أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-15
807
التاريخ: 2024-07-10
570
التاريخ: 2024-08-21
279
التاريخ: 24-9-2016
1449
|
تحدثنا فيما سبق عن آراء العلماء في موضوع طرد بني إسرائيل من مصر، وما ذُكر فيه من آراء متضاربة، وجدال لا يزال بابه مفتوحًا حتى الآن، ولم يثبت في التاريخ حدوثه بصفة قاطعة؛ لقلة المصادر الحاسمة في هذا الصدد، اللهم إلا ما جاء عن طريق الكتب المقدسة، أما مسألة الطريق التي اتخذها هؤلاء القوم عند مغادرتهم البلاد المصرية إلى فلسطين فقد ظهر أنها أكثر تعقيدًا من تحديد تاريخ خروجهم، وقد زاد تعقيدها أنه عند تطبيقه على ما جاء في الكتب الدينية، وما أظهره «موسى» من معجزات في أثناء سيره في طريقه إلى «فلسطين» وبخاصة اختراقه البحر يجعل المؤرخ الذي لا يستند إلا على آثار مادية أو كتابة معاصرة لها يقف مكتوف اليدين، معقود اللسان، لا يحير جوابًا شافيًا، ومن أجل ذلك كان هذا الموضوع الشائك هدفًا لبحوث طويلة، ونظريات خلابة عديدة طرحها الباحثون على مختلف أنواعهم، فنجد منهم الأثري مثل «بروكش» و«فلندرزبتري» و«نافيل» و«هول» و«جاردنر» و«أولبرايت». ومنهم المهندسون مثل «لينان دي بلفوند» و«ولككس» و«هنري براون». ومنهم الكيميائيون مثل «لوكاس». وكذلك منهم الضباط الحربيون مثل الكولونل المساعد «روبرتسون»، يُضاف إلى ذلك ما كتبه رجال الدين وعلماء طبقات الأرض. وقد كان آخر من تناول هذا الموضوع بالبحث الدقيق المهندس المصري «علي بك الشافعي«.(1) والواقع أنه قد جمع في مقاله الآراء التي أدلى بها في هذا الموضوع، وأضاف إليها ملاحظاته وبحوثه الخاصة، وخرج منها بنتيجة تُعد حتى الآن أحسن ما وصل إليه العلم الحديث في هذه المسألة الشائكة المعقدة، وقد ناقشت صديقي «علي بك» في هذا الموضوع، واقتنعت إلى حد بعيد بما جاء في مقاله، على الرغم من أن الموضوع في أساسه لا تزال تحوم حوله الشكوك من حيث تفاصيله، وإن كان قد أصبح من المسلم بصحته من حيث إنه واقعة تاريخية حدثت فعلًا، غير أن التقاليد والرواية قد حرفتها في كثير من نواحيها؛ وذلك لأن كتاب العهد القديم لم يصلنا بروايته الأولى التي وُضع عليها أولًا؛ إذ ليس له أسانيد يرتكن عليها، كما نجد ذلك في الأحاديث التي رُويت عن «محمد» — عليه السلام — وهي التي على الرغم من أسانيدها قد وصل بعضها محرفًا أو مدسوسًا.
وسنحاول هنا أن نضع صورة واضحة لهذه الطريق بقدر المستطاع، وسيكون أساسنا في ذلك المصور الجغرافي الذي وضعه «علي بك شافعي» شرحًا لمقاله الممتع الذي سنسير على هديه في كثير من النقط.
وتدل شواهد الأحوال — على الرغم من كل ما قيل عن طرد بني إسرائيل من مصر — على أن هذا الحادث لم يكن ذا تأثير مستمر في كراهية المصريين لشعب بني إسرائيل، فقد كان في المجتمع المصري طوائف يهودية منتشرة في طول البلاد وعرضها حتى «إلفنتين» (أسوان) جنوبًا في مصر القديمة، وقد كانوا أحرارًا في إقامة معابدهم وعبادة إلههم «يهوا» دون أية مضايقة أو اضطهاد من جانب المصريين، فقد جاء في الشكوى التي قدمتها طائفة اليهود عام 407ق.م إلى حاكم اليهود المسمى «باغوس»، بسبب هدم كهنة الإله «خنوم» رب الشلال معبدهم، والتي قالوا فيها: إن معبد «يهوا» هذا كان قد أقامه آباؤهم في عهد ملوك مصر، وعندما سار «قمبيز» بجيشه على مصر وجد هذا المعبد مقامًا هناك، وعلى الرغم من أن كل معابد آلهة المصريين قد خربت فإنه لم يمد أي إنسان يد الأذى إلى المعبد السابق الذكر (2).
وأهم ما تجب ملاحظته في موضوع خروج بني إسرائيل واقتفاء الطريق التي سلكوها حتى وصلوا إلى «فلسطين»، أن تكون طوبوغرافية البلاد متمشية مع قصة الخروج، وكذلك الخطوات التي اتبعوها.
