أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-3-2020
3649
التاريخ: 12-3-2017
2260
التاريخ: 25-5-2016
3690
التاريخ: 14-3-2017
2439
|
أن الوكيل له توكيل غيره في التصرف الموكل به إذا أذن له الموكل أو فوض له (1). وكذلك أن كانت وكالته عامه على رأي من أجاز الوكالة ألعامة . إما لو نهاه عن توكيل غيره (2). فلا يجوز له ذلك. ولكن لو أطلق الموكل فلم يأذن للوكيل بالتوكيل ولم يفوض الأمر إليه وكذلك لم ينهه عن التوكيل فهل له توكيل غيره ؟ .
الأصل عند جمهور الفقهاء أن الوكيل لا يجوز له توكيل غيره وسنبحث هذا الموضوع بشيء من تفصيل .
قال إبن أبي ليلى يجوز للوكيل أن يوكل غيره من غير أذن (3). وفى بعض الروايات أن رأي إبن أبى ليلى مقيد بوجود عذر للوكيل كمرضه أو سفره وحجة هذا القول أن الوكيل لما ملك التصرف عن الموكل فأنه بذلك ملك التفويض إلى غيره في الوكالة كما لو وكل عن نفسه (4). ويرد على قول إبن أبي ليلي أن هذا الوكيل ليس كالمالك ، لان المالك يتصرف بملك نفسه كيف شاء ، إما الوكيل فليس كذلك فأنه يتصرف في ملك غيره فيلزم أن يتصرف فيه وفق ما أذن به ، والذي أذن به هو تصرف الـوكـيل لا غـيـره .
وذهب الحنابلة في احد الروايتين إلى أن قول إبن أبي ليلى إذا مرض الوكيل أو غائب فان له التوكيل من غير أذن الموكل(5). وقال الزيدية إذا حضر الوكيل الأول مع الوكيل الثاني حين أجراء التصرف الذي وكل له الثاني جاز التوكيل(6).
إما جمهور الفقهاء وهم الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة والأمامية فلهم تفصيل في هذه المسالة إلا أن للحنفية تفصيلا غير تفصيل غيرهم (7). رأي الشافعية والمالكية والحنابلة والأمامية الأصل عندهم انه لا يجوز للوكيل توكيل غيره بغير أذن موكله (8). إلا أنهم استثنوا حالات يجوز فيها للوكيل توكيل غيره في التصرف بدون أذن الموكل (حالات تجوز فيها الوكالة من الباطن بغير أذن).
الحالة الأولى :- إذا كان التصرف الموكل به من التصرفات التي لم يتأت فعلها من قبل الوكيل ، كأن يكون التصرف مما لا يليق فعله من الوكيل ، كما لو وكله في بيع دابة وهو من إشراف الناس ومن ذوي المكانة الرفيعة (9). فحينئذ يجوز له توكيل غيره ليفعله وكذلك الحكم لو كان التصرف مما يتعذر فعله من قبل الوكيل لعدم دخوله في اختصاصه واحتياجه إلى دراية وفن خاص. كما لو وكله في وضع تصميم لبناء دار وهو ليس من أهل هذا الفن، فانه يجوز له أن يوكل مثلا مهندسا لفعله (10). إلا أن جواز الوكالة من الباطن مشروط هنا كما صرح الشافعية والمالكية بعلم الموكل بحال وكيله حين أقدامه على الوكالة من الباطن فهذا العلم قرينة الأذن للوكيل بالوكالة من الباطن ، فان لم يكون عالما ، فلا تجوز الوكالة من الباطن(11). وقد أضاف المالكية في حاله عدم علم الموكل بحال وكيله ، فانه أن كان الوكيل مشهورا قد عرف بين الناس انه لا يلي العمل الموكل به بنفسه فان له أن يوكل من الباطن ، ويحمل على أن الموكل علم بحال وكيله ولا يصدق عدم علمه (12). إما أن لم يكن الوكيل مشهورا ولأعرف بين الناس انه لا يلي العمل الموكل به بنفسه ، فليس له أن يوكل من الباطن ، وان أقدم على ذلك فانه يكون متعديا (13).
الحالة الثانية :- إذا كان التصرف الموكل به كثيرا ذا جوانب متعددة مما يعجز الوكيل معها عن القيام به لوحده فيجوز له التوكيل من الباطن وذلك لاقتضاه تنفيذ الوكالة ذلك وهل له أن يوكل في جميع التصرف الموكل به أم له أن يوكل في الزائد فقط ؟.
