المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



[غزوة فتح مكة]  
  
3667   08:42 صباحاً   التاريخ: 15-11-2015
المؤلف : السيد محسن الامين
الكتاب أو المصدر : أعيان الشيعة
الجزء والصفحة : ج1,ص398-403
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-5-2017 3039
التاريخ: 12-5-2016 9340
التاريخ: 5-11-2015 3992
التاريخ: 17-5-2017 3387

تجهز رسول الله واخفى أمره أولا وقال اللهم خذ العيون والاخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها وأخذ بالانقاب أي الطرق فاوقف بكل طريق جماعة ليعرف من عبر بها وقال لهم لا تدعوا أحدا يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه ثم أخبر جماعة بمسيره إلى مكة وبقي الأمر مكتوما عن الأكثر فمن قائل يريد مكة وقائل يريد هوزان وقائل يريد ثقيفا ، فكتب حاطب ابن أبي بلتعة وكان من أهل مكة وقد شهد بدرا مع رسول الله إلى قريش يخبرهم بذلك فيمكن أن يكون قد اطلع علي جلية الأمر ويمكن أن يكون ظن ظنا ودفع الكتاب إلى امرأة سوداء وردت المدينة تستميح بها الناس وجعل لها جعلا على أن توصله إليهم فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرانها وسارت على غير الطريق فنزل الوحي على النبي بذلك فدعا عليا وقال له أن بعض أصحابي كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخبرنا وقد كنت سالت الله عز وجل أن يعمي اخبارنا عليهم والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق فخذ سيفك وألحقها وانتزع الكتاب منها وخل سبيلها ثم استدعى الزبير بن العوام فأرسله معه فادركا المرأة فسبق إليها الزبير فسألها عن الكتاب فأنكرته وحلفت انه لا شئ معها وبكت ، فقال الزبير ما أرى يا أبا الحسن معها كتابا فارجع بنا إلى رسول الله لنخبره ببراءة ساحتها فقال له علي

(عليه السلام) : يخبرني رسول الله ان معها كتابا ويأمرني بأخذه منها وتقول أنت انه لا كتاب معها ثم اخترط السيف وتقدم إليها فقال أما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنك ثم لأضربن عنقك فقالت له فاعرض بوجهك عني فاعرض بوجهه عنها فكشفت قناعها وأخرجت الكتاب من عقيصتها فاخذه علي (عليه السلام) وسار به إلى رسول الله.

واختصر الدكتور هيكل هذه القصة اختصارا قلل من ميزة علي على الزبير فيها فقال إنهما استنزلاها فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فانذرها علي ان لم تخرج الكتاب ليكشفنها ولم يذكر

سبق الزبير إليها ورجوعه وجواب علي له .

