المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

محسسات مستترة Masked Allergens
3-1-2019
ادارة المخزون السلعي
21-5-2018
ضد حب المدح‏
11-10-2016
André Lichnerowicz
24-12-2017
تعريف علم الاقتصاد وأهدافه
8-2-2017
الطلاء بالكهرباء electroplating
3-1-2019


الموضوع : الأثر المترتب على الالتزام بالإعلام قبل التعاقد  
  
535   02:03 صباحاً   التاريخ: 2024-08-06
المؤلف : فرح عباس جاسم الرفاعي
الكتاب أو المصدر : الوقاية من الضرر في العقد
الجزء والصفحة : ص 106-115
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

أولا: حق المشتري في إبطال العقد
إن قانوننا المدني يخلو من نص ينظم المدة قبل التعاقد، أي فترة المفاوضات ولاسيما الالتزام بالإعلام كوقاية في الضرر في العقد ، لهذا لابد لنا من الرجوع الى القواعد العامة في القانون المدني، ومدى تطرق القوانين لهذا الالتزام وعلى النحو التالي:
1 - نظرية الغلط
من المتفق عليه في القانون المدني العراقي، أن الغلط هو أحد العيوب التي يترتب عليها فساد رضاء العاقد (1) ، فقد عرفه أحد الفقهاء بأنه: (( حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غير الواقع، وغير الواقع إما أن يكون واقعة غير صحيحة يتوهم الإنسان صحتها، أو واقعة صحيحة يتوهم صحتها) (2).
فقد خصص القانون المدني العراقي له المواد من ( 117) إلى (120)، باعتباره عيبا من عيوب الإرادة (3)، ويشترط لإمكانية نقض العقد بسبب الغلط المعيب للرضا، هو أن يكون الغلط جوهريا، أي إذا وقع الغلط في صفة الشيء، وكذلك إذا وقع في ذات المتعاقد أو في أي صفة من صفاته، وكذلك إذا وقع في أمور تبيح نزاهة المعاملات للمتعاقد الذي يتمسك بالغلط (4) وأن كانت الشروط القانونية اللازمة لإبطال العقد تقيد كثيراً من إمكانية تمسك المتعاقد لإبطال العقد، فإن وجود الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام يؤدي إلى تيسير مهمة المتعاقد في الطعن بإبطال العقد بسبب الغلط، فبالنسبة لشرط جوهرية الغلط، فإن وجود الالتزام بالإعلام في حد ذاته يعد قرينة على أن الغلط كان جوهرياً، انطلاقا من أن محل هذا الالتزام هو البيانات الجوهرية المتعلقة بمحل العقد وشروطه اللازمة لتبصير رضا المتعاقد وتنوير إرادته إذ يترتب على عدم إعلام المتعاقد بها من قبل البائع إما أنه ما كان ليبرم العقد أصلا أو أنه كان ليبرم العقد ولكن بشروط أخرى إذ يقتصر البطلان للغلط على الحالة الأولى دون الثانية لتحقق حالة الغلط الدافع الى التعاقد (5).
وبعد أن بينا مدلول الغلط في القانون لابد من بيان العلاقة بين الالتزام بالإعلام وأحكام الغلط، فمما لاشك فيه أن مراعاة واحترام المدين لالتزامه بالإعلام قبل التعاقد، وذلك من خلال
تقديم كل المعلومات والبيانات الجوهرية المتصلة بالعقد، والتي يعجز الدائن بهذا الالتزام عن العلم بها أو الاستعلام عنها بوسائله الخاصة، من شأنه أن يقلل من احتمالية وقوعه في الغلط بعد أن هيا له الإعلام السابق على التعاقد سبيل العلم والدراية بكل ما يحتاج إليه من معلومات تكشف له كل الجوانب الجوهرية بالعقد، ولعل هذا يظهر لنا بجلاء وضوح الدور الهام للالتزام بالإعلام قبل التعاقد، ألا وهو الدور الوقائي، وعلى الجانب الآخر فان امتناع المدين بالالتزام بالإعلام قبل التعاقد أو تقاعسه عن أدائه وتنفيذه، من شأنه أن يؤدي في غالب الأحوال إلى اختلاط الأمور المتصلة بالعقد، لاسيما الجوهرية منها والتباسها في ذهن العاقد مما يعرضه للوقوع في الغلط حول أمر جوهري في العقد المزمع إبرامه، ومن هنا تظهر حيوية الدور البارز الذي يلعبه الالتزام بالإعلام قبل التعاقد كوسيلة وقائية، تدرأ عن العاقد مغبة الوقوع في الغلط، ولاسيما أن هذا الالتزام سيكشف عند تنفيذ المدين له، للعاقد ستار الغموض والالتباس الذي قد يتصل بالمسائل الجوهرية في العقد المزمع إبرامه(6).
