المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



المشايخ الثقات.  
  
1060   11:11 صباحاً   التاريخ: 2024-01-28
المؤلف : محمد علي صالح المعلّم.
الكتاب أو المصدر : أصول علم الرجال بين النظريّة والتطبيق.
الجزء والصفحة : ص 401 ـ 424.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / التوثيقات العامة /

المشايخ الثقات:

وهم: محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحي، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، وأمثالهم، فقد ورد في حقّهم انّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة، وشهد الشيخ، والنجاشي بذلك.

أمّا الشيخ فذكر في العدّة في مقام جواز العمل بالمراسيل أنّ الطائفة ساوت بين المراسيل والمسانيد عن هؤلاء، لأنّهم عرفوا أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة(1).

وأمّا النجاشي فحاصل ما أفاده قريب من هذا المضمون إلّا أنّ كلامه ورد في خصوص المراسيل ولم يتعرّض للمسانيد، فقد ذكر في أحوال ابن أبي عمير، انّه لمّا تلفت كتبه اضطر إلى أن يروي عن حفظه ومما كان سلف له في ايدي الناس فلهذا اصحابنا يسكنون الى مراسيله (2)، ونظير هذا وقع للعامّة فقد عرف عن الشافعي: انّ مراسيل سعيد بن المسيّب مورد اعتماد عنده (3).

ثم إنّه يترتّب على هذه الدعوى أمران:

الأوّل: الحكم بوثاقه كلّ من يروي عنه هولاء استنادا إلى قوله: لا يروون إلّا عن ثقة، فإذا لم ينص الرجاليون على وثاقة شخص ممن روى عنه ... الخ ممّن روى عنه أحد هؤلاء فيمكن الحكم بوثاقته بمفاد هذه الجملة، ومع ورود التضعيف في حقّ أحد يكون داخلا في باب التعارض.

الثاني: الحكم بحجيّة مراسيل هؤلاء، استنادا إلى قوله: ولا يرسلون إلّا عن ثقة، وعليه فلا فرق بين المسند والمرسل عنهم، من حيث الحجيّة والاعتبار، ومع ثبوت هذه الدعوى وتماميتها يمكن الاستناد إلى كثير من الروايات، والحكم بحجيّتها.

ثم إنّه لا إشكال ولا كلام في دلالة العبارة، فإنّها صريحة في المدّعى، وإن يكن في المقام إشكال فمن جهات اخرى لا ترتبط بالدلالة، ولهذا جاءت إشكالات السيّد الأستاذ قدس ‌سره بما لا مساس له بالدلالة، وحاصل ما أفاده قدس ‌سره أنّ الدعوى محلّ نظر من جهات أربع (4).

الاولى: انّ هذه الدعوى غير تامّة، وهي اجتهاد من الشيخ، ومستنده عبارة الكشّي في أصحاب الاجماع، وقد تقدّم البحث مفصّلا حول ما يستفاد من عبارة الكشّي ـ والدليل على عدم تماميّة هذه الدعوى ـ وإنّها اجتهاد من الشيخ ـ أنّ هذه العبارة لم ترد في كلمات الأصحاب، ولم يتعرّض لها أحد، فلو كانت هذه الدعوى تامّة وأمرا متسالما عليه عند الطائفة لذكرها الأصحاب.

وممّا يشهد على ذلك أنّ الشيخ نفسه ناقش في كتاب التهذيب بعض الروايات عن هؤلاء راميا لها بالإرسال، وان كان المرسل ابن أبي عمير، أو غيره من أصحاب الاجماع. ففي أوّل التهذيب قال عن رواية عن أحد هؤلاء ـ وهو عبد الله بن المغيرة ـ انّها مرسلة (5).

وفي الجزء الثامن قال عن رواية ابن أبي عمير.. فأوّل ما فيه انّه مرسل، وما هذا سبيله فلا يعارض به الأخبار المسندة (6).

فإذا كان الشيخ لم يصحّ الأمر عنده، فكيف بغيره؟

الثانية: على فرض التسليم بتماميّة الدعوى، إلّا أنّه لا فائدة في ذلك لاحتمال أن يكون مبنى الأصحاب في العمل بمراسيل هؤلاء إنّما كان من أجل أنّهم لا يرون الوثاقة في الراوي، وانّها شرط في الأخذ بروايته، بل يرون حجيّة الرواية إذا كان الراوي لها إماميا، ولم يظهر منه فسق، وحينئذ فلا يكون قولهم حجّة بالنسبة إلينا كما أنّ عملهم لا ينفعنا.

الثالثة: أصل هذه الدعوى في نفسها أمر لا يمكن قبوله، لأنّ المستند لها لا يخلو إمّا أن يكون هو الاستقراء، وإمّا حسن الظنّ، وإمّا اخبار هؤلاء، فإن كان المستند هو الاستقراء بمعنى أنّ الشيخ والأصحاب، تتبّعوا روايات هؤلاء فوجدوا أنّهم لا يروون إلّا عن ثقة، ففيه: أنّ الاستقراء هنا غير تامّ، وعلى فرض تماميته فيختصّ بالمسانيد ولا يشمل المراسيل، إلّا أن يرجع إلى المسانيد، وهذا خلاف الفرض، وإن كان المستند هو حسن الظنّ بهؤلاء بمعنى أنّ هؤلاء لا يظنّ بهم انّهم يروون عن غير الثقة ففيه: انّ حسن الظنّ لا يورث العلم، وغاية ما يفيده الظنّ وهو لا يغني شيئا، وإن كان المستند هو إخبار هؤلاء الأشخاص عن أنفسهم بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة ففيه: انّ دون إثبات هذا خرط القتاد، فإنّه لم يرد عن أحد هؤلاء تصريح بأنّ هذه طريقته، وعليه فلا يمكن إثبات هذه الدعوى، ثمّ كيف لواحد من هؤلاء أن يصّرح بذلك بالنسبة إلى المراسيل إذ أنّ سبب الارسال ـ كما ذكر النجاشي ـ هو ضياع كتبهم وتلفها ونسيانهم أسماء الوسائط، فكيف تتسنّى لهم الدعوى بأنّهم لا يرسلون إلّا عن ثقة والحال انّهم قد نسوا أسماء الوسائط؟ نعم، لو كانوا عارفين بالوسائط لأمكن ذلك، أمّا مع النسيان فلا يمكن.

الرابعة: إذا كان الأمر كما يدعى ثابتا، فكيف روى هؤلاء المشايخ عمّن ثبت ضعفه عند الشيخ والنجاشي؟ بمعنى أنّ هؤلاء المشايخ الذين ادّعى الشيخ أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة قد ثبت عند الشيخ نفسه أنّهم رووا عن الضعفاء والمخدوشين، كالبطائني، ويونس بن ظبيان، وأبي جميلة، وغيرهم، وهذا دليل واضح على عدم تمامية الدعوى (7).