فامر النبي أن ينادي الصلاة جامعة فاجتمع الناس حتى امتلأ بهم المسجد ثم صعد المنبر والكتاب بيده وقال أيها الناس اني كنت سالت الله أن يخفي اخبارنا عن قريش وان رجلا منكم كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخبرنا فليقم صاحب الكتاب وإلا فضحه الوحي ، فلم يقم أحد ، فأعاد مقالته ثانية ، فقام حاطب بن أبي بلتعة وهو يرعد كالسعفة في يوم الريح العاصف فقال : أنا يا رسول الله صاحب الكتاب وما أحدثت نفاقا بعد إسلامي ولا شكا بعد يقيني ، فقال له رسول الله فما الذي حملك على ذلك ؟ قال إن لي أهلا بمكة وليس لي بها عشيرة فأشفقت أن تكون الدائرة لهم علينا فيكون كتابي هذا كفا لهم عن أهلي ويدا لي عندهم ولم أفعل ذلك لشك مني في الدين ، فقال عمر يا رسول الله مرني بقتله فقد نافق ، فقال انه من أهل بدر ولعل الله اطلع عليهم فغفر لهم أخرجوه من المسجد ، فجعل الناس يدفعون في ظهره حتى أخرجوه وهو يلتفت إلى النبي فامر برده وقال قد عفوت عنك فاستغفر ربك ولا تعد لمثل ما جئت فأنزل الله تعالى فيه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } [الممتحنة: 1] إلى قوله {وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا } [الممتحنة: 4] ، وبعث رسول الله إلى من حوله من العرب فمنهم من وفاه بالمدينة ومنهم من لحقه بالطريق واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وقيل غيره وخرج يوم الأربعاء لعشر ليال خلون من شهر رمضان بعد العصر في عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار ومن انضم إليهم في الطريق من الأعراب وجلهم أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع وسليم فسبعت سليم وألفت مزينة وكان المهاجرون سبعمائة ومعهم ثلاثمائة فرس والأنصار أربعة آلاف ومعهم خمسمائة فرس ومزينة ألفا وثلاثة نفر وفيها مائة فرس واسلم أربعمائة ومعها ثلاثون فرسا وجهينة ثمانمائة وقيل ألف وأربعمائة والباقي من سائر العرب تميم وقيس وأسد وغيرهم ، فلما كانب قديد عقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل ثم نزل مر الظهران عشاء فامر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار ، ولم يبلغ قريشا مسيره وهم مغتمون لما يخافون من غزوه أياهم فبعثوا أبا سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الاخبار فلما رأوا العسكر أفزعهم ، وكان العباس بن عبد المطلب قد هاجر إلى المدينة في ذلك الوقت فلقي النبي بالسقيا وهو متوجه إلى مكة فأرسل أهله وثقله إلى المدينة رجع مع النبي فلما نزل مر الظهران قال العباس يا صباح قريش والله لئن بغتها رسول الله في بلادها فدخل مكة عنوة انه لهلاك قريش آخر الدهر فجلس على بغلة رسول الله البيضاء وقال اخرج إلى الأراك لعلي أرى حطابا أو داخلا يدخل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله فيأتونه فيستأمنونه ، قال فخرجت فسمعت صوت أبي سفيان فقلت : أبا حنظلة ، فقال أبو الفضل ، قلت نعم ، قال لبيك فداك أبي وأمي ما وراءك ، قلت هذا رسول الله قد دلف إليكم بعشرة آلاف من المسلمين قال فما تأمرني قلت تركب عجز هذه البغلة فاستامن لك رسول الله والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فردفته فخرجت به اركض فكلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا عم رسول الله على بغلة رسول الله حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال : أبو سفيان ، الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ، ثم اشتد نحو النبي وركضت البغلة فسبقته فدخل على رسول الله وقال : هذا أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني أضرب عنقه ، فقلت يا رسول الله قد اجرته ، ثم جلست إلى رسول الله فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه اليوم أحد دوني ، فقال رسول الله: اذهب فقد امناه حتى تغدو به علي فلما أصبح غدا به على رسول الله فلما رآه قال ويحك يا أبا سفيان أ لم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ فقال بأبي أنت وأمي ما أوصلك وأحلمك وأكرمك والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا ، فقال أ لم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ قال اما هذه ففي النفس منها شئ ، قال العباس : فقلت له ويلك تشهد شهادة الحق قبل والله أن تضرب عنقك ، فتشهد فقال رسول الله انصرف فاحبسه عند خطم الجبل بمضيق الوادي حتى تمر عليه جنود الله ، فقلت يا رسول الله أن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا يكون في قومه ، قال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، فخرجت حتى حبسته عند خطم الجبل بمضيق الوادي فمرت عليه القبائل فيقول من هؤلاء يا

