المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6253 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28



شرح الدعاء الأول من الصحيفة السجّاديّة.  
  
955   10:43 صباحاً   التاريخ: 2023-10-05
المؤلف : السيّد محمد باقر الداماد.
الكتاب أو المصدر : شرح الصحيفة السجّاديّة الكاملة.
الجزء والصفحة : ص 72 ـ 88.
القسم : الاخلاق و الادعية / أدعية وأذكار /

وكان من دعائه (عليه السلام) إذا ابتدأ بالدعاء بدأ بالتحميد لله عزّ وجلّ والثناء عليه فقال:

الْحَمْدُ للهِ (1) الاوَّلِ (2) بِلا أَوَّل (3) كَانَ قَبْلَهُ وَالاخِر بِلاَ آخِر (4) يَكُونُ بَعْدَهُ، الَّذِي قَصُرَتْ عَنْ رُؤْيَتِهِ أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ، وَعَجَزَتْ عَنْ نَعْتِهِ أَوهامُ اَلْوَاصِفِينَ، ابْتَدَعَ بِقُدْرَتِهِ الْخَلْقَ اَبتِدَاعَاً وَاخْتَرَعَهُمْ عَلَى مَشِيَّتِهِ اخترَاعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إرَادَتِهِ، وَبَعَثَهُمْ فِي سَبِيلِ مَحَبَّتِهِ، لا يَمْلِكُونَ تَأخِيراً عَمَا قَدَّمَهُمْ إليْهِ وَلا يَسْتَطِيعُونَ تَقَدُّماً إلَى مَا أَخَّرَهُمْ عَنْهُ، وَجَعَلَ لِكُلِّ رُوْح (5) مِنْهُمْ قُوتَاً مَعْلُوماً مَقْسُوماً مِنْ رِزْقِهِ، لاَ يَنْقُصُ مَنْ زادَهُ نَاقِصٌ (6) وَلاَ يَزِيدُ مَنْ نَقَصَ منْهُمْ زَائِدٌ ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ أَجَلاً مَوْقُوتاً وَنَصَبَ لَهُ أَمَداً مَحْدُوداً يَتَخَطَّأُ إلَيهِ بِأَيَّامِ عُمُرِهِ  (7) وَيَرْهَقُهُ (8) بِأَعْوَامِ دَهْرِهِ، حَتَّى إذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ  (9) وَاسْتَوْعَبَ حِسابَ عُمُرِهِ، قَبَضهُ إلَى ما نَدَبَهُ (10) إلَيْهِ مِنْ مَوْفُورِ ثَوَابِهِ، أَوْ مَحْذُورِ عِقَابِهِ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى عَدْلاً مِنْهُ، تَقَدَّسَتْ أَسْمَآؤُهُ، وَتَظَاهَرَتْ ألاؤُهُ لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَوْ حَبَسَ عَنْ عِبَادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ عَلَى مَا أَبْلاَهُمْ (11) مِنْ مِنَنِهِ الْمُتَتَابِعَةِ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ الْمُتَظَاهِرَةِ لَتَصرَّفُوا فِي مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وَتَوَسَّعُوا فِي رِزْقِهِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ، وَلَوْ كَانُوا كَذلِكَ لَخَرَجُوا مِنْ حُدُودِ الانْسَانِيَّةِ إلَى حَدِّ الْبَهِيمِيَّةِ، فَكَانُوا كَمَا وَصَفَ فِي مُحْكَم كِتَابِهِ: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} وَالْحَمْدُ لله عَلَى مَا عَرَّفَنا مِنْ نَفْسِهِ، وَأَلْهَمَنَا مِنْ شُكْرِهِ، وَفَتَحَ لَنَا من أبوَابِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيّته، وَدَلَّنَا عَلَيْهِ مِنَ الاِخْلاَصِ لَهُ فِي تَوْحِيدِهِ، وَجَنَّبَنا مِنَ الالْحَادِ وَالشَّكِّ فِي أَمْرِهِ، حَمْداً نُعَمَّرُ (12) بِهِ فِيمَنْ حَمِدَهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَنَسْبِقُ بِـهِ مَنْ سَبَقَ إلَى رِضَاهُ وَعَفْوِهِ، حَمْداً يُضِيءُ لَنَا بِهِ ظُلُمَاتِ الْبَرْزَخِ (13) وَيُسَهِّلُ عَلَيْنَا بِهِ سَبِيلَ الْمَبْعَثِ، وَيُشَرِّفُ بِهِ مَنَازِلَنَا عِنْدَ مَوَاقِفِ الاشْهَادِ يَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ}، حَمْداً يَرْتَفِعُ (14) مِنَّا إلَى أَعْلَى عِلِّيِّينَ فِي كِتَاب مَرْقُوم يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ، حَمْداً تَقَرُّ بِهِ (15) عُيُونُنَا إذَا بَرِقَت الابْصَارُ (16) وَتَبْيَضُّ بِهِ وُجُوهُنَا إذَا اسْوَدَّتِ الابْشَارُ (17) حَمْداً نُعْتَقُ بِهِ مِنْ أَلِيمِ نَارِ اللهِ إلَى كَرِيمِ جِوَارِ اللهِ، حَمْداً نُزَاحِمُ بِهِ (18) مَلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ، وَنُضَامُّ (19) بِـهِ أَنْبِيآءَهُ الْمُـرْسَلِيْنَ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ (20) الَّتِي لا تَزُولُ، وَمَحَلِّ كَرَامَتِهِ الَّتِي لاَ تَحُولُ، وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي اخْتَارَ لَنَا (21) مَحَاسِنَ الْخَلْقِ، وَأَجرى عَلَيْنَا طَيِّبَاتِ الرِّزْقِ، وَجَعَلَ لَنَا الفَضِيلَةَ بِالْمَلَكَةِ (22) عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، فَكُلُّ خَلِيقَتِهِ مُنْقَادَةٌ لَنَا بِقُدْرَتِهِ، وَصَآئِرَةٌ إلَى طَاعَتِنَا بِعِزَّتِهِ، وَالْحَمْدُ لله الَّذِي أَغْلَقَ عَنَّا بَابَ الْحَّاجَةِ (23) إلاّ إلَيْهِ، فَكَيْفَ نُطِيقُ حَمْدَهُ؟ أَمْ مَتَى نُؤَدِّي شُكْرَهُ؟ لا، مَتى؟ (24) وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَكَّبَ فِينَا آلاَتِ الْبَسْطِ، وَجَعَلَ لَنَا أدَوَاتِ الْقَبْضِ، وَمَتَّعَنا بأرواح الْحَياةِ، وَأثْبَتَ فِينَا جَوَارِحَ الاعْمَال وَغَذَّانَا بِطَيِّبَاتِ الرِّزْقِ، وَأغْنانَا بِفَضْلِهِ، وَأقْنانَا (25) بِمَنِّهِ، ثُمّ أَمَرَنَا لِيَخْتَبِرَ (26) طاعَتَنَا، وَنَهَانَا لِيَبْتَلِيَ (27) شُكْرَنَا، فَخَالَفْنَا عَنْ طَرِيْقِ أمْرِهِ، وَرَكِبْنا مُتُونَ زَجْرهِ، فَلَم يَبْتَدِرْنا بِعُقُوبَتِهِ، وَلَمْ يُعَاجِلْنَا بِنِقْمَتِهِ بَلْ تَأنَّانا بِرَحْمَتِهِ تَكَرُّماً، وَانْتَظَرَ مُراجَعَتَنَا بِرَأفَتِهِ حِلْماً، وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي دَلَّنَا عَلَى التَّوْبَةِ الَّتِي لَمْ نُفِدْهَا (28) إلاّ مِنْ فَضْلِهِ، فَلَوْ لَمْ نَعْتَدِدْ مِنْ فَضْلِهِ إلاّ بِهَا لَقَدْ حَسُنَ بَلاؤُهُ عِنْدَنَا، وَجَلَّ إحْسَانُهُ إلَيْنَا، وَجَسُمَ فَضْلُهُ عَلَيْنَا، فَمَا هكذا كَانَتْ سُنَّتُهُ فِي التَّوْبَةِ لِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا، لَقَدْ وَضَعَ عَنَّا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَلَمْ يُكَلِّفْنَا إلاّ وُسْعاً، وَلَمْ يُجَشِّمْنَا إلاّ يُسْراً، وَلَمْ يَدَعْ لاَحَـد مِنَّا حُجَّةً وَلاَ عُذْراً، فَالْهَالِكُ مِنَّا مَنْ هَلَكَ عَلَيْهِ (29) وَالسَّعِيدُ مِنَّا مَنْ رَغِبَ إلَيْهِ، وَالْحَمْد للهِ بِكُلِّ مَا حَمِدَهُ بِهِ أدْنَى مَلائِكَتِهِ إلَيْهِ وَأَكْرَمُ خَلِيقَتِهِ عَلَيْهِ، وَأرْضَى حَامِدِيْهِ لَدَيْهِ، حَمْداً يَفْضُلُ سَآئِرَ الْحَمْدِ كَفَضْلِ رَبِّنا عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ، ثُمَّ لَهُ الْحَمْدُ مَكَانَ كُلِّ نِعْمَة لَهُ عَلَيْنَا وَعَلى جَمِيعِ عِبَادِهِ (30) الْمَاضِينَ وَالْبَاقِينَ، عَدَدَ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ مِنْ جَمِيعِ الاشْيَآءِ، وَمَكَانَ كُلِّ وَاحِدَة مِنْهَا عَدَدُهَا أَضْعافَاً مُضَاعَفَةً أَبَداً سَرْمَداً إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، حَمْداً لاَ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ وَلا حِسَابَ لِعَدَدِهِ وَلاَ مَبْلَغَ لِغَايَتِهِ وَلا انْقِطَاعَ لاَمَدِهِ، حَمْدَاً يَكُونُ وُصْلَةً إلَى طَاعَتِهِ وَعَفْوِهِ، وَسَبَباً إلَى رِضْوَانِهِ وَذَرِيعَةً إلَى مَغْفِرَتِهِ وَطَرِيقاً إلَى جَنَّتِهِ، وَخَفِيْراً مِنْ نَقِمَتِهِ (31) وَأَمْناً مِنْ غَضَبِهِ، وَظَهِيْراً عَلَى طَاعَتِهِ، وَحَاجِزاً عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَعَوْناً عَلَى تَأدِيَةِ حَقِّهِ وَوَظائِفِهِ، حَمْداً نَسْعَدُ بِهِ فِي السُّعَدَاءِ (32) مِنْ أَوْلِيَآئِهِ، وَنَصِيرُ بِهِ فِي نَظْمِ الشُّهَدَآءِ (33) بِسُيُوفِ أَعْدَائِهِ، إنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيدٌ.