2- التدليس
لا يُعد التغرير ( التدليس ) وحده عيبا مستقلا من عيوب الإرادة يترتب عليه توقف العقد، بل لابد أن يقترن بالغبن في القانون المدني العراقي، بخلاف المشرع المصري والمشرع الفرنسي، اللذان اعتبراه عيبا مستقلا ولو لم يقترن بالغبن.
ويُعرف التغرير على انه: (( إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد))(7)، وكذلك عُرف على انه: (( استعمال الحيلة ( الغش أو الكذب أو الكتمان)، بقصد إيقاع المتعاقد في غلط يحمله على التعاقد )) (8).
إن القانون المدني العراقي قد عالج التغرير مع الغبن وبيان أحكامه من المواد ( 121 إلى 125)، فأن قد جعل الغبن مرتبط بالتغرير وذلك من خلال نص المادة (1/121) والتي نصت على: ((إذا غرر أحد المتعاقدين بالآخر وتحقق أن في العقد غبنا فاحشا كان العقد موقوفا على إجازة العاقد المغبون، فإذا مات من غرر بغبن تنتقل دعوى التغرير لوارثه، ثم بين بعد ذلك في المادة (1/124) ، إن مجرد الغبن لا يمنع من نفاذ العقد مادام الغبن لو يصحبه تغرير، فالمشرع العراقي اعتد بالتغرير إذا صاحبه غبن فاحش بخلاف المشرع المصري والفرنسي، اللذان اعتبرا التدليس كعيب وحده يجيز نقض العقد (9).
ولهذا فإن الغبن لوحده ولو كان فاحشا ليس عيبا من عيوب الرضا بل من عيوب العقد، ففي حالة اجتماع الغبن الفاحش مع التغرير كان ذلك مانعا من نفاذ العقد وعده المشرع العراقي في هذه الحالة عيبا من عيوب الإرادة يفسد الرضا كما يفسد الغلط والإكراه (10). وهذا حسب ما أشارت إليه المادة ( 124) من القانون المدني العراقي.
وبالرجوع إلى القواعد العامة لابد من توافر عناصر عدة لكي يستطيع المتعاقد أن يطلب نقض العقد للتغرير (11)، أحدهما العنصر المعنوي والذي يتمثل في استخدام الطرق الاحتيالية، والثاني العنصر المعنوي والنفسي، والذي يتمثل في نية التضليل للوصول إلى غرض غير مشروع(12).
و نذهب مع التساؤل الذي يثار في هذا الصدد، هل يمكن اعتبار الامتناع الإرادي عن الإدلاء بعض المعلومات اللازمة للمتعاقد، قد يرتب أحد الحيل التدليسية، والتي قد يترتب عليها بطلان العقد ؟ (13)
في الحقيقة فأنه يمكن الإجابة عن هذا التساؤل من خلال المثال على ذلك، فانه ينبغي تخيل حالات مخالفة البائع للالتزام بالإعلام ثم تطبيق الأحكام المتعلقة بالتدليس عليها، ويمكن حصر هذه الحالات في حالة مخالفة البائع لالتزامه بالإعلام عن طريق استعمال طرقاً احتيالية، أي بمعنى إن يلجأ احد العاقدين إلى تصرفات مادية بقصد تضليل المتعاقد الآخر، فليس هناك شك في إن استخدام الطرق الاحتيالية بجانب إنها تمثل أعمالا تدليسية، فإنها في ذات الوقت تمثل مخالفة إيجابية لالتزام بالإعلام وخاصة في المدة ما قبل التعاقد، ومن ثم إذا خالف البائع التزامه بالإعلام وباشر إحدى الوسائل الاحتيالية بما ترتب عليها من إيهام المشتري بغير الحقيقة وإيقاعه في الغلط فانه يحق للمشتري طلب إبطال العقد للتدليس (14).