عباس ؟ فأقول سليم فيقول ما لي ولسليم فتمر به قبيلة فيقول من هؤلاء فأقول أسلم فيقول ما لي ولأسلم وتمر جهينة فيقول ما لي ولجهينة حتى مر رسول الله في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق فقال من هؤلاء يا أبا الفضل ؟ فقلت هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار ، فقال : يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ، فقلت ويحك انها النبوة فقال نعم ، فقلت إلحق الآن بقومك فحذرهم فخرج سريعا حتى أتى مكة فصرخ في المسجد يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به قالوا فمه قال من دخل داري فهو آمن قالوا وما تغني عنا دارك قال ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق عليه بابه

فهو آمن ، فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة أم معاوية فأخذت بلحيته ونادت يا آل غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم فقال لها ويحك اسلمي وادخلي بيتك وقال لا تغرنكم هذه من أنفسكم فقد جاءكم ما لا قبل لكم به . وكان ممن لقيه في الطريق ابن

عمه واخوه من الرضاعة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب اسمه كنيته وقيل اسمه المغيرة ، وابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب عبد الله بن أبي أمية المخزومي أخو أم سلمة لأبيها فأستاذنا عليه فاعرض عنهما فقالت أم سلمة يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك ، فقال لا حاجة لي بهما اما ابن عمي فهتك عرضي وكان يهجو رسول الله، واما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال يعني قوله له : والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وأنا أنظر ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك ، فقالت له أم سلمة : لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك ، فقال أبو سفيان والله ليأذنن لي أو

لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا ، فرق لهما النبي فدخلا عليه وأسلما ، وقال علي (عليه السلام) لأبي سفيان أئت من قبل وجهه فقل له ما قال اخوه يوسف : {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 91] ، فقال له :{لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] الآية وقال أبو سفيان معتذرا مما كان منه من أبيات :

لعمرك إني يوم احمل راية * لتغلب خيل اللات خيل محمد

لكالمدلج الحيران أظلم ليله * فهذا أواني حين أهدي واهتدي

وامر رسول الله الزبير أن يدخل مكة من أعلاها فيغرز رايته بالحجون وامر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكة ونهى عن القتال الا لمن قاتلهم ودخل هومن أعلى مكة وكانت الراية مع سعد بن عبادة قال المفيد : لما أمر رسول الله سعد بن عبادة بدخول مكة بالراية غلظ على القوم وأظهر ما في نفسه من الحنق عليهم ودخل وهو يقول :

اليوم يوم الملحمة * اليوم تسبى الحرمة

فسمعها العباس فقال للنبي أما تسمع يا رسول الله ما يقول سعد واني لا آمن أن يكون له في قريش صولة فقال النبي لعلي أدرك سعدا فخذ الراية منه وكن أنت الذي تدخل بها مكة فأدركه علي (عليه السلام) فاخذها منه ولم يمتنع سعد من دفعها إليه وذكر الطبري أن سعدا قال حين وجه داخلا إلى مكة :

اليوم يوم الملحمة * اليوم تستحل الحرمة

فسمعها رجل من المهاجرين فقال يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة وما نأمن أن تكون له في قريش صولة فقال رسول الله لعلي بن أبي طالب أدركه فخذ الراية فكن أنت الذي تدخل بها . والدكتور هيكل على عادته لم يذكر دفع الراية إلى علي أصلا .

وكان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو قد جمعوا ناسا بالخندمة وهو جبل بمكة ليقاتلوا وكان حماس بن قيس من بني بكر يعد سلاحا قبل أن يدخل رسول الله مكة ويصلح منها فقالت له امرأته لما ذا تعد ما ارى ؟ قال لمحمد وأصحابه ، قالت والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شئ ، قال والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم ، فاقبل خالد بن الوليد من ناحية الخندمة فمنعوه من الدخول وناوشوه القتال وقاتلهم فانهزموا وكان حماس معهم فخرج منهزما حتى دخل بيته ثم قال لامرأته أغلقي علي بأبي قالت فأين ما كنت تقول أين الخادم ؟ فقال :