 

(1) قوله عليه السلام: الحمد لله

أي: جنس الحمد وكلّ حمد ودميع المحامد لله سبحانه بالحقيقة، إذ ما من خير بالذات أخر خير بالعرض في نظام الوجود طولاً أو عرضاً (1) إلّا وهو مستند إليه سبحانه بوسط أو لا بوسط. فقد جعل اختصاص الجنس دليلاً على اختصاص جميع الأفراد، سلوكاً لطريقة البرهان، وذلك باب من فنّ البلاغة.

إذ معناه: ذات كلّ متقرّر ووجود كلّ موجود لله، كما قال جلّ سلطانه: {لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (2) إذ حقيقة الحمد هو الوصف بالجميل، وكلّ تقرّر ووجود ينطق بلسان طباع الإمكان أنّ مفيضه ومبدعه هو [الحيّ] (3) القيّوم الحقّ المتقرّر بنفسه الموجود بذاته. فتكوّن هويّة كلّ ذي هويّة حمداً له سبحانه {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (4).

أو المراد به عالم الحمد، أعني: عالم الأمر، ويقال له: عالم التسبيح والتحميد، وهو عالم المجرّدات. إذ كلّ موجود بلسان ما له من الكمالات المطلقة يصف جاعله الحقّ بذلك الكمال، ويشهد أنّه هناك على أقصى ما يتصوّر من التمام والبهاء وعالم الخلق لا خلاق له من الكمالات المطلقة إلّا الوجود، فيكون عالم الأمر كلّه هو حقيقة الحمد كلّه. وبسط القول هناك على ذمّة سدرة المنتهى.

 

(2) قوله عليه السلام: الأوّل بلا أوّل

الأوّل ضدّ الآخر. وأوّل أصله أوءل على أفعل مهموز الوسط، كما ذهب إليه الجوهري(5) والعلماء المراجيح في فنون علم الأدب لا ووءل على فوعل كما زعمه بعض الأدبيّين. فقوله: عليه السّلام «بلا أوّل»: إمّا بفتح اللام على النصب، كما في رواية «س» على أنّه أفعل التفضيل، أو أفعل الصفة على اعتبار الوصفيّة. وإمّا بالتنوين على الجرِّ، كما في أصل الرواية على أنّه أفعل الصفة، منسلخاً عن معنى الوصفيّة. وضابط القول على ضرب من التفصيل: أنّك إذا أخذته أفعل التفضيل لم يسعك أن تصرّفه بوجه من الوجوه؛ إذ لا يتصوّر أن ينسلخ حينئذٍ عن كونه وصفاً لموصوف أصلاً، وليس يسوغ استعماله إذن الّا بتقدير «من» واعتبار المفضّل عليه في جهة القول، أو في طيّ الطيّة. وأمّا إذا أخذته أفعل الصفة، فإن اعتبرت فيه معنى الوصفيّة وجعلته وصفاً امتنع أن ينصرف، تقول: حججت عاماً أوّل وفي عام أوّل بالنصب فيهما، وهذا عامّ أوّل بالرفع. وإن سلخته عن الوصفيّة واستعملته على أنّه ظرف، كان مبنيّاً على الضمّ أبداً، كما [في] سائر الظروف المقطوعة بالإضافة، فتقول: إن أتيتني أوّل فلك كذا. وإذا استعملته بمعنى البداءة والابتداء صرفته وأعربته، تقول: ليس له أوّل وآخر على تنوين الرفع، أي: ليس لوجوده بداءة وابتداء، ولا نهاية وانتهاء. وتقول في محلّ النصب: أثبت له أوّلاً وآخر، أي ابتداءً وانتهاءً ومبدءاً ومنتهىً. وفي مقام الجرّ: الدائرة خطّ مستدير من غير أوّل وآخر، أي: من غير بداية ونهاية ومبدأ ومنتهى بحسب الوضع. فإذن قولك: قلت لك أوّلاً وآخراً، معناه ابتداءً وانتهاءً، والنصب على التمييز، أو على أنّه منزوع الخافض، لا على الظرف كما يتوهّم.