هذه هي مناقشات السيّد الاستاذ قدس ‌سره لهذه الدعوى، وعمدتها الجهة الأخيرة، وأمّا الجهات الثلاث الاولى وهي أنّ هذه الدعوى غير ثابتة، بل هي حدس واجتهاد من الشيخ، وانّ مستنده عبارة الكشّي في أصحاب الاجماع، وعدم تعرّض الأصحاب للأمر ومناقشة الشيخ في بعض الموارد فالأمر فيها سهل، ويقال في جوابها: إنّ عدم تعرّض الأصحاب إنّما كان من أجل عدم الوصول إلينا، فإنّ كثيرا من الامور لم تصل، وما أكثر ما ضاع وتلف وأتلف من الكتب، فخلو كلمات الأصحاب عن ذكر هذا الأمر لا يكون دليلا على بطلان الدعوى من أصلها بحيث لا يعتنى بها إذ هي شهادة فلا يمكن التنازل عنها لمجرّد عدم العثور عليها في كلمات الأصحاب.

وأمّا كونها حدسا من الشيخ، فهذا احتمال ضعيف، وهو لا يضرّ في المقام، لأنّ الظاهر انّها شهادة عن حسّ، إذ قال: «لأنّهم عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون..» ورفع اليد عن هذه الشهادة لاحتمال انّها حدسية لا وجه له.

وأمّا عدم التزام الشيخ بالشهادة لمناقشته في بعض الموارد، فهذا أمر غير ثابت ومناقشات الشيخ إنّما هي في باب التعارض، وهو باب مستقلّ ولا يلازم عدم عمله بمضمون الشهادة في غير باب التعارض، فإنّ الظاهر من كلام الشيخ انّ الشهادة في غير باب التعارض.

وأمّا المراسيل في باب التعارض وعلاجها ما هو؟ فهو وإن لم يذكر ذلك، ولم يتعرض له إلّا أنّه يمكن أن يقال: انّه باب مستقلّ لا يرتبط بما نحن فيه، وبعبارة اخرى: انّ الخبر المرسل وإن كان حجّة والمروي عنه ثقة، إلّا أنّه لا يخرج عن دائرة الارسال، وفي مقام التعارض يكون الترجيح للمسند للتصريح باسم الراوي، فهو معروف على نحو التفصيل، بخلاف من أرسل عنه هؤلاء فإنّه وإن كان ثقة، ولكن على نحو الاجمال، فما ورد من مناقشات الشيخ داخلة في هذا الباب، وعليه فلا ملازمة بين الترجيح وبين العمل والحجّية، إذ الملاحظ في باب التعارض هو الترجيح وانّه بهذه الكيفية، فيقدّم المسند على المرسل مع حجيّة كلّ منهما، فلا يستشكل بمثل هذا على دعوى الشيخ.

وأمّا بالنسبة إلى الجهة الثانية، وهي اختلاف المبنى في اعتبار الراوي والرواية، فهي مدفوعة بوجهين:

الأوّل: ما تقدّم منّا مفصّلا، حيث استظهرنا أنّ القدماء ومنهم الصدوق، والشيخ، وغيرهما، يعتبرون الوثاقة في الراوي، وأنّها من شرائط العمل بالرواية، بل ادّعى الشيخ الاجماع على ذلك، وانّ مبنى الأصحاب عدم العمل بخبر كلّ إمامي ما لم تحرز وثاقته.

الثاني: دلالة الشهادة على اعتبار الوثاقة فقد ورد فيها أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة، ولا يخفى دلالة هذه العبارة على أنّ عمل قدماء الأصحاب على أساس اعتبار الوثاقة. وبهذين الوجهين ظهر أنّ الاشكال من أساسه غير وارد.

وأمّا بالنسبة إلى الجهة الثالثة وهي: أنّ ابتناء الشهادة لا يخلو إما أن يكون على الاستقراء وهو غير تامّ، وإمّا على حسن الظنّ وهو لا يورث العلم، وإمّا على الاخبار وهو لا يمكن تحصيله، ولا سيما مع نسيان أسماء من روي عنهم، فيقال في الجواب:

أوّلا: انّ عدم وصول إخبارهم إلينا ليس دليلا على الانتفاء.

وثانيا: انّ احتمال ابتناء الشهادة على الحدس خلاف ظاهر الشهادة.

وثالثا: لا يبعد أن الأصحاب فهموا من أحوال هؤلاء المشايخ، أو من أقوالهم، انّهم يتجنّبون الرواية عن الضعيف وغير الثقة، فإنّهم على علم بأحوال الرواة، ونظير هذا ما سيأتي من أنّ جميع مشايخ النجاشي كلّهم ثقاة، لما فهم من حاله أو قوله ذلك، وهكذا ما نحن فيه، كما أنّه يمكن فهمه من نفس عبارة الشيخ، من أنّ هؤلاء عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة، وهذا أمر حسّي أو قريب من الحسّ، فيكون داخلا في الشهادة.

وأمّا ما ذكر عن ابن أبي عمير أنّه نسي الوسائط بينه وبين المعصوم عليه‌السلام، أو غيره، فهذا واضح الدفع لأنّ رواياته قبل ضياع كتبه ونسيان الوسائط لم تكن إلّا عن ثقاة، فنسيان الأسماء لا يضرّ بحجيّة الروايات، مع علمنا بأنّ ابن أبي عمير لا يروي إلّا عن ثقة، فالرواية وإن دخلت في المراسيل، إلّا انّها لا تخرج عن الاعتبار وبهذا ظهر أنّ الجهات الثلاث غير واردة على الدعوى، وإنّما العمدة في المقام ـ كما ذكرنا ـ هي الجهة الرابعة، وهي انّه إذا كانت الدعوى ثابتة، فكيف ضعّف الشيخ والنجاشي بعض من روى عنه هؤلاء؟ بل قيل إنّه وقع الاتّفاق على تضعيف بعضهم، كبعض مشايخ ابن أبي عمير، فإنّه روى عن ثلاثة عشر شخصا اتّفق على تضعيف بعضهم، واختلف في البعض الآخر، كما أنّ صفوان بن يحيى، روى عن سبعة أشخاص كذلك، وأمّا البزنطي فقد روى عن خمسة أشخاص كلّهم قد وقع الاختلاف فيهم، ولم يرو عن أحد ادّعى الاتّفاق على ضعفه، وعليه فكيف تكون هذه الدعوى تامّة؟

وقد تصدّى السيّد الشهيد الصدر قدس ‌سره للإجابة عن ذلك بما حاصله: أنّا إذا لاحظنا النسبة بين ما يرويه هؤلاء المشايخ عن مشايخهم الذين لم يرد في حقّهم تضعيف، وبين ما يروونه عن الضعفاء، نجد أنّ النسبة ضئيلة جدّا، بحيث لا ترفع الاطمئنان ولا تخدش في حصوله بوثاقة الجميع، فيكون ما روى عن الضعفاء بمنزلة الشاذّ النادر، ولا اعتناء به، وأمّا الأكثر والقريب من الكلّ، فلم يرد في حقّهم تضعيف، وحينئذ لا يلتفت إلى ذلك القليل النادر، لأنّ نسبته إلى الكثير الأغلب كنسبة الواحد إلى المائة أو الألف مثلا، ولا يكون هذا موجبا للوهن في حصول الاطمئنان (8).