ومن الحالات الأخر كذلك في حالة كتمان أحد العاقدين ببيانات ضرورية توهم المتعاقد الآخر وتدفعه إلى إبرام العقد (15) ، والذي يمكن أن يكون مشكله بواسطة صمت أحد الأطراف، وهو بهذه الطريقة يخفي على المتعاقد الآخر حدثًا، لو كان قد عرفه لامتنع عن التعاقد، خاصة عندما يكون هناك عدم تساو بين الأطراف والذي يكون نتيجة الاختلاف في المستوى الاقتصادي أو الكفاءة المهنية لأحدهم، فإذا سكت المدين ولو يقم بتزويد دائنه بالمعلومات الضرورية فأنه يقوم بمناورات تدليسيه(16).
وقد ذهب بعض الفقه الفرنسي إلى أن السكوت أو الكتمان التدليس يعتبر تدليسًا متى كان هناك التزاما على عاتق أحد الطرفين بإعلام المتعاقد الآخر أيا كان مصدر هذا الالتزام سواء نص القانون أو اتفاق الأطراف أو مبدأ الثقة المشروعة في المعاملات، كما أن تعيب الإرادة بالتغرير كما يتحقق بالسلوك الايجابي يتحقق بالسلوك السلبي كأن يتعمد أحد المتعاقدين في المدة السابقة على التعاقد التزام الصمت عن واقعة هامة جوهرية بالنسبة للآخر بقصد خداعه أو دفعه إلى التعاقد (17).
وكذلك أقر الاجتهاد الفرنسي بأن الكتمان يعد خداعًا، فمحكمة النقض قد ذهبت اليوم إلى أبعد من ذلك فقررت أن الخداع يمكن أن يستخلص من سكوت أحد المتعاقدين الذي أخفى واقعة مهمة على عاقده لو علم بها هذا الأخير لما أقدم على التعاقد (18)
وأيضا ربطت المحكمة العليا الفرنسية الكتمان الخادع بموجب الإعلام السابق للتعاقد، فاعتبرت أن موجب الإعلام يترتب لاسيما إذا كان العقد يخلق نوعا من الثقة الشخصية المتبادلة (19) .
أما القانون المدني العراقي، فلم ينص صراحة على الكتمان من قبيل التغرير كما فعل المشرع المصري والفرنسي (20) ، بل تطرق إلى ذلك في المادة ) (2/121) إذ نصت على: ((ويعتبر تغريراً عدم البيان في عقود الأمانة التي يجب التحرز فيها عن الشبهة بالبيان، كالخيانة في المرابحة والتولية والاشتراك والوضيعة )) ، والتي يطلق عليها بعقود الأمانة؛ لأنها مبنية على الأمانة بالبائع في مقدار الثمن والتصديق بقوله، فإذا تبين انه غير صحيح كان خائنا وكان غارا على ذلك فإذا تحقق الغبن الفاحش في العقد أصبح معيبا غير نافذ(21).
فالمشرع العراقي عد الكتمان من الطرق الاحتيالية لكنه قصره على بيوع الأمانة، ونذهب مع الرأي الذي يرى انه ليس هناك ما يمنع من الأخذ بحكم القانون المدني في التشريعات المقارنة، واعتبار الملتزم بالإعلام استخدم طرقًا احتيالية بكتمانه معلومات عن العاقد الآخر دفعته إلى التعاقد (22) ، لهذا أضحى الالتزام بالإعلام قبل التعاقد في نظر الفقه الفرنسي المعيار الحاسم في مدى اعتبار الكتمان تدليسًا أو معيارا فاصلا بين التدليس الطيب والتدليس الخبيث، ومن ثم فلم يعد الفيصل في تقدير التدليس، البحث عن العنصر المعنوي المتمثل في نية التضليل، في موقف المدلس عليه، بل صار المعيار في هذا المقام هو مدى التزام المتعاقد بالإدلاء بالمعلومات عند إبرام العقد، وبذلك يمكن من خلال هذا الالتزام ضبط حدود نظرية التدليس وحمايتها من أي توسعات محتملة، يمكن أن تكون عرضة للانتقاد (23).
