المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7864 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
صلاة الاستخارة
2024-09-16
شروط الصلاة
2024-09-16
حقيقة الصلاة وضروبها
2024-09-16
أبعاد المعرفة التسويقية Marketing Knowledge Dimensions
2024-09-16
أشكال المعرفة التسويقية Forms of Marketing Knowledge
2024-09-16
المجالات في إدارة المعرفة التسويقية Scopes in marketing knowledge management
2024-09-16

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


قاعدة الفراش  
  
94   01:39 صباحاً   التاريخ: 2024-09-07
المؤلف : الشيخ محمد السند
الكتاب أو المصدر : بحوث في القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج2 ص 11
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / الولد للفراش /

من قواعد باب النكاح: قاعدة الفراش

قد اشترط الأصحاب في لحوق ولد المرأة بزوجها أو بواطئها بوطي غير محرم ثلاثة شروط:

1- الدخول.

2- كونه لأكثر من أدنى الحمل.

3- أدنى من أقصى الحمل.

وبعبارة أخرى كونه بين أدنى مدة الحمل وأقصاها ، ولتنقيح الحال في المقام لابد من ذكر أمور:

الأمر الأول : هذه الشروط وان كان انتفاء أحدها يوجب نفي لحوق الولد بالزوج واقعاً الّا ان توفر الشروط لا يستلزم اللحوق به واقعاً بل ظاهراً ، ومن ثمّ كانت هذه الشروط موضوعاً للفراش كأمارة ظاهرية على اللحوق ، وليس سبباً واقعياً ، وربما يظهر من الكلمات في فروع البحث ان موضوع الامارة هو مجرد الدخول ، وقد يعبر عن قاعدة الفراش (1) حينئذ باصالة لحوق الولد بالوطي المحترم ، وهذه القاعدة وإن صرح في الجواهر بمغايرتها لقاعدة الولد للفراش الا أنّه لا يبعد وحدة الامارتين وأنّ اشتراط الأصحاب للمدّة هو بلحاظ المفاد الأولى الواقعي ، أي انّ انتفاء شرط المدّة يستلزم نفي اللحوق واقعاً.

نعم لا ريب في قوة امارية الدخول مع احراز المدة أيضاً . وقيل في تفسير الولد للفراش ان الولد لصاحب الفراش من السيّد أو الزوج ولا يلحق بغيره ، وفي لسان العرب: ((ويقال افرشت زيداً بساطا وافرشته إذا بسط له بساطا في ضيافته ، وفرشت الشيء افرشه بسطته والفرش والمفارش النساء لأنهن يفترشن ، وافترش الرجل المرأة للذّة ، والفريش الجارية ، يفترشها الرجل . وقيل : الفراش الزوج والفراش ما ينامان عليه ، والفراش البيت ، ويقال لامرأة الرجل هي فراشه وإزاره ولحافه ، والولد للفراش أي لمالك الفراش وهو الزوج والمولى لأنه يفترشها ، والاستعمال من قبيل ((وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)).

أقول: ومقتضى كلمات اللغويين هذه هو كفاية الدخول الحلال في تحقق الفراش ، نعم ملك الفراش والخلوة مع المرأة امارة على الفراش وان تناولت كلمات اللغوين في تعريف الفراش ذلك أيضاً ، فالدخول وملك الوطي محقق لقاعدة الفراش غاية الأمر ان العلم بفقد المدة مزيل لموضوع القاعدة لان انتفاء شرط المدة كما مرّ يستلزم نفي الالحاق واقعاً.

الأمر الثاني: على ضوء ما تقدم يتنقح الحال في صور نزاع الزوجين ، انه عند النزاع في المدة القول قول المرأة ، لاعتضاد قولها بماهية الفراش ، نعم لو كان النزاع في أصل الدخول لكان القول قول منكره ، نعم مع الخلوة لا يبعد كونها امارة بحسب ظاهر الحال على الدخول لا سيما مع امتدادها زمنا وتكررها.

كما يستفاد من صحيح علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن ( ع ) في حديث

((سألته عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها فادعت انّها حامل ؟ فقال : ان أقامت البيّنة على انّه أرخى عليها سترا ثم انكر الولد لاعنها ، ثم أبانت منه فعليه المهر كملا)) (2).

ومفادها امارية الخلوة على الدخول ، ولا يخفى ان النزاع هنا في أصل الدخول فهو ينكره والأصل معه ، فلا يحرز موضوع قاعدة الفراش لكن الخلوة امارة على الدخول فتحرز موضوع قاعدة الفراش ، ومن ثمّ ينتسب اليه الولد ولا ينفى عنه الّا باللعان.

وأما ما ورد من نفي الصداق مع الخلوة من دون وقاع كما في موثق (3) يونس

قال سألت أبا عبد الله ( ع ) عن رجل تزوَّج امرأة فأغلق باباً وأرخى ستراً ولمس وقبلّ ثم طلقها أيوجب عليه الصداق ؟ قال : ((لا الصداق إلّا الوقاع)).

فلا ينافي ذلك ، فان النفي بحسب الحكم الواقعي لا بحسب النزاع والحكم الظاهري كما هو مفاد موثق زرارة (4) أيضاً.

