المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02

سببية – علية causality
28-5-2017
ابتغاؤه لمرضاة الله
11-4-2016
Refractors: Objectives
19-8-2020
أهم استعمالات مركبات الأزو The Most Use of Azo Compounds
2024-01-15
مقدمة عن قواعد شيف Introduction about Schiff base
2024-03-23
المقابلة
13-9-2020


أرجو إبطال الرواية القائلة بأنّ أبا بكر حجّ بالناس في العام التاسع للهجرة؟  
  
1165   07:02 صباحاً   التاريخ: 2024-10-12
المؤلف : مركز الابحاث العقائدية
الكتاب أو المصدر : موسوعة الاسئلة العقائدية
الجزء والصفحة : ج1 , ص 175
القسم : العقائد الاسلامية / أسئلة وأجوبة عقائدية / أولياء وخلفاء وشخصيات / أبو بكر /

الجواب : قد اختلفت الروايات عند أهل السنّة أنفسهم في إثبات ذلك ، فالمتّفق عليه بحسب رواياتهم هو : أنّ النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله أرسل أبا بكر لتبليغ آيات البراءة لمشركي مكّة في موسم الحجّ ، وبعد ذهابه بأيّام أمر جبرائيل النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله أن يبعث علياً لتبليغها ، فأخذها الإمام علي عليه ‌السلام من أبي بكر ، فذهب فبلّغها.

ثمّ يبدأ الاختلاف في الروايات ، فأكثرها تثبت رجوع أبي بكر للنبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله كئيباً أو خائفاً ، أو مستفسراً مستغرباً ، وهو يقول : « أنزل فيّ شيء »؟ (1).

فعلى هذه الروايات يكون أبو بكر قد رجع ولم يحجّ ، لعدم سهولة الذهاب والإيّاب ، للحوق الإمام علي عليه ‌السلام بهم بعد مسير ثلاثة أيّام ، ثمّ الذهاب إلى المدينة والرجوع إليهم ، مع سيرهم وعدم توقّفهم ، إضافة لعدم ورود النقل بذهابه وإيابه في أية رواية من الروايات الكثيرة جدّاً ولو بإسناد ضعيف.

وهناك روايات أُخر تذكر بأنّ أبا بكر لمّا رأى علياً عليه ‌السلام قد التحق بهم ، وعلى ناقة رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله سأله : أمير أم مأمور؟ قال الإمام علي عليه ‌السلام : « بل مأمور » (2).

فهذه الرواية إن صحّت فإنّهم يستدلّون بها على مواصلة أبي بكر لأمر الحجّ ، وتركه لأمر تبليغ البراءة لعلي عليه ‌السلام ، ولكن حتّى لو صحّت ، فإنّه يرد على الاحتجاج بها بمجرد هذه الرواية بمواصلة أبي بكر الحجّ وجعله تحت إمرة أبي بكر بأنّنا لو دقّقنا في المعنى من ذلك القول ، وقارناه بقوله في رواية أُخرى : « أمير أم رسول »؟ (3) ، فإنّه يحتمل أنّ أبا بكر قد سأله : هل أنت بأمرك من يريد أخذ آيات براءة وتبليغها ، أم أنّك رسول ومأمور من قبل النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله؟

فأجابه عليه ‌السلام بأنّه رسول ومأمور ، لا آمر بنفسي ومجتهد برأيي ، وأنّ النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله قد أرسله على ناقته المعروفة ، والتي لا يستغني عنها بحال ، لكيلا يكذّب أمير المؤمنين ، أو يشكّك بدعوته الإرسال والأمر بذلك منه صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله.

وبالنظر في الروايات والمواقف الأُخرى فإنّنا نستطيع قول ما يلي :

1 ـ ما يرجّح كفّة الروايات التي تذكر رجوع أبي بكر فور وصول الإمام علي عليه ‌السلام كونها أكثر عدداً وطرقاً ، ممّا يقوّي ويصحّح صدورها ، دون التي تذكر بقاء أبي بكر واستمراره ، ولا نستطيع الجمع بين الروايتين ، لأنّ الحادثة واحدة ، والفعل واحد ، ومتون الروايات متعارضة بل متناقضة ، فينبغي ترجيح إحداهما على الأُخرى ، وخصوصاً بما ذكرناه من قوّة وكثرة أسانيدها وطرقها ، وأكثرها تصرّح : بأنّ علياً عليه ‌السلام أخذها منه حينما لحق به ، وذهب بها إلى مكّة ليبلغها ، ولم تذكر الرواية الحجّ أو الطاعة لأبي بكر ، أو المسير معه وتحت إمرته.

