أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2016
2319
التاريخ: 20-3-2016
2836
التاريخ: 20-3-2016
3414
التاريخ: 9-4-2022
2349
|
تتغير صور القصد الجنائي بناءً على تغيير اتجاهات الإرادة البشرية بتوجهها علـى نـحـو مخالف للقانون، فقد تختلف هذه الصور علـى حسب اتجاه الإرادة لتحقيق النتيجة الجرمية وهذا ما سنبينه
اولاً - القصد العام والقصد الخاص : يعرف القصد الجنائي العام بانه : ( إرادة تحقيق الواقعة الإجرامية مع العلم بالعناصر المكونة لها بغض النظر عن الغاية التي يبغي الجاني تحقيقها)(1) وبذلك يتوفر القصد العام إذا ما تعمد الجاني ارتكاب الجريمة مع علمه بأن يأتي فعلاً محظوراً (2) وهذا هو القصد العام سواء كان مباشراً ام احتمالياً وهو القصد اللازم والكافي في أغلب الجرائم لقيام الجريمة العمدية (3) فالقاعدة أن القانون لا يهتم عادة بالغاية التي يسعى اليها الجاني من ارتكابه للجريمة وبذلك يكفي تحقق الجريمة بالصورة العمدية بالقصد الجنائي العام ولكن المشرع في بعض الجرائم عد الغاية عنصراً في القصد الجنائي إذ يرى إن خطورة الفعل تأتي من انصراف إرادة الجاني الى هذه الغاية وليس الاكتفاء بتوجيه إرادته نحو النتيجة وهذا ما يعرف بالقصد الخاص (4) والذي عرفه الفقه الجنائي بأنه: ( انصراف نية الجاني الى تحقيق غاية بعينها)(5).
وفي جرائم التحريض غير المتبوع بأثر يتطلب ليقام الركن المعنوي بتوافر القصد العام أي بمجرد اتجاه الجاني لارتكاب الجريمة مع علمه بعناصرها المكونة لها فمن يقوم بالنشاط التحريضي هو ملم بالعلم المطلوب واتجهت إرادته للنشاط الإجرامي المتمثل بالتحريض على ارتكاب الجريمة يتوافر بحقة القصد الجنائي العام ما دام مريد لأركانها متوقعا نتيجتها مع هذا أقدم على ارتكابها ، وفي بعض صور جرائم التحريض غير المتبوع بأثر تطلب القانون توافر القصد الجرمي الخاص فانه بالإضافة للأركان العامة فإنه يتطلب اتجاه العلم والإرادة بنية خاصة إضافيه تطلبه ، وعلى سبيل المثال فقد نص المشرع على أنه: (يعاقب بالاعدام من ارتكب عمداً فعلاً بقصد المساس باستقلال البلاد او وحدتها أو سلامة أراضيها وكان الفعل من شأنه أن يؤدي الى ذلك) (6) وهنا نلاحظ أن القانون تطلب قيام جريمة التحريض ، وبهذه الصورة توافر القصد الخاص والمتمثل بقصد بقصد المساس باستقلال البلاد فهي الطابع المميز لقصد المحرض(7) أي اشتراط القانون قيام القصد الجرمي بحق الجاني توافر غاية معينة لدى الجاني ((قصد المساس باستقلال وسيادة (العراق)) تكون أبعد من ماديات الجريمة وأركانها العامة واذا انعدمت هذه الغاية انعدم القصد الجنائي وأن أمكن محاسبة الجاني عن خطأ غير عمدي أو جريمة أخرى اذا ما اكتملت أوصافها .