والواقع أن هذه القصة قد قُصت في وقت لم تكن الأحوال الجغرافية قد تغيرت في مصر فيه. فأسماء البلاد المصرية كانت عند خروج بني إسرائيل كما هي، وكذلك التفاصيل الصغيرة التي جاء ذكرها في سياق الكلام، مثل الطوار الذي كان بجانب حصن «دفنة» (إدفينا)، وهو الذي جاء ذكره في التوراة، فقد كشف عنه حديثًا «فلندرزبتري «(3).
ويرجع الفضل إلى أعمال الحفر والبحوث التي قامت حديثًا في «قنتير» وتوحيدها مع «بررعمسيس» وما كتبه الأستاذ «جاردنر» و«بتري» في تسهيل عمل مصور جغرافي للطريق التي سلكها هؤلاء القوم في هجرتهم من مصر إلى «فلسطين»، وقد بدئوا طريقهم من بلدة «رعمسيس» (قنتير)، التي كانت وقتئذ مقر قصر الفرعون وكان موسى يحاور الفرعون فيها، ويلتمس منه السماح لقومه بالخروج من مصر، وقد أمضوا الليلة الأولى في بلدة «سكوت» (تل اليهودية)، وعسكروا الليلة الثانية في «إيتام» على حافة الصحراء، وبعد ذلك حوَّلوا طريقهم وضربوا خيامهم في الليلة الثالثة أمام المكان المعروف باسم «فم الحيروث» بين «مجدول» والبحر، وفي هذا المكان لحقهم الفرعون وجيشه في عرباته التي كانت تجرها الصافنات الجياد، يمتطيها الفرسان الذين كانوا من خيرة جنوده، وقد استولى الفزع على بني إسرائيل عندما رأوا الفرعون وجنوده، وعندئذ رفع موسى يده إلى الله فأرسل الله لإغاثته هو وقومه ريحًا شرقية عاتية هبت طوال الليل، وفي الصباح جف مجرى البحر المسمى آنئذ ببحر «يام سوف» — أي يم سوف أو بحر سوف، ومعنى كلمة سوف: البوص — وقد تُرجم خطأ بالبحر الأحمر أو بحر القلزم، فعبروه واستمروا في سيرهم، مما برهن على أن البحر لم يكن عميقًا ولا واسعًا، وقد قاس «علي بك شافعي» عرض خليج السويس قبالة الطور في المكان الذي عبر فيه الكولونيل المساعد «روبرتسون» ووجده حوالي ثلاثين كيلومترًا، مما يبرهن على أن اختراقه من المستحيل، وبعد ذلك ساروا في صحراء «إيتام» مدَّة ثلاثة أيام دون أن يجدوا ماء، وهذا يبرهن على أنهم لم يسلكوا المنطقة الرملية ذات العيون المائية المتعددة المتكونة من مياه المطر الساقط على الساحل، ولا بد أنهم كانوا قد ساروا جنوبًا، ومن البديهي أن موسى كان موليًا وجهه شطر «مدين» حيث كان حموه وزوجته. ومما سبق نلحظ أن القصة بسيطة في ذاتها إذا استطعنا أن نجد المدن والأماكن التي مروا بها، وكذلك إذا أمكننا في الوقت نفسه أن نبرهن على أنها تتفق مع متوسط المسافة التي تقطعها قبيلة في سيرها يوميًّا.
وهاك أسماء المدن والأماكن كما ذُكرت في التوراة:
(1) «رعمسيس»، (2) «سكوت»، (3) «بيداء إيتام»، (4) «طريق الفلسطينيين»، (5) «فم الحيروث»، (6) «بحر سوف»، (7) «مجدول»، (8) «بعل زيفون «.
وكل هذه الأماكن قد حققها «علي بك شافعي» ووضعها على مصوره الجغرافي الذي يتفق مع الأحوال التي كانت سائدة زمن الخروج بقدر المستطاع، وعلى حسب أحدث البحوث (راجع المصور الجغرافي). وهذه البحوث تشمل درس رواسب شمال الدلتا وتآكل البحر، كما أظهر ذلك على المصور الذي وضعه «بطليموس» عام 142 قبل الميلاد، وقد حُفظت منه صورة في «الفاتيكان»، وقد ساعد على وضع هذه الخريطة ما كتبه الأستاذ «جاردنر» و«فلندرزبتري» عن الطريق الحربية من مصر إلى فلسطين (راجع مصر القديمة ج6).
وسنتناول بالبحث هذه الأماكن واحدًا فواحدًا على حسب ترتيبها الطبعي:
......................................................
1- راجع: Bulletin de la Societe Royale de Geographie D’Egypt Tome XXI, 231 ff. Historical Notes on the Pelusiac Branch, The Red Sea Canal, and The Route of the Exodus..
2- راجع: Peet, Egypt and The Old Testament p. 196-97.
3- راجع: Petrie Tanis II, Nebesheh and Defenneh p. 50.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|