أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-1-2017
2577
التاريخ: 1-2-2017
1782
التاريخ: 2024-01-21
1137
التاريخ: 21-11-2019
2106
|
عرب سورية، كعرب الجزيرة، أهلُ حضر يسكنون المدن، وأعرابٌ يقيمون بالبادية، ولم يكن في السيطرة المتتابعة التي أصابت سورية ما يتوجَّع منه أعرابها الذين لا يزالون يعتمدون في معايشهم على النهب وتربية المواشي منذ ثلاثة آلاف سنة، ونحن إذا ما استثنينا المدن نرى سورية قبضتهم بالحقيقة، فهم يهاجمون فيما وراء نهر الأردن، وفي أبواب دمشق نفسها، السياحَ والقوافل التي لم تؤدِّ إليهم الفِدَى في مقابل خَفْرها وحمايتها والسماح لها بالمرور، وتجتمع في أعراب سورية صِفَةُ الشَّره وصفةُ الكرم المتناقضتان اللتان ألمعنا إليهما فيما تقدم، ويقدِّسون الضيف ما دام نزيلَهم. ولم يَقدِر أحدٌ على إلزام أعراب سورية بترك البادية التي تعودوا العيش فيها منذ قرون، وقد رفضوا كل أرض عُرِضت عليهم ليستقروا بها، وامتنعوا عن أي عمل زراعي. ونرى في سورية، بجانب الأعراب الذين يدينون بدين محمد، قبائلَ ذاتَ شعائرَ وعقائدَ مختلفة يسهل تمييزُ بعضِها من بعضٍ؛ لعدم توالدها فيما بينها، وأهمُّها المتاولة والنصيرية والموارنة والدروز.
فالمتاولةُ: قبائلُ عربيةٌ جبلية تعيش في اعتزال، وهم من مسلمي الشيعة المتعصبين الذين يأبون تناول الطعام مع أي أجنبي كان، ونرى من أوصافهم أنهم مزيجٌ من المغول والعرب والفرس، مع أن بعض الباحثين يظن أنهم منحدرون من بعض القبائل الكردية.
والنصيريةُ: قبائل جبلية أيضًا، وهم يدينون بديانة مشتقة من الإسلام بعيدةٍ منه كلَّ البعد، ويُرى أن النصيرية من القائلين بالتناسخ، ويعبدون الشمس والقمر … إلخ.
وللموارنة: مع قربهم من السوريين، طابعٌ خاص، وهم أتباع طائفةٍ مسيحية ذاتِ عُجْب صاخبةٍ لم تكن على شيء كبير من البسالة كما أثبتت الحوادث ذلك.
والدروزُ: يُشبهون الأعراب، وتتألف منهم طائفةٌ إسلامية عاتية حرة انفصلت عن السوريين والعرب منذ قرون، وتوجد بين الدروز الشجعان ذوي الصَّولَة وموارنة لبنان عداوةٌ متأصلة.
شكل 1: مسلمتان من النوبة (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).
ويتألف من سكان مدن سورية وقراها مزيجٌ من المصريين والفنيقيين واليهود والبابليين والفرس والأغارقة والرومان والعرب والمغول والشركس والصليبيين والترك … وغيرهم من الأمم التي استولت بالتتابع على سورية كلَّها أو بعضها، ولِذا يشاهِد السائح في سورية مُثُلًا كثيرة التباين، ويتصف سكان المدن من السوريين بالذكاء ولين العريكة والمكر والمخادعة على العموم، وقديمًا نَعَت الرومانُ السوريين بأنهم وُلِدوا للعبودية، والسوريون، وقد رَضُوا بكلِّ حكم أجنبي أصابهم منذ قرون كثيرة، لم يبقَ من نشاطهم سوى منازعاتهم الدينية، وقد عُرِفوا، فيما لا يَمَسُّ عقائد الدين، بإذعانهم التام، وانقيادهم المطلق لكل ذي سلطان مما لا يتصوره أوربيُّ، ويمكن القارئ أن يقف على ذلك من القصة الآتية التي رواها مسيو دُوڨوغويه عن أوربي كان في سورية أيام القمع الذي وقع بعد ملاحم سنة 1861:
روى ضابطٌ معلمٌ أوربيٌّ كان في خدمة الترك أنه شاهد الأمر الآتي، وهو: أن أحد الجلادين الكثيرين في ذلك الوقت كاد يُتِمُّ عمل نهاره، وأن الكلَّاب كان عاليًا والكرسي واطئًا فلا يوصل إليه به، وأن مسلمًا مُسنًّا مَرَّ من هنالك راكبًا حمارًا حاملًا قطعة لحم، فأمره الجلاد بالوقوف فأطاعه فترجَّل مادًّا عنقه للشنق طائعًا ظانًّا أن أجلَه جاء، فأفهمه الجلاد أنه لم يقصِد شنقَه، وإنما يريد حماره؛ ليصعد فيه رجل محكوم عليه بالموت، ويُوضَعَ الحبلُ في عُنُقه، فلما وضع الجلاد الحبل ونَخَسَ الحمار هوى ذلك المحكوم عليه بالموت، فركب الشيخ الهَرِم حماره بعد أن حملَ قطعة اللحم لائذًا بالفرار.
وإنني أقول مكررًا: إن ذلك الإذعان لا يتجلى إلا في الأمور التي لا تَمَسُّ عقائد الدين، ولم يطرأ على الهدوء العميق الذي تتمتع به دمشق شيء من جرَّاء الاضطرابات التي وقعت حديثًا في مصر، وعَجِبْتُ من السهولة التي كان يضرب بها جندي واحدٌ جموعًا زاخرة ويدحرها لتُفَسِّح المجالَ لمرور أحد الأعيان أو السياح، ومع ذلك فقد سمعتُ في دمشق والقدس غير مرةٍ أن أقلَّ نجاح لعُرابي كان نذير قتل لنصارى سورية الذين يَحْمَرُّ الوجه خجلًا من جُبنهم، وهؤلاء النصارى هم الذين كانوا يُذْبَحون في سنة 1861 كالضأن من غير أن يُبْدُوا أقل مقاومة؛ وهم الذين يكونون، لا ريب، جُبناء أنذالًا لو حدث في سنة 1882 من الإثْخان فيهم ما كان يتوقعه الملأ.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|