2 ـ وكذلك عدم وجود أيّ حادثة سابقة أو بعثة أو غزوة أو مهمّة يكون فيها أمير المؤمنين علي عليه ‌السلام مأموراً ، وليس أميراً وقائداً ، إلاّ تحت إمارة وقيادة وإمامة النبيّ الأعظم صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، خلاف أبي بكر وغيره ، فإنّه قد تأمّر عليهم غيرهم ، ممّا يجعلنا نجزم بعدم إمارة أبي بكر في تلك الحجّة ، وعلي موجود فيهم ، وإلاّ لأرسله النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله معهم منذ البداية ، أو لبيّنت جميع أو أغلب الروايات ذلك الأمر المهمّ من إمارة أبي بكر للحجّ ولعلي عليه ‌السلام.

3 ـ لم يذكر أحد المفضّلين لأبي بكر على علي عليه ‌السلام أنّه كان أميراً عليه في حياة الرسول صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، أو في الحجّ ، ممّا يدلّ على عدم وجود هذا الأمر ، بل إنّهم كانوا بأمسّ الحاجة لذلك يوم السقيفة ، ولم يستدلّوا على فضل أبي بكر لا بالحجّ بالناس ولا بالإمرة على علي عليه ‌السلام ، بل ينقض عليهم سقيفتهم عزله حينئذ وعدم كفاءته ، وعدم خلافته لمقام النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله.

والأحاديث تنصّ بوجوب كون التبليغ من قبل النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، أو من هو منه كي يؤدّي عنه ، ومعنى « منّي » يستعملها النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله كثيراً ، بمعنى مشابهته واتباع طريقته وسنّته ، والتزامه بالنبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله دائماً ومطلقاً ، وقد أكّد ذلك سابقاً بقوله لعلي عليه ‌السلام : « أنت منّي وأنا منك » (4).

وفي حديث آخر : « علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي » (5).

4 ـ إنّ الروايات عموماً تنصّ على أنّ النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله بعث أبا بكر بتبليغ آيات براءة ، ولم تذكر الروايات على بعثه كأمير للحجّ ، وخصوصاً كون الحجّ في ذلك العام مختلطاً ، فيه المسلم والمشرك ، والمتستّرون والعراة ، وكذلك أحكام الحجّ كانت غير متكاملة ، بل مشابهة لحجّ الجاهلية ، بل لم يكن الغرض منها إلاّ التبليغ ، والتهيئة لحجّة الوداع ، ولذلك أردفها النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله بحجّة الوداع ، دعا لها جميع المسلمين ، وقال عندها : « خذوا عنّي مناسككم » (6) ، فأيّ حجّ وأيّ مناسك قام بها أبو بكر ، وتشرّف بإحيائها ، أو نشرها ، أو علّمها للمسلمين؟!

فقد نقل ابن كثير عن ابن إسحاق رواية فيها : « ثمّ مضيا ـ أبو بكر وعلي ـ فأقام أبو بكر للناس الحجّ إذ ذاك في تلك السنّة على منازلهم من الحجّ التي كانوا عليها في الجاهلية » (7).

فالحجّ لم يكن مقصوداً ، بل لأنّه يجتمع فيه المشركون ، فأوقعه النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله في الموسم ، ليسمعوا البراءة والأحكام الجديدة في عدم جواز الطواف بعد العام بالبيت عراةً وغير ذلك ، تمهيداً وتوطئة لحَجّة النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله في العام القادم ، وقد أقيلَ أبو بكر عن تبليغ البراءة ، فماذا بقي له ليستمر به؟!

5 ـ ما روي من ذكر إمرة أبي بكر في الحجّ ، فمداره والعمدة في إثباته على حديثين ، أحدهما موقوف على تابعي ، وهو حميد بن عبد الرحمن ، يقول : إنّ أبا هريرة قال : بعثني أبو بكر في تلك الحجّة في مؤذّنين يوم النحر ، نؤذّن بمنى أن لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان.

قال حميد بن عبد الرحمن : ثمّ أردف رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله علياً ، فأمره أن يؤذّن ببراءة ، قال أبو هريرة : « فأذّن معنا علي في أهل منى يوم النحر : لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان » (8).

