أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2022
1972
التاريخ: 22-10-2015
2285
التاريخ: 2023-06-04
1293
التاريخ: 28-3-2017
6670
|
حرص دستور مصر لعام 2014 على كفالة حق الترشيح وتمكين المواطنين من ممارسته، ليضمن إسهامهم باختيار قياداتهم وممثليهم في إدارة السلطة، ورعاية مصالح المجتمع، وتتسم كفالته لهذا الحق بممارسته ممارسة جدية وفعالة، لإعمال الديمقراطية في محتواها المقرر دستورياً، ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية، ومعبرة تعبيراً صادقاً عنها.
وقد أورد الدستور في المادة (102) منه العديد من الشروط صراحة، منها اشتراط أن يكون المرشح لعضوية مجلس النواب مصرياً، وحاصلاً على شهادة التعليم الأساسي على الأقل، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية، وأحال في الوقت ذاته الى القانون تنظيم شروط الترشيح الأخرى، بالزام المشرع أن يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين. عليه سنقوم بتقسيم المطلب الى ثلات فروع سنتناول في الفرع الأول شرط التمتع بالجنسية المصرية، وفي الفرع الثاني سنتناول شرط المؤهل العلمي، أما في الفرع الثالت سنتناول شرط من الترشيح كالأتي :
الفرع الأول
التمتع بالجنسية المصرية
تعرف الجنسية الاصلية بانها الجنسية التي تفرض على الشخص فور الميلاد، أما بسبب أصله الوطني، وهذا ما يسمى بمعيار أو أساس ( حق الدم)، أو بسبب مكان ميلاده ويطلق عليه معيار أو أساس (حق الاقليم)، أو على اساس الحقين معاً، وهي تثبت للشخص بحكم القانون دون حاجة الى تقديم طلب أو الحصول على موافقة من جهة معينة(1)
وتفرق العديد من الدول في مجال ممارسة الافراد لحقوقهم السياسية بين طائفتين ممن يحملون جنسيتها، إذ تمثل طائفة من يحمل جنسيتها بصفة أصلية، أي يكون من أصل شعبها، وهم المواطنون الأصليون، وطائفة من يحمل جنسيتها بالاكتساب وهم المواطنون بالتجنس، وهم مواطنون الدولة الذين يحصلون على جنسيتها بالاكتساب لا بالأصل (2).
ولقد استقرت غالبية الأنظمة السياسية على قصر ممارسة معظم الحقوق السياسية وفي مقدمتها حق الترشيح على مواطنيها الأصليين، وتقييد مباشرتها بالنسبة الى المتجنسين بجنسيتها باشتراط قوات مدة معينة، وذلك للتحقق من توافر القدر المتيقن من الانتماء والولاء (3).
وتعتبر الجنسية من أهم الشروط القانونية لمباشرة الحقوق السياسية، فالجنسية تعتبر صفة في الشخص تقوم على رابطة سياسية وقانونية بينه وبين الدولة (4)، لذا نجد ان المشرع الدستوري المصري قد اشترط في المادة (102) من دستور 2014 أن يكون المرشح لعضوية مجلس النواب مصري الجنسية، وهو الأمر الذي يدلل على اشتراط الجنسية الوطنية كشرط جوهري لممارسة حق الترشيح، وذلك للأهمية التي يحظى بها هذا الشرط، باعتباره الركن الأصيل لقيام الدولة (5) ، فالفرد الذي يحمل جنسية دولة معينة يتمتع بحقوق وحريات لا يتمتع بها من لا يحملها.
كما يلاحظ بهذا الصدد ان المشرع في المادة أعلاه حرص ان يكون المرشح مصرياً، أي حاصلا على الجنسية المصرية فقط، دون تحديد فيما إذا كانت هذه الجنسية أصلية أم مكتسبة، كما انه لم يشترط أن يكون المرشح لعضوية مجلس النواب من أبوين مصريين، كما هو الحال قبل صدور دستور 2014، إذ كان المشرع (6) يشترط في المرشح للنيابة أن يكون مصري الجنسية ومن أب مصري تحديداً، لكن وفق صياغة المادة (102) من الدستور الحالي فإنه لم يحدد ذلك في المرشح لعضوية مجلس النواب، على الرغم من اشتراط ذلك عند ترشيح رئيس الجمهورية، بلزوم أن يكون من أبوين مصريين تحديداً، وألا يكون قد حمل هو وأي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى (7) ، كما اشترط ذلك ايضاً في تعيين رئيس مجلس الوزراء (8).