فأصالة الالتزام بالإعلام قبل التعاقد تعني ببساطة الإستغناء عن العنصر المعنوي في نظرية التدليس و إعتبار أن المدين بالالتزام بالإعلام قد أخل بالتزامه بمجرد كتم البيانات والمعلومات مما يمكن للمتعاقد المطالبة بإبطال العقد دون حاجة إلى إثبات نية التضليل (24).
لهذا تؤيد الباحثة الرأي الفقهي الذي يرى بأن الالتزام بالإعلام أو بتقديم المعلومات هو التزام مستقل له ذاتية مستقلة وهو التزام ايجابي ينشأ في فترة التفاوض على العقد ويقف إلى جانب الالتزام السلبي بعدم الغش أو التضليل وهو يلعب دورًا ايجابيًا في تكملة نظرية عيوب الرضا بعد إن ثبت قصورها عن تحقيق الحماية الفعالة للأطراف في المدة ما قبل التعاقد (25).
لذلك أوجبت هذه الظروف تدخل المشرع لفرض حماية للمتعاقد من خلال فرض التزامات على عاتق المتعاقد الدائن به فمن شأن هذا الالتزام تنوير رضاء المتعاقد وتوفير حماية وقائية من التلاعب والحيل التي قد يلجا لها المدين بها، ومتى أخل هذا الأخير بالتزامه بالإعلام عن طريق تقديم معلومات كاذبة أو ناقصة، يحق للمتعاقد رفع دعوى الإبطال (26) .
ثانيا: التعويض
قد لا يكون إبطال العقد جزاءً كافيًا لإرضاء المتعاقد عما لحقه من ضرر نتيجة إخلال المدين بالإعلام قبل التعاقد، فاللجوء إلى التعويض في هذه الحالة يمثل الجزاء المدني الرئيس للإخلال بهذا الالتزام (27).
إلا أن ثمة خلاف بين نوع هذه المسؤولية، وهذا ما سنتطرق له من خلال بيان أنواع هذه المسؤولية :
1 - المسؤولية العقدية للالتزام بالإعلام قبل التعاقد
حتى نكون أمام التزام عقدي لابد أن تتجه إرادة الأطراف إلى إبرام العقد، وذلك حفاظا على مبدأ حرية الأطراف في التعاقد، واعتبارًا إلى أن العقد وليد إرادة المتعاقدين التي يجوز لها كما أنشأت الحق في تعديل مضمونه وآثاره، إذ يرى هذا الاتجاه انه ينبغي من الناحية الواقعية إهمال التفرقة بين الالتزام غير العقدي والالتزام العقدي؛ لأنه لا يستند إلى أساس من الواقع فكان من الأفضل بسط الطبيعة العقدية على كل منهما، ذلك أن عدم تنفيذ الالتزام الأول يؤدي إلى عدم تنفيذ الالتزام الثاني، فلو أن البائع أخل بالتزامه عن عيوب الشيء المبيع قبل أبرام العقد فستترتب مسؤوليته عن إخلاله هذا ويكون ملزمًا أيضا بالعيوب الخفية وهو التزام عقدي(28).
ويذهب رأي آخر إلى إضفاء الصفة العقدية؛ لأنه التزام ناشئ عن العقد أو من طبيعة عقدية، وهكذا فهو يخضع إلى أحكام المسؤولية العقدية؛ ذلك أن المعلومات تشارك في معظمها خلال المدة السابقة على التعاقد، وإنها تبرر هنا بواجب عام وهو واجب الولاء وحسن النية، والذي ينبغي وجوده في كل مراحل التعاقد ومنذ المدة السابقة على التعاقد حتى تنفيذ العقد (29).
فمثلا على البائع أن يقدم للمشتري منذ إبرام العقد وحتى قبل ذلك أي في مرحلة المفاوضات معلومات تضمن الانتفاع بالمبيع وتحقيق الغاية من إبرام العقد وتساعد على تنفيذه من خلال إعلامه بطريقة استعمال المبيع والتحذير من مخاطره والاحتياط الواجب لتجنب الأخطار المحتملة إثناء الانتفاع من المبيع، لهذا يترتب على نفسه هذا الالتزام المسؤولية العقدية، إذ ينتظر المشتري من البائع الإدلاء بالبيانات اللازمة عن المبيع ومدى ملائمتها لرغباته الشخصية وتندمج كل هذه المعلومات في المرحلة العقدية (30)، فهو التزام يوجد قبل إبرام العقد وإثناء تنفيذه، والهدف منه هو تمكين المتعاقد من كافة البيانات الجوهرية التي تنور إرادته(31).