ومن ثم قد وردت روايات أخرى على ايجاب المهر والعدّة إذا غلق الباب وأرخى الستر كصحيح الحلبي (5) وموثق زرارة (6) الآخر وموثق إسحاق بن عمار (7)، وهي محمولة على الحكم الظاهري عند النزاع وأشار إلى هذا التفصيل ابن أبي عمير ، واستحسنه الشيخ في التهذيب (8)

وقد ورد في مصحح أبي بصير وصحيح أبي عبيدة امارية الخلوة وارخاء الستر واغلاق الباب على الدخول والمهر والعدّة ، ففي الأول قال : قلت لأبي عبد الله ( ع ) : الرجل يتزوج المرأة فيرخي عليها وعليه الستر ويغلق الباب ثم يطلقها فتسأل المرأة هل أتاك ؟ فتقول : ما أتاني ، ويسأل هو : هل أتيتها ؟ فيقول : لم آتها ، فقال : لا يصدقان ، وذلك آنها تريد ان تدفع العدّة عن نفسها ، ويريد هو ان يدفع المهر عن نفسه ، يعني إذا كانا متهمين ) (9) ومثلها صحيحة أبي عبيدة الا أنّه ليس فيها تقييد بالاتهام.

ومفادها امارية الخلوة واغلاق الباب وارخاء الستر على الدخول حتى لو اتفقا على عدمه مع كونهما متهمين ، وقد يستفاد من مفهومها حجية اتفاقهما مع عدم كونهما متهمين وتقديم ذلك على امارية الخلوة.

نعم في صحيح زرارة قال:

((سألت أبا جعفر ( ع ) عن رجل تزوج جارية لم تدرك لا يجامع مثلها أو تزوج رتقاء فأدخلت عليه فطلقها ساعة أدخلت عليه ؟ قال : هاتان ينظر إليهن من يوثق به من النساء ، فان كنّ كما دخلن عليه فان لها نصف الصداق الذي فرض لها ، ولا عدة عليهن منه)) (10).

الحديث.

ومفادها تقدم ولزوم تحصيل العلم - مع القدرة عليه - على امارية الخلوة وهذا مطابق لما تقرر من تقدم أسباب تحصيل العلم على قاعدة الفراش ، فضلا عن الامارات على الدخول الذي هو موضوع قاعدة الفراش.

هذا وقد ضعّف العمل بروايات امارية الخلوة جملة المتأخّرين، وحملوها على التقية، لكون ذلك هو المروي عن عمر، وقد أفتى به أبو حنيفة وكثير من العامة.

أقول: وفيه:

أولًا: انه قد عرفت صحة عدّة من الروايات الواردة واعتبار بعضها الآخر.

وثانياً: ان العامة قد ذهبوا إلى السببية الواقعية للخلوة لاستحقاق المهر حيث عللوا كما في كتاب المغني لابن قدامة (11) بان التسليم المستحق وجدٌ من جهتها فيستقر به البدل كما لو وطأها.

وفسروا قوله تعالى: (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) بالخلوة وانه مأخوذ من الفضاء وهو الخالي، أي خلى بعضكم إلى بعض، وان قوله تعالى: (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) كناية بالمسبب على السبب الذي هو الخلوة، وان كانت كلماتهم مضطربة في ترتيب آثار الدخول على الخلوة، كثبوت الرجعة له عليها في عدتها.

هذا مع أن الروايات الواردة ليس جميعها في صدد ايجاب الصداق، بل مصحح أبي بصير ومصحح أبي عبيدة صريح في كون المدار على المسّ والجماع لا على الخلوة، وانّ الخلوة انما هي امارة بحسب ظاهر الحال ومقدمة على اتفاقهما مع فرض التهمة، نعم بعض الروايات الواردة في ايجاب الصداق بالخلوة تفوح منه التقية بوضوح بعد ظهوره في السببية الواقعية للخلوة.

وعن المسالك قوله (إذا ادّعت بعد الخلوة التامة الخالية من موانع الوقاع الدخول وانكر، فان كانت بكراً فلا اشكال لامكان الاطلاع على صدق أحدهما، باطلاع التعاقب من النساء عليها وذلك جائز لمكان الحاجة، كنظر الشاهد والطبيب).

واشكل عليه في الجواهر (12) بان رأياها ثيباً لا دلالة فيه على صدق دعواها لأنه أعم، كما أن كونها بكرا لا يوجب تمكينها من نفسها للفحص بعد حرمة النظر والمشقة، فلها المطالبة باليمين.

أقول: الظاهر من الشهيد ان القاضي والحاكم مع امكان تحريه عن حقيقة النزاع موضوعا فلاتصل النوبة إلى العمل بالأصول العملية والامارات لتعيين المنكر والمدّعي ، ولا إلى الحكم باليمين أو البيّنة ، وهو مفاد صحيح زرارة السابق (13)، كما هو مفاد الروايات الواردة في العيوب كدعوى العنّة على الزوج أو الرتق في الزوجة ، وكذا هو الحال في جملة من الروايات الواردة في الأبواب ، وتقدم لزوم التحري على العمل بالأصول العملية هو المقتضى الأولي في الصناعة واطلاق متواتر روايات القضاء باليمين والبينة - مع الغض عن كونه محكوماً أو موروداً موضوعاً بأدلة لزوم الفحص ومطلقات إحقاق الحق - انّ القدر المتيقن من موارده هو فيما لو استلزم التحري مؤونة كبيرة جداً.

ثالثاً: ومما يدعم الروايات في إمارية الخلوة على الوقاع وتقديمها على اتفاق وتصادق الزوجين ما اعترف به صاحب الجواهر من منع انحصار الحق في الزوجين لان للولد حقاً في النَسب فيما لو كانت حاملًا ، كما لو ادعى مدع مولوداً على فراش غيره ، بأن ادعى وطئه بالشبهة وصدّقه الزوجان فلابد من البيّنة لحق الولد ، ولا يكفي تصديق الزوجين.

وهو المحكي عن ابن أبي عمير والصدوق والشيخ وابن براج والكيدري وجماعة من القدماء خلافاً للمشهور بين المتأخرين أو اجماعهم.

