المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الميول العصبية للطفل  
  
482   11:03 صباحاً   التاريخ: 2024-08-01
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة : ص 108 ـ 110
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-28 1222
التاريخ: 19-1-2016 2287
التاريخ: 29-12-2021 4124
التاريخ: 19-1-2016 3063

إن الأساليب والطرق التي يستخدمها الطفل مع الآخرين لاتقاء شرهم، تستوجب أن تظهر لديه بعض الخصوصيات والحالات والرغبات والأحاسيس والتصرفات التي تصبح بمرور الزمن جزءاً من شخصيته وهذه الحالات والتصرفات يمكن تسميتها باسم (الميول العصبية) لأن الطفل يوجدها لديه مجبراً ومكرهاً لدفع شر الآخرين وليس عن طيب خاطر ورضاً منه) (1).

إن الخطط التي يرسمها الطفل في ذهنه، والأساليب التي يبتكرها كحل ستكون بالتأكيد طفولية، لأنه طفل عاجز ولم يمض من عمره سوى بضعة أعوام، فهو لا يمتلك العقل المتفتح الذي يستطيع بواسطته دفع شر من حوله بتخطيط عقلاني صحيح وصون نفسه من أذاهم. فهو ليس شاباً قوياً لكي يدفع أذى الآخرين بقواه الجسمية وينقذ نفسه من الضغط والمضايقة.

أساليب الطفل الدفاعية:

(تقول كارن هورناي: إذا تأملتم الطفل جيداً فستجدون أنه للدفاع عن نفسه يتوسل ثلاثة أساليب ويستند إلى ثلاث حيل وطرق:

الاسلوب الأول: هو أن يجعل نفسه تابعاً ومطيعاً للآخرين. ويجعل تصرفاته مطابقة لما يريدونه، لكي لا يستوجب ما يجعله هدفاً لأذاهم. وفي هذه الحالة يكون الطفل قد اعترف بذلته وصغره وضعفه، ورغم الكره الباطن لهم بسبب الظلم والإجحاف الذي ينزل به، فإنه يسعى إلى أن يجلب محبتهم، ويركن إلى حمايتهم. وإذا كان هناك شجار ونزاع في العائلة فإنه يلصق نفسه بالأقوى الموجود في العائلة، ويعتمد ما يكسبه حمايته له.

الطفل والمشاكسة:

الأسلوب الثاني: أن يسعى إلى تقوية موقفه بشكل لا يجرؤ معه أحد على أذاه، حيث يصبح شخصاً مناضلاً مخاصماً، تبرز لديه رغبة شديدة في التسلط والتفوق. وتصبح تصرفاته جريئة يرافقها العنف، ويقمع كل مخالف له ومن يقف في وجهه. كما يصبح شخصا عنيفا، بذيء القول، تصرفاته معاكسة تماما للأسلوب السابق. يود أن يسيطر على جميع الأشخاص، وأن يحدد حرية الآخرين، ويحتقرهم. وفي هذا الاسلوب يقوم الطفل، عن علم أو دون علم بدفع عدوان الآخرين وظلمهم بالصراع والاشتباك والصراخ. فينقلب إلى شخص طاغٍ يسعى لكي يكون قوياً، ويكسر شوكة الآخرين، ليصون عن هذا الطريق نفسه من أذاهم ولينتقم منهم.

العزلة:

الأسلوب الثالث هو أن يسعى، قدر المستطاع، أن يبتعد عن الآخرين، ويقلل من اتصاله واختلاطه بهم لكي يتلقى أقل ما يمكن من الأذى، وهو بهذا الأسلوب لا يريد الاستسلام والإطاعة والإعتماد على الآخرين، ولا يريد أن يكون مخاصماً معانداً بل يسعى إلى الإبتعاد عن الميدان، والابتعاد عمن يعيشون حواليه، ويكون وحيداً، فهو يشعر أنه لا يملك تفاهماً وخصوصيات مشتركة مع الآخرين، وأنهم لا يفهمونه، ولذا لا يوجد ما يستوجب اختلاطه معهم، فهو يصنع لنفسه من الطبيعة وكتبه، وأفكاره وخيالاته عالماً خاصاً لنفسه، باختصار من كل شيء ما عدا الإنسان، ولتجنب الإتصال بالأشخاص المؤذين.

والطفل يتوسل بهذه الأساليب الدفاعية الثلاثة، إلى جلب المحبة، والتفوق، والاعتزال. وتبرز لديه إحدى هذه الصفات أكثر من بقية الصفات، في أسلوب طلب المحبة وإحساس العجز، والمسكنة، وفي التفوق، والعناد والخصومة، وفي الاعتزال والإحساس بالوحدة والانفراد (2).

لن تستطيع أية مجموعة من هذه المجموعات الثلاث الانسجام في مرحلة الشباب مع أعضاء العائلة أو أفراد المجتمع بشكل مرض، لأنهم سلكوا في فترة الطفولة، للدفاع عن أنفسهم ولدفع أذى وإهانة الآخرين، أسلوباً غير سليم، استخدموه طوال سنوات عديدة، حتى أصبح جزءاً من شخصيتهم ومع دخولهم مرحلة الشباب فإن هذه الصفات والأخلاق تترسخ وتشتد لديهم، فإن هؤلاء الشبان بالأخلاق التي يمتلكونها ليسوا قادرين على إيجاد رابطة صحيحة وسليمة بينهم وبين المجتمع، أو الانسجام مع الكبار وأعضاء العائلة، إلا إذا عالجوا أنفسهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ تناقضاتنا الداخلية، ص 30.

2ـ المصدر السابق، ص 21. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.