أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
5650
التاريخ: 27-11-2014
21327
التاريخ: 27-11-2014
1343
التاريخ: 2023-08-07
1008
|
ذكر غير واحد من الادباء فوائد جمة للمثل السائر :
1. قال ابن المقفّع (المتوفّى عام 143هـ) : إذا جعل الكلام مثلاً كان أوضح للمنطق ، وآنق للسمع ، وأوسع لشعوب الحديث.
2. وقال إبراهيم النظّام (المتوفّى عام 231هـ) : يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام : إيجاز اللفظ ، وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه ، وجودة الكناية ، فهو نهاية البلاغة.
وقال غيرهما : سُمِّيت الحِكَم القائم صدقها في العقول أمثالاً ، لانتصاب صورها في العقول مشتقة من المثول الذي هو الانتصاب. (1)
وقد نقل ابن قيم الجوزية (المتوفّى عام 751هـ) كلام النظّام بشكل كامل ، وقال :
وقد ضرب الله ورسوله الاَمثال للناس لتقريب المراد وتفهيم المعنى وإيصاله إلى ذهن السامع ، وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مثّل به فقد يكون أقرب إلى تعقّله وفهمه وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره ، فإن النفس تأنس بالنظائر والاَشباه وتنفر من الغربة والوحدة وعدم النظير.
ففي الاَمثال من تأنّس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق أمر لا يجحده أحد ولا ينكره ، وكلّما ظهرت الاَمثال ازداد المعنى ظهوراً ووضوحاً ، فالأمثال شواهد المعنى المراد ، وهي خاصية العقل ولبّه وثمرته. (2)
وقال عبد القاهر الجرجاني (المتوفّى عام 471هـ) : إعلم أنّ مما اتّفق العقلاء عليه انّ التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني ، أو أُبرزت هي باختصار في معرضه ، ونُقلت عن صورها الاَصلية إلى صورته كساها أُبّهة ، وكسبها منقبة ، ورفع من أقدارها ، وشبّ من نارها ، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها ، ودعا القلوب إليها ، واستثار من أقاصي الاَفئدة صبابة وكلفاً ، وقسر الطّباع على أن تُعطيها محبة وشغفاً.
فإن كان ذمّاً : كان مسه أوجع ، وميسمه ألذع ، ووقعه أشدّ ، وحدّه أحد.
وإن كان حجاجاً : كان برهانه أنور ، وسلطانه أقهر ، وبيانه أبهر.
وإن كان افتخاراً : كان شأوه أمدّ ، وشرفه أجد (3) ولسانه ألد.
وإن كان اعتذاراً : كان إلى القبول أقرب ، وللقلوب أخلب ، و للسخائم أسلّ ، ولغَرْب الغضب أفلّ ، وفي عُقد العقود أنفث ، وحسن الرجوع أبعث.
وإن كان وعظاً : كان أشفى للصدر ، وأدعى إلى الفكر ، وأبلغ في التنبيه والزجر ، وأجدر أن يجلى الغياية (4) ويُبصّر الغاية ، ويبريَ العليل ، ويشفي الغليل.(5)
4. وقال أبو السعود (المتوفّى عام 982هـ) : إنّ التمثيل ليس إلاّ إبراز المعنى المقصود في معرض الاَمر المشهور ، وتحلية المعقول بحلية المحسوس ، وتصوير أوابد المعاني بهيئة المأنوس ، لاستمالة الوهم واستنزاله عن معارضته للعقل ، واستعصائه عليه في إدراك الحقائق الخفيّة ، وفهم الدّقائق الاَبيّة؛ كي يتابعه فيما يقتضيه ، ويشايعه إلى ما لا يرتضيه ، ولذلك شاعت الاَمثال في الكتب الاِلهية والكلمات النبوية ، وذاعت في عبارات البلغاء ، وإشارات الحكماء.
