أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-31
1327
التاريخ: 14-10-2015
4043
التاريخ: 7-11-2017
2843
التاريخ: 8-02-2015
3873
|
ذات السلاسل[1]
قال الشيخ المفيد : " وقد كان من أمير المؤمنين عليه السّلام في غزوة وادي الرمل - ويقال إنها كانت تسمى بغزوة ذات السلسلة - ما حفظه العلماء ودوّنه الفقهاء ونقله أصحاب الآثار ورواه نقلة الأخبار ، مما ينضاف إلى مناقبه عليه السّلام في الغزوات ويماثل فضائله في الجهاد ، وما توحّد به في معناه من كافة العباد وذلك : إنّ أصحاب السير ذكروا إنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان ذات يوم جالساً إذ جاء إعرابي فجثى بين يديه ثم قال : إني جئت لأنصحك ، قال وما نصيحتك ؟ قال قوم من العرب قد عملوا على إنّ يبيّتوك بالمدينة ووصفهم له قال : فأمر أمير المؤمنين عليه السّلام إنّ ينادي بالصلاة جامعة ، فاجتمع المسلمون فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيّها الناس إنّ هذا عدو الله وعدوكم قد اقبل إليكم يزعم أنه يبيتكم بالمدينة فمن للوادي ؟ فقام رجل من المهاجرين فقال : أنا له يا رسول الله فناوله اللواء وضم اليه سبعمائة رجل وقال له : امض على اسم الله فمضى فوافى القوم ضحوة فقالوا له : من الرجل ؟ قال أنا رسول لرسول الله أما إنّ تقولوا : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وإن محمّداً عبده ورسوله أو لأضربنكم بالسيف . قالوا له : أرجع إلى صاحبك فأنا في جمع لا تقوم له ، فرجع الرجل فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من للوادي ؟ فقام رجل من المهاجرين فقال : أنا له يا رسول الله قال : فدفع اليه الراية ومضى ثم عاد لمثل ما عاد صاحبه الأول فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أين علي بن أبي طالب ؟ فقام أمير المؤمنين عليه السّلام فقال : أنا ذا يا رسول الله قال امض إلى الوادي قال نعم وكانت له عصابة لا يتعصب بها حتى يبعثه النبي صلّى الله عليه وآله في وجه شديد . فمضى إلى منزل فاطمة عليها السّلام فالتمس العصابة منها فقالت : أين تريد ؟ وأين بعثك أبي ؟ قال إلى وادي الرمل ، فبكت اشفاقاً عليه ، فدخل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهي على تلك الحال فقال لها مالك تبكين ؟ أتخافين إنّ يقتل بعلك كلاّ إنْ شاء الله تعالى . فقال له علي عليه السّلام : لا تنفس علي بالجنة يا رسول الله . قال : ثم خرج ومعه لواء النبي عليه السّلام فمضى حتى وافى القوم بسحر فأقام حتى أصبح ثم صلى بأصحابه الغداة وصفّهم صفوفاً واتكئ على سيفه مقبلا على العدو ، فقال : يا هؤلاء ، أنا رسول رسول الله إليكم إنّ تقولوا : لا إله إلاّ الله وإن محمّداً عبده ورسوله ، وإلاّ أضربنكم بالسيف ، قالوا له : ارجع كما رجع صاحباك قال : أنا لا أرجع لا والله حتى تسلموا أو أضربكم بسيفي هذا ، أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ، فاضطرب القوم لمّا عرفوه ثم أجترؤوا على مواقعته . فواقعهم عليه السّلام فقتل منهم ستة أو سبعة وانهزم المشركون وظفر المسلمون وحازوا الغنائم ، وتوجه إلى النبي صلّى الله عليه وآله "[2].
قال الطبرسي : " قيل : بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سرية إلى حي من كنانة فاستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري أحد النقباء فتأخر رجوعهم فقال المنافقون قتلوا جميعاً ، فأخبر الله تعالى عنها بقوله : ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ) عن مقاتل . وقيل نزلت السورة لما بعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً عليه السّلام إلى ذات السلاسل فأوقع بهم وذلك بعد إنّ بعث عليهم مراراً غيره من الصحابة فرجع كل منهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السّلام في حديث طويل قال : وسميت هذه الغزوة ذات السلاسل لأنه أسر منهم وقتل وسبى وشد أسراهم في الحبال مكتفين كأنهم في السلاسل . ولما نزلت السورة خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى الناس فصلى بهم الغداة وقرأ فيها : ( وَالْعَادِيَاتِ ) فلما فرغ من صلاته قال أصحابه : هذه سورة لم نعرفها فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : نعم إنّ علياً ظفر بأعداء الله وبشرني بذلك جبرئيل عليه السّلام في هذه الليلة فقدم علي عليه السّلام بعد أيام بالغنائم والأسارى "[3].
وروى علي بن إبراهيم القمي باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السّلام في قوله : ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً )[4] قال : هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس قال : قلت : وما كان حالهم وقصتهم ؟ قال : إنّ أهل وادي اليابس اجتمعوا اثني عشر الف فارس وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا على إنّ لا يتخلف رجل عن رجل ولا يخذل أحدٌ أحداً ولا يفر رجل عن صاحبه حتى يموتوا كلهم عن حلف واحد أو يقتلوا محمّد صلّى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السّلام . فنزل جبرئيل عليه السّلام على محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وأخبره بقصتهم وما تعاهدوا عليه وتواثقوا وأمره إنّ يبعث فلاناً إليهم في أربعة آلاف فارس من المهاجرين والأنصار ، فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المنبر فحمّد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
" يا معاشر المهاجرين والأنصاري إن جبرئيل أخبرني أن أهل وادي اليابس اثنى عشر ألف فارس ، قد استعدوا وتعاقدوا وتعاهدوا إنّ لا يغدر رجل بصاحبه ولا يفر عنه ولا يخذله حتى يقتلوني وأخي علي بن أبي طالب ، وقد أمرني إنّ أسير إليهم فلاناً في أربعة آلاف فارس ، فخذوا في أمركم واستعدوا لعدوكم وانهضوا إليهم على اسم الله وبركته يوم الاثنين إنّ شاء الله تعالى ، فأخذ المسلمون عدتهم وتهيأوا وأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلاناً بأمره ، وكان فيما أمره به انه إذا رآهم إنّ يعرض عليهم الاسلام فان تابعوه وإلاّ واقعهم فيقتل مقاتليهم ويسبي ذراريهم ويستبيح أموالهم ويخرب ضياعهم وديارهم ، فمضى فلان وممن معه من المهاجرين والأنصار في أحسن عدة وأحسن هيئة يسير بهم سيراً رفيقاً حتى انتهوا إلى أهل وادي اليابس ، فلما بلغ القوم نزول القوم عليهم ونزل فلان وأصحابه قريباً منهم ، خرج إليهم من أهل وادي اليابس مائتا رجل مدججين بالسلاح ، فلما صادفوهم قالوا لهم : من أنتم ؟ ومن أين أقبلتم ؟ وأين تريدون ؟ ليخرج إلينا صاحبكم حتى نكلمه .
فخرج إليهم فلان في نفر من أصحابه المسلمين فقال لهم : أنا فلان صاحب رسول الله ، قالوا ما أقدمك علينا ؟ قال : أمرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنّ أعرض عليكم الاسلام فان تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون لكم ما لهم وعليكم ما عليهم وإلاّ فالحرب بيننا وبينكم ، قالوا له : أما واللات والعزى لولا رحم بيننا وقرابة قريبة لقتلناك وجميع أصحابك قتلة تكون حديثاً لمن يكون بعدكم ، فارجع أنت ومن معك وأربحوا العافية ، فإنا انما نريد صاحبكم بعينه وأخاه علي بن أبي طالب عليه السّلام .
فقال فلان لأصحابه : يا قوم ، القوم أكثر منكم أضعافاً وأعد منكم وقد ناءت داركم عن إخوانكم من المسلمين فارجعوا نعلم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بحال القوم ، فقالوا له جميعاً : خالفت يا فلان قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بحال القوم ، فقالوا له جميعاً : خالفت يا فلان قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وما أمرك به ، فاتق الله وواقع القوم ولا تخالف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم . فقال إني أعلم ما لا تعلمون الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فانصرف وانصرف الناس أجمعون ، فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بمقالة القوم وما رد عليهم فلان فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يا فلان : خالفت أمري ولم تفعل ما أمرتك وكنت لي والله عاصياً فيما أمرتك ! فقام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا معشر المسلمين إني أمرت فلاناً إنّ يسير إلى أهل وادي اليابس وإن يعرض عليهم الاسلام ويدعوهم إلى الله ، فان أجابوه وإلاّ واقعهم . وانه سار إليهم وخرج اليه منهم مائتا رجل فإذا سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم وترك قولي ولم يطع أمري ، وإن جبرئيل أمرني عن الله إنّ ابعث إليهم فلاناً مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس فسر يا فلان على اسم الله ، ولا تعمل كما عمل أخوك فإنه قد عصى الله وعصاني ، وأمره بما أمر به الأول فخرج وخرج معه المهاجرون والأنصار الذين كانوا مع الأول يقتصد بهم في سيرهم حتى شارف القوم وكان قريباً منهم بحيث يراهم ويرونه ، وخرج إليهم مائتا رجل ، فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم للأول فانصرف وانصرف الناس معه وكاد إنّ يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم ورجع يهرب منهم .
فنزل جبرئيل عليه السّلام فأخبر محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم بما صنع هذا وانّه قد انصرف وانصرف المسلمون معه ، فصعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر بما صنع هذا وما كان منه وانه قد انصرف ، وانصرف المسلمون معه ، مخالفاً لأمري عاصياً لقولي ، فقدم عليه فأخبره مثل ما أخبره به صاحبه فقال له يا فلان عصيت الله في عرشه وعصيتني وخالفت قولي وعملت برأيك إلا قبّح الله رأيك . وإن جبرئيل عليه السّلام قد أمرني إنّ ابعث علي ابن أبي طالب في هؤلاء المسلمين وأخبرني إنّ الله يفتح عليه وعلى أصحابه فدعاً علياً عليه السّلام وأوصاه بما أوصى به الأول والثّاني وأصحابه الأربعة آلاف فارس وأخبره إنّ الله سيفتح عليه وعلى أصحابه . فخرج علي عليه السّلام ومعه المهاجرون والأنصار فسار بهم سيراً غير سير فلان وفلان وذلك أنه أعنف بهم في السير حتى خافوا إنّ ينقطعوا من التعب وتحفى دوابهم فقال لهم : لا تخافوا فان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد أمرني بأمر وأخبرني إنّ الله سيفتح عليَّ وعليكم فأبشروا فإنكم على خير والى خير ، فطابت نفوسهم وقلوبهم وساروا على ذلك السير والتعب حتى إذا كانوا قريباً منهم حيث يرونهم ويراهم ، أمر أصحابه إنّ ينزلوا وسمع أهل وادي اليابس بقدوم علي بن أبي طالب وأصحابه ، فخرجوا إليه منهم مائتا رجل شاكين بالسلاح ، فلما رآهم علي عليه السّلام خرج إليهم في نفر من أصحابه فقالوا لهم : من أنتم وممن أين أنتم ومن اين أقبلتم وأين تريدون ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وآله وأخوه رسوله إليكم ، أدعوكم إلى شهادة إنّ لا إله إلاّ الله وإن محمّداً رسول الله ولكم إنّ آمنتم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم من خير وشر ، فقالوا له : إياك أردنا وأنت طلبتنا قد سمعتنا مقالتك وما عرضت علينا فخذ حذرك واستعد للحرب العوان ، واعلم إنا قاتلوك وقاتلوا أصحابك والموعد فيما بيننا وبينك غداً ضحوة ، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينكم .
فقال لهم علي عليه السّلام : ويلكم ! تهددوني بكثرتكم وجمعكم فأنا استعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ، فانصرفوا إلى مراكزكم ، وانصرف علي عليه السّلام إلى مركزه ، فلما جنه الليل أمر أصحابه إنّ يحسنوا إلى دوابهم ويقضموا ويسرجوا ، فلما انشق عمود الصبح صلى بالنّاس بغلس ثم أغار عليهم بأصحابه فلم يعلموا حتى وطأتهم الخيل ، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل مقاتليهم وسبى ذراريهم واستباح أموالهم وخرب ديارهم واقبل بالأسارى والأموال معه ، ونزل جبرئيل عليه السّلام فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بما فتح الله بعلي عليه السّلام وجماعة المسلمين ، فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر الناس بما فتح الله على المسلمين وأعلمهم انّه لم يصب منهم إلاّ رجلان ونزل ، فخرج يستقبل علياً في جميع أهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة أميال من المدينة ، فلما رآه علي عليه السّلام مقبلا نزل عن دابته ونزل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى التزمه وقبل ما بين عينيه ، فنزل جماعة المسلمين إلى علي عليه السّلام حيث نزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأقبل بالغنيمة والأسارى وما رزقهم الله به من أهل وادي اليابس ، ثم قال جعفر بن محمّد عليه السّلام : ما غنم المسلمون مثلها قط إلاّ أن يكون من خيبر فإنها مثل ذلك ، وأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم هذه السورة ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً )[5].
وأورد السيد البحراني موجزاً عن الغزوة في ذيل سورة العاديات[6].
وقال السيد الحميري في هذه الغزوة :
" وفي ذات السلاسل من سليم * غداة أتاهم الموت المبير
وقد هزموا أبا حفص وعمروا * وصاحبه مراراً فاستطيروا
وقد قتلوا من الأنصار رهطاً * فحل النذر أو وجبت نذور
أزاد الموت مشيخة ضخاماً * جحاجحة يسد بها الثغور "[7]
قال المجلسي : " وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام لا يقاتل حتى تطلع الشمس وتنزل ملائكة النهار قال : فلما إنّ دخل النهار التفت أمير المؤمنين عليه السّلام إلى صاحب راية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له : ارفعها فلما إنّ رفعها ورآها المشركون عرفوها وقال بعضهم لبعض : هذا عدوكم الذي جئتم تطلبونه ، هذا محمّد وأصحابه . قال : فخرج غلام من المشركين من أشدهم بأساً وأكفرهم كفراً فنادى أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا أصحاب الساحر الكذاب ، أيكم محمّد ؟ فليبرز إليّ ، فخرج اليه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السّلام وهو يقول : ثكلتك أمك ، أنت الساحر والكذاب ، محمّد جاء بالحق من عند الحق ، قال له : من أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب أخو رسول الله وابن عمه وزوج ابنته قال : لك هذه المنزلة من محمّد ؟ قال له علي : نعم ، قال : فأنت ومحمّد شرع واحد ، ما كنت أبالي لقيتك أو لقيت محمّداً ثم شد على علي وهو يقول :
لاقيت ليثاً يا علي ضيغماً * قرماً كريماً في الوغا معلّما
ليثاً شديداً من رجال خثعما * ينصر دينا معلما ومحكما
فأجابه علي بن أبي طالب وهو يقول :
لاقيت قرنا حدثا وضيغما * ليثاً شديداً في الوغا غشمشما
أنا علي سأُبير خثعما * بكل خطى يري النقع دماً
وكل صارم يثبت الضرب فيغنما
ثم حمل كل واحد منهما على صاحبه فاختلف بينهما ضربتان فضربه علي عليه السّلام ضربة فقتله وعجل الله بروحه إلى النار ثم نادي أمير المؤمنين عليه السّلام هل من مبارز ؟ فبرز أخٌ للمقتول وحمل كل واحد منهما على صاحبه فضربه أمير المؤمنين عليه السّلام ضربة فقتله وعجل الله بروحه إلى النار ، ثم نادي علي عليه السّلام : هل من مبارز ؟ فبرز له الحرث بن مكيدة وكان صاحب الجمع وهو بعد بخمسمائة فارس ، وهو الذي أنزل الله فيه : ( إِنَّ الإنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) قال كفور : ( وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ) ، قال : شهيد عليه بالكفر ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) ، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام يعني باتباعه محمّداً فلما برز الحارث حمل كل واحد منهما على صاحبه فضربه علي ضربة فقتله وعجل الله بروحه إلى النار ، ثم نادى علي عليه السّلام : هل من مبارز ؟ فبرز إليه ابن عمه يقال له عمرو بن الفتاك ، وهو يقول :
أنا عمرو وأبي الفتاك * وبيدي نصل سيف هتاك
اقطع به الرؤوس لمن أرى كذاك
فأجابه أمير المؤمنين عليه السّلام وهو يقول :
هاكها مترعة دهاقاً * كأس دهاق مزجت زعاقا
إني أمرؤ إذا ما ألاقا * أقد الهام وأجذّ ساقا
ثمّ حمل كل واحد منهما على صاحبه فضربه علي عليه السّلام ضربة فقتله وعجل الله بروحه إلى النار ، ثم نادي علي عليه السّلام : هل من مبارز ؟ فلم يبرز إليه أحد ، فشد أمير المؤمنين عليه السّلام عليهم حتى توسط جمعهم فذلك قول الله : ( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) فقتل علي عليه السّلام مقاتليهم وسبا ذراريهم وأخذ أموالهم واقبل بسبيهم إلى رسول الله ، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فخرج وجميع أصحابه حتى استقبل علي عليه السّلام على ثلاثة أميال من المدينة ، واقبل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يمسح الغبار عن وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام بردائه ويقبّل بين عينيه ويبكي وهو يقول : الحمد لله يا علي الذي شدّ بك أزري وقوّى بك ظهري ، يا علي أنّني سألت الله فيك كما سأل أخي موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه إنّ يشرك هارون في أمره وقد سألت ربي إنّ يشد بك أزري ، ثم التفت إلى أصحابه وهو يقول : معاشر أصحابي لا تلوموني في حب علي بن أبي طالب عليه السّلام فإنما حبي علياً من أمر الله ، والله أمرني أن أحب علياً وأدنيه ، يا علي من أحبّك فقد أحبّني ومن أحبّني فقد أحبّ الله ومن أحبّ الله فقد أحبّه الله وحقيق على الله إنّ يسكن حبيبه الجنة ، يا علي ، من أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ومن أبغضه الله لعنه وكان حقيق على الله إنّ يقفه يوم القيامة موقف البغضاء ولا يقبل منه صرفاً ولا عدلا "[8].
قال النقدي : هذه اشهر مواقفه عليه السّلام أيام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم[9].
[1] في السنة الثامنة من الهجرة . تاريخ حبيب السير ج 1 ص 383 .
[2] الارشاد ص 52 .
[3] مجمع البيان ج 10 ص 528 .
[4] سورة العاديات : 1 - 2 .
[5] تفسير القمي ج 2 ص 434 . ومناقب ابن شهرآشوب ج 3 ص 140 وفيه تصريح بحضور أبي بكر وعمر مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم .
[6] تفسير البرهان ج 4 ص 498 .
[7] المناقب لابن شهرآشوب ج 3 ص 142 .
[8] بحار الأنوار طبع كمباني ج 6 ص 593 .
[9] الغزوات ص 109 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|