ثانياً - القصد المحدد والقصد غير المحدد : القصد المحدد هو اتجاه إرادة الجاني الى تحقيق نتيجة إجرامية محددة بالذات (8) أي تعمد ارتكابه الجريمة بنتائجها المحددة المعروفة له أما القصد غير المحدد فإنه يتوافر عند قيام الجاني بالفعل الذي من الممكن أن يفضي الى العديد من النتائج الاجرامية المختلفة في طبيعتها ويستطيع تصور هذه النتائج كافه إلا أنه لم يتوقف عند نتيجة واحدة (9) إذ تتجه إرادة الجاني الى إحداث نتيجة غير محدودة مسبقا وقت إتيان الفعل الإجرامي كمن يرمي برمانه يدوية على مجموعة من الناس ، وفي جرائم التحريض غير المتبوع بأثر فإذا كان الجاني قد حدد النتيجة الاجرامية التي يبغي الوصول اليها مقدما عندئذ نكون امام قصد محدد أما اذا اقدم الجاني على إتيان نشاطه التحريضي الذي من الممكن أن يؤدي الى عدة نتائج غير محدودة فيقدم عليها من غير تحديد، ويترتب على فعله عدة نتائج بمعناها القانوني وليس المادي كما تم تفصيل ذلك عند بحث النتيجة الجرمية فنكون أمام قصد غير محدد(10) وتقوم الجريمة العمدية سواء بالقصد المحدد أم غير المحدد على حد سواء وهذا ما أخذ به المشرع العراقي (11)
ثالثاً - القصد المباشر والقصد الاحتمالي : القصد المباشر هو اتجاه الإرادة على نحو يقيني حاسم لأحداث النتيجة الاجرامية ويتحقق القصد المباشر عند ارتكاب الجاني الفعل المجرم وهو ينتظر النتيجة على أنها أمر حتمي الوقوع ولازم كأثر لفعله وتعد الإرادة العنصر الجوهري للقصد المباشر متى اتجهت للاعتداء على المصلحة محل الحماية القانونية على نحو أكيد ولا تكون الإرادة بهذا النحو إلا إذا توفر للجاني علم بعناصر الجريمة (12) وقد عرف المشرع العراقي القصد الجنائي المباشر والذي أسماه القصد الجرمي في المادة (1/33) من قانون العقوبات العراقي إذ نصت على (القصد الجرمي هو توجيه الفاعل إرادته الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفاً الى نتيجة الجريمة التي وقعت أو أية نتيجة جرمية أخرى ) (13) فالقصد المباشر علم بعناصر الجريمة وإرادة متجهة الى تحقيق هذه العناصر ، وهذا ما يجب توفره لقيام القصد الجنائي في جرائم الضرر والتي يشترط المشرع وقوع النتيجة الإجرامية بمفهومها المادي أما في الجرائم محل الدراسة والتي هي من الجرائم ذات السلوك المجرد فهي جرائم تقوم على إتيان الجاني السلوك الاجرامي لها فقط ويكفي اتجاه الإرادة الى تحقيق السلوك المكون للجريمة دون البحث في تحقيق النتيجة بمعناها المادي (14) أن جرائم التحريض غير المتبوع بأثر هي جرائم خطر تمثل النتيجة فيها الخطر الناشئ عن السلوك وهذا الخطر هو النتيجة التي من أجلها جرم المشرع السلوك فاتجاه الإرادة نحو تحقيق السلوك يكفي لقيام القصد الجرمي المباشر فيها فالقصد الجنائي المباشر لا ينتفي اذا لم تتجه الإرادة للسلوك والنتيجة وإنما للسلوك الإجرامي فقط ، أما القصد الاحتمالي فقد عرف بأنه: ( توقع الجاني للنتائج الاجرامية لفعله وقبوله بحدوثها إذ يقوم القصد الاحتمالي(15) على عنصري العلم والإرادة كما هو الحال في القصد المباشر وأن معيار التمييز بينهما هو صورة توقع النتيجة الاجرامية وكيفية اتجاه الإرادة نحوها (16) والفرق بينهما يتعلق بكيفية اتجاه الإرادة فالقصد المباشر تتجه فيه الإرادة نحو احداث النتيجة بشكل مباشر إذ يتوقع الجاني وقوع النتيجة على أنها أمر حتمي لازم لفعله الذي يرتكبه ، أما القصد الاحتمالي فإن النتيجة الإجرامية ليست مؤكدة وإنما من الممكن حدوثها أو قد لا تحدث ولكن مع احتمال حدوثها قبل بها (17) فهل يتصور القصد الاحتمالي في جرائم التحريض غير المتبوع بأثر ، لا سيما عندما يكون النشاط التحريضي عبارة عن فتوى تكفيرية؟ اختلف الفقه الجنائي في تحديد القصد الجرمي بالنسبة للفتوى التكفيرية إذ يذهب جانب منهم الى أن القصد الجنائي لصاحب الفتوى هو قصد احتمالي كونه توقع نتائج إجرامية لفعلة وأقدم على ارتكابها في حين يرى الجانب الآخر أن القصد الجرمي عند المفتي بتكفير شخص أو طائفة معينة هو قصد جنائي مباشر كون صاحب الفتوى يعلم نتائج فعله من هذه الفتوى التكفيرية سواء كانت موجهة لشخص أم لطائفة معينة وأن مصير التكفير يؤدي الى وقوع الاعتداء بمختلف صوره بما في ذلك القتل أو الاقتتال الطائفي (18) ونحن نتفق مع الرأي الفقهي الثاني الذي يرى أن القصد الجنائي عند المفتي هو قصد جنائي مباشر وذلك لأن المفتي أو الشيخ ... يعلم علم اليقين أن مصير تكفير شخص ما أو طائفة بذاتها له نتائج تتمثل أباحه دماء هذا الشخص او الطائفة
رابعاً - القصد البسيط والقصد المقترن بسبق الاصرار : يعرف القصد البسيط بأنه: فاصل زمني القصد الذي يكون الجاني قد اتخذ قراره بارتكاب الجريمة وقام بتنفيذها دون مرور بين القرار والتنفيذ أما القصد مع سبق الإصرار فهو : ( هو التفكير المصمم عليه في ارتكاب الجريمة قبل تنفيذها بعيداً عن ثورة الغضب الأني أو الهياج النفسي )(19) فمن خلال سبق الإصرار يتضح ان له عنصرين احدهما زمني والأخر نفسي أما العنصر الزمني فيتمثل بالتصميم السابق والذي يعني مرور مدة من الوقت للتصميم على اقتراف الجريمة قبل إتيانها بالفعل ، أما العنصر الثاني وهو العنصر النفسي ويراد به الهدوء النفسي للجاني أي أن لا يكون الجاني قد ارتكب الجريمة وهو تحت ثورة الغضب والهيجان بل ارتكبها وهو هادئ النفس غير مضطرب مما يدل على التصميم الأكيد والعزم الذي لا رجعة فيه (20) ونرى أن التشريعات محل الدراسة لم تستلزم توافر القصد المقترن بسبق الإصرار لدى الجاني واكتفى المشرع لقيام جرائم التحريض غير المتبوع بأثر بالقصد البسيط .
______________
1- ينظر: د محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات - القسم العام ، ط5 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2016 ، ص375.
2- ينظر: محمد عبد الله ،نجم تجريم التحريض في القانون الجنائي، رسالة ماجستير، كلية الحقوق - جامعة المنصورة ، 2015، ، ص 96.
3- ينظر: د. محمود نجيب حسني، النظرية العامة للقصد الجنائي، دار النهضة العربية، القاهرة، دون سنة طبع ، ص 209
4- ينظر: د. عمر الشريف درجات القصد الجنائي، ط1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص 258.
5- ينظر: د. ماهر عبد شويش الاحكام العامة في قانون العقوبات، ط 2 ، بغداد، 2011، ص313.
6- تنظر: الفقرة (1) من المادة (161) عقوبات عراقي.
7- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص 296.
8- ينظر: د. مأمون محمد سلامة قانون العقوبات القسم العام ج 3 سلامة للنشر والتوزيع 2018 ، ص377.
9- BERNARDINI ,(Roger). Lintention coupable en droit penal these de doctorat Universite de NICE, 1978,p429.
10- تنظر المادة على سبيل المثال (161) من قانون العقوبات العراقي، (171) عقوبات مصري.
11- تنظر المادة (34) من قانون العقوبات العراقي
12- ينظر: د. رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائي، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية ، 1997 ، ص 884.
13- تنظر المادة (63) من قانون العقوبات الأردني ، اما التشريع المصري فلم يعرف القصد الجنائي تاركا الامر للفقه الجنائي
14- ينظر: د. رمسيس بهنام، النظرية العامة في القانون الجنائي، مرجع سابق ، ص567.