وبعبارة أخرى فإنه في الوقت الذي قصر الترشيح لمنصب كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء من المصريين الذين يحملون الجنسية الأصلية فقط، نجد بالمقابل ان المشرع الدستوري ساوى بين المصريين الذين يحملون الجنسية الاصلية أو المكتسبة بعد مرور (10) سنوات من امكانية الترشيح لعضوية مجلس النواب.
وفضلاً عن ذلك فقد كفل الدستور في المادة (6) منه حق الفرد في الجنسية لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية والاعتراف القانوني به بمنحه أوراق رسمية، وهو الأمر الذي يمكن معه القول إنه تبنى ماسبقه اليه قانون الجنسية المصري رقم (26) لسنة 1975 عند تعديله بالقانون رقم (154) لسنة 2004، إذ اعتبر في المادة (2)(9) و (3) (10) منه بان من ولد لأم مصرية مصرياً أصيلاً.
وبهذا الصدد يثار تساؤل عن أحقية الأجنبي حامل الجنسية المصرية المكتسبة في الترشح لمجلس النواب؟
ان الاجابة على التساؤل المذكور توجب الرجوع الى المادة (102) من الدستور، وقد أسلفنا اشتراطها في المرشح تمتعه بالجنسية المصرية، دون تحديد نوع الجنسية التي توضح مصريته سواء أكانت أصلية أم مكتسبة، أي انها جاءت بصورة مطلقة، ومن ثم يفهم من ذلك ان مكتسب الجنسية المصرية يعد مصرياً، ويتساوى مع المصري حامل الجنسية الأصلية بعد مرور فترة الاختبار الا ما استثناه المشرع بنص، ليكون مواطناً يتساوى مع غيره استناداً للمبادئ الدستورية في المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها في الدستور (11)، وبهذا يتضح ان الصائغ الدستوري المصري كان واضحاً في عدم النص على قصر الترشيح على المرشح من أبوين مصريين تحديداً، ولو كان هذا ما يبغيه لكان حريصاً في النص عليه، كما هو الحال في اشتراطه ذلك عند ايراده شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية ولرئيس مجلس الوزراء. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فانه بالرجوع الى قانون الجنسية وتحديداً الى المادة (9)(12) منه فانه أصبح للمتجنس الحق في التمتع بمباشرة حق الانتخاب بمضي خمس سنوات من تاريخ اكتسابه الجنسية المصرية، والتمتع بحق الترشيح بمضي عشر سنوات من تاريخ اكتساب المتجنس الجنسية المصرية ليحق له ان يكون عضواً في مجلس النواب، مع الاشارة الى وجود حالات اعفاء من مطالبة المتجنس بمضي فترة الاختبار أو التجربة، إذ جعلها القانون متروكة لسلطة رئيس الجمهورية دون شرط، أما بالنسبة الى سلطة وزير الداخلية فلقد اشترط ان يكون طالب التجنيس قد انضم إلى القوات المصرية وحارب في صفوفها. نخلص مما تقدم الى أحقية مكتسب الجنسية المصرية في الترشيح لعضوية مجلس النواب بمرور عشر سنوات من تاريخ اكتسابه الجنسية المصرية عند عدم وجود مانع آخر يمنعه من الترشيح. أما بالنسبة الى مزدوج الجنسية فمن استقراء المادة (102) من الدستور، نجد انها اشترطت أن يكون المرشح مصرياً فقط، ويكون المرشح مصرياً عند حيازته الجنسية المصرية، وبما ان هذه المادة قد أوردت الشروط الرئيسية والجوهرية التي يتوجب توافرها في المرشح ومنها الشرط المتقدم، فانه لا يمكن للمشرع العادي الخروج عليها، سواء بتقييدها أو بالانتقاص منها بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها طبقاً لما نصت عليه المادة (92)(13) من الدستور، ومن بين هذه الشروط حمل الجنسية المصرية على نحو مطلق من أي قيد أو شرط.
