المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

إبراهيم والكلمات
2024-08-17
How Organic Reactions Occur: Mechanisms
6-6-2016
وعد الله يميز بين الخبيث والطيب
2024-11-18
Gnomonic Number
12-12-2020
{فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}
2024-08-31
Distribution of Fission Energy
3-4-2017


زواج النبي بخديجة « عليهم السلام »  
  
360   12:02 صباحاً   التاريخ: 2024-09-09
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج1، ص165-176
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / زوجاته واولاده /

سبب زواج النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بخديجة ( عليها السلام )

1 . سمعت خديجة بكراماته ( ( صلى الله عليه وآله ) ) فخطبته

ففي تفسير الإمام العسكري ( عليه السلام ) / 155 : « كان يسافر إلى الشام مضارباً لخديجة بنت خويلد ، وكان من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر ، فكانوا في حَمَارَّة القيظ يصيبهم حرتلك البوادي ، وربما عصفت عليهم فيها الرياح ، وسفت عليهم الرمال والتراب ، وكان الله تعالى في تلك الأحوال يبعث لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) غمامة تظله فوق رأسه ، تقف بوقوفه وتزول بزواله ، إن تقدم تقدمت وإن تأخر تأخرت ، وإن تيامن تيامنت وإن تياسر تياسرت ، فكانت تكفُّ عنه حر الشمس من فوقه ، وكانت تلك الرياح المثيرة لتلك الرمال والتراب ، تُسفيها في وجوه قريش ووجوه رواحلهم ، حتى إذا دنت من محمد ( صلى الله عليه وآله ) هدأت وسكنت ، ولم تحمل شيئاً من رمل ولا تراب ، وهبَّت عليه ريحٌ باردة لينة ، حتى كانت قوافل قريش يقول قائلها : جوار محمد أفضل من خيمة ! فكانوا يلوذون به ويتقربون إليه ، فكان الرَّوْح يصيبهم بقربه ، وإن كانت الغمامة مقصورة عليه . وكان إذا اختلط بتلك القوافل غرباء ، فإذا الغمامة تسير في موضع بعيد منهم » .

وفي شرح الأخبار : 1 / 183 : « ولما انتهى إليها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما قد فشا واستفاض عنه من الخبر ، أرسلت إليه في أن تعطيه مالاً يتجر لها به إلى الشام ، ففعل . . وربح في تلك التجارة ما لم يربح أحد مثله ، فلما قدم بذلك على خديجة قالت لغلامها ميسرة : ما أعظم أمانة محمد وبركته ، ما ربحت في تجارة قط كربحي فيما أبضعته معه . فقال لها ميسرة : وأعظم من ذلك ما سمعته فيه ورأيته منه ! قالت : وما هو ؟ فأخبرها بخبر الراهب وخبر الغمامة » .

وفي سيرة ابن إسحاق : 2 / 59 وابن هشام : 1 / 121 : « فلما أخبرها ميسرة عما أخبرها به بعثت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . . يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك مني وشرفك في قومك ، وسطتك فيهم ، وأمانتك عندهم ، وحسن خلقك ، وصدق حديثك » .

وفي مسارِّ الشيعة للمفيد / 49 : « وفي اليوم العاشر منه « ربيع الأول » تزوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بخديجة بنت خويلد أم المؤمنين ، لخمس وعشرين سنة من مولده » .

2 . خطب أبو طالب خديجة للنبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )

في الكافي : 5 / 374 والفقيه : 3 / 397 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لما أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يتزوج خديجة بنت خويلد ، أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش ، حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة ، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال : الحمد لرب هذا البيت ، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل ، وأنزلنا حرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه . ثم إن ابن أخي هذا يعني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ممن لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه ، ولا عِدل له في الخلق ، وإن كان مقلاً في المال فإن المال رفدٌ جارٍ وظلٌّ زائل ، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة ، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها ، والمهر عليَّ في مالي ، الذي سألتموه عاجله وآجله . وله ورب هذا البيت حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل .

ثم سكت أبو طالب ، وتكلم عمها وتلجلج وقَصُر عن جواب أبي طالب ، وأدركه القطع والبهر ! وكان رجلاً من القسيسين ، فقالت خديجة مبتدئة : يا عماه إنك وإن كنت أولى بنفسي مني في الشهود ، فلست أولى بي من نفسي ، قد زوجتك يا محمد نفسي والمهر عليَّ في مالي ، فأمر عمك فلينحر ناقة فَلْيُولِمْ بها وادخل على أهلك ! قال أبو طالب : اشهدوا عليها بقبولها محمداً ، وضمانها المهر في مالها ! فقال بعض قريش : يا عجباه ، المهر على النساء للرجال !

فغضب أبو طالب غضباً شديداً وقام على قدميه ، وكان ممن يهابه الرجال ويُكره غضبه ، فقال : إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الأثمان وأعظم المهر ، وإذا كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي ! ونحر أبو طالب ناقة ، ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأهله . وقال رجل من قريش يقال له عبد الله بن غنم :

هنيئاً مريئاً يا خديجة قد جرت * لك الطير فيما كان منك بأسعد

تزوجته خير البرية كلها * ومن ذا الذي في الناس مثل محمد

به بشر البران عيسى بن مريمٍ * وموسى بن عمران فيا قرب موعد

أقرت به الكتاب قدماً بأنه * رسول من البطحاء هاد ومهتد »

أقول : نص الحديث على أن الشاعر قرشي ، لكن علماء الرجال ترجموا لعبد الله بن غنم الأشعري أو الأزدي ، ويظهر أنه صحابي وقد قال شعره بعد الإسلام .

3 . وهبت خديجة كل أموالها إلى النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )

وذلك كما وهبت سارة كل أموالها لإبراهيم « عليهما السلام » ، فقد فسر ابن عباس قوله تعالى : وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى : « فأغناك بمال خديجة ، ثم زادك من فضله فجعل دعائك مستجاباً ، حتى لو دعوت على حجران يجعله الله لك ذهباً لنقل عينه إلى مرادك ، وأتاك بالطعام حيث لا طعام ، وأتاك بالماء حيث لا ماء ، وأغاثك بالملائكة حيث لا مغيث ، فأظفرك بهم على أعدائك » . معاني الأخبار / 53 . وعمدة القاري : 19 / 299 .

وفي البحار : 16 / 71 : « يا معاشر العرب إن خديجة تشهدكم على أنها قد وهبت نفسها ومالها ، وعبيدها ، وخدمها ، وجميع ما ملكت يمينها ، والمواشي ، والصداق ، والهدايا ، لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) » .

وفسر الإمام الرضا ( عليه السلام ) آية : وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى « العيون : 2 / 177 » بأنه جعله مستجاب الدعوة ، والآية مطلقة تشمل مال خديجة والغنائم التي أحلها الله له ، وغيرها .

4 . وصار بيت خديجة ( عليها السلام ) بيت النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )

ويقع في الجهة المقابلة لشعب بني هاشم ، وهو في سوق الليل معروفٌ بمولد فاطمة « عليها السلام » ، وقد زرته في السبعينات ميلادية حتى هدمه الوهابية وأزالوه ، في حملتهم على آثار النبي ( صلى الله عليه وآله ) وآثار الإسلام !

ولما كتبت قريش صحيفة مقاطعة بني هاشم ليسلموهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) فيقتلوه اضطر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يترك بيته ويدخل مع بني هاشم في شعب أبي طالب ، وتحملت خديجة « عليها السلام » معه سنوات المحاصرة ، فأرسل الله جبرئيل ليقرئها السلام ويسليها عن فقدان بيتها ، ويبشرها بأن الله تعالى بني لها بيتاً في الجنة .

وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يذكرها كل عمره ويمدحها ، ولما فتح مكة نصب خيمته على قبرها ، فكانت عائشة تحسدها وتغار منها : « قالت : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة » ! صحيح بخاري : 8 / 195 .

وفي فتح الباري : 7 / 102 : « عن هشام بن عروة : ما حسدت امرأة قط ما حسدت خديجة ، حين بشرها النبي ببيت » .

