أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-23
1215
التاريخ: 11-10-2014
3038
التاريخ: 2023-09-23
1185
التاريخ: 27-11-2014
1449
|
إنّ دور المثال في توضيح وتفسير الغايات له أهميّة كبيرة غير قابلة للإنكار ، ولهذا السبب لا يوجد أي علم يستغني عن ذكر المثال لإثبات وتوضيح الحقائق وتقريب معناها إلى الأذهان ، وتارةً ينطبق المثال مع المقصود بشكل يجعل المعاني الصعبة تنزل من السّماء إلى الأرض وتكون مفهومة للجميع ، فيمكن أن يقال : إنّ المثال له دور مؤثّر في مختلف الأبحاث العلمية والتربوية والإجتماعية والأخلاقية وغيرها ، ومن جملة تأثيراته :
1 ـ المثال يجعل المسائل محسوسة :
من المعلوم أنّ الإنسان يأنس بالمحسوسات أكثر ، أمّا الحقائق العلمية المعقّدة فهي بعيدة المنال. والأمثال تقرّب هذه الفواصل وتجعل الحقائق المعنوية محسوسة ، وإدراكها يسير ولذيذ.
2 ـ المثال يُقرّب المعنى :
تارةً يحتاج الإنسان لإثبات مسألة منطقية أو عقلية إلى أدلّة مختلفة ، ومع كلّ هذه الأدلّة تبقى هناك نقاط مبهمة محيطة بها ، ولكن عند ذكر مثال واضح منسّق مع الغاية يقرّب المعنى ويعزّز الأدلّة ويقلّل من كثرتها.
3 ـ المثال يعمّم المفاهيم
كثير من البحوث العلمية بشكلها الأصلي يفهمها الخواص فقط ، ولا يستفيد منها عامّة الناس ، ولكن عندما يصحبها المثال تكون قابلة للفهم ، ويستفيد منها الناس على إختلاف مستوياتهم العلمية ، ولهذا فالمثال وسيلة لتعميم الفكر والثقافة.
4 ـ المثال ، يزيدُ في درجة التصديق :
مهما تكن الكليّات العقلية منطقية ، فإنّها لا تخلق حالة اليقين الكافية في ذهن الإنسان ، لأنّ الإنسان يبحث عن اليقين في المحسوسات ، فالمثال يجعل من المسألة الذهنيّة واقعاً عينيّاً ، ويوضّحها في العالم الخارجي ، ولهذا السبب فإنّ له أثره في زيادة درجة تصديق المسائل وقبولها.
5 ـ المثال يُخرس المعاندين :
كثيراً ما لا تنفع الأدلّة العقليّة والمنطقيّة لإسكات الشخص المعاند حيث يبقى مصرّاً على عناده ولكن عندما نصب الحديث في قالب المثال نوصد الطريق عليه بحيث لا يبقى له مجال للتبرير ولا لإختلاق الأعذار. ولا بأس أن نطرح هنا بعض الأمثلة حتى نعرف مدى تأثيرها :
نقرأ في القرآن الكريم أنّ الله سبحانه وتعالى يردُ على الذين أشكلوا على ولادة السّيد المسيح (عليه السلام) كيف أنّه ولد من اُمّ بغير أب {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران : 59] .
لاحظوا جيداً ، فنحن مهما حاولنا أن نقول للمعاندين : إنّ هذا العمل بالنسبة إلى قدرة الله المطلقة لا شيء ، فمن الممكن أن يحتجّوا أيضاً ، ولكن عندما نقول لهم هل تعتقدون أنّ آدم خلقه الله من تراب؟ فانّ الله الذي له هذه القدرة كيف لا يستطيع إيجاد شخص بدون أب؟!وبالنسبة إلى المنافقين الذين يقضون في ظلّ نفاقهم أيّاماً مريحة ظاهراً ، فانّ القرآن الكريم يضرب مثالا رائعاً عن حالهم ، فيشبهّهم بالمسافرين في الصحراء {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة : 20] .
فهل يوجد أوضح من هذا الوصف للمنافق التائه في الطريق ، ليستفيد من نفاقه وعمله كي يستمرّ في حياته؟
وعندما تقول للأفراد : إنّ الإنفاق يضاعفه لكم الله عدّة مرّات قد لا يستطيعون أن يفهموا هذا الحديث ، ولكن يقول القرآن الكريم : {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ } [البقرة : 261] ، وهذا المثال الواضح أقرب للإدراك.
وغالباً ما نقول : إنّ الرياء لا ينفع الإنسان ، فقد يكون هذا الحديث ثقيلا على البعض ، كيف يمكن لهذا العمل أن يكون غير مفيد ، فبناء مستشفى أو مدرسة حتّى لو كان بقصد الرياء .. لماذا ليست له قيمة عند الله؟! ولكن يضرب الله مثالا رائعاً حيث يقول : {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا } [البقرة : 264]
ولكي لا نبتعد كثيراً فالآية التي نحن بصدد تفسيرها : {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ } [الرعد : 17] تبحث في مجال الحقّ والباطل وتجسّم هذه المسألة بشكل دقيق ، المقدّمات والنتائج ، والصفات والخصوصيات والآثار ، وتجعلها قابلة الفهم للجميع وتُسكت المعاندين ، وأكثر من ذلك تكفينا تعب البحوث المطوّلة.
وفي مناظرة للإمام الصادق (عليه السلام) مع أحد الزنادقة حول قوله تعالى : {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء : 56] قال : فما بال الغير؟
أجابه الإمام : «ويحك هي هي وهي غيرها!» قال : فمثّل لي ذلك شيئاً من أمر الدنيا! قال : «نعم ، أرأيت لو أنّ رجلا أخذ لبنة فكسرها ثمّ ردّها في ملبنها ، فهي هي وهي غيرها» (1).
ولابدّ هنا من ملاحظة هذه اللفظة وهي أنّ المثال وما له من تأثير كبير ودور فعّال يجب أن يكون مطابقاً وموافقاً للمقصود ، وإلاّ يكون ضالا ومنحرفاً.
ولهذا السبب يستفيد المنافقون من هذه الأمثلة المنحرفة ليضلّوا بها الناس البسطاء ، فهم يستعينون بشعاع المثال ليصدق الناس أكاذبيهم ، فيجب أن نحذر من هذه الأمثلة المنحرفة ونلاحظها بدقّة.
___________________
1. اوردنا شرح هذا الحديث في التفسير الامثل , ذيل الايات 56 و57 من سورة النساء ، نقلا عن مجالس الشيخ واحتجاج الطبرسي .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|