ولم يقتصر المشرع الدستوري على ما تقدم بل نجد انه أحال الى القانون تنظيم الشروط الأخرى التي يجب توافرها في المرشح لعضوية مجلس النواب، وفعلاً صدر قانون مجلس النواب رقم (46) لسنة (2014)(14)، ليعيد تنظيم الشروط التي نظمها المشرع الدستوري بإضافة شروط أخرى، مع ان المشرع لم يطلب منه إعادة تنظيمها (15)، إذ نص في المادة (8/1) على انه يشترط فيمن يترشح لعضوية مجلس النواب : 1- أن يكون مصرياً متمتعاً بالجنسية المصرية منفردة.."، ويتضح من هذا النص اشتراط ان يكون المرشح لعضوية مجلس النواب من أبوين مصريين، وبذلك منع مكتسب الجنسية من الترشيح، كما منع المواطن المصري الحاصل على جنسية أخرى الى جانب جنسيته المصرية من الترشيح أيضاً.
ونتيجة لذلك تم الطعن بذلك لدى المحكمة الدستورية العليا بالقضية رقم (24 لسنة 37 قضائية دستورية)(16) في (2015/2/12) التي يطلب فيها المدعي الحكم بعدم دستورية البند (1) من المادة (8) من قانون مجلس النواب رقم (46) لسنة (2014) وبالتحديد نص متمتعاً بالجنسية المصرية منفردة". وصدر القرار في 2015/3/7 الذي اختزلت فيه المحكمة الدستورية العليا خلافاً قانونياً وفقهياً وقضائياً امتد لأكثر من خمسة عشر سنة، ومما جاء في قرارها بأن " المشرع الدستوري أورد الشروط الرئيسية والجوهرية التي يجب توافرها في المرشح بحيث لايجوز للمشرع العادي الخروج عليها، سواء بتقييدها أو بالانتقاص منها بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها، ومن بين هذه الشروط حمل الجنسية المصرية على نحو مطلق من أي قيد أو شرط خلافاً لما قرره نص المادة (141) من الدستور من أنه يشترط فيمن يترشح رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه، أو زوجه جنسية دولة أخرى".
"فمن ثم كان على المشرع العادي الالتزام بحدود وضوابط ممارسته التشريعية وبمراعاة مراتب التدرج التشريعي، فإذا ما خرج عنه وأحل نفسه موضع المشرع الدستوري وأضاف للنص المطعون فيه قيداً وشرطاً جديداً بالانفراد بالجنسية المصرية، فانه يكون قد انطوى على مخالفة لنصوص المواد (87)(17) و (88) و (102) من الدستور، مما يستوجب القضاء بعدم دستوريته".
ونتيجة لقرار المحكمة بعدم دستورية البند (1) من المادة (8) من قانون مجلس النواب الحالي، تم تعديله بالقانون رقم (92) لسنة 2015 (18) ليصبح نصها 1- أن يكون مصرياً " بعد إن كانت قبل التعديل "1 - أن يكون مصرياً متمتعاً بالجنسية المصرية منفردة ".
نخلص مما تقدم انه يشترط فيمن يرغب بالترشيح لعضوية مجلس النواب أن يكون مصرياً فقط، على أساس عمومية النص الدستوري وايراده على سبيل الاطلاق، وعدم وجود قيد يحول دون ذلك، ويثبت ذلك من خلال حيازته للجنسية المصرية، ولا يمنع ذلك من ترشيح المصريين مزدوجي الجنسية أي الحاصلين على جنسية أخرى الى جانب جنسيتهم الأصلية، كما لا يمنع الاجنبي مكتسب الجنسية المصرية من الترشيح لعضوية مجلس النواب بعد مرور عشر سنوات على تاريخ تجنسه بالجنسية المصرية طبقاً للمادة (9) من قانون الجنسية رقم (26) لسنة 1975.