_____________
تتغير صور القصد الجنائي بناءً على تغيير اتجاهات الإرادة البشرية بتوجهها علـى نـحـو مخالف للقانون، فقد تختلف هذه الصور علـى حسب اتجاه الإرادة لتحقيق النتيجة الجرمية وهذا ما سنبينه
اولاً - القصد العام والقصد الخاص : يعرف القصد الجنائي العام بانه : ( إرادة تحقيق الواقعة الإجرامية مع العلم بالعناصر المكونة لها بغض النظر عن الغاية التي يبغي الجاني تحقيقها)(1) وبذلك يتوفر القصد العام إذا ما تعمد الجاني ارتكاب الجريمة مع علمه بأن يأتي فعلاً محظوراً (2) وهذا هو القصد العام سواء كان مباشراً ام احتمالياً وهو القصد اللازم والكافي في أغلب الجرائم لقيام الجريمة العمدية (3) فالقاعدة أن القانون لا يهتم عادة بالغاية التي يسعى اليها الجاني من ارتكابه للجريمة وبذلك يكفي تحقق الجريمة بالصورة العمدية بالقصد الجنائي العام ولكن المشرع في بعض الجرائم عد الغاية عنصراً في القصد الجنائي إذ يرى إن خطورة الفعل تأتي من انصراف إرادة الجاني الى هذه الغاية وليس الاكتفاء بتوجيه إرادته نحو النتيجة وهذا ما يعرف بالقصد الخاص (4) والذي عرفه الفقه الجنائي بأنه: ( انصراف نية الجاني الى تحقيق غاية بعينها)(5).
وفي جرائم التحريض غير المتبوع بأثر يتطلب ليقام الركن المعنوي بتوافر القصد العام أي بمجرد اتجاه الجاني لارتكاب الجريمة مع علمه بعناصرها المكونة لها فمن يقوم بالنشاط التحريضي هو ملم بالعلم المطلوب واتجهت إرادته للنشاط الإجرامي المتمثل بالتحريض على ارتكاب الجريمة يتوافر بحقة القصد الجنائي العام ما دام مريد لأركانها متوقعا نتيجتها مع هذا أقدم على ارتكابها ، وفي بعض صور جرائم التحريض غير المتبوع بأثر تطلب القانون توافر القصد الجرمي الخاص فانه بالإضافة للأركان العامة فإنه يتطلب اتجاه العلم والإرادة بنية خاصة إضافيه تطلبه ، وعلى سبيل المثال فقد نص المشرع على أنه: (يعاقب بالاعدام من ارتكب عمداً فعلاً بقصد المساس باستقلال البلاد او وحدتها أو سلامة أراضيها وكان الفعل من شأنه أن يؤدي الى ذلك) (6) وهنا نلاحظ أن القانون تطلب قيام جريمة التحريض ، وبهذه الصورة توافر القصد الخاص والمتمثل بقصد بقصد المساس باستقلال البلاد فهي الطابع المميز لقصد المحرض(7) أي اشتراط القانون قيام القصد الجرمي بحق الجاني توافر غاية معينة لدى الجاني ((قصد المساس باستقلال وسيادة (العراق)) تكون أبعد من ماديات الجريمة وأركانها العامة واذا انعدمت هذه الغاية انعدم القصد الجنائي وأن أمكن محاسبة الجاني عن خطأ غير عمدي أو جريمة أخرى اذا ما اكتملت أوصافها .