اختلف فيه :- للشافعية فيه ثلاثة اتجاهات (14). الأول :- وفيه قولان : احدهما وهو للوكيل أن يوكل في الزائد فقط ، ولا يجوز له أن يوكل فيما يتمكن فعله بنفسه. وقيل في رأي آخر يجوز التوكيل في الجميع الممكن والزائد ، الثاني:- لا يجوز للوكيل التوكيل فيما يمكنه فعله. وفي الزائد عن الممكن وجهان. ، الثالث :- في جواز التوكيل في الممكن وفي الزائد عليه وجهان.
رأي الحنابلة - وللحنابلة فيه وجهان :-
احدهما :- يجوز للوكيل أن يوكل في جميع التصرف الممكن والزائد لان الوكالة اقتضت ذلك (15).
الثاني :– يجوز له أن يوكل في الزائد فقط دون ما يتمكن هو فعله ، لان التوكيل أنما جاز للحاجة فاختص بما دعت إليه الحاجة وهو الزائد .
رأي المالكية :- ذهب المالكية إلى انه يجوز للوكيل أن يوكل آخر لمساعدته في تنفيذ التصرف ولا يجوز له أن يوكل بحيث يكون الوكيل الثاني مستقلا في التصرف .
رأي الأمامية :- وعند الأمامية يجوز توكيل فيما زاد على الممكن فعله من قبل الوكيل. وفى التوكيل في الممكن أشكال، والأقرب الجواز.
رأي الحنفية (16):-
الأصل عندهم كما هو عند الجمهور أن الوكيل لا يجوز أن يوكل غيره في التصرف الذي أنيط به إلا بأذن الموكل أو تفويضه (17). إلا إنهم استثنوا حالات تجوز فيها الوكالة من الباطن بغير أذن :-
الحالة الأولى :- إذا كان وكيلا في دفع الزكاة فانه يجوز له أن يوكل غيره في دفعها باعتبار أن المقصود من دفع الزكاة البراءة من سمة البخل في حق مخرجها وأيصال النفع إلى الفقير .
الحالة الثانية :- إذا كان وكيلا في قبض دين فان له أن يوكل في ذلك احد أفراد عائلته كأولاده وزوجته بغير أذن موكله .
الحالة الثالثة :- إذا قدر الوكيل الأول لوكيله الثمن في البيع أو الثمن والمشتري في الشراء فان له أن يوكل غيره بغير أذن موكله غرض هذا الأخير قد حصل وهو رأي الوكيل الأول بتقدير الثمن (18).
والظاهر من هذه الاستثناءات أن المقصود هو أيقاع التصرف. لا أيقاعه من نفس الوكيل إذ لا يتأثر التصرف باختلاف موقعه .
وما يترتب على توكيل الوكيل غيره بدون أذن حيث يشترط أذن الموكل ليجوز للوكيل توكيل غيره في التصرف الموكل به عند جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية - في غير ما استثنوه مما بينا - فعليه لو وكل الوكيل غيره بدون أذن موكله ومن غير تفويض فما هو حكم تصرفه ؟.
1- ذهب الأمام أبو حنيفة وصاحباه إلى التفصيل التالي :-
إذا تصرف الوكيل الثاني وباشر العقد بحضرة الوكيل الأول فان عقده حينئذ يكون جائزا (19). وتعليله أن مقصود الموكل الأول حضوره رأي وكيله وقد حضر ، فصار كأن الوكيل الأول هو الذي أجرى التصرف بنفسه ، والمعتمد انه لا بد من إجازة الوكيل الأول لتصرف الوكيل الثاني ولا يكتفي بحضرته ، وهذا إذا كان الوكيل في العقود. إما لو كان الوكيل بالخصومة أو قضاء الدين أو في الإبراء و تصرف الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأول فلا تكفي حضرته ولا بد من الإجازة (20). وأختلف الحنفية هنا في حقوق العقد على من تعود :- على الوكيل الأول أم على .