الفرع الثاني
المؤهل العلمي
في الوقت الذي اتجهت فيه غالبية الدساتير والقوانين الانتخابية إلى اعتبار شرط الكفاءة العلمية أحد القيود الواردة على مبدأ حرية الترشيح بصفة عامة (19) ، نجد بالمقابل خلو دساتير وقوانين بعض الدول من النص على اشتراط الكفاءة العلمية فيمن يرشح لعضوية المجالس التشريعية كالدستور الفرنسي والأمريكي، فيما رفضت أخرى أن يكون هناك تمييزاً بين المرشحين لعضوية البرلمان بسبب الكفاءة العلمية كالدستور الياباني لعام 1947(20) ، ويرجع ذلك إلى ان هذه المجتمعات قد وصلت إلى مرحلة من التقدم يستحيل معها أن يختار الناخب سوى مرشحاً تتوافر فيه الكفاءة العلمية، أما البعض الآخر من هذه الدساتير فقد اشترط صراحة الكفاءة العلمية في المرشح لعضوية المجالس النيابية وأهمها إجادة القراءة والكتابة (21). وبالرجوع الى دستور عام 2014 نجد ان المادة (102) منه لم تشترط مستوى علمي معين فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس النواب سوى أن يكون المرشح حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسي(22) على الأقل، ومن ثم يتضح إن النص الدستوري اكتفى بشهادة التعليم الأساسي لمن يروم الترشيح لعضوية مجلس النواب. ومن هذا المنطلق فإن اشتراط مستوى علمي معين في المرشح لعضوية مجلس النواب نصت عليه الدساتير المصرية المتعاقبة في مصر وآخرها الدستور الحالي، وتنبع أهمية وقيمة هذا الشرط وضرورته في الطبيعة الشائكة للوظيفة التشريعية ، فهي - ويحق- أرقى الوظائف قاطبة والتي تتطلب في الأقل أن يكون عضو البرلمان الذي تعهد اليه مهمة التشريع قادراً على قراءة هذا التشريع وفهمه حتى يستطيع أن يناقشه، ناهيك عن دوره في رقابة الحكومة، واقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وقد جرت أحكام مجلس الدولة على التأكيد على أهمية وجوب هذا الشرط ورتبت على تخلفه عدم صلاحية المرشح (23). ومن الجدير بالذكر أحتدام الجدل والآراء المختلفة بين الفقهاء المصريين بشأن المستوى الدراسي الذي يجب اشتراطه في المرشح لعضوية مجلس النواب، والذي ادى بالنتيجة الى اشتراط حصول المرشح على شهادة التعليم الأساسي بدلاً من مجرد القراءة والكتابة.
فقد كان البعض منهم يرى ضرورة حصول المرشح على مؤهل علمي عالٍ أو درجة ثقافية قانونية كدلالة على المعرفة والفكر تعينه على أداء مهامه التشريعية والرقابية بالاستناد الى إن الدول منذ بداية القرن التاسع عشر تشترط قوانينها في الشخص الذي يتقدم لشغل وظيفة عامة مؤهلاً علمياً معيناً(24) . بينما يرى البعض الآخر الى عدم ضرورة اشتراط نصاب علمي معين في المرشح، على اعتبار ان القاعدة العريضة من أعضاء هيئة الناخبين بل ومن المواطنين ناخبين أو غير ناخبين من الأميين الذين لاحظ لهم من التعلم في شيء، كما ان المهام القانونية والفنية التشريعية يوكل أمرها الى لجنة متخصصة لكي تدلي بدلوها قبل التصويت بالموافقة أو الرفض عليها من جميع اعضاء المجلس (25).
بينما يرى آخرون ضرورة أن يكون المرشح حاصلاً على مؤهل علمي معين، يمكن أن يكتفى بشأنه بالحصول على شهادة إتمام الدراسة للمرحلة الأولى من التعليم الأساسي (الإعدادية) أو شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها كحد أدنى للمؤهل العلمي، إذ يعد وجود هذا المؤهل قرينة على قدر معقول من الثقافة القانونية لدى المرشح تساعده على أداء مهام وظيفته بالمجلس على نحو سليم يتفق والصالح العام (26).
ونتيجة للآراء المطالبة برفع المستوى العلمي للمرشح لعضوية مجلس النواب، فقد اشترط الصائغ الدستوري المصري في المادة (102) من الدستور الحالي أن يكون المرشح حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسي(27) على الأقل، بعد ان كان يكتفي بإجادة المرشح القراءة والكتابة فقط في التشريعات السابقة (28). والذي نتج عنه دخول بعض الاميين الى مجلس الشعب (سابقاً).
ويؤيد الباحث ماذهب اليه الرأي الأول من الفقه لأن النيابة تحتاج الى مؤهلات عالية، ومستوى عالٍ من التعليم والثقافة تساعد النائب وتعينه على أداء مهامه التشريعية والرقابية.