رواه البخاري عن أبي هريرة ، وهو يتعارض مع رواية غير البخاري لحديث أبي هريرة ، مثل رواية محرر بن أبي هريرة عن أبيه قال : « جئت مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله إلى مكّة ببراءة ، قال : ما كنتم تنادون ، قال : كنّا ننادي : أنّه لا يدخل الجنّة إلاّ نفس مؤمنة ، ولا يطوف بالبيت عريان ... » (9).

فتلك الرواية لم يخرجها سوى البخاري ، وأمّا رواية محرر هذه ، فقد أخرجها وصحّحها كثير من أئمّة الحديث ، والكتب المعتبرة غير البخاري! فلا أدري من أين جاء البخاري بهذه الرواية لينفرد بها عن أقرانه من سائر المحدّثين؟!

وأمّا الرواية الثانية ، وهي رواية النسائي (10) التي تصرّح ببقاء أبي بكر في الحجّ ، فقد رواها عن أبي الزبير عن جابر ، وأبو الزبير معروف بالتدليس المعيب المسقط للرواية ، فهي ساقطة كرواية البخاري عن أبي هريرة.

وكذلك يرد ويشكل على رواية أبي هريرة ما قاله الطحاوي في مشكل الآثار : « هذا مشكل ... فكيف يبعث أبو بكر أبا هريرة ومن معه بالتأذين ، مع صرف الأمر عنه في ذلك إلى علي »! وهذا يبيّن كذب رواية البخاري عن أبي هريرة لمخالفتها مشهور الروايات.

وأمّا رواية جابر ، فيشكل الاستدلال بها أيضاً ، لأنّها لا تنصّ على إمارة أبي بكر على علي عليه ‌السلام ، لقوله فيها : فقال له أبو بكر : أمير أم رسول؟ قال : « لا بل أرسلني رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ببراءة أقرؤها على الناس ... » (11).

6 ـ وأمّا الروايات التي تذكر رجوع أبي بكر للنبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، فيظهر منها المباشرة وعدم تأخّره إلى ما بعد إتمام مراسم الحجّ ، فإنّ أدوات العطف المستعملة فيها لا تدلّ على التراخي ، وإنّما المباشرة والاتصال في الأحداث ، كقولهم : فرجع أبو بكر ، فأخذ منه الكتاب ، فانصرف إلى المدينة وهو كئيب ، فقال : يا رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ... ، وهذا ما أثبته ابن حجر في فتح الباري بقوله : « قال العماد بن كثير : ليس المراد بأنّ أبا بكر رجع من فوره ، بل المراد رجع من حجّته ، قلت : ولا مانع من حمله على ظاهره لقرب المسافة » (12).

وأقول مجيباً : أنّ المسافة ليست قريبة أبداً ، فبعض الروايات تذكر أنّ البعث كان بعد ثلاثة أيّام ، والأكثر تؤكّد بأنّ علياً لحق بهم عند الجحفة ، والجحفة أقرب إلى مكّة منها إلى المدينة.

وكذلك لم تذكر أية رواية ولو ضعيفة أو موضوعة بأنّ أبا بكر قد رجع والتحق بالبعثة ، بل هناك رواية صحيحة وصريحة تؤكّد إرجاع أبي بكر بأمر النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله فوراً.

عن أبي بكر نفسه : أن النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله بعثه ببراءة لأهل مكّة ، لا يحجّ بعد العام مشرك ... قال : فسار بها ثلاثاً ، ثمّ قال لعلي عليه ‌السلام ألحقه فَرُدّ عليَّ أبا بكر وبلّغها أنت ، قال : ففعل ، فلمّا قدم على النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله أبو بكر قال : يا رسول الله ، حدث فيّ شيء؟ قال : « ما حدث فيك إلاّ خير ، ولكن أُمرت ألا يبلّغه إلاّ أنا أو رجل منّي » (13).

قال ابن حجر : « في الصحيح بعضه ، رواه أحمد ورجاله ثقات » (14).

