أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-21
185
التاريخ: 2024-10-21
265
التاريخ: 2024-10-21
437
التاريخ: 2024-10-22
161
|
السؤال :
ملاحظة : ولكنّني تعجبت من أمر كيف خفي عليك ، وهو أنّك وفي ضوء استشهادك بكتب أهل السنّة ، قد اختلط عليك أمر مهمّ ، وهو أنّك ذكرت مصادر لعلماء لا يعدّون من أهل السنّة ، بل ربما عدّوا من الشيعة ، وهذا كما تعلم لا يصحّ في مقام الاستدلال على المحاور المخالف ، لاحظ أخي ما يلي :
قلت أنت : ويكفي في المقام ما يشير إليه ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدّمة شرحه لنهج البلاغة ، إذ يعترف بالصراحة بأفضلية الإمام عليه السلام عليهما ، وعلى غيرهما بعبارة : الحمد لله الذي قدّم المفضول على الأفضل ....
واسمح لي أن أقول : بأنّ ابن أبي الحديد ، لم يكن من أهل السنّة ، بل كان شيعياً مغالياً ، ثمّ تحوّل إلى معتزلي ، وإليك بيان ذلك من قول أحد علماء الشيعة :
قال شيخكم الخوانساري : عزّ الدين عبد الحميد بن أبي الحسين بهاء الدين محمّد بن محمّد بن الحسين بن أبي الحديد المدايني ، صاحب شرح نهج البلاغة المشهور ، وهو من أكابر الفضلاء المتتبّعين ، وأعاظم النبلاء المتبحّرين ، موالياً لأهل العصمة والطهارة ... ، وحسب الدلالة على علوّ منزلته في الدين ، وغلوّه في أمير المؤمنين عليه السلام شرحه الشريف ، الجامع لكلّ نفيسة وغريب ، والحاوي لكلّ نافحة ذات طيب (1).
وأيضاً استشهدت بكتاب « ينابيع المودّة » ، وأقول : مؤلّفه هو سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي ، المتوفّى سنة 1294 هجرية.
من يتأمّل كتابه يعلم أنّ مؤلّفه شيعي ، وإن لم يصرّح علماء الشيعة بذلك ، لكن آقا بزرك الطهراني عدّ كتابه هذا من مصنّفات الشيعة ، في كتابه « الذريعة إلى تصانيف الشيعة » (2) ، ولعلّ من مظاهر كونه من الشيعة ، ما ذكره في كتابه « ينابيع المودّة » عن جعفر الصادق عن آبائه عليهم السلام ، قال : « كان علي عليه السلام يرى مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الرسالة الضوء ويسمع الصوت ، وقال له : لولا أنّي خاتم الأنبياء لكنت شريكاً في النبوّة ، فإن لم تكن نبيّاً ، فإنّك وصيّ نبيّ ووارثه ، بل أنت سيّد الأوصياء وإمام الأتقياء » (3).
وروى عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « أنا سيّد النبيين وعلي سيّد الوصيين ، وإنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أوّلهم علي ، وأخرهم القائم المهدي » (4).
وعن جابر أيضاً قوله : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « يا جابر إنّ أوصيائي وأئمّة المسلمين من بعدي أوّلهم علي ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي ، المعروف بالباقر ستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرأه منّي السلام ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ القائم ، اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، محمّد بن الحسن بن علي ، ذاك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن أوليائه غيبة ، لا يثبت على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان » (5).
فإنّ من يروي مثل هذه الروايات لا يمكن أن يكون سنّياً.
الجواب : أمّا قولك أنّ ابن أبي الحديد شيعي المذهب ، فهذا غير صحيح لعدّة أُمور :
الأوّل : ما يذكره من الردّ على السيّد المرتضى ، ودِفاعه عن خلافة الخلفاء الثلاثة ، وأنّها خلافة شرعية ، قول لا يقوله شيعي ، فضلاً عن أن يقوله مغالي في علي عليه السلام ، فهل أنّ المغالي في علي عليه السلام يدفع الخلافة عنه إلى غيره؟ أو يثبتها له بمقتضى غلوّه؟ راجع بداية « شرح نهج البلاغة » تجد هذا الكلام.
الثاني : تصريحه بأنّه ليس بشيعي وإمامي ، وذلك عندما قال في معرض شرحه على الخطبة الشقشقية ، بعد أن ذكر : « أمّا الإمامية من الشيعة فتجري هذه الألفاظ على ظواهرها ، وتذهب إلى أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله نصّ على أمير المؤمنين عليه السلام ، وأنّه غصب حقّه.