إن التمثيل ألطف ذريعة إلى تسخير الوهم للعقل واستنزاله من مقا الاستعصاء عليه ، وأقوى وسيلة إلى تفهيم الجاهل الغبي ، وقمع سورة الجامح الأبي ، كيف لا ، وهو رفع الحجاب عن وجوه المعقولات الخفية ، وإبرازها لها في معرض المحسوسات الجلية ، وإبداء للمنكر في صورة المعروف ، وإظهار للوحشي في هيئة المألوف. (6)
ولعلّ في هذه الكلمات غنى وكفاية فلا نطيل الكلام ، غير انّه يجب التنبيه على نكتة ، وهي أن السيوطي نقل في "المزهر" عن أبى عبيد أنّه قال :
الاَمثال حكمة العرب في الجاهلية والاِسلام وبها كانت تعارض كلامها فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق بكناية. (7)
ولا يخفى أنّ الاَمثال ليست من خصائص العرب فحسب ، بل لكلّ قوم أمثال وحكم يقرّبون بها مقاصدهم إلى إفهام المخاطبين ويبلغون بها حاجاتهم ، وربما يشترك مَثَلٌ واحد بين أقوام مختلفة ، ويصبح من الاَمثال العالمية ، وربما تبلغ روعة المثل بمكان يقف الشاعر أمامه مبهوراً فيصب مضمونه في قالب شعري.
روى الطبري عن مهلّب بن أبي صفرة ، قال : دعا المهلَّب حبيباً ومن حضره من ولده ، ودعا بسهام فحزمت ، وقال : أترونكم كاسريها مجتمعة؟ قالوا : لا ، قال : أفترونكم كاسريها متفرقة؟ قالوا : نعم ، قال : فهكذا الجماعة. (8)
وليس المهلب أوّل من ساق هذا المثل على لسانه ، فقد سبقه غيره إليه.
روى أبو هلال العسكري في جمهرته ، عن قيس بن عاصم التميمى (المتوفّى عام 20 هـ ) الاَبيات التالية التي تعرب بأنّ المثل صبّ في قالب الشعر أيضاً :
بصلاح ذات البين طول بقائكم إن مُدّ في عمري وإن لم يُمدد
حتى تلين قلوبكم وجلودكم لمسوّد منكم وغير مسوّد
إنّ القداح إذا جمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش باليد
عزّت فلم تكسر وإن هي بُدّدت فالوهن والتكسير للمتبدّد (9)
وقد نقل المسعودي في ترجمة عبد الملك بن مروان ، وقال :
كان الوليد متحنّناً على إخوته ، مراعياً سائر ما أوصاه به عبد الملك ، وكان كثير الاِنشاد لأبيات قالها عبد الملك حين كتب وصيته ، منها :
انفوا الضغائن عنكم وعليكم عند المغيب وفي حضور المشهد
إنّ القداح إذا اجتمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش باليد
عزّت فلم تكسر وإن هي بُدّدت فالوهن والتكسير للمتبدّد (10)
الكتب الموَلّفة في الاَمثال العربية
وقد أُلّفت في الاَمثال العربية قديمها وحديثها كتباً كثيرة ، وأجمع كتاب في هذا المضمار هو ما ألّفه أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الميداني (المتوفّى عام 518هـ) وأسماه بـ"مجمع الاَمثال" لاِحتوائه على عظيم ما ورد منها وهي ستة آلاف ونيف. (11)
______________
1 ـ مجمع الاَمثال : 1/6 .
2 ـ أعلام الموقعين : 1/291.وما ذكره من الفائدة مشترك بين المثل السائر الذي هو موضوع كلامنا ، والتمثيل الذي شاع في القرآن ، وسيوافيك الفرق بين المثل السائر والتمثيل.
3 ـ من الجد : الحظ ، يقال : هو أجدّ منك ، أي أحظ.
4 ـ الغياية : كل ما أظلك من فوق رأسك.
5 ـ أسرار البلاغة : 101 ـ 102.
6 ـ هامش تفسير الفخر الرازي : 1/156 ، المطبعة الخيرية ، ط الاولى ، مصر ـ 1308هـ.
7 ـ المزهر : 1/288.
8 ـ تاريخ الطبري : حوادث سنة 82 هـ .
9 ـ جمهرة الاَمثال : 1/48.
10 ـ مروج الذهب : أخبار الوليد بن عبد الملك.
11 ـ مجمع الاَمثال : 1/5.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثاني والعشرين من سلسلة كتاب العميد
|
|
|