7 ـ أمّا ما ذكروه من علّة إرسال النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله علياً بدلاً عن أبي بكر من عادة العرب عند نقض العهود ، بأن يأتي نفس من تعاهد معهم ، أو قريبه لنقض العهد المبرم فباطل ومردود من وجوه منها :

أ ـ إنّ النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله كان أعلم بهذه العادات وغيرها ، فكم من مشكلة تدخّل بحلّها صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، وكم من مشكلة رآها وصادفها ، بل كم من حديث يذكر فيها للصحابة عادات الجاهلية وأعرافهم لاسيّما الحسنة منها لقوله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله : « بعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق » (15) ، فلولا علمه بأخلاق وعادات وتقاليد العرب في زمنه وغير زمنه لما قال : « لأتمم » ، فإتمامها يدلّ على إقرارها والاعتراف بها ، وهو فرع معرفتها والعلم بها ، فلماذا لم ينتبه لذلك منذ البداية؟ وكذلك أبو بكر ، فهو عربي وكبير السنّ ، فكيف غابت عنه تلك الأعراف والتقاليد ، حيث بعثه النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله؟! بل لو سلّمنا عدم معرفتهما لذلك أو نسيانهما ، فكيف استغرب واستهجن عزله عن تلك المهمّة معترضاً سائلاً : أنزل فيّ شيء؟

وكذلك لم يخبر علي عليه ‌السلام ولا النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله بهذه العادة ، ليطيب خاطره ، بل أخبره بأنّ العزل إلهي لا عرفي ولا جاهلي!!

ب ـ إنّ الروايات جميعاً ذكرت تبليغ آيات براءة ، وليس في شيء من القرآن أو الروايات نقض لعهد سابق ، بل كلّ الروايات تشير إلى أنّ المهلة المحدّدة في القرآن بأربعة اشهر ، كانت لمن كان عهده لأقلّ من تلك المدّة ، أو لمن لا عهد له مع النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، أمّا من كان عهده يطول عن تلك المدّة فعهده إليها ، فالبعث كان لتأكيد العهود واحترامها لا نقضها ، فأين نقض العهد الذي يستدعي أن يحضر من عقده أو قريبه؟!

ج ـ هنالك من هو أقرب من علي للنبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله نسباً ووجاهة عند قريش ، كعمّه العباس وعقيل وغيرهما ، فلماذا أرسل علياً؟ الذي أعتذر من النبيّ كما في بعض الروايات من عدم قابليته على الكلام بصوت مرتفع بين الناس ، فدعا له النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، وقال له : « أمّا أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت » ، فوافق على الذهاب لخوفه على النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله وفدائه بنفسه ، وقال : « فإن كان ولابدّ فسأذهب أنا » (16).

وهذا الإصرار من النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله على علي يؤكّد عدم صحّة ادعائهم ، وخصوصاً أنّ الروايات تؤكّد قوله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله لعلي عليه ‌السلام : « إلاّ أنا أو رجل منّي » ، وقد أكّد مراراً وتكراراً كما روى البخاري وغيره قوله لعلي عليه ‌السلام : « أنت منّي وأنا منك » ، وكذلك : « ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي » ، فهذه المنزلة وهذا الاختصاص لعلي عليه ‌السلام مع وجود غيره أقرب نسباً ، أو أكبر سنّاً ، أو أكثر قبولاً عند قريش والمشركين ، والإصرار عليه ‌السلام ، لابدّ أنّ وراءه سرّاً ومغزى؟!

د ـ بل هناك روايات تنقل أنّ أبا بكر أرسل أبا هريرة وآخرين يؤذّنون في الناس ، وكان علي يؤذّن معهم ، كما يدّعي أبو هريرة ، فيناوبون معه ، فهل هؤلاء المؤذّنون كأبي هريرة والآخرين الذين أرسلهم أبو بكر أقرب للنبيّ من أبي بكر؟ وهل يصلحون لذلك أكثر منه؟ فلماذا عزل إذاً؟!

8 ـ وعلى كلّ حال حتّى لو صحّ أنّه ذهب للحجّ ، وأكمل المناسك ، فإنّه لو تنزّلنا وأثبتنا له ذلك فهي ليست فضيلة ، لأنّ ذلك قد ثبت لمن لا فضيلة له ، ولا سابقة في الموسم الذي سبقه ، فقد أمر النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله عتاباً بن أسيد الذي أسلم في الفتح ، وكان من الطلقاء على الحجّ عام ثمانية بعد عمرته صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، فهل هذا يعني أنّ عتاباً أفضل الصحابة؟ أو أنّه صاحب سابقة وفضيلة ، وأفضل أهل مكّة؟!