الفرع الثالث
سن الترشيح
تشترط جميعا أنظمة الانتخاب بلوغ المواطن سناً معينة، حتى يستطيع ممارسة حقه في الترشيح لعضوية المجالس النيابية، ويعد هذا الشرط مظهراً من مظاهر التشدد التشريعي حيال تحديد الشروط الواجب توافرها في المرشح لعضوية المجالس النيابية، وبلوغ السن المطلوبة للترشيح، قرينة على نضج المواطن وقدرته على إدراك الأمور العامة، والقدرة على التصرف في تعقل وحكمه. وبالتالي يعدُّ شرط السن شرطاً أساسياً حتى يتمتع المرشح بالنضج اللازم لتمثيل الشعب في النيابة عنه (29) ، ويشترط عادة فيمن يرشح نفسه لعضوية لعضوية مجلس النواب سن أكبر من سن الناخب حتى يكون أكثر خبرة ونضوجا (30)، وعلى الرغم من تباين الاحكام الدستورية في الدول المقارنة في تحديد هذه السن إلا انه غالبا ما تم تحديدها بـ(30) عاماً أو (25) عاماً، في حين اتجهت دول أخرى الى ترك تحديد سن المرشح الى القوانين الانتخابية(31). ففي مصر حدد المشرع الدستوري هذه السن أو العمر بـ (25) عاماً ميلادية، خلافاً لما كان عليه الحال في دستور 1971 الملغى الذي احال تحديدها الى القانون، والذي جعل من الترشيح (30) عاماً، والفارق الجوهري بين الدستورين يتمثل في أن المشرع الدستوري في دستور عام 2014 النافذ حال دون امكانية تعديل من الترشيح إلا بأتباع إجراءات تعديل الدستور نفسه.
ولقد كرر المشرع في البند (3) من المادة (8) من قانون مجلس النواب المصري رقم (46) لسنة (2014) ما نص عليه الدستور النافذ في مادته (102) من تحديد من الترشيح بخمس وعشرين عاماً. ويتمثل السبب في اتجاه المشرع الدستوري الى خفض سن الترشيح بعد قيام ثورة (25) يناير 2011 في إنه جاء استجابة لنداءات الثوار بخفض سن الترشيح لمجلس النواب الى 25 سنة ميلادية لكي يضمن تمثيل الشباب في مجلس النواب (32).
ولقد تباينت آراء الباحثين بتخفيض سن الترشيح لعضوية مجلس النواب ورفعه بين مؤيد ومعارض ولكل منهم أسبابه ومسوغاته، فنادى المؤيدون بجعل من الانتخاب (25) سنة قبل صدور الدستور الحالي، وذلك لان تحديد السن اللازمة للعمل النيابي تتم بمراعاة السن المعتادة لبلوغ الخبرة اللازمة للنهوض به ومراجعة نجاعته بين فترة واخرى (33) ، كما ان السير في الاتجاه الديمقراطي الذي يوسع في نطاق المشاركة السياسية : يدعم هذا الرأي، ومن ثم يتوجب استكمال السير بتخفيض سن الترشيح للبرلمان(34). فيما يذهب اصحاب الرأي المعارض الى ضرورة أن يكون من الترشيح (30) سنة، لأن تحديد سن المرشح بـ(25) سنة لا يتفق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي (35) ، ومن تم لايكون المرشح قد بلغ من العمر سناً تمكنه من القيام بالمهام والاعباء التقيلة التي تتصل بإدارة الشؤون العامة في المجتمع، ولا يمكن قياس خفض سن الترشيح على سن التمتع بحق الإنتخاب، على أساس الاختلاف الكبير في درجة المهام الملقاة على عائق النائب والناخب (36). ويؤيد الباحث الرأي الأول بتحديد من الترشيح (25) لان المجالس النيابية بحاجة الى الطاقات الشبابية لتجديدها، ولبلورة فرص جديدة لمشاركة الشباب في الحياة العامة، فضلاً عن المساهمة في توسيع قاعدة المشاركة بتنافس عدد أكبر من المرشحين.
______________
1- د. علي هادي الشكراوي، د. فراس عبد الكريم البيضاني، روافد محمد على الطيار، طرق اكتساب الجنسية في التشريع العراقي، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، كلية القانون، جامعة بابل ، المجلد 8، العدد 3 ، 2016، ص 71.
