أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-1-2016
2542
التاريخ: 2024-07-16
424
التاريخ: 2024-08-10
241
التاريخ: 2024-08-23
278
|
تعتبرالتربة موردا هاما من موارد البيئة للإنسان، ولولاها لما كان هناك غلاف حيوي على سطح هذا الكوكب، فهي الوسط الذي يؤمن البذور بالدفء والرطوبة والهواء والغذاء، بل هي الأم الحاضنة للحياة النباتية بشتى أنواعها وأنماطها، طبيعية كانت أم زراعية هذا ماعدا بعض الأحياء النباتية التي تستطيع العيش في الوسط المالي أو متطفلة على نباتات أخرى وهي ليست مجرد خليط من فتات الصخور نشأ بفعل العوامل الطبيعية على مدى آلاف السنين في عمليات بطيئة جدا، بل إنها تموج بالحياة بما فيها من صنوفها، ولولاها لما كانت اللبنة الأولى للعملية الزراعية في العالم. فهكتار من التربة الجيدة في المناطق المعتدلة، قد يحوي في داخله ما لا يقل . من 300 مليون من اللافقاريات الصغيرة كالديدان والحشرات. أما الكائنات الدقيقة فهي بالمليارات. فلو قبضت في كفك نحو 30 غرام من التربة، فقد يكون فيها نحو مليون من أحد أصناف البكتيريا ونحو 100000 من خلايا الخميرة، وحوالي 50000 قطعة من خيوط الفطريات.وتقوم هذه الجيوش الهائلة من الكائنات الحية داخل التربة، بتحويل مركبات النيتروجين والفوسفور والكبريت، إلى صور يستفيد منها النبات. كما يتكون الدبال بفعل تحلل مخلفات النبات والحيوان، وهو من أهم عوامل خصوبة التربة.
وتشكل اليابسة نحو 29% من مساحة الأرض، أي نحو 14 مليار هكتار. أما الصالح للزراعة منها فلا يزيد عن 11% مما تبقى بعد استبعاد المناطق المكسوة دائما بالثلوج. فهناك مناطق شديدة الجفاف ومناطق مغرقة بالماء، ومناطق تفتقر إلى ما يفيد النبات، أو لا يكسوها من التربة إلا قشرة قليلة الغور ومناطق أفسدتها كثرة الأملاح، وأخرى شديدة البرودة. وهذه كلها مجتمعة، تحول دون نجاح الزراعة بل تجعلها مستحيلة.
أما الصحراء بالمعنى الحرفي، فتبلغ نحو مليار هكتار، لكن مجموع ما يسوده الجفاف يبلغ نحو 28% من إجمالي مساحة اليابسة البالغة نحو 140 مليون كيلو متر مربع وقبل أن نتكلم عن صيانة التربة والمحافظة عليها، يجدر بنا التمييز بين عملية التجوية Weathering تفكك ميكانيكي وتحلل كيماوي، التي يتم بها تهشيم وتحطيم وتحلل الصخور، ومكوناتها المعدنية إلى شظايا وقطع أصغر بفعل عناصر المناخ، وبين عملية التعرية Erosion التي يتم بواسطتها إزالة المواد المكونة للتربة ونقلها بواسطة المياه الجارية، أو الرياح السريعة أو الجليد.
وفي الواقع إن هاتين العمليتين تعملان معا في آن واحد، ولكن أحدهما ضد الأخرى منذ بدء تكوين القشرة الأرضية وتعرضها لعناصر المناخ حتى يومنا هذا بصورة متزنة ومتعادلة تقريبا . إلا أن تدخل الإنسان في قطع الأشجار وتنظيف الأرض من الحشائش لإعدادها للزراعة أو غيرها من الاستعمالات الأخرى قد أوجد نوعا من عدم التوازن بين هاتين العمليتين المذكورتين أنفا لقد كان تدخل الإنسان لصالح التعرية والإزالة لبعض أجزاء هذا المورد الطبيعي في العالم، أكثر مما هو لصالح التجوية. فقد أدى تدخله إلى تعكير و تشويش هذه العلاقة بين عملية التكوين وعملية الإزالة، حيث ساعد على الإسراع في إزالة كميات هائلة . من التربة وبفترة قصيرة، ووصل الأمر إلى أن مقدار ما يضاف إلى المتربة بفعل التجوية لا يعادل مقدار ما يزال منها. فهناك جهات كثيرة من سطح الأرض أزيلت عنها التربة، ولم يبق منها سوى الصخور الأصلية. وعليه، يمكن القول بأن التربة التي يتطلب تكوين بوصة واحدة منها، عدة مئات بل آلاف من السنوات. قد تزول في بضع عشرات من السنوات إذا ما أهملت وسيئ استعمالها، وتصبح الأرض بدونها عديمة الفائدة؛ لأنها ستكون أرضا جرداء لا نبات فيها ولا حيوان وهي من مصادرالثروة الطبيعية غير المتجددة، وشأنها في ذلك شأن غيرها من موارد البيئة الطبيعية. وعليه، فهي كأي كائن حي، تنمو وتنتج إذا أعتني بها، وتزول ويقل إنتاجها إذا ما أهملت وسيئ استعمالها. لذا فالعناية بها والمحافظة عليها كلها معايير، تقاس بها درجة تقدم الأمم ورقيها. وبالرغم من أهمية التربة الزراعية وأولويتها في قائمة الموارد الطبيعية إلا أننا نفقد الكثير منها بالتدريج. ولا تقوم لذلك ضجة أو تقرع أجراس الخطر. ففي كل سنة تجرف عدة مليارات من الأطنان، بفعل المياه الجارية للبحر أو تذروها الرياح، حيث يذكر أن قارة آسيا وحدها تفقد نحو 25 مليار طن من التربة. وتتكرر الصورة على نطاق أضيق في القارات الأخرى. حيث أن التعرية تكاد تسبق جهود الإنسان في إدخال أراض جديدة إلى حوزة الزراعة. وتتضح خطورة تعرية التربة التي تواجه الجنس البشري، إذا ما علمنا أن كل الغذاء الذي يستهلكه المجتمع البشري ينتج من الأرض، بشكل مباشر أو غير مباشر، فيما عدا الأسماك. كذلك تتضح خطورة هذه المشكلة أكثر من النمو المطرد لسكان الكرة الأرضية، الذين يتضاعفون كل 50 سنة، في وقت تعجز فيه موارد الطعام عن سد حاجة السكان في كل انحاء العالم، خصوصا وأن نحو ثلثي هؤلاء السكان يعانون من نقص الغذاء Under-Nutrition ومن سوء التغذية Mal-Nutrition، وأن أعدادا كبيرة منهم تعيش عند حد المجاعة والكفاف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(82) د. عادل جرار: البيئة والموارد الطبيعية مركز غنيم، عمان، 1992م، ص 39.
(83) د. حسن أبو سمور: مرجع سابق.
Charter, S. P. R.; OP. Cit(84)
(85) د. محمد صفي الدين أبو العز قشرة الأرض، القاهرة، 1967م.
(86) د. خالد مطري: مرجع سابق.
(87) د. عادل جرار: مرجع سابق.
(88) د. علي احميدان دراسات في علم البيئة، كلية الشريعة بالإحساء، 1983م.
(89) د. حسين أبو الفتح: مرجع سابق.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|