أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-15
1034
التاريخ: 25-3-2021
2187
التاريخ: 19-1-2023
1374
التاريخ: 17-5-2016
1973
|
تذكَّر وصفي لكيفية تعامل الفيزياء عمليا مع الحالة الكمية؛ إذ تتعامل معها بشكل غير متسق؛ إما باعتبارها وصفًا احتماليًّا لحالة مجهولة للنظام لكنها محددة، وإما باعتبارها وصفًا فيزيائيا لحالة النظام غير المحددة. إنَّ معظم الطرق المستخدمة لفهم ميكانيكا الكم يلتزم بنهج أو بآخر، ثم يحاول حل المفارقات الظاهرة في هذا النهج. سنبدأ بالنهج الاحتمالي.
لنتناول الإلكترون الدوار مرةً أخرى باعتباره نموذجًا للنظام الكمي؛ يمكن كتابةُ الحالة العامة للإلكترون بالصيغة التالية:
STATE> = a|UP> + b|DOWN>|
وتخبرنا قاعدة بورن للاحتمالية أنه إذا قسنا دوران الإلكترون (على طول محور ثابت كالمعتاد)، فستكون احتمالية الحصول على نتيجة «الدوران لأعلى» هي |a|2، واحتمالية الحصول على نتيجة «الدوران لأسفل» هي |b|2. ومثلما شرحت في الفصل الخامس، فإنَّ هذه القاعدة للاحتمالية لا تُعنى إلا بسعة الحد 'a' والحد 'a'، ولا تهتم بالأطوار؛ لكن الأطوار مهمة لأنها تؤثر في كيفية تطور الحالة، لا سيما في كيفية حدوث التداخل. على الرغم من ذلك، توجد طريقة للتوصل إلى هذه الأطوار عبر القياس، ما دمنا نتذكر أنه يمكن قياس أكثر من شيء واحد. لنفترض أننا بدلا من ذلك نقيس الدوران على طول محور جديد بزاوية قائمة إلى المحور القديم (ولنقُل إن المحور القديم هو المحور z والمحور الجديد هو المحور x). عندئذٍ تنصُّ قوانين نظرية الكم أن هذه الحالة نفسها يمكن كتابتها بالصيغة التالية:
|STATE> = (a + b) /√2|UP; x> + (a – b) /√2|DOWN; x>
ومن ثم فإن احتمالية الحصول على النتيجة «الدوران لأعلى» بناءً على قياس المحور x تساوي (2|a+b|2/)، وهذه النتيجة لا تعتمد على سعة a وb فحسب، بل على أطوارهما أيضًا. (وهنا، فإن الحالة |UP; x> والحالة <DOWN; x| هما حالتا الدوران لأعلى أو لأسفل بالنسبة إلى المحور الجديد). وبناءً على هذا، ينبغي ألَّا تُعتبر الأطوار أنها تحمل معلومات ديناميكية وحسب، بل تحمل معلومات عن نتائج القياسات الأخرى.
(ليس هذان التفسيران سوى وجهين للعملة نفسها في واقع الأمر. تتمثل إحدى طرق قياس الدوران على المحور x في تدوير النظام بمقدار 90 درجة، بحيث يتحول المحور x إلى المحور z، ثم قياس الدوران على المحور z. فالقدرة على إجراء قياس بالنسبة إلى أي محورٍ تُعادل القدرة على تطبيق تحويلات ديناميكية عشوائية على نظام ما، ثم إجراء قياسات بالنسبة إلى محور ثابت.)
كل هذا يعمم على اتجاهات القياس الأخرى، وعلى غير ذلك من الأنظمة الكمية بالطبع. وليس من الصعب إثبات ذلك إذا توفرت لدينا احتمالات كل نتيجة لكل قياس يمكن إجراؤه على نظام ما؛ إذ سيصبح هذا كافيًا للتوصل إلى الحالة الكمية الكاملة.
ما الذي يلزم أيضًا لفهم الحالة الكمية وفقًا للتفسير الاحتمالي؟ كلٌّ ما يستلزمه الأمر هو ما يلي: تعيين خصائص فعلية للنظام تُمكِّننا من فَهم القياسات الكمية، باعتبارها تقارير غير فاعلة لماهية هذه الخصائص، وفَهم الحالة الكمية باعتبار أنها تحدد احتمالية أن النظام يحتوي على مجموعة محدّدة من الخصائص. (هذا ما توفره لنا الميكانيكا الكلاسيكية الإحصائية: الخصائص الأساسية الكامنة هي السرعات المتجهة للجسيمات التي يتكون منها النظام ومواضعها الفعلية؛ أما الاحتمالات الإحصائية فهي تشفّر مدى احتمالية أن يكون لهذه المواضع والسرعات المتجهة أي قيمة محددة.)
أن التداخل يبدو وكأنه يمنع حدوث ذلك بأي شكل مباشر: لا يمكن أن يوجد الفوتون في قناة أو أخرى؛ لأن هذا لا يفسّر التداخل، ولا يمكن للفوتون أن ينتشر عبر القناتين؛ لأن هذا لا يُفسِّر السبب في أننا نقيسه دومًا في قناة واحدة دون الأخرى. الحق أنه يمكن صَقْل هذه الحجة لتزداد دقتها. فحتى الآن، أدَّت النتائج الرياضية القوية – مبرهنة كوخن-سبيكر، ومبرهنة جليسون، ومبرهنة بيوسي - باريت-رودولف – إلى إقناع كلٌّ من المنخرطين في المجال (تقريبًا) بأن هذه الاستراتيجية غير محتملة. (وتخبرنا متباينة بيل أن أي استراتيجية من هذه النوعية لا بد أن تتضمن تفاعلات أسرع من الضوء).