الأمر الثالث: بعد ما عرفت من كون قاعدة الفراش امارة وليست سبباً واقعياً للالحاق يتبين ان مع توفر أسباب العلم من الفحوص المختبرية الحديثة كفحص الجينات وفحوصات الحمض النووي وغيرها من طرق التحري والفحص الجنائي مما يوجب العلم ، هي مقدمة على قاعدة الفراش ، نعم في جملة من أنماط هذه الطرق أو في بعض الحالات لاتصل في نتائجها إلى حدّ العلم ، بل بنحو نسبي ظني غالبي ، فلا يعول عليها.

الأمر الرابع: ( بين موضوع قاعدة الفراش والعدّة ):

هل الدخول المأخوذ في باب الالحاق - الحاق الولد وقاعدة الفراش - هو المأخوذ في باب العدّة ، وفي باب المهر ، والغسل والحدّ ، فعن المسالك وجماعة وشرح النافع في باب العدد يلحق بالوطي دخول المني المحترم في الفرج ، فيلحق به الولد وتعتدّ بوضعه ، كما حكي عن ظاهر كلمات الأصحاب الاكتفاء بدخول الخصي وان لم ينزل ، وقد أفتى جماعة بأن سبب العدّة الدخول ، أي دخول مقدار الحشفة أو دخول ماءه في فرجها ، وعن عدد المبسوط « وان كان قطع جميع ذكره فالنسب يلحقه ، لان الخصيتين إذا كانتا باقيتين فالانزال ممكن ، ويمكن ان يساحق فينزل فان حملت منه اعتدّت بوضع الحمل ، وان لم تكن حاملًا اعتدّت بالشهور.

واشكل عليه جماعة من المتأخرين بان الامكان لا يوجب العدّة ، نعم هذا الامكان موجب لتحقق قاعدة الفراش ، وهذا التفصيل منهم ظاهر في أو سعية عنوان الدخول في باب قاعدة الفراش منه في باب العدد وهما أوسع ممّا في باب الغسل والحدّ والمهور.

وقال في المبسوط: وقال قوم لو استدخلت ماءُه كان كالدخول في وجوب العدّة.

هذا وقد نصّ الأكثر على تحقق الدخول بالوطي في الدبر بإمكان وصول مائه منه إلى فرجها ، ومن ثمّ اعتدوا بالدخول في القبل وان لم ينزل ، وعن الفوائد والتحرير عدم الاعتبار بالدبر ومال إليه جماعة.

وصرح جماعة كما في المسالك وشرح النافع انّه يلحق بالوطي دخول المني المحترم في الفرج ، فيلحق به الولد وتعتدّ بوضعه ، وكذا مدخولة الخصي كما هو ظاهر كلام الأصحاب والمسالك وان لم ينزل.

فحينئذ يقع الكلام في انّ موضوع القاعدة هل هو كل مباشرة ولمس يحتمل منه دخول الماء ؟ أم لابد من الدخول أو ما هو بحكمه ، أم يفصل بين ظهور الحمل فيكفي فيه مجرد الاحتمال وعدمه ، لكن هذا التفصيل ضعيف ، لانّ النسبة بعد ظهور الحمل واللحوق للولد مبني على قاعدة الفراش ، ومنه يظهر ان الموضوع في قاعدة الفراش أوسع منه في باب العدّة ، نعم في موارد قاعدة الفراش مع ظهور الحمل يتم موضوع العدّة ، وبعبارة أخرى انّ اطلاق تعليلهم بامكان الانزال بوجوب العدّة مع ظهور الحمل قاض بانّ موضوع قاعدة الفراش كل مباشرة قريبة يحتمل منها وصول مائه إلى باطن فرجها ، وعن العامة تغيير الفراش بحلية الوطي وان لم يفترشها فعلا فإنه يلحق به الولد.

وأما الروايات الواردة في المقام:

1- رواية أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي ( عليهم السلام ) قال : جاء رجل إلى رسول الله ( ص ) فقال : كنت أعزل عن جارية لي فجاءت بولد فقال ( ع ) : ان الوكاء قد ينفلت فألحق به الولد)) (14)

وغاية مفاد هذه الرواية هو كفاية احتمال الانزال مع الجماع وان كان ضعيفاً جدا ما دام قد تحقق الايلاج.

2- رواية أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه ( عليهم السلام ) ان رجلا اتى علي بن أبي طالب ( ع ) فقال : ان امرأتي هذه حامل وهي جارية حدثة وهي عذراء وهي حامل في تسعة أشهر ولا اعلم الا خيراً وأنا شيخ كبير ما افترعتها ، وأنها لعلى حالها ، فقال له علي ( ع ) : نشدتك الله هل كنت تُهرِيق على فرجها ؟ قال: نعم . فقال علي (ع): ان لكل فرج ثقبين، ثقب يدخل فيه ماء الرجل، وثقب يخرج منه البول، وان أفواه الرحم تحت الثقب الذي يدخل فيه ماء الرجل، فإذا دخل الماء في فم واحد من أفواه الرحم حملت المرأة بالولد، وإذا دخل من اثنين حملت باثنين، وإذا دخل من ثلاثة حملت بثلاثة، وإذا دخل من أربع حملت بأربعة، وليس هناك غير ذلك، وقد ألحقت بك ولدها فشق عنها القوابل، فجاءت بغلام فعاش)) (15).