الوكيل الثاني إلى قولين ، حيث لم يذكر محمد في الجامع الصغير(21). وذكره ألبقالي في فتواه (22). أن الحقوق ترجع إلى الأول وفي حيل العيون أن الحقوق ترجع إلى الثاني . قال الجامع الصغير إذا باع الوكيل بحضرة الوكيل الأول جاز ولم يشترط للجواز أجازة الوكيل الأول (23). والصحيح منهما أن الحقوق تعود إلى العاقد وهو الوكيل الثاني (24). وهو يتفق مع مذهب الحنفية في القول بان حقوق العقد (25). تعود إلى الوكيل لأنه العاقد حقيقة (26). إما إذا عقد الوكيل الثاني بغيبة الوكيل الأول لم يجز لان رأي الوكيل قد فات بغيابه فلم يحصل للموكل الأول مقصودة ، إلا إذا بلغ خبر تصرف الوكيل الثاني إلى الوكيل الأول فإجازة ، فعندئذ يصح تصرفه ، وكذلك الحكم فيما لو باشر التصرف أجنبي أي فضولي وبلغ خبره إلى الوكيل الأول فأجازه فانه يصح ، وكذلك لو أجاز تصرفه الموكل الأول (27).
2 ـ وذهب الأمام زفر إلى عدم صحة تصرف الوكيل الثاني بحضرة الوكيل الأول أم بغيبته (28). والظاهر أن الأمام زفر يمنع توكيل الوكيل إلا بأذن الموكل. إما غير الحنفية من الجمهور فلم يصرحوا برأيهم فيما يترتب على توكيل الوكيل غيره بدون أذن ، إلا أنهم قالوا لا يجوز له توكيل غيره. ولكن لو وكل فعلا فهل يكون توكيله يكون موقوفا على إجازة الموكل ؟.
الذي يظهر لنا أن من أجاز تصرف الفضولي من الفقهاء فانه يعتبر التوكيل هنا تصرف الفضولي يتوقف نفاذه على إجازة الموكل. إما من لم يجز تصرف الفضولي فان توكيل الوكيل غيره بدون أذن يعتبر باطلا، فلا تفيده إجازة الموكل لان الإجازة تلحق الموقوف من العقود لا الباطل، وعلى هذا فأنهم يلتقون مع رأي الأمام زفر في هذا الخصوص .
___________
1- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، الوكالة في الشريعة والقانون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1975 ، ص 296.
2- ينظر مواهب الجليل في شرح مختصر الخليل للحطاب أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي ، المتوفى 954 هـ 1329م . ج 5، ص 201.
3- ينظر المبسوط للسرخسي ،ج 19ص 32 . بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - للإمام الكاساني علاء الدين أبو بكر بن مسعود الملقب بملك العلماء (578هـ ) ط 1 ، 1328- 1910، مطبعة الجمالية بمصر ج 6، ص 28 .
4- ينظر المغني لأبن قدامه موفق الدين أبو محمد عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامه ، ج 5، مكتبة القاهرة بلا تاريخ طبع ، ص82 ، البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للمرتضى : احمد بن يحيى (840 هـ ) مطبعة السنة المحمدية 1368 هـ 1949 ، ج 5 ، ص 58 .
5- ينظر المغني لأبن قدامه موفق الدين أبو محمد عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامه ، ج 5، مكتبة القاهرة بلا تاريخ طبع ، ص 82 .
6- ينظر البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للمرتضى : احمد بن يحيى (840 هـ ) مطبعة السنة المحمدية 1368 هـ 1949 م ،ج 5 ، ص 58.
7- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني الوكالة في الشريعة والقانون مطبعة العاني . بغداد . 1975 ، ص 297 .
8- ينظر نهاية المحتاج للرملي ، جـ 5 ، مطبعة مصطفى ألبابي ، مصر 1357هـ ، ص 38 ، المغني ، جـ 5 ، ص 80 ، مواهب الجليل في شرح مختصر الخليل للحطاب أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي ، المتوفى 954 هـ 1329م . ج 5 ، ص201، تذكرة الفقهاء: جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي ، نشر المكتبة المرتضوية لأحياء الآثار الجعفرية ، طهران ، 1388 هـ ، ج 2 ، ص 115.
9- ينظر البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للمرتضى : احمد بن يحيى (840 هـ ) مطبعة السنة المحمدية 1368 هـ 1949 ، جـ 5 ، ص 58.
10- المبسوط للسرخسي ، جـ 19 مطبعة السعادة ، ط ، بلا تاريخ ، ص31 ، بدائع الصنائع الكاساني ، جـ 6 مطبعة الجمالية ، ط 1 ، مصر 1328هـ ، ص 28.