وهذا الجواب ـ بحسب الظاهر ـ غير تامّ وذلك لأمرين:

الأوّل: انّ ملاحظة النسبة يراعى فيها الموارد لا الأشخاص، بمعنى أن نحصر أوّلا ما رواه هؤلاء عمّن لم يرد في حقّهم تضعيف، ونحصر ثانيا ما رووه عمّن ورد في حقّهم التضعيف، ثمّ نقيس هذا بذاك، لا أنّنا نلاحظ النسبة بين المشايخ فقد تنعكس النسبة، إذ قد يروي ابن أبي عمير ـ مثلا ـ عن شخص ضعيف كثيرا، ويروي عن آخر لم يرد فيه تضعيف قليلا، وحينئذ ينعكس الحال، فالمناط في النسبة هي روايات ابن أبي عمير، لا من يروي عنهم.

الثاني: لو أغمضنا النظر عن ذلك، لكن يشترط في الشهادة أن تكون مفيدة لأمر كلّي عامّ شامل لكلّ الموارد وتخلّف مورد واحد يوجب سقوط الشهادة عن الاعتبار والحجيّة، وحينئذ لا تصل النوبة إلى ملاحظة النسبة إذ المقام ليس مقام اطمئنان وعدمه، بل مقام اعتبار الشهادة وعدمه، وسقوط مورد واحد عن الاعتبار كاف في سقوط الشهادة وحجيّتها عن الاعتبار. وعليه فما أجاب به السيّد الشهيد قدس‌ سره الصدر لا يمكن الموافقة عليه.

ويمكننا أن نجيب عن هذا الاعتراض ونقول: إنّ حاصل الإشكال يرجع إلى نقاط ثلاث:

1 ـ كيف خالف الشيخ الشهادة ولم يعمل بها؟

2 ـ كيف ناقش في هذه الشهادة من قارب عصر الشيخ كالمحقّق؟

3 ـ كيف يمكن الأخذ بالشهادة واعتبار وثاقة من روى عنهم هؤلاء المشايخ، مع ثبوت التضعيف في بعضهم؟

أمّا بالنسبة إلى النقطة الاولى فجوابها: أنّ الشيخ قد عمل بمضمون هذه الشهادة، وذكر في كتبه الفتوائية وبعض كتبه الاستدلالية اعتماده على هذه الشهادة، فأفتى في بعض الموارد على طبق مراسيل ابن أبي عمير، ولا دليل آخر غيرها، ومن تلك الموارد:

أ ـ ما ذكره في مقدار الكرّ، وانّه ألف ومائتا رطل (1200) ولم يذكر هذا المقدار إلّا في مرسلة ابن أبي عمير (9)، وقال: إنّه فتوى كثير من الأصحاب، نعم ذكر في الاستبصار انّ الرواية مرسلة (10)، ـ وسيأتي قريبا توجيهه ـ.

ب ـ ما ذكر في حدّ اليأس عند المرأة القرشية وانّه ستّون عاما، بخلاف غيرها فهو خمسون عاما، مستدلا بمرسلة ابن أبي عمير (11).

ج ـ فتواه بجواز أكل الخبز المعجون بالماء المتنجّس، لأنّ النار تطهرّه مستدلّا بمرسلتين لابن أبي عمير (12).

د ـ فتواه بعدم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء في غير الجنابة (13) ومستنده مرسلة ابن أبي عمير (14).

هـ ـ فتواه بلزوم الاتيان بسجدتي السهو لكلّ زيادة ونقيصة في الصلاة، ولم يذكر مستندا لذلك إلّا مراسيل ابن أبي عمير (15).

هذا ما عثرنا عليه من اعتماد الشيخ واستناده إلى مراسيل ابن أبي عمير.

وأمّا ردّه لبعض المراسيل ومناقشته فيها، فنحن ـ أيّام كنّا في النجف الأشرف ـ تتبّعنا كتابي التهذيب والاستبصار، ووقفنا على موردين فقط نجزم بهما فعلا انّ الشيخ ناقش فيهما، وهما:

1 ـ ما أشرنا إليه آنفا حول ذكر مقدار الكرّ، حيث ناقش في الرواية بأنّها مرسلة(16)، ثمّ حمل المراد من الرطل على الرطل العراقي، لا البغدادي، أو المكي، وجمع بين الروايات، وقال: إنّ الأصل هو ابن أبي عمير، وفي هذا إشعار بالوهن.

2 ـ ما ذكره في باب العتق ـ في كلا الكتابين ـ حيث أورد رواية لابن أبي عمير وهي: ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه‌السلام ... الخ.

والرواية مخالفة لروايات الباب، وقال عنها: أوّل ما فيها أنّها مرسلة وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة (17).

وهذا المورد صريح في المناقشة، وانّ محلّ الكلام هو الارسال، إذ لا يعارض به الأخبار المسندة، وأمّا المورد الأوّل فليس في صراحته كالثاني.

هذا ويمكن لنا أن نرفع التناقض من كلام الشيخ بتوجيهه بوجهين ـ ونجيب هنا عن المورد الثاني ومنه يعلم الجواب عن المورد الأوّل فنقول:

أوّلا: إنّ المورد ـ وهو ولاء العتق ـ يشتمل على طائفتين من الروايات، وبينهما تعارض، ففي طرف، ثلاث روايات مسندة، بالإضافة إلى رواية مرسلة، وفي الطرف الآخر مرسلة ابن أبي عمير، وعند وقوع التعارض بين المسند المتعدّد وبين المرسل يرجّح الأوّل على الثاني، فالروايات الأربع مقدّمة على مرسلة ابن أبي عمير، لأنّها جمعت الإسناد والتعدّد، وعبارة الشيخ صريحة في هذا المعنى حيث قال: وما كان هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة، فإنّ المورد من تعارض الخبر والأخبار، لا من تعارض الخبرين، والترجيح فيما نحن فيه على نحو التعيين لا التخيير، والمقام لا ربط له بمسألة الشهادة.