2- د. جورجي شفيق ساري دراسات وبحوث حول الترشيح للمجالس النيابية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2001، ص 15.
3- د. محمد احمد عبد النعيم ، مدى أحقية المصري مزدوج الجنسية في الترشيح لعضوية مجلس الشعب، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص 102
4- د. عكاشة محمد عبد العال، أحكام الجنسية المصرية دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 1993، ص13.
5- د. محمد أحمد عبد النعيم ، مصدر سابق، ص87
6- المادة (الخامسة) من قانون مجلس الشعب رقم (38) لسنة (1972) "الملغى" المنشور في الجريدة الرسمية، العدد (29) في 1972/9/28
7- تنص المادة (141) من الدستور على أنه يُشترط فيمن يترشح رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى "
8- تنص المادة (164) من الدستور على أنه يشترط فيمن يعين رئيساً لمجلس الوزراء، أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وألا يحمل هو أو زوجه جنسية دولة أخرى".
9- تنص المادة (2) على ان يكون مصرياً -1- من ولد لأب مصري -2- من ولد في مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له. 3- من ولد في مصر من أم مصرية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً 4 - من ولد في مصر من أبوين مجهولين. 5- ويعتبر اللقيط في مصر مولوداً فيها ما لم يثبت العكس. وينظر ايضاً تعديل قانون الجنسية رقم 22 لسنة 2012 الذي نص على "بعد مصرياً من ولد لأم مصرية".
10- تنص المادة (3) على يعتبر مصرياً من ولد في الخارج من أم مصرية ومن أب مجهول أولا جنسية له أو مجهول الجنسية، إذا اختار الجنسية المصرية خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد بإخطار يوجه إلى وزير الداخلية بعد جعل إقامته العادية في مصر، ولم يعرض وزير الداخلية على ذلك خلال سنة من تاريخ وصول الإخطار إليه".
11- ينظر المواد (4، 9، 11، 53، 87، 92) من الدستور النافذ.
12- جرى العمل سابقاً بانه لا يحق لمكتسب الجنسية المصرية الترشيح لعضوية مجلس الشعب لانه لم يولد لأب مصري، وفق المادة (5) من قانون مجلس الشعب رقم (38) لسنة 1972 ، باعتبارها نصاً خاصاً، أوقف العمل بالمادة (1) من قانون الجنسية رقم (26) لسنة 1975 باعتبارها نصاً عاماً، وطبقاً للقواعد الأصولية ان النص الخاص يقيد العام، واطلق العمل بها بعد الغاء قانون مجلس الشعب بالمادة (2) من قانون مجلس النواب رقم (45) لسنة 2014.
ينظر : د. إكرام عبدالحكيم محمد محمد حسن الطعون الانتخابية في الانتخابات التشريعية، المكتب الجامعي الحدي، الاسكندرية، 2007، ص 202. )
13- تنص المادة (92) على ان " الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها"
14- نشر قانون مجلس النواب في الجريدة الرسمية المصرية بالعدد 23 (تابع) في 5 يونيو سنة 2014.
15- ورد في حيثيات قرار المحكمة الدستورية العليا رقم (24) لسنة (37) قضائية دستورية بجلسة / آذار/ سنة 2015) بان البادي البادي من سباق المادة (102) من الدستور ان تفويض المشرع العادي في تحديد الشروط الأخرى، انما صدرت بصدر الفقرة الثانية من المادة، وطبقاً لقواعد التفسير السليم لنصوص الدستور، فإن تلك العبارة لا تنصرف الى الشروط التي أوردها النص الدستوري حصراً، إنما قصد بها تقويض المشرع في وضع شروط من طبيعة أخرى غير تلك الشروط".
16- نشر قرار المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية المصرية بالعدد 10 (مكرر) في 7 مارس سنة 2015.
17- تنص المادة (87) من الدستور بأن "مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون......