وطريق هذه الرواية والتي قبلها عن الحميري في قرب الإسناد عن السندي بن محمد عن أبي البختري ، والسندي بن محمد هو أبان بن محمد البجلي وهو من أصحاب الهادي الثقة الجليل ، وروى هذه الرواية المفيد في الارشاد قائلًا : روى نقله الآثار من العامة والخاصة ثم ذكر الرواية ، الا أن فيها قول الرجل الشيخ الكبير : قد كنت انزل الماء في قبلها من غير الوصول إليها بالاقتضاض.

ومفاد هذه الرواية تحقق موضوع القاعدة بإراقة الماء على الفرج ، وهو موجب لقرب احتمال دخول الماء في رحم المرأة ، وامكان نشوء الحمل ، وان لم يكف هذا المقدار من الاحتمال في لزوم العدّة ، ما لم يصل إلى درجة العلم بدخول الماء.

3- رواية أبي طاهر البلالي قال : كتب جعفر بن حمدان فخرجت اليه هذه المسائل : استحللت بجارية وشرطت عليها ان لا اطلب ولدها ولم ألزمها منزلي فلما أتى لذلك مدة قالت لي : قد حبلت ، ثم اتت بولد فلم أنكره - إلى أن قال : فخرج جوابها يعني من صاحب الزمان ( ع ) : وأما الرجل الذي استحل بالجارية وشرط ان لا يطلب ولدها فسبحان من لا شريك له في قدرته شرطه على الجارية شرط على الله ، هذا ما لا يُؤمن أن يكون وحيث عرض له في هذا الشك وليس يعرف الوقت الذي اتاها فليس ذلك بموجب للبراءة من ولده (16).

ومفاد هذه الرواية صريح في كون موضوع القاعدة مجرد الدخول من دون شرطية العلم بالمدّة ، أولك أن تقول بشرطية عدم العلم بانتهاء المدة.

4- وقريب منها موثق سعيد الأعرج عن أبي عبد الله ( ع ) قال : قلت له : الرجل يتزوج المرأة ليست بمأمونة ، تدّعي الحمل ، قال : ليصبر ؛ لقول رسول الله ( ص ) : الولد للفراش وللعاهر الحجر (17).

وتقريب هذا الموثق كما تقدم في الرواية السابقة حيث إن الإسترابة تشمل في العادة موارد احراز الدخول مع الشك في المدّة.

 5- صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( ع ) قال : سأله أبي وأنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه ، فلم يمسّها ولم يصل إليها حتى طلقها هل عليها عدّة منه ، فقال : انما العدّة من الماء ، قيل له فإن كان قد واقعها في الفرج ولم ينزل ، فقال : إذا ادخله أوجب الغسل والمهر والعدّة (18).

ومفاد هذه الصحيحة ان الدخول موجب للعدّة وان لم ينزل ، وموضوعها مشترك مع قاعدة الفراش ، كما أن مفادها سببية الماء للعدّة ، وكذلك بالنسبة لقاعدة الفراش غاية الأمر ان التقدير في تركيب الجملة هو دخول الماء في الفرج ، ولكن قد يقدر إراقة الماء على الفرج ، بتقريب ان الراوي لم يفرض في سؤاله عدم المسّ فقط ، بل فرض عدم وصوله إليها أيضاً ، وهو يناسب مطلق عدم المباشرة ، وحينئذ يمكن تقدير سببية إراقة الماء على الفرج أو على فمه في العدّة.

6- وموثقة إسحاق بن عمار عن أبي الحسن ( ع ) قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها فيغلق عليها باباً ويرخي عليها ستراً ، ويزعم أنه لم يمسّها وتصدقه هي بذلك عليها عدّة ؟ قال : لا ، قلت : فإنه شيء دون شيء ، قال : ان اخرج الماء اعتدّت ، يعني إذا كانا مأمونين صدقاً (19).

قال المجلسي في مرآة العقول في شرح الحديث : قوله: (فإنه شيء دون شيء) أي فيه تفصيل وتخصيص أو المعنى انه ادخل بعض الذكر ولم يدخل كله فيكون الانزال كناية عن غيبوية الحشفة ، والأظهر انه أراد (بالشيء دون الشيء) أي إلصاق الذكر بالفرج ، أو ادخال أقل من الحشفة ؟ والجواب انه مع الانزال احتمل دخول الماء في الرحم فيجب عليها العدّة وتستحق المهر لكن لم أرى بهذا التفصيل قائل.

 (إذا كانا مأمونين ) وقوله:

الظاهر أنه كلام الكليني كما عرفت ، وجمع بين الاخبار بالتهمة كما فعله الشيخ ، ويمكن حمل اخبار اللزوم على التقية (20).

أقول: الحمل على التقية ضعيف لتصريح صدر الرواية بنفي العدّة مع عدم الدخول ، فالأظهر ان موضوع وجوب العدّة بحسب مفاد الموثق هو إراقة الماء على الفرج أو في فم الفرج.

7- صحيحة أبي مريم الأنصاري قال : سألت أبا جعفر ( ع ) عن رجل قال : يوم آتي فلانة اطلب ولدها فهي حرّة بعد ان يأتيها أله أن يأتيها ولا ينزل فيها ؟ فقال : إذا أتاها فقد طلب ولدها (21). وهي كالنص في كون الدخول من دون انزال محقق لموضوع قاعدة الفراش.

8- صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سأل رجل الرضا ( ع ) - وأنا أسمع - عن الرجل يتزوج المرأة متعة ويشترط عليها ان لا يطلب ولدها فتأتي بعد ذلك بولد فينكر الولد ؟ فشدّد في ذلك وقال : يجحد ! وكيف يجحد ؟ اعظاما لذلك ، قال الرجل : فإن اتهمها ؟ قال : لا ينبغي لك أن تتزوج الّا مأمونة (22).