وهذا ينسجم مع طبيعة المرأة واهتمامها ببيتها ، وحسدها لضرتها إذا كان بيتها أحسن ، فكيف إذا بناه الله تعالى لخديجة « عليها السلام » وأرسل جبرئيل ( عليه السلام ) يبشرها به ! فهو يستحق من عائشة أعلى درجات الحسد ، كما قالت !

ولم تذكر عائشة هنا صفة بيت خديجة ، لكنها بعد ذلك هونت من شأنه وقالت إنه بيت من قصب وسعف نخل ! فنسب بعض الرواة وصفه بأنه بيت من قصب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! لكن بعضهم أبقاه على النص النبوي بأنه من لؤلؤة ولا صخب فيه ولا نصب . فقد قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لفاطمة « عليها السلام » : إن جبرئيل ( عليه السلام ) عهد إليَّ أن بيت أمك خديجة في الجنة بين بيت مريم ابنة عمران وبين بيت آسية امرأة فرعون ، من لؤلؤة جوفاء لا صخب فيه ولا نصب » . شرح الأخبار : 3 / 17 .

وكذلك هي بيوت كبار الأولياء من ياقوت ومرجان ، ففي نظم درر السمطين للحنفي / 183 ، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 1 / 666 عن أبي سعيد الخدري أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « مر في السماء السابعة ، قال : فرأيت فيها لمريم ولأم موسى ، ولآسية امرأة فرعون ، ولخديجة بنت خويلد ، قصوراً من الياقوت ، ولفاطمة بنت محمد سبعين قصراً من مرجان أحمر ، مكللةً باللؤلؤ » .

وروى عددٌ من مصادرهم حديث بيت خديجة « عليها السلام » بدون قصب كما رويناه ! ففي فضائل الصحابة للنسائي / 75 : « بشر رسول الله خديجة ببيت في الجنة لاصخب فيه ولا نصب » . وسنن النسائي : 5 / 94 ، الجامع الصغير : 2 / 247

وتاريخ الذهبي : 1 / 238 .

لكن عائشة جعلت بيت خديجة كوخاً من قصب ! « بشر خديجة ببيت من الجنة من قصب ، لاصخب فيه ولا نصب » ! صحيح بخاري : 2 / 203 .

وبينت سبب القصب « فتح الباري : 1 / 27 » فقالت : « ماتت خديجة قبل أن تفرض الصلاة ، فقال النبي : رأيت لخديجة بيتاً من قصب ، لاصخب فيه ولا نصب » .

وفي مسند أبي يعلى : 4 / 41 من حديث المعراج ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « سئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن ؟ فقال : أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب » !

وصحح في مجمع الزوائد : 9 / 416 : « ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن » !

فبيت خديجة « عليها السلام » من قصب لأنها لم تصلِّ ، وبيت عائشة من لؤلؤ لأنها صلَّت ! لكن الصلاة يا أمنا عائشة فرضت في أول البعثة ، وروى الجميع أن خديجة « عليها السلام » كانت تصلي مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى أن توفيت قبيل هجرته ! فكيف قلت : لم تُصَلِّ !

إنها فضيحة حسد عائشة لخديجة « عليها السلام » على بيتها في الجنة ، فجعلته من قصب ، وأنكرت صلاة خديجة ، وأخرت تشريع الصلاة إلى ما بعد موت خديجة !

وجاء المعذرون ومنهم البخاري « فتح الباري : 7 / 104 » ليغطوا حسد عائشة ، فجعلوا معنى بيت القصب : قضبان الذهب ! لكن اللغة العربية تأبى ذلك ، فالقصب نبات ، ولم يرد وصفاً لقصور الجنة في أي حديث صحيح !

5 . كان النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) يمدح خديجة ( عليها السلام )

وهدفه أن يعرِّف المسلمين قدرها ، وكانت عائشة تعلن حسدها لها ، فيغضب النبي ( صلى الله عليه وآله ) عليها ! ففي السيرة الحلبية : 3 / 401 : « قالت له وقد مدح خديجة : ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين ، قد أبدلك الله خيراً منها ! فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : والله ما أبدلني الله خيراً منها » !