ويذهب رأي كذلك بأنه إذا كان صحيحا أن عقد البيع لا يتعلق بأشخاص المتعاقدين فإن الضرر الذي ينتج عن عيب الشيء يشكل إخلالا بالتزام أساسي ناشيء عن البيع، لأنه ينتج عن سوء تنفيذ الأداء الذي كان محلا له، فالضرر الذي يرتبط مباشرة بالعقد والمسؤولية الناشئة عنه يتعين تكيفها بأنها مسؤولية عقدية (32) ، وبالتالي يملك المتعاقد الذي أصابه ضرر أن يطالب بالتعويض (33). كنتيجة لعدم التزام المتعاقد المدين بوسائل الوقاية.
2- المسؤولية التقصيرية
يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى تكييف المفاوضات على اعتبار إنها مجرد أعمال مادية تقوم على أساس الواجب القانوني العام بعدم الانحراف عن المسلك المعتاد أو المألوف على نحو لا يلحق ضررا بالغير، وبذلك لا تتمخض عن المفاوض أية رابطة عقدية بين الأطراف فهي مجرد عمل مادي(34).
لهذا يدخل في نطاق الالتزام غير العقدي، كافة أنواع الالتزامات الواجبة خارج النطاق العقدي، ومنها الالتزامات القانونية وشبه العقدية، والالتزامات الواجبة إثناء المفاوضات العقدية وكذلك الالتزامات الناشئة عن واقعة أو فعل معيب ومنطق القائلين بالطبيعة التقصيرية لهذا الالتزام هو عدم نشوء عقد بين الطرفين أساساً، إذ يهدف الالتزام بالإدلاء بالبيانات اللازمة لإبرام العقد لتبصير المتعاقد وتنوير إرادته، فهو يستند إلى أحكام المسؤولية المدنية، ولاسيما التقصيرية منها، ذلك إن عدم إدلاء أحد المتعاقدين للآخر بالبيانات المطلوبة اللازمة ليكون رضاءه السليم والمتبصر لإبرام العقد، يعتبر في حد ذاته تقصيراً يوجب مسؤوليته قبل التعاقدية (35).
وهناك رأي يرى بأن الالتزام بالإعلام هو التزام ينشأ قبل إبرام العقد بشكله النهائي، ويترتب على ذلك أن الإخلال الذي ينشأ عنه المسؤولية التقصيرية للطرف المتفاوض وليس العقدية، لذا فإن الطبيعة القانونية للالتزام بالإعلام هي طبيعة سابقة على التعاقد، فهكذا هو يخضع إلى إحكام المسؤولية التقصيرية؛ لأن المعلومات يجب إعطاءها قبل تكوين العقد، ولا تصبح المسؤولية تعاقدية إلا من اللحظة التي يتشكل فيها العقد، ويتجه بعض الفقه الفرنسي بأن الخداع، وبعبارة أدق الوسائل الخداعية التي توقع بالمتعاقد أضرار تستوجب التعويض، بموجب أحكام المسؤولية التقصيرية (36).
وبعد بيان الطبيعة العقدية والتقصيرية للالتزام بالإعلام قبل التعاقد، لمعرفة المسؤولية المترتبة على ذلك، لكن الباحثة تذهب مع الرأي الذي يرى بالطبيعة المستقلة له، فهو وسيلة قانونية تدعم الثقة المشروعة في الروابط العقدية، ومن ناحية يؤدي إلى امتداد حسن النية في مجال تنفيذ العقد إلى مجال إبرامه بحيث يمكن أن يترتب بطلان العقد على مخالفته، وبهذا يصبح وسيلة لحماية الإرادة بجانب نظرية عيوب الرضا، ويكمل كل نقص وعدم فعالية هذه النظرية ويعالج ضيق دائرة هذه النظرية بسبب شدة شروطها، فهو يجمع بين البطلان والتعويض في مجال واحد مع التقريب بين الغلط والتدليس في عيب مشترك يعتد بعيب الإرادة بسبب مسلك المتعاقد الآخر (37)، وبالتالي يعد نوع من الوقاية من عيوب الرضا(38).