قال في مجمل اللغة: الأوّل ابتداء الشيء (6) وربّما يستعمل بمعنى آخر وينصرف أيضاً، كما تقول: أنعمت عليّ أوّلاً وآخراً. أي: قديماً وحديثاً، وكذلك أفعل الصفة إذ جرّد عن الوصفيّة، وجعل علماً شخصيّاً مثلاً، كان ممتنع الصرف.

ثمّ إذا نكّر وانسلخ عن العلميّة انصرف، ونوّن على النصب أو الرفع أو الجرّ، تقول: رأيت أحمداً من الأحمدين، وجاءني أحمد من الأحمدين ومررت بأحمد من الأحمدين. وإذا تحقّقت ما تلوناه عليك استبان لك مغزى قول المغرب: فعلت هذا عاماً أوّل على الوصف. وعام الأوّل على الإضافة. وأيّ رجل دخل أوّل فله كذا، مبنيّ على الضّمّ، كما فيمن قبل ومن بعد، ومعناه دخل أوّل كلّ أحد، وقبل كلّ أحد، وموضعه باب الواو. انتهى. وكذلك قول المفردات والفائق وغيرهما: ويستعمل أوّل ظرفاً فيبنى على الضمّ، نحو جئتك أوّل، ويقول: بمعنى قديم نحو جئتك أوّلاً وآخراً، أي: قديماً وحديثاً. انتهى(7) وفي أساس البلاغة: جمل أوّل وناقة أوّلة إذا تقدّما الإبل (8).

وفي الصحاح: إذا جعلته صفة لم تصرفه، تقول: لقيته عاماً أوّل. وإذا لم تجعله صفة صرفته، تقول: لقيته عاماً أوّلاً. قال ابن السكّيت: ولا تقل عام الأوّل، وتقول: ما رأيته مذ عام أوّل، فمن رفع الأوّل جعله صفة لعام، كأنّه قال: أوّل من عامنا. ومن نصبه جعله كالظرف، كأنّه قال: مذ عام قبل عامنا، وإذا ضممته على الغاية، كقولك فعلته قبل. وإن أظهرت المحذوف نصبت فقلت: ابدأ به فعلك، كما تقول قبل فعلك. انتهى (9) وفي القاموس أيضاً مثله (10) ثمّ فاضل تفتازان مشى في هذا الممشى، وبنى على هذا الأساس في كتاب التلويح وفي حاشية الكشّاف، لكنّه غبّب في الفحص تغبيباً، وفرّط في التأويل تفريطاً، إذ نقل قول الجوهري فحسب أنّ أوّلاً عنده محمول على الظرف، وذلك إن هو إلّا حسبان سخيف.

فمن المنصرح في كلام النحوي أنّه حيث يكون أوّلاً مستعملاً على الظرف مع انقطاع الاضافة، إنّما يصحّ فيه البناء على الضمّ لا غير.

فإذا قلت: فعلت كذا أوّلا لم يتصحّح حمله على الصفة ولا على الظرف.

إذ على الأوّل يتعيّن أوّل بالنصب من جهة منع الصرف، وعلى الثاني أوّل بالرفع للبناء على الضمّ، ولا يسوغ أوّلاً بالتنوين على الظرف أصلاً، كما هو المتّضح من قول الجوهري وغيره، ونحن قد أوضحناه فلا تكوننّ من الغافلين.

 

(3) قوله عليه السلام: بلا أوّل

بلا أوّل في الأصل منوّناً على الجرّ، بجعله أفعل الصفة لا أفعل التفضيل، وفي رواية «س» بالفتح من غير تنوين، لاعتباره أفعل التفضيل.

 

(4) قوله عليه السلام: بلا آخر

بتنوين الجرّ وكسر الخاء المعجمة، أي: من غير آخر يكون بعده، وفي رواية «س» فتح الراء، وأمّا مع فتح المعجمة على أفعل التفضيل، أو كسرها على اعتبار لا لنفي الجنس، ثمّ إدخال حرف الجرّ على الجملة، كما سياقة الأمر في إيجاب سلب المحمول من لحاظ التفضيل، دون الإيجاب العدوليّ على اللحاظ الإجماليّ، فليتعرّف.

 

(5) قوله عليه السلام: لكلّ روح

في رواية «س» لكلّ روح وزوج معاً. أي: على رواية «س» يقرأ لكلّ روح تارة، ولكلّ زوج اُخرى، والزوج يطلق ويراد به الشكل. والمراد بالزوج هنا الصنف أو النوع لا المتزاوجان. فالمعنى: لكلّ نوع وصنف، ومنه في التنزيل الحكيم: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} (11) أي: أنواعاً وأصنافاً.