وقال ابن إسحاق : 5 / 228 : « أهدي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جزور أو لحم ، فأخذ عظماً منها فتناوله بيده فقال له : إذهب به إلى فلانة » صديقة خديجة « فقالت له عائشة : لكأنه ليس في الأرض امرأة إلا خديجة ! فقام رسول الله مغضباً فلبث ما شاء الله ، ثم رجع فإذا أم رومان فقالت : يا رسول الله ما لك ولعائشة إنها حَدَث وأنت أحق من تجاوز عنها ، فأخذ بشدق عائشة وقال : ألست القائلة : كأنما ليس على الأرض امرأة إلا خديجة ! والله لقد آمنت بي إذ كفر قومك ورزقت مني الولد وحرمتموه » !

وفي العمدة / 394 ، أنه ( صلى الله عليه وآله ) طرد عائشة ! « فقال ( صلى الله عليه وآله ) : قومي عني فقامت إلى ناحية من البيت » . ولعلها تكلمت بعد قيامها فأخذ بشدقها ! ولم تبين الرواية كيف أخذ بشدقها ، هل سدَّه ليسكتها ، أم ضغط عليه تأديباً لها !

وفي الخصال / 405 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منزله فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول : والله يا بنت خديجة ما ترينَ إلا أن لأمك علينا فضلاً ، وأي فضل كان لها علينا ، ما هي إلا كبعضنا ! فسمع مقالتها لفاطمة ، فلما رأت فاطمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكت فقال : ما يبكيك يا بنت محمد ؟ قالت : ذكرت أمي فتنقصتها فبكيت ! فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : مه يا حميراء فإن الله تبارك وتعالى بارك في الودود الولود ، وإن خديجة رحمها الله ولدت مني طاهراً وهو عبد الله وهو المطهر ، وولدت مني القاسم وفاطمة [ وأم كلثوم ورقية وزينب ] وأنت ممن أعقم الله رحمها ، فلم تلدي شيئاً » !

أقول : وضعنا أسماء البنات الثلاث بين معقوفين ، لأنه يوجد خلاف في أنهن بناته ( صلى الله عليه وآله ) أو ربائبه ، وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : أعقم الله رحمها ، يدل على أن الله تعالى حصر ذريته بفاطمة « عليها السلام » . لكن رغم توبيخ النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعائشة ونهيها واصلت حسدها لخديجة ! ولها قصص في حساسيتها منها مع فاطمة « عليها السلام » ، لكن سلوك فاطمة الرباني فرض على عائشة احترامها فكانت تقول : « ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها » . الإستيعاب : 4 / 1896 ، الزوائد : 9 / 201 وصححه . « كان بينهما شئ فقالت عائشة : يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب » . أبو يعلى : 8 / 153 .

6 . عائشة متهمة ولا تُقبل شهادة المتَّهَم

فلا يجوز قبول روايات عائشة في خديجة « عليها السلام » ، بعد اعترافها بحسدها المفرط لها ، ولا قول حكيم بن حزام المتعصب لعائشة ، قال : « كان عمر رسول الله يوم تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة ، وعمرها أربعون سنة . بينما قال ابن عباس : كان عمرها ثمانياً وعشرين سنة ، رواهما ابن عساكر ! وقال ابن جرير : كان ابن سبع وثلاثين سنة ، وكذا نقل البيهقي عن الحاكم ، وكان عمرها إذ ذاك خمساً وثلاثين ، وقيل خمساً وعشرين سنة » . سيرة ابن كثير : 1 / 265 .

7 . أحل الله لنبيه ( ( صلى الله عليه وآله ) ) من النساء ما شاء

لكنه لم يتزوج إلا لمصلحة الإسلام ولا تزوج على خديجة . ففي الكافي : 5 / 389 أن أبا بكر الحضرمي سأل الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « عن قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ؟ كم أحل له من النساء ؟ قال : ما شاء من شئ . قلت : قوله عز وجل : وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ ؟ فقال : لا تحل الهبة إلا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأما لغير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يصلح نكاح إلا بمهر . قلت : أرأيت قول الله عز وجل : لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ؟ فقال : إنما عنى به لا يحل لك النساء التي حرم الله في هذه الآية : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ . . إلى آخرها ، ولو كان الأمر كما تقولون كان قد أحل لكم ما لم يحل له ، لأن أحدكم يستبدل كلما أراد ولكن ليس الأمر كما يقولون . إن الله عز وجل أحل لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن ينكح من النساء ما أراد إلا ما حرم عليه في هذه الآية » .