وتقريب الدلالة فيها كالسابقة.

والحاصل ممّا تقدم ان قاعدة الفراش موضوعها أوسع من موضوع العدّة ، نعم مع ظهور الحمل فيحرز موضوع العدّة أيضاً ويتطابق مع موضوع قاعدة الفراش ، والأظهر فيه مطلق الدخول قبلا أو دبراً وان لم ينزل ، بل وان لم يكن بمقدار الحشفة ، وكذا لو انزل على فم الفرج ، فضلا عن ما عُلم دخول الماء في الفرج ، وعلى ذلك فقد يقرر تضييق موضوع العدّة عن موضوع الفراش بأنه الدخول للذكر أو الماء ، بخلاف قاعدة الفراش فإنه يكفي فيها إراقة الماء على الفرج أو عنده ، نعم لو ظهر الحمل تحقق موضوع العدة بضميمة موضوع قاعدة الفراش.

9- ومعتبرة أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد الله ( ع ) عن رجل تزوج امرأة فلم تلبث بعد ما أهديت إليه الّا أربعة أشهر حتى ولدت جارية فأنكر ولدها ، وزعمت هي أنها حبلت منه ، فقال : لا يقبل ذلك منها وان ترافعا إلى السلطان تلاعنا (23).

وهي دالة على أن أقل الحمل ستة أشهر ، إلا انّه مع نزاع الزوجين في المدّة لا ينتفي الولد إلا بالتلاعن ، ومقتضى ذلك‌ ان قاعدة الفراش تقتضي نسبة الولد إليه ولا ينتفي عنه إلّا باللعان وهذا مما يعني ان قاعدة الفراش تجري بمجرد احراز الدخول ، ولا يشترط في جريانها احراز المدّة ، نعم لا تجري مع احراز انتفاء المدّة ، ولا يخفى ان العامة على ما حكي لا يختلفون معنا في مقدار أدنى الحمل وهو ستة أشهر ، فاحتياج نفي الولد عند قاضي العامة إلى اللعان دال على أن الفرض في الشق الثاني في الرواية كون النزاع في المدّة لا انّ المرأة تقرّ على نفسها ان المدّة أربعة أشهر.

الأمر الخامس: تحديد مدّة الحمل قلّة وكثرة:

أي تحديد أدنى الحمل وأقصاه.

أما تحديد أدنى الحمل بستة أشهر فقد ذهب اليه المشهور ، لكن في المقنعة وعن الطوسي التخيير بين النفي والاقرار لدون الستة ، غير انّه ان نفاه وخاصمته المرأة في زمان الحمل كان عليه ملاعنتها (24) ، ومقتضى كلامهما ان قاعدة الفراش جارية بمجرد الدخول ، وان لم تحرز المدة فتتحقق نسبة الولد ولا ينتفي الّا باللعان ، والظاهر إرادة المشهور في كون أدنى الحمل ستة أشهر فيما لو أتت بالولد حيّاً سويّاً ، وإلّا لو أتت به ناقص الخلقة ميتاً لدون تلك المدّة فلا ينتفي عنه ، وأما أقصى الحمل فعن المشهور انّه تسعة أشهر ، وعن المبسوط انه عشرة أشهر ، واستحسنه في الشرائع واختاره العلامة في أكثر كتبه ، والفاضل التوني ، أو أنّه سنة كما عن الانتصار ، وأبي الصلاح والمختلف وشرح النافع ، وعن ابن زهرة ان الزيادة إلى سنة لنفي الريبة في الحساب ، واحتمل في الجواهر ان الزيادة تعبدا للعدّة ، أو انّ أدلته لنفي ما زاد على السنة ، أو لعزم الطلاق مع استرابة الحيضة والحمل ، ويظهر من المفيد في المقنعة ان الزيادة هي لالتباس الحمل على كثير من الناس ، وان من النساء من يرتفع حيضهن قبل حملهن لعارض مدّة من الزمان فيظن ان ذلك من أيام الحمل.

وحكى السيد في الانتصار عن الشافعي ان أكثر الحمل لديه أربع سنوات ، وحكى ذلك ابن قدامة عن الشافعي أيضاً ، وقال : وهو المشهور عن مالك وقال إن ظاهر المذهب لديهم - أي لدى الحنابلة - ان أقصى مدة الحمل أربع سنين ، وانّه روي عن أحمد ان أقصى مدته سنتان وكذلك عن عائشة والثوري وأبو حنيفة ، وان الضحاك بن مزاحم وحرم بن حيان وهما من فقهائهم حملت أم كل واحد منهما به سنتين ، وعن ليث ثلاث سنين ، وعن عباد بن العوام خمس سنين ، وعن الزهري ست أو سبع سنين ، وعن أبي عبيدة ليس لاقصاه وقت يوقف عليه (25).

وحكى السيد المرتضى في رسائله عن العامة وفاقهم معنا في أقل الحمل ، وهذا هو ظاهر المغني فيما حكاه من أقوالهم (26).

ولا يخفى ان اختلافهم في أقصى مدّة الحمل إلى هذا التحديد من السنين سبّب لغط كبير لديهم - لا سيما في هذه الاعصار - وتداعياته في الفتن الاجتماعية كثيرة حيث يقول أحد المعاصرين منهم انه قد بني على الخلاف في أطول مدة الحمل شرّ عظيم ومنه ارتكاب الفحشاء من بعض النساء بعد وفاة أزواجهن وحملهنّ منهم وادعاء ان ذلك كان من أزواجهن ، ولو فعلن ذلك بعد موتهم بسنوات على اعتبار القول بطول مدّة الحمل وأنها قد تصل إلى خمس سنوات بل أكثر ، ومن ثمّ لجأ ابن حزم إلى ردّ هذه الأقوال بانّ مستنداتها أخبار تروى عن نساء وهي اخبار مكذوبة راجعة إلى من لا يصدق ولا يعرف من هو.

