أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-15
2059
التاريخ: 2023-04-19
1572
التاريخ: 2024-05-05
629
التاريخ: 2024-04-25
672
|
ولكن كيف يأخذ التوحيد العملي أو الطاعة والولاية المطلقة الإلهية، مجراه الطبيعي في حياة الإنسان؟ وكيف ينطبق الإسلام الحقيقي على حياة الإنسان وتُصاغ شؤون هذه الحياة ومجالاتها على ضوء هداه؟
ليس هناك إلا طريق واحد، وهو أن ينصِّب الله سبحانه وتعالى في عباده رمزاً يأمرهم بطاعته واتباعه، ويفرض عليهم ولايته لتكون طاعتهم له طاعةً لله، والخضوع لولايته خضوعاً لولاية الله وذلك هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام المعصوم (عليه السلام) أو الحاكم العادل النائب عن المعصوم في حال غيبته.
إن مالكية الله سبحانه كأصل وجوده، فهي واقعية مسلّمة وغير قابلة للتغيير، قد وُضعت في فطرة كل إنسان وطينته، ووظيفة كل إنسان يطلب الحق ويسعى إليه هو أن يرفع موانع شهود هذه الحقيقة عن عين بصيرته، وأن ينظر في مكنون فطرته.
وهذه المسألة تجري أيضاً في أصل التوحيد، وتحليل معنى الكلمة الطيبة، "لا إله إلا الله" فإنها تنحل إلى قضيتين مستقلتين، إحداهما نفي الطاغوت والثانية إثبات الحق، إذن... فهناك طريقان أمام الإنسان، ليس لهما ثالث وهما:
الإيمان بالله تعالى وحده، أو الإيمان بالطاغوت.
وكل ما سوى الله سبحانه أو من لا يتصل بالله تعالى فهو طاغوت، إلا أن تكون طاعته منبثقة من طاعة الله بأمر من الله، وكان الانقياد له انقياداً لله سبحانه، وذلك هو الذي ينصبه الله تعالى على الناس إماماً وقائداً ليسلك بهم طريق الطاعة الإلهية ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[1].
وانطلاقاً من هذا الأساس التوحيدي المفصلي يتضح أن كل طاعة وانقياد من جانب العبد إذا لم ينتهِ إلى طاعة الله والانقياد إليه تكون من طاعة الطاغوت وولايته.
كما أن كل مطاع لا تنتهي طاعته إلى طاعة الله، فإنه طاغوت، بمعنى أن إطاعة أي إنسان حتى الوالدين أو الصديق أو القادة والزعماء والرؤساء السياسيين والحزبيين إنما تجوز أو تجب بإذنٍ من الله تعالى، ووفق الضوابط والمحددات الشرعية لذلك، وإلا فإنه من عبادة الطاغوت. وقد وردت بذلك روايات كثيرة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام):
منها: ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قول الله عزّ وجل: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾، قال (عليه السلام): "شرك طاعة وليس شرك عبادة"[2].
ومنها: ما رواه الصدوق بإسناده عن الصادق (عليه السلام) أيضاً أنه قال: "إيّاك والرئاسة فما طلبها أحد إلّا هلك فقلت قد هلكنا إذاً ليس أحد منا إلا وهو يحبّ أن يُذكَر ويُقصَد ويُؤخَذ عنه فقال ليس حيث تذهب إنما ذلك أن تَنْصِبَ رجلاً دون الحُجَّةِ فَتُصَدِّقَهُ في كلّ ما قال وتدعو الناس إلى قوله"[3].
وعنه (عليه السلام) أيضا أنه قال: "إياكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأسون، فو الله ما خفقت النعال خلف الرجل إلا هلك وأهلك"[4]. وسبب ذلك: أن المسعور بحب الرئاسة عادة ما ينتهي إلى طاغية متجبر، لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته، وهو بالتالي مستعد لتحريف أحكام الشريعة وتجاوز حدودها.. لأن ضميره قد سقط وبعد هذا، فهل نعي أساس التوحيد وإشراقاته المترجمة في سلوك الإنسان، وارتباطه الحميم بأساس نظام الولاية في الحياة وإشكالية مأزق الخضوع للأولياء الكاذبين، والعمل ضمن الخطوط والتيارات التي لا تنتهي في مواصفاتها الموضوعية إلى خط الله سبحانه وتوحيده؟ وليس علينا ها هنا إلا أن نصغي بتدبر ووعي إلى قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾[5].
﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾[6].
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|