ثم روى تسمية نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : « عائشة ، وحفصة ، وأم حبيب بنت أبي سفيان بن حرب ، وزينب بنت جحش ، وسودة بنت زمعة ، وميمونة بنت الحارث ، وصفية بنت حي بن أخطب ، وأم سلمة بنت أبي أمية ، وجويرية بنت الحارث . وكانت عائشة من تيم ، وحفصة من عدي ، وأم سلمة من بني مخزوم ، وسودة من بني أسد بن عبد العزى ، وزينب بنت جحش من بني أسد وعدادها من بني أمية ، وأم حبيب بنت أبي سفيان من بني أمية ، وميمونة بنت الحارث من بني هلال ، وصفية بنت حي بن أخطب .

ومات ( صلى الله عليه وآله ) عن تسع نساء وكان له سواهن التي وهبت نفسها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وخديجة بنت خويلد أم ولده ، وزينب بنت أبي الجون التي خدعت ، والكندية » .

8 . اشتهر وفاء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لخديجة ( عليها السلام )

ونشرت ذلك عائشة وهي تتحدث عن غيرتها منها ، قال ابن البطريق في العمدة / 394 : « عن أم رومان « أم عائشة » قالت : كان لرسول الله جارة قد أوصته خديجة أن يتعاهدها ، فحضرعنده شئ من المأكل فأمر بإعطائها وقال : هذه أمرتني خديجة بأن أتعاهدها فقالت عائشة : وكنت أحسدها لكثرة ذكره لها » .

وعندما أفاء الله على رسوله ( صلى الله عليه وآله ) أموال بني النضير ومنها فدك ، أمره الله أن يفي لخديجة فيعطي فدكاً لابنتها فاطمة « عليها السلام » . ونزل قوله تعالى : وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ . « إن الله يأمرك أن تؤتى ذا القربى حقه . قال : يا جبرئيل ومن قرباي ، وما حقهم ؟ قال : أعط فاطمة حوائط فدك ، واكتب لها كتاباً . وهي من ميراثها من أمها خديجة » . قصص الأنبياء / 345 والمناقب : 1 / 122 .

وقد أجمع المسلمون على أن أموال بني النضير كانت خالصة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وفيها نزل قوله تعالى : وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ . الكافي : 1 / 539 ، المعتبر : 2 / 633 والبخاري : 3 / 227 و 4 / 209 .

9 . وكانت خديجة أماً لعلي ( ( ع ) )

فقد ربته وأحبته كما أحبه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووفت بذلك لفاطمة بنت أسد في تربيتها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أرسله النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوماً في مهمة فتأخر فتخوف عليه فذهبت خديجة تبحث عنه ! « وافتقد علياً ( عليه السلام ) ذات يوم فلم يعلم مكانه حتى أمسى فاشتد غمه به ، فرأت أثر الغم عليه خديجة رضوان الله عليها ، فقالت : يا رسول الله ما هذا الغم الذي أراه عليك ؟ قال : غاب علي منذ اليوم فما أدري ما صُنِع به . .

فخرجت خديجة في الليل تلتمس خبر علي ، فوافقته فأعلمته باغتمام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بغيبته ، وألفته مقبلاً إليه ، فسبقته تبشره فقام قائماً فحمد الله تعالى رافعاً يديه » . شرح الأخبار : 2 / 205 وتفسير فرات / 547 .

وفي مناقب ابن سليمان : 1 / 304 : « قالت خديجة : فمضيت فأخبرت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فإذا هو قائم يقول : اللهم فرج غمي بأخي علي ، فإذا بعلي قد جاء فتعانقا » .