أقول : كيف ينسجم كلامهم هذا وكلام جملة من المعاصرين مع أنهم قد رووا التحديد بمدّة سنتين عن عائشة كما مرّت الإشارة إلى أقوالهم.

والروايات الواردة في المقام على ألسن وطوائف:

الطائفة الأولى: ما دل على أقل الحمل ستة أشهر:

1- كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله ( ع ) قال : إذا كان للرجل منكم الجارية يطؤها فيعتقها فاعتدّت ونكحت فان وضعت لخمسة أشهر فإنه لمولاها الذي اعتقها ، وان وضعت بعد ما تزوجت لستة أشهر فانّه لزوجها الأخير (27).

وتفصيله ( ع ) في نسبة الولد لمولاها السابق ، أو لزوجها بعد العتق جعل المدار فيه الستة أشهر.

2- صحيحة عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله ( ع ) قال : كان بين الحسن والحسين طهر ، وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشراً (28).

3-  ومرفوعة محمد بن يحيى إلى أبي عبد الله ( ع ) قال : قال أمير المؤمنين ( ع ) : لاتلد المرأة لأقل من ستة أشهر (29).

4- وفي معتبرة أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبد الله ( ع ) عن رجل تزوج امرأة فلم تلبث بعد ما أهديت إليه الّا أربعة أشهر حتى ولدت جارية فأنكر ولدها ، وزعمت هي أنها حبلت منه ، فقال : لا يقبل ذلك منها وان ترافعا إلى السلطان تلاعنا (30)، وقد تقدم تقريب الرواية.

5- والصحيح إلى ابن أبي نصر عمن رواه عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عن الرجل إذا طلق امرأته ثم نكحت وقد اعتدّت ووضعت لخمسة أشهر فهو للأوّل ، وان كان ولد انقص من ستة أشهر فلأمه وأبيه الاوّل ، وان ولدت لستة أشهر فهو للأخير (31).

6- ومثلها صحيح جميل بن دراج (32)

والحاصل ان هذه المسألة وفاقية بين الفريقين فضلا عن الامامية ، ووجه الوفاق فيها ما روته العامة والخاصة من كلام أمير المؤمنين ( ع ) في الرد على عمر حينما أوتي بامرأة وقد ولدت لستة أشهر فهمّ برجمها فقال له أمير المؤمنين (ع) : ان خاصمتك بكتاب الله خصمتك ، انّ الله تعالى يقول: ((وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)) (33) ويقول: ((وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ)) (34) فإذا اتمّت المرأة الرضاعة السنتين وكان حمله وفصاله ثلاثين شهراً ، كان الحمل منها ستة أشهر فخلّ عمر سبيل المرأة (35).

الطائفة الثانية: ما دل على أن أقصى الحمل تسعة أشهر:

1- المعتبر إلى عبد الرحمن بن سيابة عمن حدثه عن أبي جعفر ( ع ) قال : سألته عن غاية الحمل بالولد في بطن أمه كم هو ؟ فانّ الناس يقولون ربما بقي في بطنها سنتين ( سنين ) فقال كذبوا ، أقصى مدّة الحمل تسعة أشهر ، ولا يزيد لحظة ، ولو زاد ساعة [لحظة] لقتل أمه قبل أن يخرج (36).

2- ما استفيض عن محمد بن حكيم عن أبي عبد الله أو أبي الحسن في حديث قال : قلت فإنها ادّعت الحبل بعد تسعة أشهر قال : انما الحمل [ الحبل ] تسعة أشهر(37).

3- الصحيح إلى وهب عن أبي عبد الله ( ع ) قال : قال أمير المؤمنين ( ع ) : يعيش الولد لستة أشهر ولسبعة أشهر وتسعة أشهر ولا يعيش لثمانية أشهر (38).

3- رواية أبان عن رجل عن أبي عبد الله ( ع ) قال : ان مريم حملت تسع ساعات كل ساعة شهر (39).

5- مصححة أبي حمزة عن أبي جعفر ( ع ) عن خلق الانسان ومراحل تكونه إلى أن قال (ع) فذلك تسعة أشهر ، ثم تُطلُق المرأة (40) الحديث:

الطائفة الثالثة: مادلّ على أن أقصى الحمل يزيد على التسعة كعشرة أشهر والسنّة:

1- كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سمعت أبا إبراهيم ( ع ) يقول : إذا طلّق الرجل امرأته فادعت حبلًا انتظر بها تسعة أشهر فان ولدت وإلّا اعتدّت بثلاثة أشهر ثم قد بانت منه (41).

بتقريب ان زيادة ثلاثة أشهر هي لاقصى الحمل ، ولكن قد يخدش في الدلالة بان التعبير بالاعتداد يناسب مدة الاسترابة ، ولعل المراد من الريبة في المقام هو بلحاظ مبدأ حساب الحمل كما يقع كثيراً لدى النساء ، وعلى هذا التقدير لا تكون السنة حدّ بحسب الواقع والثبوت وانما هو حدّ اماري في الظاهر ، والثمرة والفرق بين الوجهين يزول في موارد الشك والتي هي الغالب ، لكنه يظهر في موارد العلم كما لو علم انّه لم يجامع امرأته مدّة اثنا عشر شهراً وقد اتت بالولد في رأس السنة ، وربما يعضد هذا الحمل لمفاد الصحيحة بما في الرواية المستفيضة عن محمد بن حكيم عن أبي عبد الله أو عن أبي الحسن ( ع ) في حديث قال : قلت: فإنها ادعت الحبل بعد التسعة أشهر قال : انما الحمل تسعة أشهر ، قلت : تزوج قال : تحتاط بثلاثة أشهر قلت : ان ادّعت بعد ثلاثة أشهر قال : لا ريب عليها ، تزوج ان شاءت (42).

