أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-12-2015
2874
التاريخ: 11-10-2014
1579
التاريخ: 28-09-2015
1470
التاريخ: 28-09-2015
1778
|
يقول التاريخ : عندما استقرّ الإسلام نسبيّاً في الحجاز ، أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)رسائل إلى عدد من كبار رؤساء العالم في ذلك العصر. في بعض هذه الرسائل استند إلى هذه الآية الداعية إلى التوحيد ـ المبدأ المشترك بين الأديان السماوية ـ . ولأهميّة الموضوع ندرج بعضاً من تلك الرسائل :
1 ـ رسالة إلى المقوقس (1)
«بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمّد بن عبدالله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتّبع الهدى. أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرّتين ، فإن تولّيت فإنّما عليك إثم القبط (2). يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلاَّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتّخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون» (3).
حمل «حاطب بن أبي بلتعة» رسالة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المقوقس حاكم مصر ، فوجده قد رحل إلى الإسكندرية ، فركب إليه ، وسلّمه الرسالة ، ثمّ قال لحاطب : ما منعه إن كان نبيّاً أن يدعو على من خالفه وأخرجه من بلده إلى غيرها أن يسلّط عليهم ؟
فقال له حاطب : ألست تشهد أنّ عيسى بن مريم رسول الله ؟ فماله حيث أخذه قومه ، فأرادوا أن يقتلوه ، أن لا يكون دعا عليهم ، أن يهلكهم الله تعالى ، حتّى رفعه الله إليه ؟
قال : أحسنت أنت حكيمٌ من عند حكيم.
ثمّ قال له حاطب : إنّه كان قبلك من يزعم أنّه الربّ الأعلى ـ يعني فرعون ـ فأخذه الله نكال الآخرة والأُولى فانتقم به ، ثمّ انتقم منه ، فاعتبر بغيرك ، ولا يعتبر غيرُك بك.
إنّ هذا النبيّ دعا الناس ، فكان أشدّهم عليه قريش ، وأعداهم له اليهود ، وأقربهم منه النصارى ، ولعمرى ، ما بشارة موسى بعيسى عليهما الصلاة والسلام ، إلاَّ كبشارة عيسى بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما دعاؤنا إيّاك إلى القرآن ، إلاَّ كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل ، وكلّ نبيّ أدرك قوماً فهم أُمته ، فالحقّ عليهم أن يطيعوه ، فأنت ممّن أدرك هذا النبيّ ، ولسنا ننهاك عن دين المسيح بل نأمرك به.
بقي حاطب بن ا بي بلتعة أيّاماً ينتظر جواب المقوقس على رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبعدها استدعاه المقوقس إلى قصره واستزاده معرفة بالإسلام وقال له : إلى ما يدعو محمّد ؟
قال حاطب : إلى أن نعبد الله وحده ، ويأمر بالصلاة ، خمس صلوات في اليوم والليلة ، ويأمر بصيام رمضان ، وحجّ البيت ، والوفاء بالعهد ، وينهي عن أكل الميتّه ، والدم... ثمّ شرح له بعض جوانب حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال المقوقس : هذه صفته ، وكنت أعلم أن نبيّاً قد بقي ، وكنت أظنّ أنّ مخرجه بالشام ، وهناك كانت تخرج الأنبياء من قبله ، فأراه قد خرج من أرض العرب.
ثمّ دعا كاتبه الذي يكتب له بالعربية فكتب إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، لمحمّد بن عبدالله من المقوقس عظيم القبط ، سلام
عليك. أمّا بعد ، فقد قرأت كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه ، وقد علمت أنّ نبيّاً قد بقي ، وقد كنت أظنّ أنّه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك...»
ثمّ عدّد له الهدايا التي بعثها إليه وختم رسالته بعبارة «والسلام عليك» (4).
تقول كتب التاريخ إنّ المقوقس أرسل نحو أحد عشر نوعاً من الهدايا وبينها طبيب أرسله لمعالجة مرضى المسلمين. فقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الهدايا ، لكنّه أرجع الطبيب قائلاً : «إنّا قوم لا نأكل حتّى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع» مشيراً بذلك إلى أنّ هذه القاعدة في تناول الطعام كافية لحفظ صحّة المسلمين (5) (ولعلّه ـ إضافة إلى هذه القاعدة الصحّية العظيمة ـ لم يكن يأمن جانب الطبيب الذي كان مسيحياً وربما كان الطبيب متعصّباً أيضاً ، فلم يشأ أن يترك أرواح المسلمين بين يديه).
إن إكرام المقوقس سفير النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والهدايا التي أرسلها إليه ، وتقديم اسم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) على اسمه ، تدلّ كلّها على أنّه كان قد قبل دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قرارة نفسه ، أو أنّه ـ على الأقل ـ مالَ إلى الإسلام. ولكنّه لكيّ لا يهتزّ مركزه امتنع عن إظهار ذلك علناً.