انك لو شهدت يوم الخندمة * إذ فر صفوان وفر عكرمة

وبو يزيد قائم كالمؤتمة * واستقبلتنا بالسيوف المسلمة

يقطعن كل ساعد وجمجمة * ضربا فلا تسمع الا غمغمة

لهم نهيت خلفنا وهمهمه * لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه

ودخل رسول الله مكة من ناحية كداء على ناقته القصواء بكرة يوم الجمعة واضعا رأسه الشريف على الرحل تواضعا لله تعالى ثم قال اللهم أن العيش عيش الآخرة ، فقيل له يا رسول الله ألا تنزل دارك ؟ فقال وهل أبقى عقيل لنا دارا ، ثم ضربت له قبة في الأبطح فنزل فيها ومعه زوجتاه أم سلمة وميمونة وامر بقتل جماعة ولو كانوا تحت أستار الكعبة ، قيل ستة رجال وأربع نساء وقيل أحد عشر رجلا ، فمن الرجال عبد الله بن أبي سرح كان قد أسلم فارتد مشركا ففر إلى عثمان وكان أخاه من الرضاعة فغيبه ثم أتى به رسول الله فاستامن له فصمت طويلا ثم قال نعم ، فلما انصرف به قال لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيقتله ، فقال أنصاري هلا أومات إلى قال إن النبي لا يقتل بالإشارة .

وعبد الله بن خطل كان قد أسلم فبعثه رسول اللهم صدقا وكان معه مولى مسلم يخدمه فامر المولى أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله وارتد مشركا وكان شاعرا يهجو رسول الله قتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي اشتركا في دمه والحويرث بن نقيد كان يؤذيه بمكة قتله علي بن أبي طالب ومقيس بن صبابة كان له أخ يسمى هشام قتله رجل من الأنصار خطا في غزوة ذي قرد وهو يظنه من العدو فأعطاه النبي ديته ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ورجع إلى قريش مرتدا قتله نميلة بن عبد الله رجل من قومه وعكرمة بن أبي جهل فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت عمه الحارث بن هشام فاستأمنت له رسول الله فامنه فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله فأسلم ووحشي قاتل حمزة استؤمن له فامنه وقال لا تريني وجهك فمات بحمص وكان لا يزال سكران وكعب بن زهير بن أبي سلمى كان يهجو رسول الله هرب فاستؤمن له فامنه فمدحه ببانت سعاد القصيدة المشهورة .

وهبار بن الأسود الذي روع زينب بنت رسول الله والحارث بن هشام أخو أبي جهل لأبويه وزهير بن أمية وصفوان بن أمية وهؤلاء أسلموا فعفا عنهم ومن النساء هند بنت عتبة أسلمت وبايعت وقينتان لعبد الله بن خطل فرتنا وقريبة كانتا تغنيان بهجاء رسول الله الذي يصنعه لهما فقتلت قريبة وهربت فرتنا فاستؤمن لها رسول الله فامنها فعاشت إلى خلافة عثمان .

وسارة مولاة عمرو بن هاشم بن عبد المطلب قتلت يومئذ وقيل استؤمن لها رسول الله فأوطأها رجل فرسه في خلافة عمر بالأبطح فقتلها واقبل إلى الكعبة فاستلم الحجر الأسود وطاف بالبيت على راحلته ، وعلى الكعبة وفي رواية حولها ثلاثمائة وستون صنما لكل حي من احياء العرب صنم فجعل كلما يمر بصنم منها يشير إليه بقضيب في يده ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فما أشار لصنم من ناحية وجهه الا وقع لقفاه ولا أشار لقفاه الا وقع لوجهه حتى مر عليها كلها وكان اعظمها هبل وهو تجاه الكعبة ، وفي رواية أنه جعل يطعن في عينه بقوس في يده ويقرأ هذه الآية ثم أمر به فكسر وكان المقام لاصقا بالكعبة فصلى خلفه ركعتين ثم أمر به فوضع في مكانه ثم جلس ناحية من المسجد وأرسل بلالا إلى عثمان بن طلحة أن يأتي بمفتاح  الكعبة فجاء به ففتح رسول الله باب الكعبة وصلى فيها ركعتين وخرج فاخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه فخطب الناس فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده الا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ، ثم قال يا معشر قريش ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم خلق من تراب ثم تلا {ا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13]، يا معشر قريش ويا أهل مكة ما ترون اني فاعل بكم ؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ، ثم قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء فاعتقهم وقد كان امكنه الله من رقابهم عنوة فبذلك سموا الطلقاء ، ثم دعا