ثانيا: انّا ذكرنا فيما تقدّم من أنّ الشيخ يذهب إلى انّه إذا كان راوي أحد الخبرين أعلمّ وأفقه وأضبط من الآخر قدّم خبره، ولأجل ذلك قدّمت الطائفة ما يرويه زرارة ومحمد بن مسلم.

وبناء على هذا فلو كانت رواية ابن أبي عمير مسندة فبمقتضى هذه النظرية تقدّم الروايات الأربع عليها، لأنّ من جملة هذه الروايات روايتين لابن سنان وهو من الأجلّاء، فكيف وراوية ابن أبي عمير مرسله؟ وعليه فلا بدّ من التفريق بين الشهادة وبين المورد.

وبهذين الوجهين يمكننا أن نقول: إنّ مورد الشهادة في غير باب التعارض، والشهادة حينئذ تامّة ولا غبار عليها.

ثمّ لو سلّمنا بشمول الشهادة لباب التعارض، إلّا أنّ هناك جواب آخر سنذكره عند الكلام حول النقطة الثالثة.

وما يقال من انّ كتاب العدّة متأخّر زمانا عن التهذيبين، والاعتبار إنّما هو بالمتأخّر، فغير تامّ، لأنّ النقض في الشهادة لا يفرق فيه بين المتقدّم والمتأخّر.

وأمّا بالنسبة إلى النقطة الثانية، وهي مناقشة المحقّق لمراسيل ابن أبي عمير، وذكر السيّد الاستاذ عبارة المحقّق نقلا عن المعتبر في آداب الوضوء، قال: ولو احتجّ بما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا ... كان الجواب الطعن في السند لمكان الارسال، ولو قال: مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الأصحاب منعنا ذلك لأنّ في رجاله من طعن الأصحاب فيه، وإذا أرسل احتمل ان يكون الرواي أحدهم (18).

فالمحقّق قدس‌ سره يمنع أصل الدعوى، معلّلا ذلك بأنّ في رجال ابن أبي عمير من طعن الأصحاب فيهم، ومنه يعلم انّ كلام المحقّق لا يختصّ بالمراسيل فحسب، بل يشمل المسانيد أيضا، وهذا نقض من المحقّق للشهادة، فيقال في الجواب:

أوّلا: انّ في كلام المحقّق تناقضا ولا يمكن الأخذ به، فإنّه إذ يذكر في هذا المورد رفضه للشهادة، إلّا أنّه في مورد آخر يعوّل عليها، قال في بحث الكرّ: الثالثة: رواية محمد بن أبي عمير، عن أبي عبد الله، الكرّ ألف ومائتا رطل. دلّ على هذا عمل الأصحاب، ولا طعن في هذه بطريق الارسال، لعمل الأصحاب بمراسيل ابن أبي عمير(19).

وممّا يلاحظ أنّ السيّد الاستاذ قدس ‌سره أخذ بالمورد الأوّل من كلام المحقّق، ولم يأخذ بقوله الآخر، وقد نقله صاحب الوسائل في الباب الحادي عشر من أبواب الماء المطلق(20).

وبناء على ذلك فكلام المحقّق لا يمكن الاعتماد عليه من هذه الناحية، بل يمكن أن يجعل هذا من المحقّق شهادة على قول الشيخ بأنّ الأصحاب عملوا بمراسيل ابن أبي عمير.

ثانيا: على فرض التسليم بمناقشة المحقّق، إلّا انّه يمكن الجمع بين كلامه وكلام الشيخ بأن يقال: إنّ كلام الشيخ ناظر إلى الوثاقة، وأمّا كلام المحقّق فأعمّ، ولعلّ مراده انّ طعن الأصحاب لا من جهة الوثاقة، بل من جهات اخرى ككون الراوي غير إمامي، أو مرميّا بالغلوّ، أو كونه يروي عن الضعفاء، أو نحو ذلك.

فإذا تمكنّا من الجمع بهذا الوجه بين الكلامين فحينئذ يرتفع الاشكال، امّا على الوجه الأوّل فالتنافي في كلام المحقّق باق على حاله.

وسيأتي قريباً جواب آخر إذا تمكنّا من إجرائه هنا ارتفع الاشكال من أصله.

وأمّا بالنسبة للنقطة الثالثة وهي ضعف بعض من يروي عنهم هؤلاء المشايخ، فيقال في الجواب: امّا ابن أبي عمر فقد قيل إنّه روى عن ثلاثة عشر رجلا اتّفق على تضعيف ستّة منهم وهم:

1 ـ الحسين بن أحمد المنقري.

2 ـ علي بن حديد.

3 ـ عمرو بن جميع.

4 ـ يونس بن ظبيان.

5 ـ ابو البختري وهب بن وهب.

6 ـ عبد الله بن القاسم.

واختلف في الباقي، وهم:

1 ـ داود الرقّي.

2 ـ عبد الرحمن بن سالم.

3 ـ علي بن أبي حمزة.

4 ـ محمد بن سنان.

5 ـ المعلّى بن خنيس.

6 ـ المفضّل بن صالح.

7 ـ المفضّل بن عمر.

وأمّا صفوان بن يحيى فقد روى عن شخصين اتّفق على تضعيفهما، هما:

1 ـ صالح النيلي.

2 ـ يونس بن ظبيان.

كما روى عن خمسة آخرين اختلف فيهم، وهم:

1 ـ عبد الله بن خداش.

2 ـ علي بن أبي حمزة

3 ـ المعلّى بن خنيس.

4 ـ أبو جميلة.

5 ـ محمد بن سنان.

وأمّا البزنطي فقد روى عن خمسة كلّهم محلّ الخلاف، وهم:

1 ـ الحسن بن علي بن أبي حمزة.

2 ـ عبد الرحمن بن سالم.

3 ـ عبد الله بن محمد الشامي.

4 ـ علي بن أبي حمزة.

5 ـ المفضّل بن صالح.

وتتداخل بعض الأسماء ويبلغ عددهم حينئذ ثمانية عشر شخصا، كما أنّ مجموع مشايخ هؤلاء الثلاثة قريب من ستّمائة شخص، وقبل الدخول في التفصيل لا بدّ لنا من ذكر أمرين:

الأوّل: انّ الشهادة الواردة عن الشيخ تنحل إلى شهادتين ضمنيتين تعليليتين، الأولى ترجع إلى المسانيد، والثانية ترجع إلى المراسيل، ومؤداهما انّ كلّ من رووا أو أرسلوا عنه فهو ثقة، وقد عمل الأصحاب على طبقهما معا، وهذا هو أصل الشهادة.

