخذ عن كل عشرة أوسق زكاة، وإذا اجتمع عنده حنطة وعلس ضم بعضه إلى بعض لأنها كلها حنطة، ووقت إخراج الزكاة عند التصفية والتذرية لأن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا بلغ خمسة أوسق ولا يمكن الكيل إلا بعد التصفية.

متى أخذ الساعي الرطب قبل أن يصير تمرا وجب عليه رده على صاحبه فإن هلك كان عليه قيمته فإذا رده أو قيمته أخذ الزكاة في وقتها فإن لم يرده وشمس عنده فصار تمرا نظر فإن كان بقدر حقه فقد استوفاه، وإن كان دونه وفي، وإن كان فوقه وجب عليه رده.

إذا كان لمالك واحد زرع في بلاد مختلفة الأوقات في الزراعة والحصاد ضم بعضه إلى بعض لأن الحنطة والشعير لا يكون في البلاد كلها في السنة إلا دفعة واحدة، وإن تقدم بعضه إلى بعض بالشيء اليسير.

وإذا أراد القسمة بدأ بصاحب المال وكان له تسعة وللمساكين واحد إذا كانت الأرض عشرية وإن وجب فيها نصف العشر كان له تسعة عشر وللمساكين واحد.

والحنطة والشعير كل واحد منها جنس مفرد يعتبر فيه النصاب منفردا ولا يضم بعضه إلى بعض.

إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها من ذمي سقط زكوتها فإذا بدا صلاحها في ملك الذمي لا يؤخذ منه الزكاة لأنه ليس ممن يؤخذ من ماله الزكاة فإن اشتراها من الذمي بعد ذلك لم يجب عليه الزكاة لأنه دخل وقت وجوب الزكاة وهو في ملك غيره، وكذلك إن كان عنده نصاب من الماشية فباعه قبل الحول من غيره انقطع الحول. فإذا حال الحول واشتراه استأنف الحول، ومن اشتراه لا يجب عليه أيضا لأنه لم يبق في ملكه حولا كاملا.

إذا أخذ من أرض الخراج وبقي بعد ذلك مقدار ما يجب فيه الزكاة وجب فيه العشر أو نصف العشر فيما يبقى لا في جميعه.

إذا كان له نخيل وعليه دين بقيمتها ومات لم ينتقل النخيل إلى الورثة حتى يقضى الدين. فإذا ثبت ذلك فإن اطلعت بعد وفاته أو قبل وفاته كانت الثمرة مع النخيل يتعلق بها الدين. فإذا قضى الدين وفضل شيء كان للورثة فإذا بلغت الثمرة النصاب الذي تجب فيه الزكاة لم تجب فيها الزكاة لأن مالكها ليس بحي ولم يحصل بعد للورثة ولا تجب هذا المال الزكاة، ومتى بدا صلاح الثمرة قبل موت صاحبه وجب فيه الزكاة.

ولم تسقط الزكاة بحصول الدين لأن الدين في الذمة والزكاة تستحق في الأعيان ويجتمع الدين والزكاة في هذه الثمرة ويخرجان معا وليس أحدهما بالتقديم أولى من صاحبه فإن لم يسع المال الزكاة والدين كان بحساب ذلك.

إذا كان للمكاتب ثمار، وكان مشروطا عليه أو مطلقا لم يؤد من مكاتبه شيئا ولا زكاة عليه لأن الزكاة لا تجب على المماليك، وإن كان مطلقا، وقد تحرر شيء منه اخرج من ماله بحساب حريته الزكاة إذا بلغت ما يصيبه بالحرية النصاب.

من استأجر أرضا فزرعها كان الزكاة واجبة على الزارع في زرعه دون مالك الأرض لأن المالك يأخذ الأجرة، والأجرة لا يجب فيها الزكاة بلا خلاف لأن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: فيما سقت السماء العشر فأوجب العشر في نفس الزرع دون اجرة الأرض، وعلى مذهبنا بجواز إجارتها بطعام أو شعير فعلى هذا إن آجرها بغلة منها كانت الإجارة باطلة والغلة للزارع، وعليه اجرة المثل وعليه في الغلة الزكاة إذا بلغت النصاب وإن آجرها بغلة من غيرها كانت الإجارة صحيحة، ولا يلزمه الزكاة فيما يأخذه من الغلة لأنها ما أخرجت أرضه، وإنما أخذه اجرة والأجرة لا تجب فيها الزكاة.

ومن اشترى نخلا قبل أن يبدو صلاح الثمرة. ثم بدا صلاحها كانت الثمرة في ملكه وزكوتها عليه، وكذلك إن وصى له بالثمرة فقبلها بعد موت الموصى. ثم بدا صلاحها وهي على النخل فإنها ملك له وزكوتها عليه لأن زكاة الثمار لا يراعى فيها الحول وإن اشترى الثمرة قبل بدو الصلاح كان البيع باطلا، والبيع على أصل وزكوتها على مالكها وإن اشتراها بعد بدو الصلاح ووجوب الزكاة فيها. فإن كان بعد الخرص وضمان رب المال الزكاة، كان البيع صحيحا في جميعه، والزكاة على البائع. وإن باعها قبل الخرص وقبل ضمان الزكاة بالخرص كان البيع باطلا فيما يختص من مال المساكين وصحيحا فيمال صاحب المال، وإن باعها قبل بدو الصلاح بشرط القطع فقطعت قبل وجوب الزكاة فلا كلام، وإن توانى فلم يقطع حتى بدا صلاحها فإن طالب البائع بالقطع أو اتفقا على ذلك أو طالب المشتري بذلك كان لهم ذلك، ولا زكاة على واحد منهما لأنه لا دلالة على ذلك، وإن اتفقا على البقية أو برضا البائع كان له ذلك، وكان الزكاة على المشتري لأن الثمرة في ملكه إذا بدا صلاح الثمرة فأهلكها ربها كان عليه ضمان مال الزكاة فإن كان لم يخرص بعد قبل قوله في مقدار، وإن كان بعد الخرص طولب بما يجب عليه من الخرص، وكلما يكال مما يخرج من الأرض ففيه الزكاة مستحبة دون أن تكون واجبة، وكيفيتها مثل الغلات على ما بيناه.

وأما الخضراوات كلها والفواكه والبقول فلا زكاة في شيء منها.

________________

(1) السيح: الماء الجاري، والبعل من الأرض ما سقته السماء ولم يسق بماء الينابيع.
(2)
المغرب: الدلو العظيم.
(3)
الجذ: القطع والكسر، ومنه الجذاء بالضم والكسر.
(4) الحزر بالحاء المهملة والزاي المعجمة والراء المهملة: التقدير ومنه حرزت البخل: إذا أخرصته.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.