وهذا ما أخذ به المشرع الفرنسي في تعديله الأخير للقانون المدني لسنة 2016، حيث نظم في المادة (1112) من خلال بيان حدود الالتزام بالإعلام، وبيان إمكانية بطلان العقد كجزاء للإخلال به، بوصفه وسيلة تقي من الضرر في المدة السابقة للعقد.
_____________
1- د. محمد أحمد المعداوي عبد ربه، مصدر سابق، ص 269.
2- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ( نظرية الالتزام بوجه عام، المصدر السابق، ص 289 ، وعرفه آخرون على انه : (( وهم يقوم بذهن المتعاقد فيصور له الأمر على غير حقيقته ويدفعه إلى التعاقد، فالغلط الذي يعيب الرضا هو ما يصيب الإرادة وقت تكوين (العقد، ينظر د. منذر الفضل، الوسيط في شرح القانون المدني ( دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العربية الأجنبية معززة بآراء الفقه وأحكام القضاء)، الطبعة الأولى، دار ناراس للطباعة والنشر، أربيل، 2006، ص140.
3- ينظر نص المواد ( 120 الی (124 من القانون المدني المصري، ونص المادة ( 1110) من القانون المدني الفرنسي قبل التعديل، وتناولت المواد من ( 1132 الى (1136) من تعديل القانون المدني الفرنسي لسنة 2016.
4- د. عبد المجيد الحكيم، د. عبد الباقي البكري، د. محمد البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، الجزء الأول بلا طبعة العاتك لصناعة الكتاب بلا سنة طبع ، ص82
5- د. محمد صديق محمد عبد الله حسان علي مسلم الالتزام قبل التعاقد بإعلام المستهلك، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق المجلد الثامن عشر، العدد الثالث والستين السنة العشرین، 2013 ، ص298 وما بعدها.
6- د. خالد جمال أحمد، الالتزام بالأعلام قبل التعاقد دار النهضة العربية القاهرة بلا سنة طبع ، ص 451.
7- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ( نظرية الالتزام بوجه عام)، ص318.
8- د. خالد جمال أحمد، مصدر سابق، ص 456.
9- ينظر نص المادة ( 125) من القانون المدني المصري، والمادة ( 1116) من القانون المدني الفرنسي، والمادة ( 1137) من تعديل القانون المدني الفرنسي لسنة 2016، والتي عرف فيها التدليس على انه:(( هو حصول أحد المتعاقدين على رضاء الآخر باستخدام الطرق الاحتيالية أو الأكاذيب))
10- د. حامد شاکر محمود الطائي، المفاوضات السابقة على التعاقد ( دراسة قانونية مقارنة)، الطبعة الأولى، منشورات صادر، 2016 ، ص168.
11- ماجستير إسراء خضير مظلوم الشمري، حماية المستهلك في نطاق عقود الإذعان ( دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، مؤسسة دار الصادق الثقافية ،بابل، العراق، 2019 ، ص 121.
12- د. أشرف محمد مصطفى أبو حسين التزامات البائع في التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة في ظل احكام القانون المدني والفقه الاسلامي منشأة المعارف الاسكندرية 2003 ، ص194.
13- د. محمد أحمد المعداوي عبد ربه المسؤولية المدنية عن أفعال المنتجات الخطرة ( دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2012 ، ص 275.
14- د. أشرف محمد مصطفى أبو حسين التزامات البائع في التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة في ظل احكام القانون المدني والفقه الاسلامي منشأة المعارف الاسكندرية 2003 ، ص 194 وما بعدها.
15- م. غزوان عبد الحميد شويش الجبوري، التدليس بالكتمان للإخلال بالالتزام بالإعلام في عقد البيع الالكتروني، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق المجلد الرابع، العدد الأول، الجزء الأول، السنة الرابعة، 2019 ص271.
16- د. أكرم محمود حسين البدو، د. محمد صديق محمد عبد الله، أثر موضوعية الإرادة التعاقدية في مرحلة المفاوضات بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق المجلد الثالث عشر)، العدد التاسع والاربعين)، السنة (السادسة عشر)، 2011، ص 420 وما بعدها.