ثانياً - القصد المحدد والقصد غير المحدد : القصد المحدد هو اتجاه إرادة الجاني الى تحقيق نتيجة إجرامية محددة بالذات (8) أي تعمد ارتكابه الجريمة بنتائجها المحددة المعروفة له أما القصد غير المحدد فإنه يتوافر عند قيام الجاني بالفعل الذي من الممكن أن يفضي الى العديد من النتائج الاجرامية المختلفة في طبيعتها ويستطيع تصور هذه النتائج كافه إلا أنه لم يتوقف عند نتيجة واحدة (9) إذ تتجه إرادة الجاني الى إحداث نتيجة غير محدودة مسبقا وقت إتيان الفعل الإجرامي كمن يرمي برمانه يدوية على مجموعة من الناس ، وفي جرائم التحريض غير المتبوع بأثر فإذا كان الجاني قد حدد النتيجة الاجرامية التي يبغي الوصول اليها مقدما عندئذ نكون امام قصد محدد أما اذا اقدم الجاني على إتيان نشاطه التحريضي الذي من الممكن أن يؤدي الى عدة نتائج غير محدودة فيقدم عليها من غير تحديد، ويترتب على فعله عدة نتائج بمعناها القانوني وليس المادي كما تم تفصيل ذلك عند بحث النتيجة الجرمية فنكون أمام قصد غير محدد(10) وتقوم الجريمة العمدية سواء بالقصد المحدد أم غير المحدد على حد سواء وهذا ما أخذ به المشرع العراقي (11)
ثالثاً - القصد المباشر والقصد الاحتمالي : القصد المباشر هو اتجاه الإرادة على نحو يقيني حاسم لأحداث النتيجة الاجرامية ويتحقق القصد المباشر عند ارتكاب الجاني الفعل المجرم وهو ينتظر النتيجة على أنها أمر حتمي الوقوع ولازم كأثر لفعله وتعد الإرادة العنصر الجوهري للقصد المباشر متى اتجهت للاعتداء على المصلحة محل الحماية القانونية على نحو أكيد ولا تكون الإرادة بهذا النحو إلا إذا توفر للجاني علم بعناصر الجريمة (12) وقد عرف المشرع العراقي القصد الجنائي المباشر والذي أسماه القصد الجرمي في المادة (1/33) من قانون العقوبات العراقي إذ نصت على (القصد الجرمي هو توجيه الفاعل إرادته الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفاً الى نتيجة الجريمة التي وقعت أو أية نتيجة جرمية أخرى ) (13) فالقصد المباشر علم بعناصر الجريمة وإرادة متجهة الى تحقيق هذه العناصر ، وهذا ما يجب توفره لقيام القصد الجنائي في جرائم الضرر والتي يشترط المشرع وقوع النتيجة الإجرامية بمفهومها المادي أما في الجرائم محل الدراسة والتي هي من الجرائم ذات السلوك المجرد فهي جرائم تقوم على إتيان الجاني السلوك الاجرامي لها فقط ويكفي اتجاه الإرادة الى تحقيق السلوك المكون للجريمة دون البحث في تحقيق النتيجة بمعناها المادي (14) أن جرائم التحريض غير المتبوع بأثر هي جرائم خطر تمثل النتيجة فيها الخطر الناشئ عن السلوك وهذا الخطر هو النتيجة التي من أجلها جرم المشرع السلوك فاتجاه الإرادة نحو تحقيق السلوك يكفي لقيام القصد الجرمي المباشر فيها فالقصد الجنائي المباشر لا ينتفي اذا لم تتجه الإرادة للسلوك والنتيجة وإنما للسلوك الإجرامي فقط ، أما القصد الاحتمالي فقد عرف بأنه: ( توقع الجاني للنتائج الاجرامية لفعله وقبوله بحدوثها إذ يقوم القصد الاحتمالي(15) على عنصري العلم والإرادة كما هو الحال في القصد المباشر وأن معيار التمييز بينهما هو صورة توقع النتيجة الاجرامية وكيفية اتجاه الإرادة نحوها (16) والفرق بينهما يتعلق بكيفية اتجاه الإرادة فالقصد المباشر تتجه فيه الإرادة نحو احداث النتيجة بشكل مباشر إذ يتوقع الجاني وقوع النتيجة على أنها أمر حتمي لازم لفعله الذي يرتكبه ، أما القصد الاحتمالي فإن النتيجة الإجرامية ليست مؤكدة وإنما من الممكن حدوثها أو قد لا تحدث ولكن مع احتمال حدوثها قبل بها (17) فهل يتصور القصد الاحتمالي في جرائم التحريض غير المتبوع بأثر ، لا سيما عندما يكون النشاط التحريضي عبارة عن فتوى تكفيرية؟ اختلف الفقه الجنائي في تحديد القصد الجرمي بالنسبة للفتوى التكفيرية إذ يذهب جانب منهم الى أن القصد الجنائي لصاحب الفتوى هو قصد احتمالي كونه توقع نتائج إجرامية لفعلة وأقدم على ارتكابها في حين يرى الجانب الآخر أن القصد الجرمي عند المفتي بتكفير شخص أو طائفة معينة هو قصد جنائي مباشر كون صاحب الفتوى يعلم نتائج فعله من هذه الفتوى التكفيرية سواء كانت موجهة لشخص أم لطائفة معينة وأن مصير التكفير يؤدي الى وقوع الاعتداء بمختلف صوره بما في ذلك القتل أو الاقتتال الطائفي (18) ونحن نتفق مع الرأي الفقهي الثاني الذي يرى أن القصد الجنائي عند المفتي هو قصد جنائي مباشر وذلك لأن المفتي أو الشيخ ... يعلم علم اليقين أن مصير تكفير شخص ما أو طائفة بذاتها له نتائج تتمثل أباحه دماء هذا الشخص او الطائفة
رابعاً - القصد البسيط والقصد المقترن بسبق الاصرار : يعرف القصد البسيط بأنه: فاصل زمني القصد الذي يكون الجاني قد اتخذ قراره بارتكاب الجريمة وقام بتنفيذها دون مرور بين القرار والتنفيذ أما القصد مع سبق الإصرار فهو : ( هو التفكير المصمم عليه في ارتكاب الجريمة قبل تنفيذها بعيداً عن ثورة الغضب الأني أو الهياج النفسي )(19) فمن خلال سبق الإصرار يتضح ان له عنصرين احدهما زمني والأخر نفسي أما العنصر الزمني فيتمثل بالتصميم السابق والذي يعني مرور مدة من الوقت للتصميم على اقتراف الجريمة قبل إتيانها بالفعل ، أما العنصر الثاني وهو العنصر النفسي ويراد به الهدوء النفسي للجاني أي أن لا يكون الجاني قد ارتكب الجريمة وهو تحت ثورة الغضب والهيجان بل ارتكبها وهو هادئ النفس غير مضطرب مما يدل على التصميم الأكيد والعزم الذي لا رجعة فيه (20) ونرى أن التشريعات محل الدراسة لم تستلزم توافر القصد المقترن بسبق الإصرار لدى الجاني واكتفى المشرع لقيام جرائم التحريض غير المتبوع بأثر بالقصد البسيط .
______________
1- ينظر: د محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات - القسم العام ، ط5 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2016 ، ص375.
2- ينظر: محمد عبد الله ،نجم تجريم التحريض في القانون الجنائي، رسالة ماجستير، كلية الحقوق - جامعة المنصورة ، 2015، ، ص 96.
3- ينظر: د. محمود نجيب حسني، النظرية العامة للقصد الجنائي، دار النهضة العربية، القاهرة، دون سنة طبع ، ص 209
4- ينظر: د. عمر الشريف درجات القصد الجنائي، طا ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص 258.
5- ينظر: د. ماهر عبد شويش الاحكام العامة في قانون العقوبات، ط 2 ، بغداد، 2011، ص313.
6- تنظر: الفقرة (1) من المادة (161) عقوبات عراقي.
7- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص 296.
8- ينظر: د. مأمون محمد سلامة قانون العقوبات القسم العام ج 3 سلامة للنشر والتوزيع 2018 ، ص377.
9- BERNARDINI ,(Roger). Lintention coupable en droit penal these de doctorat Universite de NICE, 1978,p429.
10- تنظر المادة على سبيل المثال (161) من قانون العقوبات العراقي، (171) عقوبات مصري.
11- تنظر المادة (34) من قانون العقوبات العراقي
12- ينظر: د. رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائي، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية ، 1997 ، ص 884.
13- تنظر المادة (63) من قانون العقوبات الأردني ، اما التشريع المصري فلم يعرف القصد الجنائي تاركا الامر للفقه الجنائي
14- ينظر: د. رمسيس بهنام، النظرية العامة في القانون الجنائي، مرجع سابق ، ص567.