والمقصود من الادعاء الثاني ادعاء الحمل أيضاً ، كما في الطريق الآخر للرواية نفسها  ((قلت: فان ارتابت بعد ثلاثة أشهر ؟ قال : ليس عليها ريبة ، تزوج)) ، وفي طريق آخر للرواية أيضاً : قال قلت له : رجل طلق امرأته فلمّا مضت ثلاثة أشهر ادّعت حبلًا قال : ينتظر بها تسعة أشهر ، قال : قلت : فإنها ادعت بعد ذلك حَبْلًا قال : هيهات هيهات ، إنما يرتفع الطمث من ضربين : اما حملا بيّن ، واما فساد من الطمث ، ولنكها تحتاط بثلاثة أشهر بعد (43) الحديث.

والاحتياط ظاهر بقوة في كون الحكم بالسنة وبزيادة الثلاثة أشهر على التسعة ظاهراً لا واقعياً.

هذا ويحتمل في تفسير الريبة في روايات السنة انه ريبة في حليّة زواجها بالثاني ، لان الحمل من النمط الطويل مقداره اثنا عشر شهراً لا انّ الريبة في مبدأ حساب الحمل ، والقرينة على ذلك ترتيب الأمر وجواز التزويج بالثاني بعد نفي الريبة ، فكان اسناد الريبة مضافاً إلى حلّية الزواج المعلق على وجود الحمل واستطالة مدته ، ويؤيد ذلك ان حدود الحمل التي تقع تارة ستة أشهر ، أو سبعة ، أو ثمانية أو تسعة ، أو عشرة أشهر مما يدل على عدم كون التسعة اشهر حداً دائمياً كلياً ، وانما هو حدّ غالبي ، فيمتد إلى اثنا عشرة شهراً ، ولا يخفى الفرق بين التفسيرين والاحتمالين ، فانّه في فرض الشك يتفقان على الامتداد إلى اثنتا عشرة شهراً بخلاف مورد العلم ، كما لو كان قد علم آخر وطي دخل بها ثم سافر عنها أو تركها مدّة تزيد عن احدى عشرة شهراً فإنه على الاوّل لا ينتسب الولد اليه ، بخلاف الحال على الثاني.

3- خبر غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي ( عليهم السلام ) قال: أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر ، وأكثر ما تحمل لسنة (44)

وفي بعض النسخ ( لسنتين ) بدل السنة.

قال في الوافي في بيان الحديث في بعض النسخ : ( وأكثر ما تحمل لسنتين ) فان صحّ فلعله ورد على التقية ) (45) والظاهر أن نسخ الفقيه مختلفة ، والظاهر أن نسخة الوسائل هي

(لسنتين) لقوله بعد الحديث : ( هذا محمول على التقية).

4- الصحيح إلى حريز عمن ذكره عن أحدهما (ع) في قول الله عَزَّ وَجَلَّ: ((يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ)) (46).

قال : الغيض كل حمل دون تسعة أشهر ، وماتزداد : كل شيء يزداد على تسعة أشهر ، فلما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنها تزداد بعدد الأيام التي رأت فيحملها من الدم (47).

وفي تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عن أبي عبد الله ( ع ) في قوله تعالى : ((ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى)) يعني الذكر والأنثى ((وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ)) قال : الغيض ما كان أقل من الحمل ( وَما تَزْدادُ ) ما زاد على الحمل فهو مكان ما رأت من الدم في حملها (48).

وروى أيضاً عن زرارة عن أبي عبد الله ( ع ) في قول الله تعالى : يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ ما كان دون التسعة فهو غيض ( وَما تَزْدادُ ) قال : ما رأت الدم في حالة حملها ازداد به على التسعة الأشهر ، ان كانت رأت الدم خمسة أيام أو أقل أو أكثر زاد ذلك التسعة الأشهر (49)

أقول : مفاد هذه الروايات غايته زيادة الحمل على التسعة بمقدار عشرة أشهر فلا دلالة لها على السنة ، نعم اطلاق الآية (50) يمكن التمسك به إلى سنة لا الأكثر من ذلك كما في أقوال العامة كالسنتين والثلاثة ، فان ذلك لا يعد زيادة على الأصل وهو التسعة أشهر ، إذ ظاهر الزيادة أن تكون تبعية كالهامش لا ما يضاهي الأصل أو يتضاعف عليه باضعاف.

ثم إن التعليل الوارد في هذه الروايات عن سبب الزيادة بما رأت من دم الحيض في الحمل يتناسب مع ما تقدم في روايات العدّة أنها ينتظر بها إلى سنة مع ادعائها الحبل لنفي الريبة.

والمحكي عن الأطباء وأهل الاختصاص ان للحمل موعد معتاد وهو التسعة أشهر ولا يتأخر الا بمقدار أسبوعين أو ثلاثة غالباً فتتأخر الولادات إلى (39 و 41) أسبوعاً وإذا تأخرت عن الأسبوع ( 42 ) أصبح الجنين في خطر لان الجنين يعتمد على المشيمة في غذائه فإذا بلغ الموعد ضعفت المشيمة عن امداد الجنين بالغذاء ، ومن النادر ان يبقى حيا في الرحم ( 45) اسبوعاً ، والاستيعاب النادر والشاذ تمدد المدّة إلى أسبوعين آخرين فتصبح ( 47) اسبوعاً أي ( 330 يوم ) (49).