2 ـ رسالة إلى قيصر الروم
«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمّد بن عبدالله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتّبع الهدى. أمّا بعد ، فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام. أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرّتين فإن تولّيت فإنّما عليك إثم الأريسيّين (6). يا اهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاَّ نعبد إلاَّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذّ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون»(7).
كان حامل رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى القيصر رجل اسمه «دحية الكلبي».
وتهيّأ السفير للإنطلاق نحو أرض الروم. ولكنّه قبل أن يصل القسطنطنية ، عاصمة القيصر ، علم أنّ القيصر قد يمّم شطر بيت المقدس للزيارة. فاتّصل بحاكم «بصرى» الحارث بن أبي شمر وكشف له عن مهمّته. ويبدو أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد أجاز دفع الرسالة إلى حاكم (بصرى) ليوصلها هذا إلى القيصر.
بعد أن اطّلع الحاكم على الأمر ، استدعى عدي بن حاتم وكلّفه أن يسافر مع دحية إلى بيت المقدس ليوصل الرسالة إلى القيصر. ألتقى السفيرُ قيصرَ في حمص. وكانت الحاشية قبل ذلك قد أفهموا دحية أنّ عليه أن يسجد أمام القيصر ، وأن لا يرفع رأسه أبداً حتّى يأذن له. فقال دحية : لا أفعل هذا أبداً ، ولا أسجد لغير الله. فأعجبوا بمنطقه المتين. وقال له أحد رجال البلاط : إذاً لك أن تضع الرسالة تجاه منبر قيصر وتنصرف ، إنّ أحداً غير القيصر لا يمسّها. فشكره دحية على ذلك ، وترك الرسالة في ذلك المكان ، وانصرف.
فتح قيصر الرسالة ، وجلب إنتباهه افتتاحها باسم الله ، وقال : أنا لم أرَ رسالة مثل هذه غير رسالة سليمان. ثمّ طلب مترجمه ليقرأ له الرسالة ويترجمها. احتمل قيصر أن يكون كاتب الرسالة هو النبيّ الموعود في التوراة والإنجيل. فعزم على معرفة دقائق حياة هذا النبيّ. فأمر بالبحث في الشام لعلّهم يعثرون على من يعرف شيئاً عن محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم). واتّفق أن كان أبو سفيان وجمع من قريش قد قدموا إلى الشام ـ التي كانت الجناح الشرقي للروم ـ للتجارة ، فاتّصل بهم رجال القيصر وأخذوهم إلى بيت المقدس ، فسألهم القيصر : أيّكم أقرب نسباً من هذا الرجل الذي يزعم أنّه نبيّ ؟ فقال أبو سفيان : أنا.
ثمّ قال القيصر للقريشيين ـ على طريق ترجمانه ـ : إني سائل (أبا سفيان) عن هذا الرجل الذي يزعم أنّه نبيّ. فإن كذبني فكذّبوه. فقال أبو سفيان : وايم الله لولا مخافة أن يؤثّر عليّ الكذب لكذبت.
ـ ثمّ قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟
أبو سفيان : هو فينا ذو حسب.
2 ـ القيصر : هل كان من آبائه ملك ؟
أبو سفيان : لا.
3 ـ القيصر : هل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟
أبو سفيان : لا.
4 ـ القيصر : من يتّبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟
أبو سفيان : بل ضعفاؤهم.
5 ـ القيصر : أيزيدون أم ينقصون ؟
أبو سفيان : بل يزيدون.
6 ـ القيصر : هل يرتدّ أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟
أبو سفيان : لا.
ثمّ استمرّ الحوار بين الاثنين عن موقف قريش من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن سجاياه ثمّ قال القيصر :
إن يكن ما تقول حقّاً فإنّه نبيّ ، وقد كنت أعلم أنّه خارج ، ولم أكن أظنّه منكم ، ولو أعلم أنّي أخلص إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت قدميه ـ حسب تقاليد الاحترام يومئذ ـ وليبلغن ملكه ما تحت قدميّ ، ثمّ دعا بكتاب رسول الله فقرأه ودعا دحية واحترمه وكتب جواب الرسالة وضمنّها بهدية وارسلها الى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأظهر في جواب الرسالة ولاءه ومحبته إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).(8)
_______________________
1. المقوقس : حاكم مصر من قبل هرقل ملك الروم ، وكان نصرانياً.
2. (الأقباط) : أقوام كانت تقطن مصر.
3. مكاتيب الرسول : ج 1 ص 97. ، وبحار الانوار ، ج20 ، ص383 .
4. مكاتيب الرسول ، ج1 ، ص100 ، وموسوعة التاريخ الاسلامي ، ج2 ، ص663 .
5. مكاتيب الرسول : ج 1 ص 100 ، وموسوعة التاريخ الاسلامي ، ج.2 ، ص 663 .
6. (الأريسيون) : هم العنصر الرومي والعمال .
7. مسند احمد ، ج1 ، ص263 ، وبحار الانوار ، ج20 ، ص386 .
8. مكاتيب الرسول ، ج1 ، ص108 ، وبحار الانوار ، ج20 ، ص378و379 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|