قال ابن الأثير: الأصل في الزوج الصنف، أو النوع لكلّ شيء (12).

وفي رواية من عدا «س» روح، بالراء المضمومة والحاء المهملة مكان زوج، والمعنى: جعل لكلّ روح، أو لكلّ صنف من أصناف المخلوقات.

وربّما يسبق إلى بعض الأذهان على رواية «س» جواز إرادة الزوج بالمعنى المشهور، بناءً على أنّ كلّ ما خلقه الباري تعالى جعله زوجين اثنين، كما قد نطق به تنزيل القرآن الحكيم (13)، ولقد اقترّ في مقرّه في علم ما فوق الطبيعة أنّ كلّ ممكن زوج تركيبيّ.

 

(6) قوله عليه السلام: لا ينقص من زاده ناقص

على صيغة المعلوم من نقصه ينقصه فهو منقوص وهذا ناقص إيّاه، أي: من زاده الله سبحانه منهم لا ينقصه ناقص أصلاً، ومن نقصه عزّ وجلّ لا يزيده زائد أبداً.

أو من نقص ينقص فهو ناقص، أي: من زاده الله لا ينقص، ومن نقصه لا يزداد أبداً. وفي رواية «س» ينقص على صيغة المجهول، والمعنى كما ذكر.

 

(7) قوله عليه السلام: يتخطّأ إليه بأيّام عمره

يتخطّأ بالهمز، وفيه وجهان:

الأوّل: ليس هو من المعتلّ بألف لينة منقلبة عن الواو تفعّلاً من الخطوة يقال: تخطّاه يتخطّاه وتخطّيته واتّخطّاه تخطّياً، أي: تجاوزه وتعدّاه وتعدّيته وأتعدّاه وتعدّياً بل هو من المهموز تفعّلاً من الخطأ بالهمز، ولكن على تضمين الخطوة والتخطّي.

والمعنى: يمضي بقوّة وعدد، ويذهب في إسراع واستعجال، متّخذاً في إسراعه واستعجاله من أيّام عمره خطوات، ومن أعوام دهره أقداماً، فيتخطّأ متخطّياً إليه بأيّامه وأعوامه، فيسرع في ذهابه بخطواته وخطاه التي هي أيّام عمره، وأقدامه التي هي أعوام دهره، فيخلف كلّ ما قبله وأمامه وراء ظهره وإنّما كان بناء التفعّل من الخطأ بمعنى الاستعجال ومجاوزة الحدّ، لما أنّه قلّما يخلو السرعة والعجلة من الخطّ والغلط والتعدّي والشطط.

قال العلّامة الزمخشري في أساس البلاغة: تخطّأت بالمسألة وفي المسألة أي: تصدّيت له طالباً لخطئه. وتخطأته النبل: تجاوزته. وناقتك هذه من المتخطّئات [الجيف]، أي: تمضي لقوّتها وتخلف وراءها التي سقطت من الحسري.

وخطأت القدر بزبدها عند الغليان: قذفت به (14).

وفي القاموس: وخطأت القدر بزبدها كمنع رمت تخطّأه (15).

وتخطّاه وأخطأه: أي: تجاوزه، ومنه في الحديث: "ما أصابك لم يكن ليتخطّاك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك".

قال الراغب في المفردات: وجملة الأمر أنّ من أراد شيئاً واتّفق منه غيره يقال: أخطأ، وإن وقع منه كما أراده يقال: أصاب، ولمن فعل فعلاً لا يحسن أو أراد إرادة لا تجمل يقال: أخطأ. ولهذا يقال: أصاب الخطأ وأخطأ الصواب. وأصاب الصواب وأخطأ الخطأ. وهذه اللفظة مشتركة كما ترى متردّدة بين معاني يجب لمن يتحرّى الحقائق أن يتأمّلها. انتهى (16).

الثاني: أصله من المعتلّ لا من المهموز، فالهمزة منقلبة عن حرف العلّة لا أصليّة، وثمرتها التنبيه على تضمين معنى الخطأ. والمعنى: يتخطّأ إليه بأيّام عمره متخطّياً، أي: من غير تعمّد وقصد.

وقول الجوهري في الصحاح: خطي عنك السوء، أي: دفع واُميط، وخطوت واختطيت بمعنى، واختطيت غيري إذا حملته على أن يخطو، وتخطّيته إذا تجاوزته، يقال: تخطّيت رقاب الناس وتخطّيت إلى كذا، ولا تقل تخطّأت بالهمز (17).

معناه: إذا بنيت التفعّل من الخطوة، وهي ما بين القدمين، فاعتبره في الأصل من المعتلّ ولا تعتبره من المهموز، فالهمزة فيه ليس يصحّ بحسب الأصل، بل إنّما هو من حيث الابدال والقلب، كما في سائر النظائر.

