أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-8-2022
1983
التاريخ: 12-7-2018
2220
التاريخ: 19-6-2016
3207
التاريخ: 23-9-2020
2414
|
سوء الظن في البيت، هذا المرض المهلك للإنسان، والمخرّب للمؤسسة الأسرية، وقد لا نجد شيئاً أكثر هدماً لبناء الأسرة من سوء الظن.
منشأ سوء الظن
ينشأ سوء الظن من الوسوسة الفكرية حينما يتسلط الشيطان على عقل الإنسان، وعندها يضحى هذا الإنسان غشاش متظاهر، منافق، وبعبارة أخرى يصبح شيطاناً إنسياً، والشيطان كثيراً ما يستخدم عقله لإيقاع الآخرين في المهالك.
قد يتسلط الشيطان على قلب الإنسان، وفي هذه الحالة ـ ومن منظار قرآني ـ يصبح القلب تابعاً للهوى والهوس، ليصبح فاسقاً فاجراً، وعلى حد القرآن الكريم يصبح عابداً ولكن للشيطان:
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس: 60].
وقد يتسلط الشيطان على قوة الخيال الإنسانية فيوسوس لها، عندها يسمى صاحبها بالوسواسي، والوسوسة على قسمين وسوسة فكرية وهي التي سنبحث فيها في هذا الفصل ووسوسة عملية وهي المعروفة بين المقدّسين الذين يُفرطون في تطهير أنفسهم، ولا يظنون أنهم تطهروا.
فإذا تسلط الشيطان على القوة الخيالية تمكن من تمرير أفكاره الباطلة إلى العقل الإنساني، وإذا ما كانت القضية مرتبطة بالعمل، ظهرت على الإنسان أعمال تدلّ على عدم اطمئنانه من نفسه، أو من الآخرين أو حتى من المياه والشجر والحيوانات.
قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام:
((الوسواس شعبة من الجنون))(1).
جاء أحدهم إلى الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام، ليُطري عنده على عقل شخصٍ آخر، وبعد أن انتهى من ذلك قال: يابن رسول الله إن نفسه توسوس له، فتبسم الإمام (عليه السلام)»! (أي إنك تقول عنه عاقل، ونفسه توسوس له! ثم قال سلام الله عليه:
(لما نزلت هذه الآية {والذين فعلوا فاحشة} صعد إبليس جبلاً بمكة يقال له: ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه، فقالوا: يا سيدنا لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية: فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: انا لها بكذا وكذا قال: لست لها فقام آخر فقال: مثل ذلك، فقال: لست لها، فقال الوسواس الخنّاس انا لها، قال: بماذا؟ قال: أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها.. (2).
علائم الوسواس
1- الضرب بالخيال:
إن للوسوسة الفكرية أخطاراً كثيرة من جملتها الضرب بالخيال حيث نرى أن البعض، وبسبب ذلك الضرب لا يرون أنفسهم أو غيرهم إلا مسيئين، لأنهم بعيدون عن رؤية الصفات الحميدة في أنفهسم وفي الآخرين كونهم يبحثون دائماً عن عيوبهم، وعيوب أصحابهم، ومجتمعهم، وهنا تكمن الخطورة.
إن الفرد الذي يشعر بالوضاعة والانحطاط لا يمكن أن يرتقي أو يسمو، والضارب في الخيال أحد الذين يشعرون بالحطّة والوضاعة، ومثل هؤلاء الأفراد كمثل الذباب الذي لا يستطيع العيش في حديقة غنّاء، لأنه يفضل ذلك في مزبلة قذرة.
وبناء على ذلك أوصي النساء خاصةً بعـدم الـولوغ في الضرب في الخيال، لأن ذلك يؤدي إلى عدم رؤية حسنات أزواجهن.
وأنتم أيها الرجال! حاولوا دائماً مراقبة حسنات نسائكم لا سيئاتهن وكونوا كالبلابل التي تحب الجلوس على الأغصان المورقة، ولا تكونوا كالذباب الذي يبحث عن القيح والجروح النازفة والمزابل القذرة.
إن الإنسان بطبيعته غير وفيّ، فلو عاش أحدكم بسعادة بالغة مع امرأة له، ثم صرخ في وجهها يوماً، تناست كل تلك الأعمال السعيدة التي عاشتها إلى جنب زوجها.