بعثمان بن طلحة فرد إليه مفتاح الكعبة وقال خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم الا ظالم وانتقلت سدانة الكعبة بعد عثمان إلى أخيه شيبة ثم توارثها أولاده إلى اليوم ، وصاروا يعرفون ببني شيبة وهم من نسل طلحة بن أبي طلحة العبدري صاحب الراية يوم أحد الذي قتله أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب وكانت لأبيه عبد المطلب ثم قام بها بعد العباس ابنه عبد الله وهي أحواض من جلد يوضع فيها الماء العذب لسقاية الحاج ويطرح فيها التمر والزبيب في بعض الأوقات . وحانت صلاة الظهر فاذن بلال فوق ظهر الكعبة ، وبث السرايا إلى الأصنام التي حول مكة فكسرها ونادى مناديه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره ، وأتى الصفا يدعو الله تعالى وبذكره فقال الأنصار فيما بينهم أ ترون أن رسول الله إذ فتح الله ارضه وبلده يقيم بها ، فلما فرع من دعائه قال معاذ الله ، المحيا محياكم والممات مماتكم .

وجلس رسول الله على الصفا وقيل في المسجد يبايع الناس الرجال والنساء فيبايع الرجال على الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وعلى السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا ودخل الناس في دين الله أفواجا وجاءه رجل فأخذته الرعدة فقال هون عليك فاني

لست بملك انما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ولما فرع من بيعة الرجال بايع النساء فكانت بيعته لهن على نحوين كان يوضع بين يديه إناء فيه ماء فإذا أخذ عليهن وأعطينه غمس يده في الإناء ثم أخرجها فغمس النساء يديهن فيه وبعد ذلك كان يبايعهن بالكلام وحده فهذا مما ساوى فيه الاسلام بين الرجال والنساء في الأمور العامة المهمة وهي البيعة فقرأ عليهن ما انزل الله من شروط البيعة عليهن وقيل وضع على يده ثوبا فبايعهن على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف لا يقتلن أولادهن بوأد ولا اسقاط ولا يأتين ببهتان يفترينه بكذب يكذبنه في مولود بين أيديهن وأرجلهن فلا يلحقن بازواجهن غير أولادهم .

عن ابن عباس وكانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هذا ولدي منك فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها وليس المعنى على نهبهن أن يأتين بولد من الزنا فينسبنه إلى الأزواج لأن الشرط بنهي الزنا قد تقدم ولا يعصينك في معروف وهو جميع ما يأمرهن به لأنه لا يأمر الا بمعروف وقيل النهي عن النوح وتمزيق

الثياب وجز الشعور وشق الجيوب وخمش الوجوه والدعاء بالويل وكان في النساء هند بنت عتبة متنقبة متنكرة لخوفها ، فلما قال : على أن لا يشركن بالله شيئا ، قالت هند : والله انك لتأخذ علينا أمرا ما تأخذه على الرجال وسنؤتيكه ، فلما قال : ولا يسرقن ، قالت : إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي الا ما أخذت منه وهو لا يعلم ، فقال وانك لهند ؟ قالت : انا هند فاعف عما سلف عفا الله عنك ، فقال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ، فلما قال ولا يزنين ، قالت : أ وتزني الحرة ؟ فتبسم بعض من حضر لما كان بينه وبينها في الجاهلية ، فلما قال : ولا يقتلن أولادهن ، قالت ربيناهم صغارا وقتلتهم يوم بدر كبارا ، فلما قال : ولا يأتين ببهتان الخ قالت إن اتيان البهتان لقبيح ، فلما قال : ولا يعصينك في معروف ، قالت ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد أن نعصيك في معروف .