10 . عظموا أمر عائشة على باقي نساء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )

قال العلامة الحلي في منهاج الكرامة / 75 : « وعظموا أمر عائشة على باقي نسوانه ، مع أنه ( صلى الله عليه وآله ) كان يكثر من ذكر خديجة بنت خويلد ، وقالت له عائشة : إنك تكثر من ذكرها وقد أبدلك الله خيراً منها . وأذاعت سر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وقال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إنك تقاتلين علياً وأنت ظالمة . ثم إنها خالفت أمر الله تعالى في قوله : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ، وخرجت في ملأ من الناس تقاتل علياً ( عليه السلام ) على غير ذنب ، لأن المسلمين أجمعوا على قتل عثمان وكانت هي كل وقت تأمر بقتله وتقول : أقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً ! فلما بلغها قتله فرحت بذلك ، ثم سألت : من تولى الخلافة ؟ فقالوا : علي ، فخرجت لقتاله على دم عثمان . فأي ذنب كان لعلي ( عليه السلام ) على ذلك ؟ وكيف استجاز طلحة والزبير مطاوعتها على ذلك ؟ وبأي وجه يلقون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة غيره وأخرجها من منزلها وسافر بها كان أشد الناس عداوة » !

11 . أنفق النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) على المؤمنين من أموال خديجة ( عليها السلام )

ففي أمالي الطوسي / 463 : « إن رسول الله قال : ما نفعني مال قط مثلما نفعني مال خديجة ، وكان رسول الله يفك من مالها الغارم والعاني ، ويحَمل الكَلَّ ، ويعطي في النائبة ، ويرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة ، ويحمل من أراد منهم الهجرة .

وكانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين يعني رحلة الشتاء والصيف ، كانت طائفة من العير لخديجة ، وكانت أكثر قريش مالاً ، وكان ( صلى الله عليه وآله ) ينفق منه ما شاء في حياتها ، ثم ورثها هو وولدها بعد مماتها » .

وروى البخاري : 5 / 80 قول عمر لأسماء بنت عميس : « سبقناكم بالهجرة ، فنحن أحق برسول الله منكم ! فغضبت وقالت : كلا والله كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله وفي رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ! وأيم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونحن كنا نُؤذى ونُخاف . قال لها ( صلى الله عليه وآله ) : ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان » .

12 . كانت خديجة ( عليها السلام ) أجمل زوجات النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )

وقد ورَّثت حسنها لابنتها وأحفادها ، ففي المناقب : 3 / 170 عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) قال : « صوَّر الله عز وجل علي بن أبي طالب في ظهر أبي طالب على صورة محمد ، فكان علي بن أبي طالب أشبه الناس برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان الحسين بن علي أشبه الناس بفاطمة « عليها السلام » ، وكنت أنا أشبه الناس بخديجة الكبرى « عليها السلام » » .

13 . بنات النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) أم ربائبه ؟

المشهور أن زينب وأم كلثوم بنات النبي ( صلى الله عليه وآله ) من خديجة « عليها السلام » ويوجد قول قوي بأنهن بنات أخت خديجة ، وقد توفيت أمهن فربتهن خالتهن خديجة ، فعُرفن ببنات محمد ( صلى الله عليه وآله ) ! وأن خديجة لم تتزوج قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأن عمرها عند زواجها كان بضعاً وعشرين ، وكان عمرها لما ماتت خمسين سنة ، حسب رواية البيهقي .

وقد تبنى هذا الرأي بعض كتاب السيرة القدماء والمعاصرين فقال إنهن ربائب . قال في المناقب : 1 / 138 : « وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بها وكانت عذراء ، يؤكد ذلك ما ذَكر في كتابي الأنوار والبدع ، أن أم كلثوم وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة » .

وقد ألف الباحث السيد جعفر مرتضى كتاب : « بنات النبي ( صلى الله عليه وآله ) أم ربائبه ؟ » تجده في : http : / / www . aqaed . com / shialib / books / all / banat / index . html

وذكر فيه تناقض روايتهم في تاريخ زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) وفي ولادة أولاده ، وزواج بناته ، فبعضها ذكر أنه ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بها قبل البعثة بثلاث سنين ، وبعضها قال إن أولاده منها ولدوا جميعاً بعد البعثة ، إلا ولده عبد المطلب ، وبعضها ذكر أن آية : إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ، نزلت بعد موت ابنه القاسم ، الذي كان أكبر أولاده .