17- أشارت إلى ذلك ماجستير إسراء خضير مظلوم الشمري، حماية المستهلك في نطاق عقود الإذعان ( دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، مؤسسة دار الصادق الثقافية ،بابل، العراق، 2019 ، ص119 وما بعدها.
18- أشار إلى ذلك د. بيار أميل طوبيا الغش والخداع في القانون الخاص ( الإطار العقدي والإطار التقصيري)، المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس، 2009، ص 69 وما بعدها.
19 - أشار إلى ذلك، المصدر نفسه، ص 76.
20- ينظر نص المادة ( 2/125) من القانون المدني المصري، والمادة ( 1137) من تعديل القانون المدني الفرنسي لسنة 2016.
21- د. عبد المجيد الحكيم، د. عبد الباقي البكري، د. محمد البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، الجزء الأول بلا طبعة العاتك لصناعة الكتاب بلا سنة طبع ، ص89.
22- .م. غزوان عبد الحميد شويش الجبوري، التدليس بالكتمان للإخلال بالالتزام بالإعلام في عقد البيع الالكتروني، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق المجلد الرابع، العدد الأول، الجزء الأول، السنة الرابعة، 2019 ، ص272.
23- د. خالد جمال احمد، مصدر سابق، ص 460 وما بعدها.
24- د. حسن عبد الباسط جميعي، حماية المستهلك( الحماية الخاصة) لرضاء المستهلك في عقود الاستهلاك دار النهضة العربية القاهرة 1996 ، ص26.
25- د. يونس صلاح الدين علي ، العقود التمهيدية (دراسة تحليلية مقارنة ) دار الكتب القانونية دار شتات للنشر والبرمجيات مصر 2010 ، ص180.
26- تماني جميلة الغش في العقود أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة الجزائر ،1، 2019 ، ص 405.
27- ماجستير إسراء خضير مظلوم الشمري، حماية المستهلك في نطاق عقود الإذعان ( دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، مؤسسة دار الصادق الثقافية ،بابل، العراق، 2019، ص123. كذلك ينظر د. محمد صديق محمد عبد الله حسان علي مسلم الالتزام قبل التعاقد بإعلام المستهلك، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق المجلد الثامن عشر، العدد الثالث والستين السنة العشرین، 2013 ، ص 300.
28- بن سالم المختار، الالتزام بالإعلام كآلية لحماية المستهلك، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبي بكر بلقايد الجزائر، 2018 ، ص 129 وما بعدها.
29- د. حامد شاکر محمود الطائي، المفاوضات السابقة على التعاقد ( دراسة قانونية مقارنة)، الطبعة الأولى، منشورات صادر، 2016 ، ص 141.
30- ثامر كشيدة، الالتزام بالإعلام كوسيلة لحماية المستهلك في التشريع الجزائري، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد بوضياف، 2018، وما بعدها.
31- .م. غزوان عبد الحميد شويش الجبوري، التدليس بالكتمان للإخلال بالالتزام بالإعلام في عقد البيع الالكتروني، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق المجلد الرابع، العدد الأول، الجزء الأول، السنة الرابعة، 2019 ، ص 263.
32- د. عبد القادر أقصاي، الالتزام بضمان السلامة في العقود ( نحو نظرية عامة)، الطبعة الأولى، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2010، ص 144 وما بعدها.
33- د. عبد الفتاح بيومي حجازي، حقوق الملكية الفكرية وحماية المستهلك في عقود التجارة الالكترونية، دار الكتب القانونية، مصر، 2008 ، ص 85 وما بعدها.
34- د. يونس صلاح الدين علي، مصدر سابق، ص 43.
35- بن سالم المختار، مصدر سابق، ص 133 وما بعدها.
36- د.حامد شاكر محمود الطائي، مصدر سابق، ص 139 وما بعدها.
37- د. سعيد سعد عبد السلام مصادر الالتزام المدني، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003 ص 19 وما بعدها.
38- د. أنس محمد عبد الغفار، الالتزام بالتبصير في العقد الطبي ( دراسة مقارنة بين القانون الوضعي والفقه الإسلامي)، دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر والبرمجيات، مصر، 2013، ص 44.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .