المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{آمنوا وجه النهار واكفروا آخره}
2024-11-02
{يا اهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وانتم تشهدون}
2024-11-02
تطهير الثوب والبدن والأرض
2024-11-02
{ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم}
2024-11-02
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02

الضغط الجوي والرياح
2024-08-05
أهم مصادر التلوث الجوي- التصحر
20-3-2022
Intrinsic Tangent Space
8-7-2021
هل يوجد تفاضل بين الأئمّة أم أنّهم سواء؟
2024-09-10
دور الخصوم في الاثبات من المبادئ العامة في الاثبات
21-6-2016
اسطورة الغرانيق
4-5-2017


قصيدتان لحازم  
  
1046   10:33 صباحاً   التاريخ: 2024-01-06
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة : مج5، ص: 519-537
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2023 1001
التاريخ: 16-6-2022 2142
التاريخ: 2024-09-16 224
التاريخ: 21-1-2023 1170

قصيدتان لحازم

قال لسان الدين: وقد أذكرني هذا التصدير قصيدة الأديب حازم صاحب المقصورة إذ صدر قصيدة امرئ القيس قفا نبك ولنذكرها هنا، قال رحمه الله تعالى (1) :

لعينيك قل إن زرت أفضل مرسل ... (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)

وفي طيبة فانزل ولا تغش منزلاً ... (بسقط اللوى بين الدخول فحومل)

وزر روضة قد طالما طاب نشرها ... (لما نسجتها من جنوب وشمأل)

وأثوابك اخلع محرماً ومصدقاً ... (لدى الستر إلا لبسة المتفضل)

لدى كعبة قد فاض دمعي لبعدها ... (على النحر حتى بل دمعي محملي)

فيا حادي الآبال سر بي ولا تقل ... (عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل)

فقد حلفت نفسي بذلك وأقسمت ... (علي آلت حلفة ولم تحلل)

فقلت لها لا شك أني طائع ... (وأنك مهما تأمري القلب يفعل)

وكم حملت في أظهر العزم رحلها ... (فيا عجباً من رحلها المتحمل)

وعاتبت العجز الذي عاق عزمها ... (فقلت لك الويلات إنك مرجلي)

نبي للهدى قد قال للكفر نوره ... (ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي)

تلا سوراً ما قولها بمعارض ... (إذا هي نصته ولا بمعطل)

لقد نزلت في الأرض ملة هديه ... (نزول اليمان ذي العياب المحمل)

أتت مغرباً من مشرق وتعرضت ... (تعرض أثناء الوشاح المفصل)

ففازت بلاد الشرق من زينة بها ... (بشق وشق عندنا لم يحول)

فصلى عليه الله ما لاح بارق ... (كلمع اليدين في حبي مكلل)

نبي غزا الأعداء بين تلائع ... (وبين إكام، بعد ما متأمل)

فكم ملك وافاه في زي منجد ... (بمنجرد قيد الأوابد هيكل)

وكم من يمان واضح جاءه اكتسى ... (بضاف فويق الأرض ليس بأعزل)

 

ومن أبطحي نيط منه نجاده ... (بجيد معم في العشيرة مخول)

أزالوا ببدر عن بروجهم العدا ... (كما زلت الصفواء بالمتنزل)

وفادوا ظباهم ولا بفتك فتى ولا ... (كبير أناس في بجاد مزمل)

وفضي جموعاً فدفداً جامعاً بها ... (لنا بطن حقف ذي ركام عقنقل)

وأحموا وطيساً في حنين كأنه ... (إذا جاش فيه جميه غلي مرجل)

ونادوا بنات النبع بالنصر أثمري ... (ولا تبعدينا من جناك المعلل)

وممن له سددت سهمين فاضربي ... (بسهمين في أعشار قلب مقتل)

فما أغنت الأبدان درع بها اكتست ... (ترائبها مصقولة كالسجنجل)

وأضحت لواليها ومالكها العدا ... (يقولون لا تهلك أسى وتجمل)

وقد فر منصاع كما فر خاضب ... (لدى سمرات الحي ناقف حنظل)

وكم قال يا ليل الوغى طلت فانبلج ... (بصبح وما الإصباح منك بأمثل)

فليت جوادي لم يسر بي إلى الوغى ... (وبات بعيني قائماً غير مرسل)

وكم مرتق أوطاس منهم بمسرج ... (متى ما ترق العين فيه تسهل)

وقرطه خرصاً كمصباح مسرج ... (أمال السليط بالذبال المفتل)

فيرنو لهاد فوق هاديه طرفه ... (بناظرة وحش وجرة مطفل)

ويسمع من كافورتين بجانبي ... (أثيث كقنو النخلة المتعثكل)

ترفع أن يعزى له شد شادن ... (وأرخاء سرحان وتقريب تتفل)

ولكنه يمضي كما مر مزبد ... (يكب على الأذقان دوح الكنهبل)

ويغشى العدا كالسهم أو كالشهاب أو ... (كجلمود صخر حط من عل)

جياد أعادت رسم رستم دارساً ... (وهل عند رسم دارس من معول)

وريعت بها خيل القياصر فاختفت ... (جواحرها في صرة لم تزيل)

سبت عرباً من نسوة العرب تستبي ... (إذا ما اسبكرت بين درع ومجول)

وكم من سبايا الفرس والصفر أسهرت ... (نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل)

 

 

وحزن بدوراً من ليالي شعورها ... (تضل العقاس في مثنى ومرسل)

وأبقت بأرض الشام كأنها ... (بأرجائها القصوى أنابيش عنصل)

وما جف من حب القلوب بغورها ... (وقيعانها كأنه حب فلفل)

لخضراء ما دبت ولا نبتت بها ... (أساريع ظبي أو مساويك إسحل)

شدا طيرها في مثمر ذي أرومة ... (وساق كأنبوب السقي المذلل)

فشدت بروض ليس يذبل بعدها ... (بكل مغار الفتل شدت بيذبل)

وكم هجرت في القيظ تحكي ذوارعاً ... (عذارى دوار في ملاء مذيل)

وكم أدلجت والقتر يهفو هزيزه ... (ويلوي بأثواب العنيف المثقل)

وخضن سيولاً فضن باليد بعدما ... (أثرن غباراً بالكديد المركل)

وكم ركزوا رمحاً بدعص كأنه ... (من السيل والغثاء فلكة مغزل)

فلم تبن حصناً خوف حصنهم العدا ... (ولا أطماً إلا مشيداً بجندل)

فهدت بعضب بعد صقاله ... (بأمراس كتان إلى صم جندل)

وجيش بأقصى الأرض ألقى جرانه ... (وأردف أعجازاً وناء بكلكل)

يدك الصفا دكاً ولو مر بعضه ... (وأيسره عالي الستار ويذبل)

دعا النصر والتأييد راياته اسحبي ... (على أثرينا ذيل مرط مرحل)

لواء منير النصل طاو كأنه ... (منارة ممسى راهب متبتل)

كأن دم الأعداء في عذباته ... (عصارة حناء بشيب مرجل)

صحاب بروا هام العداة وكم قروا ... (صفيف شواء أو قدير معجل)

وكم أكثروا ما طاب من لحم جفرة ... (وشحم كهداب الدمقس المفتل)

وكم جبن من غبراء لم يسق نبتها ... (دراكاً ولم ينضج بماء فيغسل)

حكى طيب ذكراهم ومر كفاحهم ... (مداك عروس أو صلابة حنظل)

لأمداح خير الخلق قلبي قد صبا ... (وليس فؤادي عن هواها بمنسل)

فدع من لأيام صلحن له صبا ... (ولا سيما يوم بدارة جلجل)

وأصبح عن أم الحويرث ما سلا ... (وجارتها أم الرباب بمأسل)

وكن في مديح المصطفى كمدبج ... (يقلب كفيه بخيط موصل)

وأمل به الأخرى ودنياك دع فقد ... (تمتعت من لهو بها غير معجل)

وكن كنبيث للفؤاد منابث ... (نصيح على تعذاله غير مؤتل)

ينادي إلهي إن ذنبي قد عدا ... (علي بأنواع الهموم ليبتلي)

فكن لي مجيراً من شياطين شهوة ... (علي حراص لو يسرون مقتلي)

وينشد دنياه إذا ما تدللت ... (أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل)

فإن تصلي حبلي بخير وصلته ... (وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي)

وأحسن بقطع الحبل منك وبته ... (فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي)

أيا سامعي مدح الرسول تنشقوا ... (نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل)

وروضة حمد للنبي محمد ... (غذاها نمير الماء غير المحلل)

ويا من أبى الإصغاء ما أنت مهتد ... (وما إن أرى عنك الغواية تنجلي)

فلو مطفلاً أنشدتها لفظها ارعوت ... (فألهيتها عن ذي تمائم محول)

ولو سمعته عصم طود أمالها ... (فأنزل منها العصم من كل منزل)

وقد عرف بحازم هذا في أزهار الرياض وذكرت جملة من نظمه ومن بارع ما وقع له قوله (2) :

أدر المدامة فالنسيم مؤرج ... والروض مرقوم الرود مدبج

والأرض قد لبست برود جمالها ... فكأنما هي كاعب تتبرج

والنهر مما ارتاح معطفه إلى ... لقيا النسيم عبابه متموج

يمسي الأصيل بعسجدي شعاعه ... أبداً يوشى صفحه ويدبج

وتروم أيدي الريح تسلب ما اكتسى ... فتزيده حسناً بما هي تنسج

فارتح لشرب كؤوس راح نورها ... بل نارها في مائها تتوهج

واسكر بنشوة لحظ من أحببته ... أو كأس خمر من لماه تمزج

واسمع إلى نغمات عود تطبي ... قلب الخلي إلى الهوى وتهيج

بم وزير يسعدان مثانياً ... ومثالثاً طبقاتها تتدرج

من لم يهيج قلبه هذا فما ... للقلب منه محرك ومهيج

فأجب فقد نادى بألسن حاله ... للأنس دهر للهموم مفرج

طربت جمادات وأفصح أعجم ... فرحاً وأصبح من سرور يهزج

أفيفضل الحي الجماد مسرة ... والحي للسراء منه أحوج

ما العيش إلا ما نعمت به وما ... عاطاك فيه الكأس ظبي أدعج

ممن يروقك منه ردف مردف ... عبل وخصر ذو اختصار مدمج

فإذا نظرت لطرة ولغرة ... ولصفحة منه بدت تتأجج

أيقنت أن ثلاثهن وما غدا ... من تحتها ينآد أو يتموج

ليل على صبح على بدر على ... غصن تحمله كثيب رجرج

كأس ومحبوب يظل بلحظه ... قلب الخلي إلى الهوى يستدرج

يا صاح ما قلبي بصاح عن هوى ... شيئان بينهما المنى تستنتج

وبمهجتي الظبي الذي في أضلعي ... قد حل وهو يشبها ويؤجج

ناديت حادي عيسه يوم النوى ... والعيس تحدى والمطايا تحدج

قف أيها الحادي أودع مهجة ... قد حازها دون الجوانح هودج

لما تواقفنا وفي أحداجها ... قمر منير بالهلال متوج

ناديتهم قولوا لبدركم الذي ... بضيائه تسري الركاب وتدلج

يحيي العليل بلفظة أو لحظة ... تطفي غليلاً في الحشا يتأجج

قالوا نخاف يزيد قلبك لاعجاً ... فأجبتهم خلوا اللواعج تلعج

وبكيت واستبكيت حتى ظل من ... عبراتنا بحر ببحر يمرج

وبقيت أفتح بعدهم باب المنى ... ما بيننا طوراً، وطوراً يرتج

وأقول يا نفس اصبري فعسى النوى ... بصباح قرب ليلها يتبلج

فترقب السراء من دهر شجا ... والدهر من ضد لضد يخرج

وترج فرجة كل هم طارق ... فلكل هم في الزمان تفرج

وتذكرت هنا جيمية ابن قلاقس، وهي (3) :

عرضت لمعترض الصباح الأبلج ... حوراء في طرف الظلام الأدعج

فتمزقت شيم الدجى عن غرتي ... شمسين في أفق وكلة هودج

ووراء أستار الحمول لواحظ ... غازلن معتدل الوشيج الأعوج

من كل مبتسم السنان إذا جرى ... دمع النجيع من الكمي الأهوج

ولقد صحبت الليل قلص برده ... لعباب بحر صباحه المتموج

وكأن منتثر النجوم لالئ ... نظمت على صرح من الفيروزج

وسهرت أرقب من سهيل خافقاً ... متفرداً، وكأنه قلب الشجي

واستعبرت مقل السحاب فأضحكت ... منها ثغور مفوف ومدبج

ولنعد إلى ذكر أبي بكر ابن جزي فنقول:

وله تقييد في الفقه على كتاب والده المسمى بالقوانين الفقهية، ورجز في الفرائض، وإحسانه كثير، وتقدم قاضياً للجماعة بحضرة غرناطة ثامن شوال عام ستين وسبعمائة، ثم صرف عنها، لما توفي الأستاذ الخطيب العالم الشهير أبو سعيد فرج بن لب - رحمه الله تعالى - وكان خطيب الجامع الأعظم بغرناطة، ولي عوضاً عنه أستاذاً وخطيباً عام اثنين وثمانين وسبعمائة، فبقي في الخطابة ثلاثة أعوام، ثم توفي، وأظن وفاته آخر عام خمسة وثمانين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.

وأما أخوه أبو عبد الله محمد (4) فهو الكاتب المجيد، أعجوبة الزمان، وتوفي بفاس رحمه الله تعالى عام ثمانية وخمسين وسبعمائة، وقيل - وهو الصواب -: إن وفاته آخر شوال من السنة قبلها حسبما ألفيته بخط بعض أكابر الثقات بداره من البيضاء، وهي فاس الجديدة، قرب مغرب يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شوال من عام سبعة وخمسين وسبعمائة، وكان دفنه يوم الأربعاء بعد صلاة العصر وراء الحائط الشرقي الذي بالجامع الأعظم من المدينة البيضاء، وكان مولده في شوال من عام واحد وعشرين وسبعمائة؛ انتهى.

قال الأمير ابن الأحمر في نثير الجمان: أدركته ورأيته، وهو من أهل بلدنا غرناطة، وكان أبوه أبو القاسم محمد أحد المفتين بها عالم الأندلس الطائرة فتياه منها إلى طرابلس، وقتل شهيداً بطريف بعد أن أبلى بلاء حسناً، وأبو عبد الله ابنه هذا كتب بالأندلس في حضرة ابن عم أبينا أمير المسلمين أبي الحجاج يوسف، وله فيه أمداح عجيبة، ولم يزل كاتباً في الحضرة الأحمرية النصرية إلى أن امتحنه أمير المسلمين أبو الحجاج؛ انتهى.

ويعني ابن الأحمر بهذا الامتحان أنه ضربه بالسياط، من غير ذنب اقترفه بل ظلمه ظلماً مبيناً، هكذا ألفيته في بعض المقيدات.

ثم قال ابن الأحمر: فقوض الرحال عن الأندلس، واستقر بالعدوة، فكتب بالحضرة المرينية لأمير المسلمين أبي عنان، إلى أن توفي بها رحمه الله تعالى. وكان رحمه الله تعالى طلع في سماء العلوم بدراً مشرقاً، وسارت براعته مشرقاً ومغرباً، وسما بشعره فوق الفرقدين، كما أربى بنثره على الشعرى والبطين، له باع مديد في التاريخ واللغة والحساب، والنحو والبيان والآداب، بصير بالفروع والأصول والحديث، عارف بالماضي من الشعر والحديث،

 

إن نظم أنساك أبا ذؤيب برقته، ونصيباً بمنصبه ونخوته، وإن كتب أربى على ابن مقلة بخطه، وإن أنشأ رسالة أنساك العماد بحسن مساقها وضبطه، وهو رب هذا الشان، وفارس هذا الميدان، ومع تفننه في الشعر فهو في العلوم قد نبغ، وما بلغ أحد من شعراء عصره منه ما بلغ، بل سلموا التقدم فيه إليه، وألقوا زمام الاعتراف بذلك في يديه، ودخلوا تحت راية الأدب التي حمل، إذ ظهر ساطع براعته ظهور الشمس في الحمل، أنشدني لنفسه يمدح أمير المسلمين أبا الحجاج يوسف ابن أمير المسلمين أبا الوليد إسماعيل عم أبينا ابن جدنا الرئيس الأمير أبي سعيد فرج هذه القصيدة البارعة، وحذف منها الراء المهملة (5) :

قسماً بوضاح السنا الوهاج ... من تحت مسدول الذوائب داج

وبأبلج بالمسك خطت نونه ... من فوق وسنان اللاحظ ساجي

وبحسن خد دبجت صفحاته ... فغدت تحاكي مذهب الديباج

وبمبسم كالعقد نظم سلكه ... ولمى حكى الصهباء دون مزاج

وبمنطق تصبو القلوب لحسنه ... أنسى المسامع نغمة الأهزاج

وبمائس الأعطاف تثنيه الصبا ... فيميس كالخطي يوم هياج

ومنعم مثل الكثيب يقله ... مستضعف يشكو من الإدماج

وبموعد للوصل أنجز فجأة ... من بعد طول تمنع ولجاج

وبأكؤس أطلعن في جنح الدجى ... شمس السلافة في سماء زجاج

وحدائق سحب السحاب ذيوله ... فيها وبات لها النسيم يناجي

وجداول سلت سيوفاً عندما ... فجئت بجيش للصبا عجاج

وبأقحوان قد تضاحك إذ بكت ... عين الغمام بمدمع ثجاج

وقدود أغصان يملن كأنها ... تخفي حديثاً بينها وتناجي

وحمائم يهتفن شجواً بالضحى ... فهديلهن لذي الصبابة شاجي

إن المعالي والعوالي والندى ... والبأس طوع يدي أبي الحجاج

ملك تتوج بالمهابة عندما ... لم يستجز بالدين لبس التاج

وأفاض حكم العدل في أيامه ... فالحق أبلج واضح المنهاج

هو منقذ العني، ومغني المعتفي ... ومذلل العاتي، وغوث اللاجي

ماضي العزيمة، والسيوف كليلة ... طلق المحيا، والخطوب دواجي

علم الهدى، والناس في علياء قد ... ضلوا لوقع الحادث المهتاج

غيث الندى، والسحب تبخل بالحيا ... والمحل يبدي فاقة المحتاج

ليث الوغى، والخيل تزجي بالقنا ... والبيض تنهل في دم الأوداج

يتقشع الإظلام إذ يبدو له ... وجه كمثل الكوكب الوهاج

من آل قيلة من ذؤابة سعدها ... أعلى بني قحطان دون خلاج

حيث العلا ممدودة الأطناب لم ... تخلق معالمها يد الإنهاج

والأعوجيات السوابق تمتطى ... فتظلل الآفاق سحب عجاج

والبيض والأسل العوامل تقتضي ... مهج الكماة بأبلغ الإزعاج

مجد ليوسف جمعت أشتاته ... أعيا سواه بعد طول علاج

مولاي هاك عقيلة تزهو على ... أخواتها كالغادة المغناج

إنشاء عبد خالص لك حبه ... ومن العبيد مداهن ومداجي

آوى إلى أكناف نعماك التي ... ليست إليه صلاتها بخداج

سباق ميدان البلاغة والوغى ... لشعاب كل منهما ولاج

جانبت أخت الزاي منها عامداً ... فأتت من الإحسان في أفواج

فافتح لها باب القبول وأول من ... أهداكها ما يبتغي من حاج

ثم قال بان الأحمر: وأنشدني أيضاً لنفسه يمدح أمير المؤمنين المتوكل على الله أبا عنان فارس ملك المغرب (6) :

إن قلبي لعهدة الصبر ناكث ... عن غزال في عقدة السحر نافث

أضرم النار في فؤادي وولى ... قائلاً لا تخف فإني عابث

ورماني من مقلتيه بسهم ... ثم قال: اصطبر لثان وثالث

كم عذول أتى يناظر فيه ... كان تعذاله على الحب باعث

ويمين آليتها بالتسلي ... فقضى حسنه بأني حانث

جبر الله صدع قلب عميد ... صدعت شمله صروف الحوادث

فهو يهفو إلى البروك ويروي ... عن نسيم الصبا ضعاف الآحاد

سلبته الأشجان إلا بقايا ... من أماني حبالهن رثائث

وبكاء على عهود مواض ... ملأت صدره هموماً حدائث

لست وحدي أشكو بليلة وجد ... إن داء الغرام ليس بحادث

يا مضيع العهود والله يعفو ... عنك أنى ارتضيت خطة ناكث

غرني منك والجمال غرور ... وظبى اللحظ في القلوب عوابث

مقل يقتسمن أعشار قلبي ... بالرضى مني، اقتسام الموارث

كيف غيرت بانتزاحك حالي ... وتغيرت لي، ولست بحارث (7)

فرط حبي وفرط بخلك آلى ... أن عينيك بالفتور نوافث

وندى فارس وحسبك رداً ... قول من قال سد باب البواعث

ملك البأس والندى، فهو بالسي ... ف وبالسيب عائث أوغائث

محرز المجد والثناء، فهذا ... سائر في الورى، وذاك لابث

أوطأ الشهب رجله وترقى ... صاعداً في سموه غير ماكث

فدرار تسري وما لحقته ... ونجوم خلف القصور لوابث

وله المقربات لا بل هي العق ... بان من فوقها الليوث الدلاهث (8)

مطلعات من كل نعل هلالاً ... فلهذا تجلو دجى كل حادث

إن ترافقن فالجبال الرواسي ... أو تسابقن فالغيوث الحثائث

والمواضي كأنها قد أعيرت ... حدة الذهن منه عند المباحث

هي نار محرقات الأعادي ... وهي ماء مطهرات الخبائث

فيردن الوغى ذكوراً عطاشاً ... ثم يصدرن ناهلات طوامث

من معانيه قد رأينا عياناً ... كل فضل ينصه من يحادث

خلق كالنسيم مر سحيراً ... بالأزاهير في البطاح الدمائث

في سبيل الإله يقصي ويدني ... ويوالي في ذاته ويناكث

شرف الملك منه سام وحام ... ففدته سام وحام ويافث

هاكها من بنات فكري بكراً ... ليس يسمو لها من الناس طامث

ذات لفظ لا يغتريه اختلال ... ومعان لا تنتحيها المباحث

زعماء القريض أبقوا بقايا ... كنت دون الورى لهن الوارث

من أراد انتقادها فهي هذي ... عرضه البحث فليكن جد باحث

ورأيت بخط ابن الصباغ العقيلي (9) على هامش قوله وندى فارس حسبك رداً ... البيت ما نصه: ما أبدع تخلصه للمدح وأطبعه؛ فإنه أشار إلى قول الشاعر راداً عليه بالتبكيت، ومعقباً له بالتعنيت (10) :

قالوا: تركت الشعر قلت: ضرورة ... باب السماحة والملاحة مغلق

مات الكرام فلا كريم يرتجى ... منه النوال ولا مليح يعشق

وقيل: إن السلطان أبا عنان أطل من برج يشاهد الحرب بين الثور والأسد على ما جرت بع عادة الملوك، فقال ابن جزي المذكور في وصف الحال:

لله يوم بدار الملك مر به ... من العجائب ما لم يجر في خلدي

لاح الخليفة في برج العلا قمراً ... يشاهد الحرب بين الثور والأسد

ومن بارع نظمه رحمه الله تعالى قوله:

أبا حسن إن شتت الدهر شملنا ... فليس لود في الفؤاد شتات

وإن حلت عن عهد الإخاء فلم يزل ... لقلبي على حفظ العهود ثبات

وهبني سرت مني إليك إساءة ... ألم تتقدم قبلها حسنات

 

وقوله وهو بحال مرض:

إن يأخذ السقم من جسمي مآخذه ... وأصبح القوم من أمري على خطر

فإن قلبي بحمد الله مرتبط ... بالصبر والشكر والتسليم للقدر

فالمرء في قبضة الأقدار مصرفه ... للبرء والسقم أو للنفع والضرر

وحكي أن الفقيه الرحال أبا إسحاق إبراهيم الحاج النميري بقي في خلوته جميع شهر رمضان المعظم من عام سبعة وخمسين وسبعمائة، فلما خرج في يوم عيد الفطر أنشده صهره أبو عبد الله ابن جزي المذكور لنفسه:

ما سرار البدور إلا ثلاث ... فلماذا أرى أسرارك شهرا

تعجلته سراراً لعام ... ثم تبقى في سائر العام بدرا

وحكي أنه كتب للرئيس صاحب القلم الأعلى والعلامة بفاس أبي القاسم ابن رضوان يطلب منه شراب سكنجبين، وقصد التحيف بقوله: أحسن زان بيتك نجيب تسر به بر مرضي تصحيفه: أحب شراب سكنجبين شربه برء مرضي، قال: فجاوبني ابن رضوان بقوله: إن برك نفيس، تصحيفه مقلوباً: يشفيك ربنا.

ومن نظم ابن جزي المذكور قوله:

رعى الله عهداً بالمرية ما أرى ... به أبداً ما عشت في الناس بالناسي

وكيف ترى بالله صحبة معشر ... مجاهد بعض منهم وابن عباس

وقوله في الزاوية التي أنشأها السلطان أبو عنان:

هذا محل الفضل والإيثار ... والرفق بالسكان والزوار

دار على الإحسان شيدت والتقى ... فجزاؤها الحسنى وعقبى الدار

هي ملجأ للواردين ومورد ... لابن السبيل وكل ركب ساري

آثار مولانا الخليفة فارس ... أكرم بها في المجد آثار

لا زال منصور اللواء مظفراً ... ماضي العزائم سامي المقدار

بنيت على يد عبدهم وخديم با ... بهم العلي محمد بن جدار

في عام أربعة وخمسين انقضت ... من بعد سبع مئين في الإعصار

ومن نظمه قوله مورياً:

وما أنسى الأحبة يوم (11) بانوا ... تخوض مطيهم بحر الدموع

وقالوا: اليوم منزلنا الحنايا ... فقلت: نعم، ولكن من ضلوعي

وقوله مورياً أيضاً:

ورب يهودي أتى متطبباً ... ليأخذ ثارات اليهود من الناس

إذا جس نبض المرء أودى بنفسه ... سريعاً، ألم تسمع بفتكة جساس

وقوله:

من أي أشجاني التي جنت النوى ... أشكو العذاب وهن في تنويع

من وصلي الموقوف أو من هجري ال ... موصول أو من نومي المقطوع

أو من حديث تولهي وتولعي ... خبراً صحيحاً ليس بالموضوع

يرويه خدي مسنداً عن أدمعي ... عن مقلتي عن قلبي المفجوع

وأول هذه (12) القصيدة:

ذهبي حشاشة قلبي المصدوع ... بين السلام ووقفة التوديع

وقد ضمن شطرها الفقيه عبيد شارح الحلبة (13) ، إذ قال من قصيدة مطلعها:

اهمي دموعك ساعة التوديع ... يا مقلتي ممزوجة بفجيع

بقوله:

يوم استقلت عيسهم وترحلوا ... ذهبت حشاشة قلبي المصدوع

وقوله:

بخدي وجسمي والفؤاد وأدمعي ... شهود بهم دعوى الغرائم تصحح

ومن عجب أن رجع الناي نقلهم ... وكلهم ذو جرحة فيه تقدح

فجسمي ضعيف، والفؤاد مخلط ... ودمعي مطروح، وخدي مجرح

وقوله:

يا محياً كتب الحسن به ... أحرفاً أبدع فيها وبرع

ميم ثغر، ثم نون حاجب ... ثم عين هي تتميم البدع

أنا لا أطمع في وصلك لي ... وعلى وجهك مكتوب منع

ثم قال ابن الأحمر: ومن إنشائه البارع مورياً بالكتب، ورفعها لأمير المؤمنين

المتوكل على الله أبي عنان فارس رحمه الله تعالى يهنيه بإبلال ولده ولي عهده الأمير أبي زيان محمد من مرض (14) :

ماذا عسى أدب الكتاب يوضح من ... خصال مجدك وهو الزاهر الزاهي

وما الفصيح بكليات موعبها ... كاف فيأتي بأنباء وإنباه

أبقى الله تعالى مولانا الخليفة ولسعادته القدح المعلى، ولزاهر كماله التاج المحلى، تجلى من حلاه نزهة الناظر، ويسير بعلاه المثل السائر، ويتسق من سناه العقد المنظم، ويتضح بهداه القصد الأمم، ولا زالت مقدمات النصر له مبسوطة، ومعونة السعد بإشارته منوطة، وهدايته متكفلة بإحياء علوم الدين، وإيضاح منهاج العابدين، وإرشاده يتولى تنبيهى الغافلين، ويأتي من شفاء الصدور بالنور المبين، وميقات الخدمة ببابه مطمح الأنفس، وملخص الجود من كفه بغية الملتمس، قد حكم أدب الدين والدنيا بأنك سراج الملوك، لما أتت عوارفك بالمشرع السلسل ومعارفك بنظم السلوك، ووضحت معالم مجدك وضوح أنوار الفجر، وزهت بعدلك المسالك والممالك زهو خريدة القصر، فلك في جمهرة الشرف النسب الوسيط، ومن جمل المآثر الخلاصة والبسيط، وسبل الخيرات لها برعايتك تيسير، ومحاسن الشريعة بتحصيلك تحبير، وأنت حجة العلماء، الذي تقصر عن تقصي مآثره فطن الأذكياء، إن انبهم التفسير ففي يديك ملاك التأويل، أو اعتاص تفريع الفقه فعندك فصل البيان له والتحصيل، ولإن تشعب التاريخ فلديك استيعابه، أو تطاول الأدب ففي إيجاز بيانك اقتضابه، وإن ذكر الكلام ففي انتقائك من برهانه المحصول، أو المنطق ففي موجز آمالك لبابه المنخول، وليس أساس البلاغة إلا ما تأتي به من فصل المقال، ولا جامع

 

 

الخير إلا ما حزته من تهذيب الكمال، ولذلك صارت خدمتك غاية المطلوب، وحبك قوت القلوب، ولا غر إن كنت من العلياء درتها المكنونة، فأسلافك الكرام هم جواهرها الثمينة، بحماستهم أصيبت مقاتل الفرسان، وبجود (15) جهودهم تنسى ري الظمآن، وبتسهيل عدلهم وضحت شعب الإيمان، وأنت المنتقى من سمط جمانهم، والواسط في قلائد عقبانهم، عنك تؤثر سيرة الاكتفاء، وعن فروعك السعداء تروي أخبار نجباء الأبناء، فهم لمملكتك العليا بهجة مجالسها، وأنس مجالسها، وقطب سرورها، ومطالع نورها، وولي عهدك درتهم الخطيرة، وذخيرتهم الأثيرة، لا زال كامل سعادته بطول مقامك محكماً، وحرز أمانيه بالجمع بين الصحيحين حبك ورضاك معلماً، وقد وجبت التهنئة بما كان في حيلة برئه من التيسير، وما تهيأ في استقامة قانون صحته من نجح التدبير، ولم يكن إلا بعدت به عنك المسالك، وأعوز نور طرفه تقريب المدارك، وتذكر ما عهده من الإيناس الموطأ جنابه عند فضل مالك، فوري من شوقه سقط الزند، والتهب في جوانحه قبس الوجد، فأمددته من دعائك لصالح بحلية الأولياء، فظفر لما شارف مشارق الأنوار من حضرتك بالشفاء، وقد حاز إكمال الأجر بذلك العارض الوجيز، وكان له كتشبيب الإبريز، وها هو قادم بالطالع السعيد، آيب بالمقصد الأسنى من الفتح والتمهيد، يطلع بين يديك طلوع الشهاب، ويبسم عن مفصل الثناء في الهناء بذلك زهر الآداب، فأعد له تحفة القادم من إحسانك الكامل، واخصصه بالتكملة من إيناسك الشامل، فهو الكوكب الدري المستمد من أنوارك السنية، وفي تهذيب شمائله إيضاح للخلق الكريمة الفارسية، لا زالت تزدان بصحاح مآثرك عيون الأخيار، وتتعطر بنفحة الزهر من ثنائك روضة الأزهار، وتتلى من محامدك الآيات البينات، وتتوالى عليك الألطاف الإلهيات، بمن الله سبحانه وفضله، والسلام الكريم

يعتمد المقام العلي، ورحمه الله تعالى وبركاته؛ انتهى.

وللمذكور (16) عدة مقطعات يوري فيها أسماء الكتب فمنها قوله:

ظبي هو الكامل في حسنه ... وثغره أبهى من العقد

جماله المدهش لكنما ... أخلاقه تحكي صبا نجد

وقوله أيضاً:

لك الله من خل حباني برقعة ... حبتني من آياته بالنوادر

رسالة رمز في الجمال نهاية ... ذخيرة نظم أتحفت بالجواهر

وقوله:

قصتي في الهوى المدونة ال ... كبرى وأخبار عشقي المبسوطه

حجتي في الغارم واضحة إذ ... لم تزل مهجتي بوجد منوطه

[نماذج من التورية بأسماء الكتب]

وتذكرت بالتورية بأسماء الكتب قول الأرجاني:

لما تألق بارق من ثغره ... جادت دموعي بالسحاب الممطر

فكأن عقد الدر حل قلائد ال ... عقيان منه على صحاح الجوهري

وقول لسان الدين ابن الخطيب رحمه الله تعالى:

وظبي لأوضاع الجمال مدرس ... عليم بأسرار المحاسن ماهر

أرى جيده نص المحلى، وقررت ... ثناياه ما ضمت صحاح الجواهر

وقول ابن خاتمة:

ومعطر الأنفاس يبسم دائماً ... عن در ثغر زانه ترتيب

من لم يشاهد منه عقد جواهر ... لم يدر ما النتقيح والتهذيب

وقوله أيضاً:

سفهني عاذلي عليه ... وقال لي وده عليل

فقلت معتل أو صحيح ... يودعه عينه الخليل

وقوله أيضاً:

حاز الجمال بصورة قمرية ... تجلو عليك مشارق الأنوار

وحوى الكمال بصورة عمرية ... تتلو عليك مناقب الأبرار

وقول الرئيس أبي محمد (17) عبد المهيمن الحضرمي (18) :

من اغتدى موطأ أسلافه ... صح له التمهيد في أحواله

وقابل استذكاره بالمنتقى ... من رأيه المختار من أعماله

وأضحت المسالك الحسنى له ... تدني تقصياً قصى آماله

وسار من مشارق الأنوار في ... أدنى المدارك إلى إكماله

ولما وقف على هذه القطيعة الفاضل أبو علي حسين بن صالح بن أبي دلامة عارضها وزاد ذكر القبس والمعلم(19):

قل للموطإ للورى أكنافه ... بشراه بالتمهيد في الأحوال

وإذا اكتفى بالمنتقى استذكاره ... وفى له المختار في الأعمال

ومسالك الحسنى تؤديه إلى ... أقصى التقصي من قصى الآمال

ويلوح من قبس الهداية رشده ... من معلم التفصيل والإجمال

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان حازم: 89 وأزهار الرياض 3: 178 وتسمى هذه القصيدة " حديقة الأزهار وحقيقة الافتخار في مدح النبي المختار ".

(2) ديوان حازم: 28 وأزهار الرياض 3: 174.

(3) أزهار الرياض 3: 176.

(4) ترجمة أبي عبد الله ابن جزي في الإحاطة 2: 186 وأزهار الرياض 3: 189 ونثير الفرائد: 292 (رقم: 8) والكتيبة الكمامنة: 223 ونثير الجمان، الورقة: 78.

(5) الأزهار: 191.

(6) الأزهار: 192.

(7) يشير إلى قول الشاعر: " تغير لي في من تغير حارث " انظر المجلد الأول: 26.

(8) الدلاهث: جمع دلهاث وهو المقدام.

(9) انظر الأزهار: 194.

(10) الشعر للغزي (ابن خلكان 1: 41 والخريدة 1: 6، قسم الشام) .

(11) الأزهار: حين.

(12) هذه: سقطت من ص.

(13) ق: الحلية.

(14) ليس من السهل التعريف بكل هذه الكتب التي ورى بها في هذه الرسالة، لأن ذلك يتطلب تطويلا لا تتحمله هذه الحواشي، فليراجعها القارئ في فهرست الكتب حيث نورد كل كتاب مقترنا باسم مؤلفه.

(15) ق: وبحور.

(16) ق: وله.

(17) أبي محمد: سقطت من ق.

(18) انظر أزهار الرياض 3: 201.

(19) الأزهار: 202 وابن أبي دلامة هذا هو والد يحيى كاتب العلامة للسلطان أبي العباس المريني (مستودع العلامة: 75) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.