ثمّ من المحتمل على الوجهين اعتبار تضمين الخطيطة والتخطّط.

قال في المغرب: في حديث ابن عبّاس: «خطّأ الله نوؤها ألا طلقت نفسها» أي: جعله مخطّئاً لا يصيبها مطره، وهو دعاء عليها إنكاراً لفعلها. ويقال: لمن طلب حاجة فلم ينجح: أخطأ نوؤك. ويروى خطى بالألف الليّنة من الخطيطة، وهي الأرض ايت لم تمطر بين أرضين ممطورتين، وأصله خطط فقلّب الطاء الثالثة ياءً، كما في التظنّي وأمليت الكتاب (18) انتهى قوله، فأحسن التدبّر ولا تكن من المتخطّين.

 

(8) قوله عليه السلام: ويرهقه

الرهق: محرّكة العجلة، ومنه الحديث: «إنّ في سيف خالد رهقاً» أي: عجلة، وأرهقني أن ألبس ثوبي، أي: أعجلني، كذا قاله الهروي.

وقال الجوهري: يقال: طلبت فلاناً حتّى رهقته رهقاً، أي: حتّى دنوت منه فربّما أخذه وربّما لم يأخذه (19) وفي القاموس: رهقه كفرح غشيه ولحقه، أو دنا منه، سواء أخذه أو لم يأخذه (20).

 

(9) قوله عليه السلام: أثره

الأثر: هنا بمعنى الأجل، أي: غاية الأمل (21) المضروب.

 

(10) قوله عليه السلام: إلى ما ندبه

أي: إلى ما دعاه إليه.

 

(11) قوله عليه السلام: ما أبلاهم

الإبلاء: الإنعام والإحسان، يقال: بلوت الرجل وأبليت عنده بلاءً حسناً، كذا قاله ابن الأثير (22) ومنه ما في التنزيل الكريم: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} (23).

 

 (12) قوله عليه السلام: نعمر

عمر الرجل من باب فهم، وعمر أيضاً، أي: عاش زماناً طويلاً.

 

(13) قوله عليه السلام: ظلمات البرزخ

البرزخ: الحاجز بين الشيئين، والدائر على ألسنة الأصحاب إطلاقه على ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث، فمن مات دخل البرزخ. وذكر بعض الأصحاب أنّ البرزخ القبر؛ لأنّه بين الدنيا والآخرة وكلّ شيء بين شيئين فهو برزخ.

 

(14) قوله عليه السلام: حمداً يرتفع منّا

وفي رواية «س» بنا، يعني وجد بخطّ ابن إدريس بنا ومنّا معاً.

 

(15) قوله عليه السلام: تقرّبه

وفي نسخة: «تنير» على البناء للمفعول، من أنار بمعنى أضاء، أي: صار ذا ضوء.

 

(16) قوله عليه السلام: إذا برقت الأبصار

 

برق البصر أي: شخص عند معاينة ملك الموت، فلا يطرف من شدّة الفزع.

وفي النهاية الأثيريّة: في حديث الدعاء «إذا برقت الأبصار» يجوز كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحيرة، والفتح من البريق بمعنى الدموع (24) والمأخوذ من أشياخنا في الصحيفة المكرّمة بالكسر لا غير.

 

(17) قوله عليه السلام: إذا اسودّت الأبشار

البشرة والبشر ظاهر جلد الإنسان، وبشرة الأرض ما ظهر من نباتها، والجمع البشر. والابشار جمع الجمع، كذا في القاموس والنهاية (25).

 

(18) قوله عليه السلام: حمداً نزاحم به

أي: ننسلخ به من عالم الملك، وتنخرط في سلك عالم الملكوت، وأفاضل بذلك ملائكة المقرّبون، فنزاحمهم به، وإنّما يتيسّر ذلك باستكمال القوّتين العاقلة والعاملة في نصاب الكمال على قصيا المدى وأقصى الأمد، والتخلّق بأخلاق الله على أبلغ الضروب وأسبغ الوجوه ليستتمّ حقيقة الحمد على أحقّ المراتب.

ألحقنا الله تعالى في تلك المسابقة بهم، وسقانا ذلك الرحيق في كأسهم، صلوات الله وتسليماته عليهم.

 

(19) قوله عليه السلام: نضامّ

من ضاممتهم إذا طفقت تنظمّ إليهم. قال ابن الأثير في النهاية: في حديث الرؤية «لا تضامّون في رؤيته» يروى بالتشديد والتخفيف، فالتشديد معناه لا ينضمّ بعضكم إلى بعض، وتزدحمون وقت النظر إليه، ويجوز ضمّ التاء وفتحها على تفاعلون وتتفاعلون. انتهى كلامه (26).

وعلى هذا فالمعنى تنضمّ به إلى أنبيائه المرسلين، ونزدهم على نزع الخافض، وما نحن قلناه وفاقاً لما ذكره علّامة زمخشر في الأساس (27) أحكم وأقوم.