18- نشر قانون تعديل قانون مجلس النواب رقم (92) لسنة 2015 في الجريدة الرسمية المصرية ، بالعدد (30) مكرر - في 29 يوليو سنة 2015
19- بالعودة الى احكام دساتير بعض الدول ، نجد تبايناً معيناً في هذا الشأن ، لقد قررت هذا القيد نصاً مجموعة من الاحكام الدستورية ، مثل دساتير سوريا لأعوام 1920 (م78) و 1950 و 1962 (م/39) و 1953 (م/44) ، واحكام الدساتير السودانية للأعوام 1956 و 1964 (فق و م48) ودستور (1973 (فق و م122) ودستور (1985 (فق و م 60) ، ودستور الجمهورية العربية اليمنية لعام 1970 (فق49/2) ودستور الجمهورية اليمنية لعام 1990 (فق42/3). بينما صمتت دساتير أخرى كدستوري سوريا لعامي 1930 و 1973 ودساتير العراق للأعوام 1925 و 1964 و 1970 ودساتير مصر لأعوام 1923 و 1930 و 1956 و 1958 و 1964 و 1971 ودستور جمهورية اليمن لعام 1964 والقرار الدستوري رقم 2 لعام 1968 والدساتير الجزائرية لأعوام 1963 و 1976 و 1989 والدستور اللبناني والدستور التونسي 1959 ينظر د. قائد محمد طربوش، السلطة التشريعية في الدول العربية ذات النظام الجمهوري طاء المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بیروت، 1995، ص 38.
20- تنص المادة (44) من الدستور الياباني على إنه " لايجوز التمييز في شأن العضوية لمجلس النواب والشيوخ بسبب العنصر أو العقيدة أو الجنس أو الحالة الاجتماعية أو التعليم أو التروة "
21- عبد الناصر محمد وهبة ، الحرية السياسية بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي ، ط 2 ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2009، ص382-383
22- التعليم الأساسي يشمل المرحلة الابتدائية والمرحلة الأولى (الاعدادي من التعليم الثانوي، ولا يشمل المرحلة الثانية من الثانوية التي يطلق عليها في مصر الثانوية العامة)، ينظر نشرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ، التصنيف الدولي للتعليم المقنن ( أسكد (1997)، ط2 ، آيار 2006، ص 24.
23- د. محمد أحمد عبد النعيم ، مصدر سابق، ص79. كما ينظر إشارته الى الاحكام في هذا الشأن:
* حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 158 لسنة 6 قضائية ، جلسة 1961/6/24، الموسوعة الادارية الحديثة ، ج 19، ص27.
* حكم محكمة القضاء الاداري في 1990/11/20 بالطعن رقم 940 لسنة 40 قضائية.
* حكم محكمة القضاء الاداري في 2000/10/22 بالطعن رقم 52 لسنة 23 قضائية.
* حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1229 لسنة 47 قضائية ، جلسة 2000/10/26.
* حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1258 لسنة 47 قضائية ، جلسة 2000/10/26.
كما ينظر في الشأن نفسه د فاروق عبد البر، دور مجلس الدولة في حماية الحقوق والحريات العامة، ج 3، المجلد الثاني، النسر الذهبي للطباعة القاهرة، 1998 ص 1446-1450
24- د. . محمد فرغلي محمد علي، نظم و إجراءات انتخاب أعضاء المجالس المحلية في ضوء القضاء و الفقه، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1998 ، ص 545-547.
وينظر كذلك د. حمدي على عمر الانتخابات البرلمانية، دار النهضة العربية القاهرة ، 2006 ، ص 61-62. د. حمدي علي عمر النظام الدستوري المصري وفقاً لدستور 2014، ط 1 ، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2016، ص 140-141. د. داود عبد الرزاق الباز، حق المشاركة في الحياة السياسية، دار النهضة العربية - القاهرة، 2002 ، ص 401-402 .
25- د. محمد أحمد عبد النعيم ، مصدر سابق، ص79-80
26- د. عفيفي كامل عفيفي، الاشراف القضائي على الانتخابات النيابية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2002 ، ص206.
27- التعليم الأساسي يشمل المرحلة الابتدائية والمرحلة الأولى (الاعدادي، نطلق عليها في العراق مرحلة المتوسطة) من التعليم الثانوي. ولا يشمل المرحلة الثانية من الثانوية التي يطلق عليها في مصر (الثانوية العامة)، ينظر نشرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافة (اليونسكو) ، التصنيف الدولي للتعليم المقنن أسكد (1997)، ط2، 2006، ص 24.
28- كان نص البند 4 من المادة 5 قبل التعديل هو (4) - أن يجيد القراءة والكتابة).