ولو طلبنا منكم الإنصاف والتعامل مع الفضائل على حدّ سواء ، فإنّكم أنتم لا تستطيعون أن تجعلوا هذا البعث فضيلة ، لأنّكم حكمتم سابقاً على فضيلة واضحة لأمير المؤمنين عليه ‌السلام بأنّها ليست كذلك ، وذلك حينما خلّفه النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله على المدينة عندما ذهب إلى تبوك ، وقال له : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » (17) ، وقلتم : بأنّ تخليفه على المدينة ليس فضيلة ، لأنّ النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله قد خلّف عليها سابقاً أُناساً عاديين كابن أُمّ مكتوم وجعلتم النصّ المدح له ليس إلاّ تطييباً للخاطر ، وأوّلتموه شرّ تأويل ، مع ما ينصّ من عدم الفرق إلاّ في النبوّة.

أمّا حادثة أبي بكر ، ففيها العزل وأخذ براءة ، وفيها عدم ثبوت حجّته من أصلها ، وفيها أنّ حجَّه كان كحجّ أهل الجاهلية ، وفيها أنّه لم يمدح من النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ، وفيها أنّه قد حجّ بالناس في السنة الماضية لحجّه أحد الطلقاء ، وكلّ ذلك وأنتم تثبتون الفضيلة ، بل الأفضلية لأبي بكر ، بمثل هذه الأوهام ، وترفضون أيّ فضل لعلي عليه ‌السلام ، ولو نصّ عليه رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله.

___________________

1 ـ السنن الكبرى للنسائي 5 / 128 ، خصائص أمير المؤمنين : 91 ، شواهد التنزيل 1 / 305 و 312 و 317.

2 ـ الجامع لأحكام القرآن 8 / 67 ، تفسير القرآن العظيم 2 / 347 ، البداية والنهاية 5 / 45 ، السيرة النبوية لابن هشام 4 / 972 ، السيرة النبوية لابن كثير 4 / 69 ، سبل الهدى والرشاد 12 / 74.

3 ـ ذخائر العقبى : 69 ، سنن الدارمي 2 / 67 ، سنن النسائي 5 / 247 ، السنن الكبرى للنسائي 2 / 416 و 5 / 129 ، خصائص أمير المؤمنين : 92 ، صحيح ابن حبّان 15 / 20 ، شواهد التنزيل 1 / 317 ، جواهر المطالب 1 / 96 ، ينابيع المودّة 1 / 261.

4 ـ صحيح البخاري 3 / 168 ، خصائص أمير المؤمنين : 88 و 151 ، فتح الباري 7 / 390 ، تحفة الأحوذي 6 / 26 ، المصنّف للصنعاني 11 / 227 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 499 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 127 و 168 ، صحيح ابن حبّان 11 / 230 ، نظم درر السمطين : 98 ، كنز العمّال 11 / 599 و 13 / 258 ، كشف الخفاء 1 / 205 ، شواهد التنزيل 2 / 143 ، تفسير القرآن العظيم 3 / 475 و 4 / 218 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 53 و 63 و 179 ، تهذيب الكمال 5 / 54 ، البداية والنهاية 4 / 267 ، السيرة النبوية لابن كثير 3 / 443 ، سبل الهدى والرشاد 5 / 195 ، ينابيع المودّة 1 / 404 و 3 / 278.

5 ـ فضائل الصحابة : 15 ، تحفة الأحوذي 10 / 152 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 495 ، الآحاد والمثاني 3 / 183 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 45 و 128 ، خصائص أمير المؤمنين : 90 ، المعجم الكبير 4 / 16 ، نظم درر السمطين : 79 ، الجامع الصغير 2 / 177 ، كنز العمّال 11 / 603 ، كشف الخفاء 1 / 205 ، شواهد التنزيل 1 / 319 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 345 ، تهذيب الكمال 5 / 350 ، سير أعلام النبلاء 8 / 212 ، الجوهرة : 63 ، البداية والنهاية 5 / 232 و 7 / 394 ، ينابيع المودّة 2 / 78 و 96 و 3 / 143.

6 ـ شرح مسلم 9 / 21 ، فتح الباري 1 / 193 و 419 و 3 / 388 و 464 ، تحفة الأحوذي 3 / 479 و 551 ، كشف الخفاء 1 / 379 ، الجامع لأحكام القرآن 2 / 184 و 410 و 429 ، فتح القدير 1 / 204 ، سير أعلام النبلاء 6 / 343 ، الإصابة 1 / 42 ، البداية والنهاية 5 / 203 و 234 ، سبل الهدى والرشاد 8 / 475.