ولما كان الغد من يوم الفتح خطب رسول الله بعد الظهر فقال : إن الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة ولم تحل لي الا ساعة من نهار ثم رجعت كحرمتها بالأمس فليبلغ شاهدكم غائبكم ولا يحل لنا من غنائمها شئ . وهرب صفوان بن أمية إلى جدة ليركب منها إلى اليمن فقال عمير بن وهب يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه بالبحر ، فامنه صلى الله عليك ، قال هو آمن قال اعطني شيئا يعرف به أمانك فأعطاه عمامته التي دخل بها مكة فخرج بها فقال يا صفوان فداك أبي وأمي أذكرك الله في نفسك إن تهلكها فهذا أمان من رسول الله قال ويلك أغرب عني لا تكلمني قال أي صفوان فداك أبي وأمي أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمتك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك ، قال إني أخافه على نفسي قال هو أحلم من ذلك وأكرم ، فرجع به فقال صفوان لرسول الله إن هذا زعم انك آمنتني قال صدق قال فاجعلني في أمري

بالخيار شهرين قال أنت فيه بالخيار أربعة أشهر . وهذا منه نهاية الحلم وكرم الأخلاق وحسن السياسة ، ومن عمير الغاية في حسن الوساطة .

قال المفيد : وبلغ عليا (عليه السلام) ان أخته أم هانئ قد آوت أناسا من بني مخزوم أقرباء زوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب فقصد نحو دارها مقنعا بالحديد فقال اخرجوا من آويتم فجعلوا يذرقون كما تذرق الحبارى خوفا منه فخرجت إليه أم هانئ وهي لا تعرفه فقالت يا عبد الله انا أم هانئ ابنة عم رسول الله وأخت علي بن أبي طالب انصرف عن داري فقال اخرجوهم فقالت والله لأشكونك إلى رسول الله فنزع المغفر عن رأسه فعرفته فجاءت تشتد حتى التزمته وقالت فديتك حلفت لأشكونك إلى رسول الله فقال لها اذهبي فبري قسمك فإنه بأعلى الوادي قالت فجئت إليه وهو في قبة يغتسل وفاطمة تستره فلما سمع كلامي

قال مرحبا بك يا أم هانئ واهلا قلت بأبي أنت وأمي أشكو إليك اليوم ما لقيت من علي بن أبي طالب فقال قد اجرت من اجرت فقالت فاطمة انما جئت يا أم هانئ تشكين عليا في أنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله فقال رسول الله لقد شكر الله لعلي سعيه واجرت من اجارت أم هانئ لمكانها من علي (اه) وأسلمت أم هانئ وهرب زوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي إلى نجران .

وكان فتح مكة يوم الجمعة لعشر بقين من شهر رمضان .

وروى ابن سعد في الطبقات أن رسول الله أقام بمكة لما افتتحها خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين ركعتين أي يقصر الصلاة لأنه لم ينو الإقامة.

وروى الطبري بسنده قال أقام رسول الله بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة .

قال ابن سعد استعمل رسول الله على سوق مكة حين افتتحها سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية فلما أراد الخروج إلى الطائف استخلف على مكة هبيرة بن شبل الثقفي فلما رجع من الطائف وأراد الخروج إلى المدينة استعمل عتاب بن أسيد على مكة وعلى الحج وقال غيره أنه استعمله على الصلاة وجعل له كل يوم درهما وعمره إحدى وعشرون سنة ومعاذ بن جبل يعلمهم السنن والفقه .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.