كما استدل بنصوص على أن زينب هي بنت أخت خديجة « عليها السلام » من زوجها أبي هند المخزومي ، ومنها نص كتاب الاستغاثة ، ونص المناقب المتقدم .

واستدل بقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي : « يا علي ، أوتيتَ ثلاثاً لم يؤتهن أحدٌ ولا أنا : أوتيت صهراً مثلي ، ولم أوت أنا مثلي » ! فدل على أن علياً صهره الوحيد .

وقول ابن عمر في صحيح بخاري : 5 / 157 : « أما عثمان فكان الله عفا عنه ، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه ! وأما علي فابن عم رسول الله وختنه ، وأشار بيده فقال : هذا بيته حيث ترون » . فذكر الصهر لعلي ولم يذكره لعثمان !

ويؤيد هذا الرأي ما رواه الحاكم : 2 / 200 وصححه على شرط الشيخين : عن عروة ، عن خالته عائشة في زينب بنت النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكان زوجها الربيع بن العاص الأموي أسيراً في بدر ، فأرسلت فداءه فأطلقه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووعده الربيع أن يأذن لها بالهجرة ، فأذن لها وخرج بها من مكة زيد بن حارثة وأبو رافع وأخ زوجها فمنعته قريش ، وضرب ناقتها هبَّار بن الأسود ، فوقعت زينب وأسقطت جنينها ثم سمحت لها قريش فهاجرت . قال عروة إن عائشة روت القصة وقالت : « فكان رسول الله يقول : هي أفضل بناتي ، أصيبت فيَّ . فبلغ ذلك علي بن الحسين فانطلق إلى عروة فقال : ما حديثٌ بلغني عنك تحدثه تنتقص فيه حق فاطمة « عليها السلام » ! فقال : والله ما أحب أنَّ لي ما بين المشرق والمغرب وأني أنتقص فاطمة حقاً هو لها ! وأما بعدُ فلك أن لا أحدث به أبداً ! قال عروة : وإنما كان هذا قبل نزول آية : أُدْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ » .

ومعناه أن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) وبَّخ عروة على روايته أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال إن زينب أفضل بناته ، فتنصل عروة ووعد أن لا يرويه ، مع أنه قول خالته عائشة ! ثم قال معتذراً عنها : وإنما كان هذا قبل نزول آية : أُدْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ . ومعناه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) عبَّر عن زينب بابنته قبل أن تنزل آية تحريم تسمية المتبنى إبناً وقد نزل ذلك في سورة الأحزاب سنة خمس للهجرة ، أما بعدها فلم يقل عن زينب : بنتي لأنها كانت متبناة ! فهذا حديث صحيح بشرط الشيخين يشهد بأن زينب ربيبة ! فالقول بأنهن ربائب قوي علمياً ، لكنه يحتاج إلى مؤيدات أخرى لينهض في مقابل النصوص على أنهن بنات النبي ( صلى الله عليه وآله ) من خديجة .

قال أبو الفتح الكراجكي في كتابه : التعجب من أغلاط العامة / 101 : « ومن عجيب أمرهم مثل هذا : قولهم : إن عثمان بن عفان ذو النورين ، واعتقادهم من نحلته هذا بأنه تزوج بابنتين كانتا فيما زعموا لرسول الله من خديجة بنت خويلد ، وقد اختلفت الأقوال فيهما ، فمن قائل : أنهما ربيبتاه وأنهما ابنتا خديجة من سواه . ومن قائل : إنهما ابنتا أخت خديجة من أمها ، وإن خديجة ربتهما لما ماتت أختها في حياتها ، وقال إن اسم أبيهما هالة . ومن قال إنهما ابنتا النبي يعلم أنهما ليستا كفاطمة البتول « عليها السلام » في منزلتها ، ولا يدانيانها في مرتبتها ، فيسمون عثمان لأجل تزويجه بهما ، ( مع ما روي من أنه قتل إحداهما ) : ذا النورين ، ولا يقولون : إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ذو النورين ، وهو أبو السبطين السيدين الإمامين الشهيدين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، وشنفي العرش ، وريحانتي نبي الرحمة ، وولدي ابنته فاطمة البتول سيدة نساء العالمين ، والأئمة الهادين ، صلوات الله عليهم أجمعين » .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.