الثاني: انّ مدلول الشهادة يحتمل فيه أحد أمرين:

أ ـ إفادة التوثيق مطلقا بمقتضى قوله: لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة ـ وسيأتي تفصيله ـ.

ب ـ إفادة التوثيق لا مطلقا، بمعنى أن هؤلاء المشايخ لا يروون إلّا عمّن يثقون به أنفسهم، بقطع النظر عن الآخرين، بمقتضى التعليل المستفاد من قوله:إنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة وبعبارة أوضح أن أبن أبي عمير لا يروي إلّا عمّن يراه ثقة في نظره، بغضّ النظر عن كونه ثقة في نظر الآخرين أم لا؟ وعلى هذا لا معنى لأن يكون موثّقا عند الآخرين غير موثّق عنده.

ثمّ إنّ لكلّ من الاحتمالين مرجّحا:

أمّا وجه ترجيح الاحتمال الأوّل وهو إرادة التوثيق عند الجميع، فهذا هو الظاهر من العبارة، فإنّ كون الراوي ثقة أي موثوق به عند الأصحاب، لا أنّه ثقة عند الراوي كابن أبي عمير فقط.

وأمّا وجه ترجيح الاحتمال الثاني وهو إرادة التوثيق في نظر ابن أبي عمير فقط، فلاستبعاد أن يكون جميع من روى عنهم هؤلاء الثلاثة موردا للاتّفاق على وثاقتهم، نعم ذكر الكشّي أنّ الاتّفاق وقع على وثاقة ثمانية عشر أو واحد وعشرين أو أثنين وعشرين شخصا، وهم أصحاب الاجماع، وقد مرّ البحث مفصّلا عنهم، أمّا إذا كان المراد جميعهم وهم قريب من ستمائة شخص إذ أنّ ابن أبي عمير يروي عن أكثر من اربعمائة شخص (21)، وصفوان يروي عن أكثر من مئتي شخص (22)، والبزنطي يروي عن أكثر من مئة شخص (23) فالأمر مستبعد.

وعلى ضوء هذين الاحتمالين، ومع فرض التسليم بثبوت التضعيف في حقّ بعض من روى عنه هؤلاء الثلاثة، فهل يلزم الاشكال على الشهادة أم لا؟

الجواب: أمّا على الاحتمال الأوّل فالأمر مشكل، إذ كيف يكون ذلك؟ والحال أنّ بعضهم وقع الاتّفاق على تضعيفه، بل حتى في من اختلف فيه، وهذا ممّا لا يلتئم مع الشهادة، وعليه فالشهادة لا يمكن الأخذ بها، لأنّ وجود التضعيف أمر محقّق إمّا على نحو الوفاق وإمّا على نحو الوفاق، وهذا يكفي للخدشة في الشهادة، إلّا أن يقال إنّ هؤلاء المشايخ رووا عن اولئك الضعاف في زمان كانوا فيه ثقاة، وبعبارة اخرى لا بدّ من التفريق في زمان الرواية، ففي الوقت الذي روى هؤلاء المشايخ عنهم كانوا ثقاة عند الجميع، ثمّ بعد ذلك تحوّل حالهم فصاروا ضعافا، وليس هذا بمستنكر، فكثيرا ما يذكر في أحوال بعض الرواة أنّه خلط في آخر أيّامه، أو غلا، أو نحو ذلك، ممّا يدلّ على تبدّل الحال، فإن أمكن التوجيه بهذا فالشهادة حينئذ معتبرة، ولا مانع من الأخذ بها، وإلّا فلا.

وأمّا على الاحتمال الثاني فهذه الموارد قابلة للتوجيه، ولا يرد إشكال لأنّه يمكن أن يكون هؤلاء الذين ضعفوا ليسوا ضعافا في نظر المشايخ بل هم ثقاة ـ إذا لم يكونوا بحدّ لا تحتمل فيهم الوثاقة ـ وعليه فتكون المسألة خلافية بين هؤلاء المشايخ وبين غيرهم، وحينئذ فلا محذور.

إلّا أنّ هنا محذور الاستبعاد، وهو خلاف الظهور، بمعنى أنّ كونهم ثقاة في نظر المشايخ الثلاثة، وفي نظر غيرهم ضعافا أمر مستبعد.

ويمكن أيضا أن توجّه وثاقة هؤلاء عند المشايخ الثلاثة بملاحظة زمان الرواية ـ كما ذكرنا في الاحتمال السابق ـ وحينئذ لا يرد عليه عدم الالتئام مع الشهادة الوارد على ذلك الاحتمال، فإنّ هذا التوجيه ينسجم هنا مع الشهادة تمام الانسجام، ثم إنّ الاحتمال الثاني هو المتعيّن لأنّه أخذ بالقدر المتيقّن.

وتتفرع عن القول بالاحتمال الثاني مسألة اخرى، حاصلها انّه كيف يصحّ العمل بمراسيل هؤلاء الثلاثة مع كون المرويّ عنهم ثقاة في نظرهم؟ فإذا قال أحد هؤلاء الثلاثة: حدّثني ثقة، أو عدل، من دون أن يذكر اسمه فهل يكون قوله حجّة؟ وهل يعتمد على توثيقه، ولعلّه لو صرّح باسمه لكان مورد خلاف، أو كان مخدوشا في عدالته؟

والجواب: انّ هذا المقدار من قوله «حدّثني عدل» كاف فى الاعتماد والتعويل عليه، بل المشهور على الأخذ به واعتباره تزكية، من دون حاجة إلى فحص، كما أنّ المشهور على تصحيح الروايات بهذا النحو، إذ يتيقّن من دلالة قوله «حدّثني عدل» على أنّه لا يروي إلّا عن ثقة، وحينئذ فهي شهادة صريحة، ولا مجال للخدشة فيها، وقد تقدّم أنّ العبارة تتضمّن شهادتين ترجع إحداهما إلى المراسيل.

أمّا بالنسبة إلى المسانيد، فإن ظفرنا بالتضعيف في حقّ شخص كان من باب التعارض، لأنّه ثقة في نظر المشايخ الثلاثة، وضعيف في نظر غيرهم، فيكون داخلا في التعارض، ومع عدم الاختلاف فلا إشكال في الأخذ به واعتباره، هذا بالنسبة إلى التوجيه الأوّل.

وأمّا بالنسبة إلى التوجيه الثاني، فلا يمكن التعدّي عن مورد رواياتهم إلى غيرها، بل يقتصر على ما ورد من رواياتهم، ولا يمكن الحكم بوثاقة المرويّ عنه من غيرهم لأنّا حصرنا ذلك بزمان روايتهم عنهم، فلا يتعدّى الى غيرها من سائر الموارد إلّا أن يتمسّك حينئذ باستصحاب الوثاقة.

وأمّا ما يتعلّق بالمضعفين: فقد تتبّعنا أقوال الرجاليين فيهم، ولم نعثر على مورد واحد وقع الاتّفاق على تضعيفه، ويمكننا الجزم بأنّ جميع هؤلاء هم مورد الاختلاف، وبيان ذلك: انّ ابن أبي عمير روى عن ثلاثة عشر شخصا ـ كما ذكرنا ـ ستّة منهم ادّعى الاتّفاق على تضعيفهم، والباقي مورد للخلاف.

أمّا من ادّعى الاتّفاق على ضعفهم فهم:

1 ـ الحسين بن أحمد المنقري، وقد ضعّفه النجاشي (24)، وذكره الشيخ في الرجال(25) في أصحاب الباقر عليه‌السلام ولم يذكر في حقّه شيئا، نعم ضعّفه (26) في أصحاب الكاظم عليه‌السلام، فيحتمل أنه آنذاك كان ثقة، ثمّ تبدّل حاله، وذكره البرقي ولم يذكر في حقّه شيئا (27)، وحكم السيّد الأستاذ قدس ‌سره في المعجم(28) بجهالته لوروده في اسناد تفسير علي بن إبراهيم القمّي (29)، فيكون موردا للتعارض.

2 ـ على بن حديد، لم يذكر النجاشي في حقّه شيئا، وكذا الشيخ في الفهرست والرجال، نعم ضعّفه في التهذيب (30) في رواية، وقال عنه: ضعيف جدّا لا يعوّل على ما ينفرد بنقله، وهذا التعبير يستعمل عادة بالنسبة لغير الإمامي، وكأنّما له مذهب خاصّ، وورد ذكره في اسناد تفسير القمّي (31)، ولذا لم يحكم السيّد الاستاذ قدس ‌سره عليه بالوثاقة أو التضعيف لأنّه مورد للتعارض، وسيأتي التحقيق حوله في الخاتمة في بحث مستقل.

3 ـ عمرو بن جميع، قال عنه النجاشي: ضعيف، بتري، قاضى الري (32)، والشيخ في الفهرست لم يذكر في حقّه شيئا، وقال عنه في الرجال: إنه بتري (33)، وقال عنه في أصحاب الصادق عليه‌السلام: ضعيف (34)، قاضي الري، ولم يذكر البرقي في حقّه شيئا، فلعلّ الحكم بضعفه من جهة كونه قاضيا وبتريا، وحكم السيّد الاستاذ قدس ‌سره بجهالته (35)؛ لأنّ بعض أصحاب الاجماع روى عنه.

4 ـ يونس بن ظبيان، ضعّفه النجاشي (36) بناء على نسخة، وفي نسخة أخرى لم يذكره بشيء، وذكره الشيخ في الفهرست والرجال، ولم يذكر عنه شيئا، وكذلك البرقي، وعدّه الكشّي من الكذّابين المشهورين (37)، وأورد روايات ذامّة في حقّه، ولكن ورد ذكره في اسناد تفسير القمّي (38).

5 ـ أبو البختري وهب بن وهب، قال عنه النجاشي: وكان كذّابا، وله أحاديث في الكذب مع الرشيد (39)، وذكره الشيخ في الفهرست، وقال: عامّي المذهب، ضعيف (40)، وفي الرجال لم يذكر في حقه شيئا، وكذلك البرقي.

وقال ابن الغضائري: كذّاب، عامّي (41)، الّا أنّ له عن جعفر بن محمد عليهم‌ السلام أحاديث كلّها يوثق بها. وذكر الكشّي عن ابن قتيبة، عن الفضل بن شاذان انّه أكذب البريّة (42)، وقال الشيخ في التهذيب والاستبصار: عامّي، متروك العمل بما يختص بروايته، وضعيف جدّا عند أصحاب الحديث (43)، ومع ذلك للصدوق والصفّار طريق إلى كتابه صحيح، ووصفه بالقاضي القرشي (44).

6 ـ عبد الله القاسم، وبهذا العنوان ورد في ثلاثة أشخاص:

أ ـ الجعفري، ولم يرد في حقّه شيء.

ب ـ والحارثي، ذكره النجاشي بأنّه ضعيف، غال، كان صاحب معاوية (ابن عمار)، ثمّ خلط وفارقه (45)، ولم يذكره الشيخ بشيء في الفهرست والرجال، وقال السيّد الاستاذ قدس‌ سره: انّ النجاشي ضعّفه في نفسه لا في حديثه (46).

ج ـ والحضرمي، ذكره النجاشي بأنّه كذّاب، غال، يروي عنه الغلاة (47)، وذكره الشيخ في الفهرست وسكت (48) عنه، وعدّه في الرجال من أصحاب الكاظم عليه‌السلام، ونسبه إلى الوقف (49).

وأمّا السبعة الآخرون فهم مورد للخلاف، ولا حاجة للتعرّض إليهم: ثم إنّ مجموع ما روي عن اولئك الستّة ـ الذين ادّعي الاتّفاق على تضعيفهم ـ قليل جدّا، فابن أبي عمير روى عن الحسين بن أحمد المنقري في ثلاثة موارد وفي واحد منها محسن بن أحمد أو الحسين بن أحمد (50)، وروايته عن علي بن حديد في مورد واحد (51)، وعن عمرو بن جميع في موردين من الوسائل (52)، أمّا في الكتب الأربعة فلم يرو عنه، وعن يونس بن ظبيان في مورد واحد من الكتب الاربعة (53)، وعن أبي البختري في موردين (54) أحدهما في الكتب الأربعة، ويحتمل أن يكون عن ابنه حفص فإنّ ابن أبي عمير يروي عن حفص أكثر من مائتي رواية، وعن عبد الله بن القاسم في مورد واحد (55).

والحاصل انّ هؤلاء الستّة هم محلّ الخلاف، ولم يثبت لدينا الاتّفاق على تضعيفهم هذا بالنسبة لابن أبي عمير.

وأمّا صفوان بن يحيى فقد روى عن شخصين ادّعي الاتّفاق على تضعيفهما، الأوّل: صالح بن الحكم النيلي، والثاني: يونس بن ظبيان.

أمّا الأوّل، فقد قال عنه النجاشي: ضعيف (56)، وذكره الشيخ في الرجال وعدّه في أصحاب الصادق (57) عليه‌ السلام، ولم يذكر في حقّه شيئا، وكذلك البرقي، وحكم السيّد الاستاذ قدس‌ سره في المعجم بأنّه مجهول (58) الحال؛ لأنّه مورد للتعارض، ابتناء على ما كان يذهب إليه من أنّ توثيق جعفر بن قولويه شامل لإسناد كامل الزيارات، وإن كان قد رجع عنه كما بيّنّا فيما سبق، وكيف كان فصالح النيلي محلّ خلاف، وللصدوق طريق صحيح (59) إليه، ثم إنّ صفوان يروي عن صالح في ثلاثة موارد وفيها اختلاف:

ففي الجزء الثاني من التهذيب (60) ورد عن صفوان، عن صالح النيلي، عن محمد بن أبي عمير، وهذا السند غريب لأنّ صفوان وابن أبي عمير في طبقة واحدة فليس بينهما بعد حتى يحتاج إلى الواسطة، ووردت نفس الرواية في الجزء الأول من التهذيب (61) هكذا: أحمد بن محمد، عن صالح، عن محمد بن أبي عمير.

وأمّا الثاني، وهو يونس بن ظبيان فقد تقدّم الكلام عنه، وقد ورد في التهذيب (62) هكذا: عن صفوان، وابن عمير عن بريد ويونس بن ظبيان.

وأمّا البزنطي، فلم يرو عن أحد ممّن ادّعى الاتّفاق على تضعيفه.

والحاصل انّ هؤلاء المشايخ إنّما رووا عن أشخاص لم يقع الاتّفاق على تضعيفهم، وإنّما هم مورد الاختلاف، وقد احتملنا انّهم ثقاة في نظر هؤلاء المشايخ، أو أنّهم ثقاة في زمان الرواية عنهم، ثم تبدّل حالهم، وقد بيّنّا ذلك بما لا مزيد عليه، وبناء على ذلك فلا يمكن أن نرفع اليد عن الشهادة لمجرّد التشكيك مع ظهور وجه الصحّة فيها.

وأمّا الاشكال الآخر وهو أنّه إذا كانوا في نظر هؤلاء الثلاثة ثقاة فكيف عمل الأصحاب بمراسيلهم؟ ولو صرّح بالاسم لاحتمل الخدشة في حقّه، فالجواب: ان هذه شبهة مصداقية، ولا يمكن التمسّك بالعامّ فيها، وقد أجبنا عن ذلك فيما تقدّم بأنّ هذا داخل في الشهادة على التعديل، والقول بعدم الحجّيّة لاحتمال كون المزكّي مجروحا احتمال بدوي لا يعتنى به، وليس موردا للعلم الاجمالي، فيكفي للأخذ بروايته قوله: حدّثني عدل، ومقامنا من هذا القبيل فهؤلاء الثلاثة لمّا كانوا لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة، فيمكن الأخذ برواياتهم، وأمّا احتمال الضعف في المرويّ عنه، فهو احتمال بدوي كما قلنا، مضافا إلى قلّة روايتهم عمّن رموا بالضعف.

وخلاصة المقام أنّ هؤلاء المشايخ الثلاثة لهم روايات مسندة، وأخرى مرسلة، فما كان منها مسندا أخذ به، استنادا إلى الشهادة، إلّا ما ورد في حقّ رواتها تضعيف، وحينئذ يقع الترديد بين كون الوثاقة في نظر الثلاثة، وبين كونها محرزة في زمان الرواية عنهم، وعليه فلا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن، ويراعى الزمان الذي رووا عنهم فيه، ومع بقاء التردّد لا بدّ من ملاحظة المرجّحات لدخول المسألة في باب التعارض. وأمّا التعدّي من هذه الموارد إلى غيرها فممكن بناء على القول بأصالة بقاء العدالة، وإلّا فلا. وما كان منها مرسلا فلا بدّ من الأخذ به ولا محيص عنه لأنّه أخذ بمضمون الشهادة والتشكيك احتمال بدوي لا يعتد به.

 

تنبيه:

لا بدّ من التحقّق أنّ الارسال صادر عن هؤلاء الثلاثة، وإلّا فلا يكون مشمولا للشهادة، وقد وردت عدّة عبائر مختلفة عن الارسال، فمثلا في مراسيل ابن أبي عمير جاء هكذا، عن بعض أصحابه، أو عن بعض أصحابنا، أو عن رجل، أو عن رجل من أصحابنا، أو عن غير واحد من أصحابنا، أو مرسلا عن فلان، عن عبد الله بن المغيرة، أو عمّن أخبره، أو عمّن ذكره، أو عمّن رواه، أو عمّن حدّثه، أو عن بعض رجاله، أو عن جماعة من أصحابنا، أو عن رجال شتّى، أو عن عدّة من أصحابنا، أو عمّن سأله، أو عمّن رواه مرسلا.

واختلاف التعبير يحتاج إلى دقّة في التمييز، لانّه كما يحتمل انّ الإرسال صادر عن ابن أبي عمير، كذلك يحتمل انّه عن غيره، وكما أنّ بعضها صريح في إرسال ابن أبي عمير، كذلك بعضها صريح في إرسال غيره، وقد يحتمل الأمران معا.

فما علم انّه من إرسال ابن أبي عمير فيدخل في الشهادة، وما علم انّه من إرسال غيره أو لم يتحقق منه أو شكّ فيه فلا يكون مشمولا لها.

وينبغي أن يعلم انّه ليس كلّ رواية مرسلة ذكر فيها ابن أبي عمير عدّت من مراسيله، وما يقال في مراسيل ابن أبي عمير، يقال أيضا في مراسيل صفوان، والبزنطي، حرفا بحرف، فما ثبت أنه من مراسيلهم فهو داخلا في معقد الإجماع، وكذلك في الشهادة الضمنية التعليلية، وما لم يثبت فهو داخلا في الشهادة الضمنية فقط، «بانهم لا يروون الا عن ثقة» فيحصل الفرق بين القسمين عند من يفرق بين مراسيلهم وبين غيرها، وامّا على ما قويناه فالفرق يكون علميّا فقط.

والنتيجة انّ ما يثبت من مراسيل هؤلاء الثلاثة، هو مورد للعمل والاعتماد، استنادا للشهادة المتقدّمة، وهي شهادة صريحة، ولا بدّ من الأخذ بها، والخدش فيها مشكل، وممّا يؤيّد ذلك ما تقدّم ذكره عن المحقّق من أنّ الأصحاب يعملون بمراسيل ابن أبي عمير، وكذا ما ذكره صاحب كاشف الرموز (63) ـ وهو من تلاميذ المحقّق ـ، كما أنّ السيّد ابن طاووس قال في فلاح السائل (64): مراسيل ابن أبي عمير كالمسانيد، وغير هؤلاء ممّن أكّدوا الأمر وعملوا عليه.