هذه المرأة التي تعمل ليلاً ونهاراً من أجل زوجها وأبنائها، ولم يظهـر منها شيء سيء على مدى سنين طوال إذا امتنعت يـومـاً عن تنفيذ إرادة لزوجها، نسي كل شيء وأمسك بهذا الامتناع فقط، وعندها تراه يتغير ويغدو كالسبع الضاري، وهذا ما يدلل على وفاء الإنسان النسبي، أو قد يقول بعضهم بعدم وجود الوفاء عند الإنسان:
{قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: 17].
2- الكسل والخمول
من الآثار الأخرى للوساوس الفكرية الكسل والخمول، فعندما يفكر الإنسان في سبب وجوده في هذه الحياة؟ لماذا أتى؟ وإلى أين سيذهب؟ وهل أن أفعاله ستؤدي به إلى الفرح والسرور؟ أو إلى الحزن والهم؟.
إن التوغل في مثل هذه الأفكار قد يؤدي بالفرد إلى الانتحار وهذا ما نراه كثيراً في الدول الغربية العلمانية.
إن بعض الشباب يركز على هذا السؤال دائماً، من أجل ماذا خلقنا؟.
إن منشأ هذا السؤال هو الوسوسة الفكرية التي تتعب الإنسان وتجعله خاملا كسولاً لا يقوى على شيء مفيد ونافع والجدير بالذكر أن الأفراد التي تتفاقم عندهم هذه الحالة لا يقتنعون بأحاديث العلماء والمثقفين والواعين بسبب وجود تلك الأفكار التافهة، ولذا تراهم يقولون في أغلب الأحيان: لو أننا لم نُخلق لكان ذلك أفضل؟!
لن أنسى عبارات ذلك الكاتب الجميلة والتي يقول فيها:
عندما استيقظت صباحاً في أحد الأيام حيث كنتُ حينها قلقاً وخاملا قلت: يا الله، يوم آخر، وصباح آخر، ومن ثم نظرت أمامي لأرى على منضدتي صحيفة قديمة كان فيها موضوعان متناقضان وعجيبان.
الموضوع الأول: انتحار شخص، وكانت طريقة انتحاره غريبة جداً، كان في معدته قرحة، فأراد استخراج معدته تلك التي كان يتألم منها على مدى سنين طوال فشق بطنه بسكين حادة وهو يقول لمعدته: أريد أن أعيش دقيقة واحدة بدونك! وبعد دقيقة واحدة فارق الحياة.
أما الموضوع الثاني والذي كان في الجهة المقابلة للموضوع الأول وهو مقالة لإحدى السيدات جاء فيها: الحمد لله في كل صباح، الحمد لله الذي جعلني استفيق من نوم عميق لأستقبل يوماً جديداً بكل نشاط، والحمد له على نعمة العمر الذي حبانا إياها لنتمكن من استقبال الأيام المتتالية.
يقول هذا الكاتب: أطرقت قليلاً لأفكر بمنبع ومنشأ انتحـار ذلك الرجل، ونشاط تلك المرأة، وخمولي وكسلي فلم أر منشأ لـذلـك غـيـر الوساوس الفكرية التي تحصل على أثر التعب الشديد، والنصب الزائد وعدم إعطاء فرصة جيدة للعقل ليفكر بشكل أفضل.
3 - سوء الظن
إن الأثر الأهم من تلك الأثرين السيئين، والذي ينتج بسبب الوسوسة الفكرية هو: سوء الظن، سوء الظن بمن في البيت، وسوء الظن بمن في المجتمع، ومن ثم سوء الظن بالله - والعياذ بالله -، وبالرسول، وبالكتاب وبالأئمة الأطهار، وعندها يكون الإنسان كافراً بسبب سوء ظنه ذاك.
إن سوء الظن من الشيطان، والشيطان لا يقنع بالقليل، بالرغم من أنه يشرع من القليل حتى يصل بالبشر إلى الطبقة السابعة من جهنم، عندها يسخر منهم ويقول: ما الذي جاء بكم إلى هنا؟.
إنها الوسوسة الفكرية التي تجعل الإنسان يسيء الظن رويداً رويداً حتى يبلغ به الأمر إلى الظن سوء بالعلي القدير وبرسله وكتبه والأئمة من أهل بيت نبيه الأمين سلام الله عليهم.
__________________________________
(1) بحار الأنوار ج 77، ص 133.
(2) بحار الأنوار ج 63، ص 197.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|