وأمّا أصحابنا ... » (6).
فلاحظ هنا : ذكر نفسه وأصحابه مقابل الإمامية ، بل تبرّأ من قول الإمامية ، فأين الغلوّ؟ بل أين التشيّع؟ فضلاً عن الغلوّ.
الثالث : قوله : « وتزعم الشيعة أنّ رسول الله ... ، وهذا عندي غير منقدح » (7).
فلو كان شيعياً ، لما أخرج نفسه عن معتقد الإمامية وقال : « وهذا عندي غير منقدح ».
الرابع : قوله : « فإن قلت : هذا نصّ صريح في الإمامة ، فما الذي تصنع المعتزلة بذلك »؟
قلت : يجوز أن يريد أنّه إمامهم أي علي عليه السلام في الفتاوى والأحكام الشرعية ، لا في الخلافة (8).
فهنا ابن أبي الحديد ، يدفع قول من يقول بأنّ خلافة علي عليه السلام بالنصّ ، مع أنّ نكران النصّ على إمامة علي ليس من معتقدات الشيعة ، فضلاً عن الغلاة.
وهناك الكثير من تلك القرائن ، فراجع شرح النهج ، وخصوصاً في الأجزاء الأربعة الأول.
فإن قلت : إذاً على ماذا تحمل كلام الخونساري؟
قلنا : إنّ الخوانساري صرّح بكونه من علماء أهل السنّة ، ولكن للأسف لم تنقل تمام كلامه ، بل قمت بالتقطيع وحذف الكلمات التي لا تعجبك حتّى تضلّل على الناس ، كما هي عادة أسلافك من الوهّابيين.
وننقل نصّ كلام الخونساري حول ابن أبي الحديد ، والقارئ هو الذي يحكم بيننا.
« الشيخ الكامل الأديب المؤرّخ عزّ الدين عبد الحميد بن أبي الحسين بهاء الدين محمّد بن الحسين بن أبي الحديد المدايني الحكيم الأُصولي المعتزلي ، المعروف بابن أبي الحديد.
صاحب شرح نهج البلاغة المشهور ، هو من أكابر الفضلاء المتتبّعين ، وأعاظم النبلاء المتبحّرين ، موالياً لأهل بيت العصمة والطهارة ، وإن كان في زيّ أهل السنّة والجماعة ، منصفاً غاية الإنصاف في المحاكمة بين الفريقين ، ومعترفاً في ذلك المصاف بأنّ الحقّ يدور مع والد الحسنين ، رأيته بين علماء العامّة بمنزلة عمر بن عبد العزيز الأموي بين خلفائهم ... ».
ثمّ على فرض أنّه عدّه من علماء الشيعة فهنا قد اعتمد على حدسه واجتهاده ، ومِن الواضح أنّه في مجال التراجم لا يُعتمد على النقل ، فيما لو كان منشأه الحدس والاجتهاد ، بل على ما كان منشأه الحسّ ، وقد تقدّم فيما ذكرناه لك من القرائن الأربعة ما يؤكّد أنّ الخوانساري اعتمد على حدسه ، ولا يُتبع في ذلك ، ثمّ إنّ الخوانساري لم يصرّح بأنّه من الإمامية ، وإنّما قال : إنّه موالي ، وهي كلمة يمكن أن تأوّل.
وفي الختام : نودُّ أن نبيّن : أنّ هناك فرقاً بين الشيعي والمحبّ ، فإنّ الشيعي من يتّبع ويقفو أثر الأئمّة عليهم السلام ، وأمّا المحبّ فهو من لا يبغض آل محمّد عليهم السلام ، وسنذكر لك بعض الذين يحبّون آل محمّد إلاّ أنّهم ليسوا بشيعة.
ونرجو التوجّه إلى شيء : وهو أنّ إلصاق تهمة الرفض والتشيّع لكلّ من يذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام حتّى ترد رواياتهم منهجاً قديماً اتخذه الكثير من أصحاب الرجال ، وهو لا يخفى على من مارس كتبهم ، ولا يسع المجال لبسط الكلام فيه ، ولكن خذ هذه القاعدة ، وقس عليها كلّ ما يرد عليك من أمثال ما ذكرت في سؤالك.
وأمّا في قولك : بأنّ صاحب كتاب ينابيع المودّة شيعي ، فهو أيضاً غير ثابت ، لبطلان الدليلين اللذين تقدّمت بهما.