29- د. فيصل شطناوي، حق الترشيح واحكامه الاساسية لعضوية مجلس النواب في التشريع الاردني ، بحث منشور في مجلة المنارة جامعة ال البيت – الاردن المجلد 13، العدد 9 ، 2007 ، ص293.
30- د. حمدي علي عمر النظام الدستوري المصري وفقاً لدستور 2014، ط 1 ، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2016، ، ص138.
31- إن التنظيم الدستوري والقانوني لحق الترشيح للبرلمان يمكن تقيمه الى ثلاث طوائف : الطائفة الأولى قضت أحكام تشريعاتها إلى تحديد سن المرشح ثلاثين عاماً كما في دستور الجمهورية العربية اليمنية لعام 15/1958) ودستور الجمهورية العربية اليمنية لعام 1964 (م/49) وقانون مجلس الشوري العراقي لعام 1964 فق (21) وقانون مجلس الشورى اليمني لعام 1964 ودستور السودان لعام 1985(م/59) والدساتير السورية لأعوام 1930 (م38) و 1950 ، 1962 (م/39) والدستور التونسي قبل التعديل عام 1981 والجزائري قبل عام 1981 والدستور الكويتي لعام 1962) (فق حـ/ م 84 والدستور البحريني لعام 2002 والدستور القطري لعام 2003 والدستور الأردني (م/70) ودستور مصر عام 1964) (م/50) ودستور العراق لعام 1925 (فق 30/2) وقانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية (م/31) والدستور العراقي لعام 2005.. الطائفة الثانية قررت في تشريعاتها الى تحديد من الترشيح بخمس وعشرين سنة كالقانون اللبناني لعام 1962 ، والقرار رقم (2) لسنة 1968 في الجمهورية العربية اليمنية ودستور الجمهورية العربية اليمنية لعام 1970 و دستور سوريا 1953 (م/44) وقانون الانتخاب السوري لعام 1973 و دستور الجمهورية اليمنية لعام 1990 ودستور الصومال لعام 1960(فق3/ م51) ودستور موريتانيا لعام 1991 المعدل عام 2006(م/47) ودستور دولة الامارات المتحدة لعام 1971ل (فق2/ م 70) وقانون مجلس الشعب السوري لعام 1973 وقانون المجلس الوطني العراقي لعام 1980.. والطائفة الثالثة تركت تحديد سن المرشح للقانون كدستور العراق لعام 1970 و دستور مصر لعام 1971 و دستور سوريا عام 1973 و دستوري اليمن لعامي 1965 و 1967 ودستور المغرب لعام 1962 (الفصل /43) ودستور المغرب لعام 1972 و دستور الجزائر لعام 1963(م/29) ودستور الجزائر لعام 1976 (م/13) ينظر د. قائد محمد طربوش ، مصدر سابق، ص36-37.
32- د. حمدي على عمر ، النظام الدستوري المصري وفقاً لدستور 2014 ، مصدر سابق ، ص138.
33- د. فتحي فكري ، وجيز القانون البرلماني في مصر ، شركة ناس للطباعة القاهرة ، 2006 ، ص 122.
34- د داود الباز ، حق المشاركة في الحياة السياسية ، مصدر سابق ،ص 377.
35- يرى بعض الفقه إن تخفيض من الترشيح الى سن الخامسة والعشرين لا يتفق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي في مصر، معناه إنه إنه يصطدم بالواقع الاجتماعي حيث ينتهي الشباب من مرحلة التعليم إلى ما بعد الخامسة والعشرين الأمر الذي قد يجعل النزول بالسن إلى أقل من الثلاثين صعب لعدم انتهاء الشباب من العملية التعليمية. كما يصطدم بالواقع الاقتصادي للشباب في تلك المرحلة التي تتزامن مع تخرجه مباشرة منتظراً الالتحاق بعمل يحقق له مورداً ثابتاً، فضلاً عن انتشار ظاهرة البطالة تدفع الكثير إلى الهجرة خارج البلاد بحثاً عن فرصة عمل . ينظر د. حمدي علي عمر ، النظام الدستوري المصري وفقاً لدستور 2014 ، مصدر سابق ، ص138.
36- د. حمدي على عمر النظام الدستوري المصري وفقاً لدستور 2014 ، مصدر سابق، ص138-139.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|