وبذلك يتطابق قولهم مع التحديد بسنة كأقصى مدّة للحمل مع الطائفة الأخيرة ، ويكون وجه الجمع بينها وبين الطوائف السابقة الدالة على التحديد بالتسعة هو بحملها على الغالب المعتاد وانّ ما يزيد على ذلك إلى سنة هو الشاذ النادر ، أو على موارد الشك والاسترابة في تحديد مبدأ الحمل ، كما يحصل كثيراً عند النساء . ثم هل تحمل هذه السنة في الروايات وكلمات الأصحاب على القمرية أو على الشمسية ؟

الظاهر هو الأوّل كما هو مقتضى الظهور الأولي في تحديدات الشرع الّا ان تقوم قرينة خاصة على خلاف ذلك ، كما انّ الذي مرّ من كلمات أهل الاختصاص في تحديد أقصى المدّة يتطابق مع القمرية دون الشمسية وان صرحوا هم بالسنة الشمسية ، نعم قد مرّت الإشارة ان تحديد المبدأ كثيراً ما يقع فيه الاشتباه والخطأ ، فلابد من الالتفات والتدقيق في ذلك لأن لا يقدم على نفي النسب بسبب الاشتباه لا سيما وان المدار بحسب الحكم الظاهري في نسبة الولد واجراء قاعدة الفراش هي على مجرد الدخول ، واحراز المدّة ليس شرطاً وانما احراز انتفائها مانع.

الأمر السادس: قد ذهب بعض اعلام العصر إلى الاشكال في تحقق الفراش بمجرد دخول المني بعلاج وآلات كالانبوب والابرة والحقن بالإبرة ، وكأنّ وجهه خروج مثل هذه الموارد عن الموارد المنصوصة ، نعم يلحق به مع القطع بالنسبة كما لا يجوز نفيه له لانّ النفي انما يجوز مع العلم بالانتفاء لا مع الشك ، لكن الأظهر بحسب ما تقدم من الأدلة شمولها لمطلق دخول الماء ، كعموم التعليل ( انما العدة من الماء ) (51).

وكرواية المرأة التي ساحقت بكرا بعد ما جامعها زوجها فحملت البكر ، وان الولد يلحق بصاحب النطفة (52)، وكرواية الشيخ الكبير الذي كان ينزل على فرجها ، وغيرها من الموارد التي يستظهر منها عموم دخول الماء ، بل العرضية القريبة لدخوله.

__________________

(1) وسائل الشيعة ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، باب 58 .

(2) وسائل الشيعة ، أبواب اللعان ، الباب 2 ح 1.

(3) وسائل الشيعة ، أبواب المهور ، باب 55 ح 1.

(4) وسائل الشيعة ، أبواب المهور الباب 55 ح 7 و 5 .

(5) نفس الباب 55 ح 2 .

(6) نفس الباب 55 ح 4 .
(7)
وسائل الشيعة ، أبواب المهور باب 55 ح 4 .

(8) التهذيب : ج 7 ص 467 ح 1869 .

(9) وسائل الشيعة ، أبواب المهور ، باب 56 ح 1 .

(10) وسائل الشيعة ، أبواب المهور ، باب 57 ح 1 .

(11) المغني لابن قدامة : ج 8 ص 62 و 63 .

(12) الجواهر : ج 31 ص 141 - فصل المهور.

(13) الجواهر : ج 31 ص 141 - فصل المهور.

(14) أبواب أحكام الأولاد ، باب 15 ح 1 .

(15) باب أحكام الأولاد ، باب 16 ح 1 .

(16) أبواب أحكام الأولاد ، باب 19 ح 1 .

(17) كتاب اللعان ، باب لا يثبت اللعان الا بنفي الولد ، باب 19 ح 3 .
(18) أبواب المهور ، باب 54 ح 1 .

(19) أبواب المهور ، باب 56 ح 2 .

(20) مرأة العقول : ج 21 ص 188 .
(21)
أبواب مقدمات النكاح ، باب 103 ح 1 .
(22)
أبواب المتعة ، باب 33 ح 2 .

(23) أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 10 .

(24) المقنعة : ص 538 .

(25) المغني : ج 9 ص 116 .
(26)
المغني : ج 9 ص 115 .

(27) باب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 1 .
(28)
باب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 4 .
(29)
أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 8 .

(30) أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 10 .
(31) أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 11 .
(32)
أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 13 .
(33)
الأحقاف : 15 .
(34)
البقرة : 233 .
(35)
أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 9 .
(36)
أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 3 .

(37) أبواب العدد ، باب 25 ح 2 ، 4 ، 5 .
(38)
أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 2 .

(39) أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 7 .

(40) الكافي : ج 6 ص 15 كتاب العقيقة.

(41) أبواب العدد ، باب 25 ح 1 .

(42) أبواب العدد ، باب 25 ح 2 ، 4 ، 5 .

(43) أبواب العدد ، باب 25 ح 5 .

(44) أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 15 .

(45) الوافي : ج 23 ص 14 .

(46) الرعد : 8 .

(47) أبواب أحكام الأولاد ، باب 17 ح 6 .

(48) تفسير العياشي ، سورة الرعد : ج 2 ص 380 .

(49) الرعد : 8 في تفسير العياشي.

(50) الرعد : 8 .

(51) المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية : الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية ص 759 . الكويت 1687 م . وهذا هو المحكي عن القانون السوري والمصري.
(52)
أبواب المهور ، باب 54 ح 1 .











 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.