7 ـ تفسير القرآن العظيم 2 / 347.

8 ـ صحيح البخاري 1 / 97.

9 ـ سنن النسائي 5 / 234 ، فتح القدير 2 / 334.

10 ـ سنن النسائي 5 / 247.

11 ـ سنن النسائي 5 / 247.

12 ـ فتح الباري 8 / 241.

13 ـ مسند أحمد 1 / 3 ، مسند أبي يعلى 1 / 100 ، كنز العمّال 2 / 417 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 347 ، جواهر المطالب 1 / 97.

14 ـ مجمع الزوائد 3 / 239.

15 ـ الجامع لأحكام القرآن 7 / 345 ، سبل الهدى والرشاد 1 / 505 و 7 / 6 ، لسان العرب 10 / 87 ، كشف الخفاء 1 / 211.

16 ـ مسند أحمد 1 / 150 ، تفسير القرآن العظيم 2 / 346.

17 ـ فضائل الصحابة : 13 ، شرح صحيح مسلم 15 / 174 ، مجمع الزوائد 9 / 109 ، تحفة الأحوذي 10 / 161 ، مسند أبي داود : 29 ، المصنّف للصنعاني 5 / 406 و 11 / 226 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 496 و 8 / 562 ، مسند ابن راهويه 5 / 37 ، مسند سعد بن أبي وقّاص : 51 و 103 و 139 ، الآحاد والمثاني 5 / 172 ، كتاب السنّة : 551 و 586 و 595 و 610 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 44 و 108 و 113 و 120 و 125 و 144 ، خصائص أمير المؤمنين : 48 و 64 و 76 و 80 و 85 و 116 ، مسند أبي يعلى 1 / 286 و 2 / 66 و 86 و 99 و132 و 12 / 310 ، أمالي المحاملي : 209 و 251 ، صحيح ابن حبّان 15 / 16 و 371 ، المعجم الصغير 2 / 22 و 54 ، المعجم الأوسط 2 / 126 و 3 / 139 و 4 / 296 و 5 / 287 و 6 / 77 و 83 و 7 / 311 و 8 / 40 ، المعجم الكبير 1 / 148 و 2 / 247 و 4 / 184 و 5 / 203 و 11 / 63 و 12 / 15 و 78 و 24 / 146 ، نظم درر السمطين : 107 ، موارد الظمآن : 543 ، كنز العمّال 5 / 724 و 9 / 167 و 11 / 599 و 603 و 13 / 106 و 59 و 158 و 163 و 192 و 16 / 186 ، فيض القدير 4 / 471 ، كشف الخفاء 2 / 382 ، شواهد التنزيل 1 / 192 و 2 / 35 ، الجامع لأحكام القرآن 1 / 266 و 7 / 277 ، الطبقات الكبرى 3 / 23 ، الكامل في ضعفاء الرجال 1 / 306 و 2 / 315 و 413 و 3 / 207 و 4 / 229 و 5 / 199 و 6 / 68 و 216 ، تاريخ بغداد 7 / 463 و 8 / 52 و 11 / 430 و 12 / 320 ، تاريخ مدينة دمشق 2 / 31 و 13 / 151 و 20 / 360 و 21 / 415 و 30 / 359 و 38 / 7 و 39 / 201 و 41 / 18 و 42 / 42 و 53 و 100 و 111 و 115 و 139 و 145 و 152 و 159 و 165 و 171 و 177 و 182 و 54 / 226 و 59 / 74 و 70 / 35 ، أُسد الغابة 4 / 27 ، تهذيب الكمال 20 / 483 و 25 / 423 و 32 / 482 و 35 / 263 ، تذكرة الحفّاظ 1 / 10 ، سير أعلام النبلاء 1 / 361 و 7 / 362 و 12 / 214 و 14 / 210 و 15 / 42 ، تهذيب التهذيب 7 / 296 ، الإصابة 4 / 467 ، أنساب الأشراف : 94 ، و 106 ، الجوهرة : 14 و 62 ، البداية والنهاية 5 / 11 و 7 / 251 و 370 و 374 و 8 / 84 ، جواهر المطالب 1 / 58 و 171 و 197 و 212 و 296 ، سبل الهدى والرشاد 5 / 441 و 11 / 291 و 296 ، ينابيع المودّة 1 / 112 و 156 و 160 و 309 و 404 و 2 / 97 و 119 و 153 و 237 و 302 و 389 و 3 / 211 و 369 و 403.

 

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.