على الرغم من ذلك، توجد استراتيجية بديلة: تمسك بفكرة أن الحالة الكمية تفهم من حيث احتمالات النتائج المتنوعة للقياس، لكن تخلَّ عن فكرة أن نتائج القياس تلك هي تقارير بشأن الخصائص الموجودة مسبقًا التي يتضمنها النظام. ومن هذا المنظور، تُعد الحالة الكمية أداةً رياضية تُستخدم لتلخيص ما يحدث، عندما بـ يجري علماء الفيزياء عمليات متنوعة في المختبر؛ ومن ثم فإنَّ أي محاولة لفهم هذه العمليات باعتبارها قياسات لواقع ضمني، أو لفهم نظرية الكم باعتبارها وصفًا للعالم في حد ذاته وليس باعتبارها محض خوارزمية للتنبؤ بنتائج القياس، تُنحَّى جانبًا.
إنَّ هذا النهج لفَهم ميكانيكا الكم من تنويعات مذهب الذرائعية، وهو أحد مناهج فلسفة العلوم التي تناولناها في الفصل الأول؛ وهو يقضي بألا نرى ميكانيكا الكم باعتبارها وصفًا للعالم، بل أداة لوصف نتائج التجار-ب. وفي النهج الذرائعية، فإنَّ الأسئلة بشأن ما يفعله النظام في أثناء عدم قياسنا له، على غرار السؤال عما تفعله قطة شرودنجر المسكينة حين نفتح الصندوق الذي تُوجد فيه، تُنحَّى جانبًا بوصفها أسئلة عديمة الجدوى؛ فنحن لا نطرحها إلا إذا لم نفهم ماهية نظرية ميكانيكا الكم.
توجد مثل هذه الاقتراحات فيما يتعلق بنظرية الكم منذ عشرينيات القرن العشرين (فقد كان نيلز بور وفيرنر هايزنبرغ مؤيدين لها بدرجات متفاوتة، وهما من مؤسسي عالم الكم)، وهي لا تزال رائجة في بعض أوساط مجتمع علم الفيزياء. غير أنَّ الغالبية العظمى من الفلاسفة متشككون بشأنها؛ نظرًا للمشكلات التي ينطوي عليها مذهب الذرائعية، ؛ إذ إنه يقوم على الفصل بين الجزء «الرصدي» من النظرية (الذي تقدّم فيه النظرية بالفعل مزاعم ذات مغزى) والجزء «النظري» (وهو ليس سوى أداة تساعدنا في تحليل الجزء الرصدي)، وذلك الفصل لا يتطابق مع الفيزياء على حد فهمنا لها.
في السياق المحدد لميكانيكا الكم، تتمثل المشكلة في أن أجهزة القياس الكمي ليست صناديق سوداء، بعثرتها في ربوع الصحراء كائنات فضائية خيرة أو آلهة. وإنما هي أجهزة مادية معقدة صُمِّمَت كي تتفاعل بطرق معقدة، وهي نفسها تعتمد على مبادئ ميكانيكا الكم. ونحن لا نستطيع فهم ماهية جهاز القياس ولا ما يقيسه، أو حتى ما إذا كان يقيس أي شيء على الإطلاق، ما لم نفهم كيفية عمله؛ وفي هذه الحالة، فإننا بحاجة إلى طريقة لفهم ميكانيكا الكم؛ كي نتمكن من ذلك، وينبغي ألا تستلزم «طريقة الفهم» تلك معرفتنا بماهية أجهزة القياس؛ لأنَّ ذلك سيكون استدلالًا دائريا.
إضافة إلى ذلك، فإن العديد من تطبيقاتنا لنظرية الكم لا يتناسب تماما مع سياق المختبر ومع قياس الحالة (على الرغم من أن هذا منبثق من الاعتراض نفسه). يتعلق العديد من انتصارات نظرية الكم بتفسيراتها للخصائص العيانية للمادة – مثل السبب في توصيل المعادن للحرارة، والسبب في أنَّ الذهب يبدو بلونه الذي يبدو به، وكيفية تصرف البلورات عند تسخينها – وتلك تفسيرات لا يمكن تحليلها بسهولة عبر تنبؤات قياس منفصلة. ولمثال أكثر دراماتيكية، لنتناول التقلبات الكمية في بداية نشأة الكون التي أدت إلى توزيع المادة على أكبر النطاقات؛ إنَّ النظريات المتعلقة بهذه التقلبات قابلة للاختبار، لكن ذلك باعتبارها جزءًا من إطار نظري ومعقد لعلم الكونيات فحسب؛ ومن ثم لا توجد طريقة بسيطة للحجاج بأن عمليات رصد توزيع المجرات ليست سوى «قياس» للحالة الكمية للكون في بداية نشأته.
إنَّ هذه الاعتراضات بعيدة كل البعد عن أن تكون قاطعة؛ ونظرًا إلى أن الذرائعية كانت هي التوجه المهيمن في فلسفة العلوم قبل أقل من قرن من الزمان، فستكون عجرفة من الفلاسفة إذا كانوا واثقين تمامًا من ضرورة استبعاد النُّهج الذرائعية لميكانيكا الكم.
ولكنهم على الأقل يعطوننا أسبابًا قوية لدراسة النهج البديل؛ ألا وهو قبول الحالة الكمية باعتبارها وصفًا للخصائص الفيزيائية الخاصة بالنظام، والتوفيق بينها وبين مسألة القياس ومفارقة قطة شرودنجر.
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
بالتعاون مع العتبة العباسية مهرجان الشهادة الرابع عشر يشهد انعقاد مؤتمر العشائر في واسط
|
|
|