11- ينظر نهاية المحتاج 5جـ ، ص 38، المغني جـ 5 ، ص 80 ، مواهب الجليل، تذكرة الفقهاء جـ 2 ، ص115.
12- ينظر نهاية المحتاج ، جـ 5 ، ص 38، المغني جـ 5 ، ص 80 ، مواهب الجليل ، تذكرة الفقهاء ، جـ 2 ، ص 115.
13- ينظر مواهب الجليل ، جـ 5 ، ص 201.
14- ينظر نهاية المحتاج ، جـ 5 ، ص 38 ، المغني جـ 5، ص80 . مواهب الجليل جـ 5، ص 201 . تذكرة الفقهاء ، جـ 2، ص 115.
15- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني الوكالة في الشريعة والقانون مطبعة العاني . بغداد . 1975 . ، ص 298.
16- ينظر الهداية وشروحها فتح القدير، جـ 6، ص 89 وما بعدها . بدائع الصنائع ، جـ 6، ص 28 . تبين الحقائق للزيلعي ، جـ 4، ص276 وما بعدها .
17- ينظر بدائع الصانع ، جـ 6، ص 28، البحر الرائق لأبن نجيم ، جـ 7 ، مكتبة دار الكتب العربية الكبرى مصر ، بلا تاريخ طبع ، ص 175 ، قرة عيون الأخبار تكملة رد المحتار المسماة تكملة إبن عابدين ، جـ 7 ، مطبعة مصطفى ألبابي ، ط 2 ، مصر ، بلا تاريخ طبع ، ص 175.
18- ينظر بدائع الصنائع ، جـ 6، ص 18، البحر الرائق شرح كنز الدقائق- لأبن نجيم : زين الدين إبن إبراهيم - مكتبة دار الكتب العربية الكبرى ، مصر ، جـ 7، ص 175، قرة عيون الأخيار تكملة الدر المختار رد المحتار المسماة تكملة إبن عابدين لأبن عابدين : محمد علاء الدين بن محمد أمين (1306هـ). ط 2 . مطبعة ألبابي الحلبي .
19- ينظر نص المادة 79 من قانون المرافعات المصري ( على أن كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله يكون بمثابة ما يقره الموكل نفسه إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة ، يدل على أن كل ما يصدر من الوكيل في حضور موكله يكون حجة على الأخير إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة. و ينظر الطعن رقم 128، والطعن رقم 549 لسنة 65 ق جلسة 25 /6/1996 س 47 ج2 ، ص 1025).
20- ينظر تكمله إبن عابدين ، جـ 7، ص 355، وعلي حيدر درر الحكام شرح مجلة الأحكام العدلية المجلد الثالث ،دار الجبل ، بيروت ط 1 ، جـ 3 ، ص 591.
21- ينظر الجامع الصغير وشرح النافع الكبير ص410 وما بعدها .
22- ألبقالي : هو كتاب في الفتاوى عرف باسم ، فتاوى ألبقالي صنفه محمد إبن أبى القاسم الخوارزمي النحوي كان إماما فقيها مناظرا توفى سنه (562 هـ ).ينظر تاج التراجم ، ص 91، كتاب أعلام الأختيار ( ق188). مخطوطة القادرية بالرقم 295، وكشف الظنون ، جـ 2، ص 1221.
23- ينظر كتاب الوكالة من المحيط ألبرهاني في الفقه النعماني لبرهان الدين محمود بن احمد بن عبد العزيز بن مازه البخاري الحنفي (551 -616 ) هــ (1156- 1219) م . ص267 .
24- ينظر المبسوط للسرخسي ، جـ 19، ص31،32.بدائع الصنائع الأمام الكاساني ج6ص 28.
25- يقصد بحقوق العقد عندهم ، ما يستتبع العقد من التزامات ومطالبات وهو ما يملكه كل عاقد قبلا الآخر لغرض تنفيذ حكم العقد أي الأثر الشرعي المرتب على العقد ففي عقد البيع مثلا يملك المشتري مطالبة البائع بتسليم المبيع لان هذا التسليم صار مستحقا على البائع بعد انعقاد العقد.
26- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، مرجع سابق ، ص 297.
28- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، مرجع سابق ، ص 298.
29- ينظر المبسوط للسر خسي ج 19 ، ص 31 /32. بدائع الصنائع الأمام الكاساني ج 6، ص 28.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|