الزراعة العضوية Organic Agriculture

يعتبر نظام الزراعة العضوية Organic Agriculture «نظام قديم واكتشاف حديث»، وبالطبع فإن هذا القول لا يعني العودة لما مارسه الإنسان منذ القدم في الزراعة أي الزراعة الطبيعية أو الزراعة التقليدية القديمة. أنه نظام قديم لأن الإنسان منذ قديم الزمان عرف الزراعة المنظمة وكان يعتمد على استخدام المكونات الطبيعية العضوية فقط في عمليات الإنتاج الزراعي، ولم يستخدم أي مواد مخلقة أو غير طبيعية خلال عملية الإنتاج، لقد كان الإنسان يعتمد على الطبيعة في إمداده بجميع مستلزمات الإنتاج الزراعي بالإضافة إلى اعتماده على مشاهداته وملاحظاته في التكيف مع العوائق التي تعيق الإنتاج الزراعي مثل الأمراض النباتية والآفات الحشرية وذلك بإتباع أساليب بسيطة وغير معقدة في السيطرة عليها. وأمثلة ذلك اتباع الدورة الزراعية وزراعة المحاصيل في أوقات لا تتعاظم فيها مشاكل الأمراض أو تتواجد فيها الآفات بأعداد كبيرة فتسبب مشاكل للإنتاج الزراعي. أما القول بأن الزراعة العضوية هي اكتشاف حديث، فذلك يعود إلى أن الإنسان قد قام بتطوير الأساليب القديمة أو البدائية المستخدمة في الزراعة قديماً مع قيامه بوضع تفاسير ومصطلحات علمية لكل الخطوات والعمليات المستخدمة خلال عملية الإنتاج الزراعي.

تعتمد الزراعة العضوية على استخدام الأساليب والاستراتيجيات التي تحافظ على البيئة، حيث لا يتم استخدام أي من مستلزمات الإنتاج الزراعي غير الطبيعية مثل: الأسمدة والمبيدات الكيميائية. وتعرف الزراعة العضوية أيضاً باسم الزراعة الحيوية Biological Agriculture أو الزراعة الإيكولوجية Ecological Agriculture، وهي تعتبر منهج يتخذ للوصول إلى نظام متكامل قائم على مجموعة من العمليات تؤدي في النهاية إلى تحقيق نظام إيكولوجي مستدام مع توفير غذاء آمن وتغذية سليمة للإنسان مع تحقيق العدالة الاجتماعية بالإضافة إلى رعاية الثروة الحيوانية.

وبناء على ذلك فإن الإنتاج العضوي يعتبر أكثر من مجرد نظام يتضمن أو يستبعد بعض المدخلات، ومن هذا المنطلق يمكننا القول بأن الزراعة العضوية هي فلسفة، وعليه فلابد من أن يؤمن ويقتنع جميع العاملين في مجال الزراعة العضوية بها لكي يتحقق لهم النجاح في تطبيق هذه الفلسفة بجميع مقوماتها.

وفي السنوات الأخيرة بدأ هذا العلم في التطور والنمو والانتشار وذلك مع نمو المعرفة وزيادة الوعي وحاجة الإنسان للحصول على غذاء صحي خالي من متبقيات المواد الكيميائية (الأسمدة والمبيدات الكيميائية) التي ثبت أنها أحد الأسباب في انتشار التلوث البيئي وكذلك لتأثيراتها المباشرة على صحة الإنسان. ومن هنا فإن أول ما يتبادر إلى الذهن عندما نذكر مصطلح الزراعة العضوية بأنه نظام زراعي يقوم على أساس عدم استخدام مدخلات كيميائية في الإنتاج الزراعي، وهذا بالطبع مفهوم صحيح وهو المتبع في المزارع العضوية ولكن المفهوم الحقيقي لمصطلح الزراعة العضوية يعتبر أعمق من ذلك، حيث تعتبر الزراعة العضوية إحدى صور الزراعة المستدامة Sustainable Agriculture وبذلك فهي أكثر من مجرد نظام إنتاج يتضمن أو يستبعد بعض المدخلات وهو ما سيتضح لنا لاحقاً. وعموماً يمكن القول بأن الزراعة العضوية عبارة عن نظام متكامل لإنتاج وإعداد وتجهيز وتداول وتسويق المنتجات الزراعية بالأساليب الحديثة وذلك تنظمه قواعد ومعايير محلية أو دولية.