أمّا الأوّل : وهو أنّه ذكر في كتاب الذريعة ، وكلّ مَن ذكر في الذريعة ، فهو شيعي ، إذاً فالقندوزي شيعي.
والجواب عن هذا القياس الذي أضمرت كبراه : بأنّا نمنع الكبرى ، بدليل أنّ الطهراني ذكر من كان صابئياً ، فضلاً عمّن كان سنّياً ، فحول كتاب التاجي ، قال صاحب الذريعة ما نصّه : « كتاب التاجي : المؤلّف باسم عضد الدولة المعروف بتاج الملّة ، ألّفه أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي ، المتوفّى 384 ، وهو صابئي ... » (9).
وأيضاً ذكر من علماء العامّة ، صاحب « فرائد السمطين » ، حيث قال : « للحمويني من العامّة » (10).
فمع اعترافه بأنّه من العامّة ، ومع ذلك يذكر كتابه ، وذلك لأنّ الطهراني أورد في كتابه الكثير من كتب أهل السنّة ، التي روت فضائل أهل البيت عليهم السلام ، أو شروح نهج البلاغة لعلماء أهل السنّة ، وإن كان عنوان الكتاب يدلّ على أنّ الكتاب مختصّ بالمؤلّفين الشيعة ، ولكنّه ذكر بعض الكتب التي تصبّ في أهل البيت عليهم السلام ، وإن كان مؤلّفوها من علماء السنّة ، وذلك من باب المسامحة والتجوّز.
وأمّا الثاني : وهو أنّ الذي يروي هذه الروايات لا يكون سنّياً فهذا غير مطّرد ، فهناك الكثير من أهل السنّة المعتدلين غير المتعصّبين قد ذكروا فضائل أهل البيت عليهم السلام ، ونقلوا تلك الروايات ، نذكر منهم :
1 ـ محمّد بن إدريس الشافعي صاحب كتاب الأُم ، ذكر في حبّه لآل محمّد عليهم السلام ما نصّه: إن كان رفضاً حبّ آل محمّد فليشهد الثقـلان أنّي رافضـي (11) .
ومع هذا القول ، هل يمكن لأحد أن يقول بتشيّعه؟
2 ـ من الذين نقلوا حديث الثقلين بلفظ وعترتي ، لا بلفظ وسنّتي :
1 ـ عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي ، وهو من علماء أهل السنّة ، كما نصّ على ذلك من ترجمه (12).
2 ـ الحسين بن إسماعيل أبو عبد الله الضبّي المحاملي ، وهو من علماء أهل السنّة ، كما نصّ على ذلك من ترجمه (13).
3 ـ دعلج بن أحمد السجزي ، أخرج روايته لحديث الثقلين الحاكم النيسابوي (14) ، وهو من علماء أهل السنّة ، كما نصّ على ذلك من ترجمه (15).
4 ـ الحاكم النيسابوري في مستدركه (16) ، وهو من علماء أهل السنّة ، كما نصّ على ذلك من ترجمه (17).
5 ـ أبو إسحاق أحمد بن محمّد الثعلبي في تفسيره لقوله تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [آل عمران: 103] في كتاب الكشف والبيان ، وهو من علماء أهل السنّة ، كما نصّ على ذلك من ترجمه (18).
وإن شئت ذكرنا لك الكثير منهم ، وهذا لا يدلّ على تشيّعهم ، بل هم فقط نقلوا لنا ذلك ، نعم لو صرّحوا بأنّ هذا مذهبنا ، أو هو مذهب أصحابنا ، لدلّ على أنّهم شيعة.
__________________
1 ـ روضات الجنات 5 / 20.
2 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 25 / 290.
3 ـ ينابيع المودّة 1 / 239.
4 ـ المصدر السابق 3 / 291.
5 ـ المصدر السابق 3 / 399.
6 ـ شرح نهج البلاغة 1 / 157.
7 ـ المصدر السابق 1 / 161.
8 ـ المصدر السابق 3 / 98.
9 ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 3 / 211.
10 ـ المصدر السابق 16 / 136.
11 ـ تاريخ مدينة دمشق 9 / 20 و 51 / 317 ، سير أعلام النبلاء 10 / 58.
12 ـ لسان الميزان 3 / 338.
13 ـ تاريخ بغداد 8 / 19.
14 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 109.
15 ـ الأعلام 2 / 340 ، تذكرة الحفّاظ 3 / 881.
16 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 109.
17 ـ تذكرة الحفّاظ 3 / 1039.
18 ـ طبقات الشافعية الكبرى 2 / 380 ، سير أعلام النبلاء 17 / 435.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|