وبالجملة الصيغة من المفاعلة. ويجوز نتضامم من التفاعل بهذا المعنى أيضاً.

 

(20) قوله عليه السلام: في دار المقامة

بالضمّ مصدر لحقته التاء.

 

(21) قوله عليه السلام: اختار لنا

يعني بالضمير نوع الإنسان.

 

(22) قوله عليه السلام: وجعل لنا الفضيلة بالملكة

يقال: فلان حسن الملكة، أي: حسن الصنيع إلى مماليكه. وفي الحديث: لا يدخل الجنّة سيّئ الملكة.

 

(23) قوله عليه السلام: أغلق عنّا باب الحاجة إلّا إليه

لمّا قد استبان في العلم الذي فوق الطبيعة أنّ المعلول الصدوري إنّما يحتاج بالذات إلى العلّة الفاعلة، وأمّا ما سوى الفاعل من سائر العلل فإنّما الافتقار إليه في تصحيح الاستناد (28) إلى الفاعل، والتهيّؤ لقبول الفيض عنه.

ثمّ النظر الأدقّ عرف وحقّق وأفاد وأعطى أنّ طباع الإمكان علّة في الحقيقة، للحاجة إلى الواجب بالذات، فالعلّة الفاعلة التي تكون المعلول حائجاً إليها بالذات في حصوله وصدوره عنها، يجب (29) أن يكون هي الفاعل الحيّ القيّوم الواجب بالذات جلّ ذكره فأمّا ما عداه من الفواعل والأسباب فمصحّحات الصدور عنه، ومهيّئات الاستناد إليه لا غير. فقوله عليه السلام: «أغلق عنّا باب الحاجة إلّا إليه» معناه ومغزاه: علّمنا انغلاق باب الحاجة إلّا إليه، وألهمنا صدق التوكّل في كلّ الاُمور إليه، وأوزعنا شخوص النظر في جميع الأبواب إلى جنابه.

 

(24) قوله عليه السلام: لا متى

الوقف وقطع النفس على «متى» حسن، وعلى «لا» ثمّ على «متى» أحسن.

 

(25) قوله عليه السلام: وأقنانا

أي: أعطانا القنية: ما يتأثّل من الأموال، وإفرادها بالذكر كما في التنزيل الكريم: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ} (30) لأنّها أشفّ وأربح وأنمى وأبقى.

والمراد بها (31) العلوم الحقيقيّة والمعارف الربوبيّة، وهي التي تقتنيها النفس القدسيّة للحياة الأبديّة أو معناه: وأرضانا بمنّه وتحقيقه، وجعل الرضا لنا قنية.

حاشية اُخرى: يقال قنوت المال وقنيت أيضاً قنية وقنية أيضاً بالضمّ والكسر، إذا أقنيته لنفسك لا للتجارة. واقتناء (32) المال وغيره اتّخاذه. وأقناه الله أي: أعطاه ما يقتني به، من القنية بمعنى الذخر. وأقناه أيضاً أي: رضّاه من القنى بالقصر بمعنى الرضا. وقناه الله وأقناه، أي: أرضاه، والقنية أصل المال ورأسه. وكلّ من المعاني يصحّ أن يراد هنا. وربّما قيل: الأوّل أولى وأنسب.

 

(26) قوله عليه السلام: ليختبر

أي: ليجرّبها، والمعنى أن يعاملنا معاملة المجرّبين.

 

(27) قوله عليه السلام: ليبتلي

أي: ليمتحنه، والمراد ليعاملنا في شكرنا معاملة الممتحنين.

 

(28) قوله عليه السلام: لم نفدها

من الإفادة بمعنى الاغتناء، يقال: أفاده أي: اغتناه، لا من الإفادة بمعنى إعطاء الفائدة. قال المطرّزي في المغرب: أفادني مالاً: أعطاني، وأفاده بمعنى استفاده، ومنه بعد ما أفدت الفرس، أي: وجدته وحصلته، وهو أفصح من استفدت. قلت: وهي بالمعنى الثاني يستعمل بـ«من»، كما في قوله عليه السلام: من فضله.

قال ابن فارس في مجمل اللغة: يقال: أفدت غيري أي: علمته، وأفدت من غيري أي: تعلّمت منه. وقال: الفائدة: استحداث المال والخبر، وقد فادت له فائدة إذا حدث له مال. يقال: أفدت إذا استفدت، وأفدت إذا أفدت غيرك. ويقال: أفدت غيري وأفدت من غيري (33) انتهى قوله.

وقال علّامة زمخشر في أساس البلاغة: أفدت منه خيراً استفدته منه، وفادت له من عندنا فائدة أي: حصلت (34) انتهى كلامه.