15- يرى بعض الفقه الجنائي ان استظهار فكرة القصد الاحتمالي يرجع الفضل بذلك الى محكمة النقض المصرية حيث عرضت عليها قضيه عام 1930م تتضمن وقائعها في ان متهم راوده الشك بشقيقته فاراد قتلها بان قدم لها قطعة حلوى ممزوجة بالسم الا ان الأخت لم تتناول القطعة واخذتها معها الى مسكنها وكانت هناك خادمتين اكلتا من قطعه الحلوى مما أدى لوفاه واحدة منهم فحكم على المتهم بالشروع بالقتل فقط لشروعه بقتل شقيقته وتبرئته من التهم الاخرى وعند عرض أوراق القضية على محكمة النقض استظهرت فكرة القصد الاحتمال واحلاله محل القصد المباشر . للمزيد ينظر د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات - القسم العام، ط6، 2015، ص 660 .
16- ترى محكمة التمييز الاتحادية ان القصد الاحتمالي هو حالة قانونية تتوسط بين حالة العمد وحالة الخطأ وان الجاني مرتكب الفعل يؤاخذ على عدم التزامه وتبصره بالأمور ومن ثم مسائلته عن النتيجة التي وقعت ولم يكن يقصدها قرار محكمة التمييز المرقم 9141/ 2012 الصادر بتاريخ 2012/7/22 متاح على موقعها www.hjc.iq/indexqanoun-ar.php تاریخ اخر زيارة 2019/1/31.
17- ينظر: عبد الرزاق طلال جاسم القصد الجنائي والخطأ والصلة بينهما، رسالة ماجستير، كلية القانون - الجامعة المستنصرية، 2005، ص30.
18- للمزيد ينظر: د. عودة يوسف سليمان الموسوي جريمة استهداف اثارة الحرب الاهلية عبر وسائل الإعلام ط1، المركز العربي، القاهرة ،2018، ص 243.
19- تنظر الفقرة (3) من المادة (33) عقوبات العراقي.
20- ينظر: غازي حنون خلف استظهار القصد الجنائي في جريمة القتل العمد، رسالة ماجستير، كلية القانون - جامعة بغداد، 2004، ص 31-32.
15- يرى بعض الفقه الجنائي ان استظهار فكرة القصد الاحتمالي يرجع الفضل بذلك الى محكمة النقض المصرية حيث عرضت عليها قضيه عام 1930م تتضمن وقائعها في ان متهم راوده الشك بشقيقته فاراد قتلها بان قدم لها قطعة حلوى ممزوجة بالسم الا ان الأخت لم تتناول القطعة واخذتها معها الى مسكنها وكانت هناك خادمتين اكلتا من قطعه الحلوى مما أدى لوفاه واحدة منهم فحكم على المتهم بالشروع بالقتل فقط لشروعه بقتل شقيقته وتبرئته من التهم الاخرى وعند عرض أوراق القضية على محكمة النقض استظهرت فكرة القصد الاحتمال واحلاله محل القصد المباشر . للمزيد ينظر د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات - القسم العام، ط6، 2015، ص 660 .
16- ترى محكمة التمييز الاتحادية ان القصد الاحتمالي هو حالة قانونية تتوسط بين حالة العمد وحالة الخطأ وان الجاني مرتكب الفعل يؤاخذ على عدم التزامه وتبصره بالأمور ومن ثم مسائلته عن النتيجة التي وقعت ولم يكن يقصدها قرار محكمة التمييز المرقم 9141/ 2012 الصادر بتاريخ 2012/7/22 متاح على موقعها www.hjc.iq/indexqanoun-ar.php تاریخ اخر زيارة 2019/1/31.
17- ينظر: عبد الرزاق طلال جاسم القصد الجنائي والخطأ والصلة بينهما، رسالة ماجستير، كلية القانون - الجامعة المستنصرية، 2005، ص30.
18- للمزيد ينظر: د. عودة يوسف سليمان الموسوي جريمة استهداف اثارة الحرب الاهلية عبر وسائل الإعلام ط1، المركز العربي، القاهرة ،2018، ص 243.
19- تنظر الفقرة (3) من المادة (33) عقوبات العراقي.
20- ينظر: غازي حنون خلف استظهار القصد الجنائي في جريمة القتل العمد، رسالة ماجستير، كلية القانون - جامعة بغداد، 2004، ص 31-32.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|