وبعد هذا كلّه فالاعتماد على مراسيل هؤلاء الثلاثة أمر لا محيص عنه، ولو تنزّلنا ورددنا هذه المراسيل فالأمر مشكل جدّا، إذ تخرج على أثره كثير من الأحكام الواردة فيها..

__________________

(1) عدة الاصول ج 1 الطبعة الاولى المحققة ص 386.

(2) رجال النجاشي ج 2 ص 306 الطبعة الاولى المحققة.

(3) الرعاية في علم الدراية ص 138 الطبعة الاولى.

(4) معجم رجال الحديث ج 1 ص 61 الطبعة الخامسة.

(5) تهذيب الاحكام ج 1 باب المياه واحكامها الحديث 28 ص 407 دار التعارف للمطبوعات.

(6) ن. ص ج 8 باب العتق واحكامه الحديث 932 ص 233.

(7) معجم رجال الحديث ج 1 ص 65 الطبعة الخامسة.

(8) مشايخ الثقاة الحلقة الاولى الطبعة الثانية ص 40.

(9) المبسوط في فقه الإمامية ج 1 ص 6 الطبعة الثانية.

(10) الاستبصار ج 1 باب كمية الكر الحديث 4 الطبع القديم.

(11) المبسوط في فقه الامامية ج 1 ص 42 الطبعة الثانية.

(12) النهاية المطبوع ضمن كتاب الجوامع الفقهية ـ كتاب الطهارة ص 228 الطبع القديم.

(13) النهاية المطبوع ضمن كتاب الجوامع الفقهية ـ كتاب الطهارة ص 231 الطبع القديم.

(14) مشايخ الثقاة ـ الحلقة الاولى ـ الامر الخامس ص 25 الطبعة الثانية.

(15) الخلاف ج 1 ص 163 الطبعة الثانية والاستبصار ج 1 ص 261 الطبعة الرابعة.

(16) الاستبصار ج 1 ص 11 الطبعة الرابعة.

(17) التهذيب ج 8 باب العتق الحديث 932 ص 233 دار التعارف للمطبوعات، والاستبصار ج 4 الحديث 87 ص 27 الطبعة الرابعة.

(18) المعتبر في شرح المختصر ص 41 الطبع القديم ومعجم رجال الحديث ج 1 ص 65 الطبعة الخامسة.

(19) المعتبر في شرح المختصر ص 10 الطبع القديم.

(20) وسائل الشيعة ج 1 ص 123 المطبعة الاسلامية.

(21) مشايخ الثقاة ـ الحلقة الاولى ص 125 الطبعة الثانية.

(22) ن. ص ص 203.

(23) ن. ص ص 245.

(24) رجال النجاشي ج 1 ص 163 الطبعة الاولى المحققة.

(25) رجال الشيخ ص 115 الطبعة الاولى.

(26) ن. ص ص 347.

(27) رجال البرقي ص 50 مطبعة جامعة طهران.

(28) معجم رجال الحديث ج 6 ص 213 الطبعة الخامسة.

(29) تفسير القمي ج 2 ص 356 الطبعة المحققة.

(30) تهذيب الاحكام ج 7.

(31) تفسير القمي ج 2 ص 493 الطبعة الاولى المحققة.

(32) رجال النجاشي ج 2 ص 133 الطبعة الاولى المحققة.

(33) رجال الشيخ ص 131 الطبعة الاولى.

(34) ن. ص ص 249.

(35) معجم رجال الحديث ج 14 ص 91 الطبعة الخامسة.

(36) رجال النجاشي ج 2 ص 423 الطبعة الاولى المحققة.

(37) رجال الكشي ج 2 ص 657 مؤسسة آل البيت عليهم ‌السلام.

(38) تفسير القمي ج 2 ص 114 الطبعة الاولى المحققة.

(39) رجال النجاشي ج 2 ص 391 الطبعة الاولى المحققة.

(40) الفهرست ص 202 الطبعة الثانية.

(41) مجمع الرجال ج 6 ص 198 الطبعة الثانية.

(42) رجال الكشي ج 2 ص 597 مؤسسة آل البيت عليهم ‌السلام.

(43) تهذيب الاحكام ج 1 باب آداب الاحداث الموجبة للطهارة الحدث 22 ص 72 دار التعارف للمطبوعات.

(44) مشيخة الفقيه ص 81 الطبعة الاولى.

(45) رجال النجاشي ج 2 ص 29 الطبعة الاولى المحققة.

(46) معجم رجال الحديث ج 11 ص 304 الطبعة الخامسة.

(47) رجال النجاشي ج 2 ص 30 الطبعة الاولى المحققة.

(48) الفهرست ص 132 الطبعة الثانية.

(49) رجال الشيخ ص 357 الطبعة الاولى.

(50) معجم رجال الحديث ج 6 ص 214 الطبعة الخامسة.

(51) ن. ص ج 12 ص 321.

(52) وسائل الشيعة ج 4 باب جواز الاقعاد بين السجدتين الحديث 6 ص 958 والجزء 8 باب كراهة سرعة المشي ... الحديث 2 ص 335 المكتبة الاسلامية.

(53) الاستبصار ج 2 باب ان التمتع فرض من نأى عن الحرم الحديث 6 ص 157 الطبعة الرابعة.

(54) تهذيب الاحكام ج 3 باب صلاة الاستسقاء الحديث 8 ص 133 دار التعارف والوسائل ج 5 باب 4 الحديث 1 ص 166 وعي عين الرواية الواردة في التهذيب سندا ومتنا.

(55) وسائل الشيعة ج 12 باب استحباب الدعاء في طلب الرزق الحديث 3 ص 33 المكتبة الاسلامية.

(56) رجال النجاشي ج 1 ص 444 الطبعة الاولى المحققة.

(57) رجال الشيخ ص 219 الطبعة الاولى.

(58) معجم رجال الحديث ج 10 ص 64 الطبعة الخامسة.

(59) مشيخة الفقيه ص 41 الطبعة الاولى.

(60) تهذيب الاحكام ج 2 باب ما يجوز الصلاة فيه من المكان واللباس الحديث 70 ص 322 دار التعارف للمطبوعات.

(61) تهذيب الاحكام ج 1 باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات الحديث 93 ص 287 دار التعارف للمطبوعات.

(62) ن. ص ج 5 باب ضروب الحج الحديث 24 ص 31.

(63) كشف الرموز ج 1 ص 48 جامعة المدرسين سنة 1408 ه‍.

(64) فلاح السائل الفصل التاسع عشر ص 158.

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)