وكلام الجوهري في الصحاح (35) أيضاً مفاده ذلك، ولكن يلتبس مغزاه على غير المحصّل. وبالجملة قوله عليه السلام: «لم نفدها» بضمّ النون وكسر الفاء واسكان الدال، على ما هو المتواتر المضبوط في جميع النسخ على صيغة المعلوم المجزوم بـ«لم»، من باب الإفعال، بمعنى الإستفادة لمكان الاستعمال بـ«من» أي: لم نستفدها إلّا من فضله، على ما قد أفدناه وأوضحناه مبيّناً مفصّلاً.

وربّما يرى في بعض النسخ على الهامش «لم نفدها» مضبوط الإعراب بضمّ النون وإسكان الفاء وفتح الدال، مرقوماً عليه رقم (خ) ولم يبلغنا ذلك فيما روّينا وروينا عن المشيخة، ولا هو وارد فيما رويناه من مشايخنا أصلاً.

وإذا صحّت النسخة، فالصيغة على البناء للمجهول من الفداء والفدية. على الحذف والإيصال. أي: على التوبة التي لم نفد بها من عذاب الله إلّا من فضله، ولم تكن فدية لنا من المعاصي والآثام، وفداءً لأنفسنا وأرواحنا من الهلاك في دار الحياة الأبديّة إلّا من رحمته ثمّ إنّ ختالة الجاهلين (أخزاهم الله تعالى) حيث لا يستطيعون إلى المعرفة سبيلاً يحرّفون الصيغة، ويغيّرون إعرابها، ويبدّلون بناءها، فيضمّون النون ويفتحون الفاء، على البناء للمجهول من الإفادة، ويرجع اللفظ حينئذ إلى لم نستفدها إلا من فضله، على صيغة المجهول. وإن هذا إلّا خزي كبير في الدنيا، وعذاب مقيم في النشأة الآخرة، أعاذكم الله تعالى معشر المسترشدين من نكال الجهل والشقاوة ووبال الجهالة والغواية، والحمد لله ربّ العالمين.

 

29 قوله عليه السلام: من هلك عليه

أي: هلك حين وروده عليه، والمال من ورد عليه هالكاً.

 

30 قوله عليه السلام: وعلى جميع عباده

فجميع ما سبق في السلسلة الطوليّة في نظام الوجود بالقياس إلى كلّ أحد نعمة في حقّه؛ لكون جميع (36) أسباب وجوده ومباديه، وهي المعبّر عنها بالنعم السابقة على الوجود، وكذلك ما في السلسلة العرضيّة، على ما قد استبان في مظانّه.

 

31 قوله عليه السلام: وخفيراً من نقمته

قال ابن الأثير في النهاية: خفرت الرجل أجرته وحفظته، وخفرته إذا كنت له خفير، أي: حامياً وكفيلاً. وتخفّرت به إذا استجرت به. والخفارة بالكسر والضم الذمام بمعنى العهد (37).

 

32 قوله عليه السلام: نسعد به في السعداء

فإنّا لا نكون من الحامدين على الحقيقة إلّا إذا انتظمنا في عالم الحمد استكمال القوّتين، واستتمام نصاب الكمال في البهجة الحقّة، والسعادة المطلقة في النشأتين، فتصير نفس الذات وسنخ الهويّة، حمداً لباريها الحقّ بالحقيقة.

 

33 قوله عليه السلام: في نظم الشهداء

من حيث كونهم أحياء عند ربّهم، مرزوقين برزقه، فرحين بلقائه، مبتهجين ببهائه.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. في «ن» بطولاً وعرضاً.

2. سورة البقرة: 255.

3. الزيادة من "ن".

4. سورة الاسراء: 44.

5. في الصحاح: 5 / 1838.

6. مجمل اللغة: 1 / 107.

7. مفردات الراغب: 31.

8. أساس البلاغة: 25.

9. الصحاح: 5 / 1838.

10. القاموس: 4 / 62.

11. سورة النبأ: 8.

12. نهاية ابن الأثير: 2 / 317.

13. وهو قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}.

14. أساس البلاغة: 167.

15. القاموس: 1 / 14.

16. مفردات الراغب: 151.

17. الصحاح: 6 / 2328.

18. المغرب: 1 / 160.

19. الصحاح: 4 / 1487.

20. القاموس: 3 / 239.

21. في «ن»: الأجل.

22. نهاية ابن الأثير: 1 / 155.

23. سورة الأنفال: 17.

24. نهاية ابن الأثير: 1 / 120.

25. القاموس: 1 / 372؛ النهاية: 1 / 129.

26. نهاية ابن الأثير: 3 / 101.

27. أساس البلاغة: 379.

28. في «س»: في صحيح الأسناد.

29. في «س»: يجوز.

30. سورة النجم: 48.

31. في «ن»: به.

32. في «س»: وأقناه.

33. مجمل اللغة: 3 / 708 ـ 709

34. أساس البلاغة: 486.

35. الصحاح: 1 / 518.

36. في «س»: يكون الجميع.

37. نهاية ابن الأثير: 2 / 52.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.