أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2017
2452
التاريخ: 9-5-2017
3137
التاريخ: 2-2-2016
2357
التاريخ: 2023-09-16
1053
|
يُعد العفو العام أحد الأسباب العامة لانقضاء الدعوى الجزائية ، ويُعرف بأنه " إزالة الصفة الجنائية من الفعل الجرمي بأثر رجعي فيصبح كما لو كان مباحاً (1)، كما عرف بأنه " تجريد السلوك من الصفة الجرمية فيصبح له حكم الأفعال التي لم تُجرَّم أصلاً (2) . ويُلزم أن يصدر العفو العام بقانون ، ذلك أن إنشاء الجريمة لا يتم إلا بناء على قانون ومن ثم فإن إلغاؤها يتم الطريق ذاته(3). فالعفو العام يُعطل تطبيق نص التجريم إزاء بعض الأفعال ، فهو يمس القوة القانونية للنص ، ومن ثم لا تملكه سوى السلطة التي تختص بإسباغ القوة القانونية على النص (4) . وتكمن علة إقرار هذا العفو في كونه جزء من خطة سياسية لمعالجة ظروف اجتماعية غير عادية ، وذلك بأسدال ستار النسيان على جرائم ارتكبت في ظروف معينة ، فيريد الشارع بنسيانها أن تُحذف من الذاكرة الاجتماعية لرأب الصدع الذي أحدثته في المجتمع (5) . ويتميز الدفع بالعفو العام بعدة خصائص يمكن إجمالها فيما يأتي :
1- إنه ذو طابع موضوعي وإجرائي ، فالطابع الموضوعي يتمثل بإزالة الصفة الجرمية عن السلوك، وعليه فإن السلوك إذا كان مشمولاً بالعفو فإنه يكون من الأفعال المباحة وحكمه حكم البراءة (6)، ولا يعتبر من ثم سابقة في العود . هذا من جانب ومن آخر يسري العفو العام على جميع المساهمين في الجريمة لأنه يتصل بالسلوك موضوع الجريمة ، وهو بذلك يُمنح لاعتبارات لا تتعلق بصفة أو جدارة المجرم بل فقط بسبب طبيعة الجرائم التي ارتكبت خلال فترة معينة يحددها القانون (7).
أما الطابع الإجرائي فيتمثل بانقضاء الدعوى الجزائية في أية حالة كانت عليها، فإذا كانت لم تحرك بعد فلا يجوز تحريكها ، وإذا كانت في مرحلة التحقيق او المحاكمة فإن الإجراءات توقف وقفاً نهائياً(8) ، وإذا كان قد صدر حكم ولم يصبح باتاً بعد فإن القرار يصدر بانقضاء الدعوى ، أ ، أما بعد صيرورة الحكم باتاً فإن الدعوى الجزائية تنقضي بهذا الحكم ، وعندئذ سينصرف أثر العفو الى ذلك الحكم . وعليه يعد الدفع بالعفو العام دفعاً شكلياً نظراً لآثاره الإجرائية .
2- إنه ذو أثر رجعي فهو يرتد من حيث تأثيره في نفي الصفة الإجرامية للسلوك الى لحظة ارتكابه، فكأنه مشروع منذ هذه اللحظة (9) ، فهو لا يسري على الجرائم المرتكبة بعد نفاذه
3- ينحصر تأثير العفو العام على الآثار الجزائية للسلوك ، أما الآثار المدنية المترتبة على السلوك ذاته فإنها لا تتأثر به ، فإذا كان قد ترتب عليه ضرر فحق المضرور بالتعويض لا يسقط بالعفو . وهو ما عبر عنه المشرع بالقول " لا يمس العفو العام الحقوق الشخصية للغير "(10). لأن الدعوى المدنية حق للمتضرر من الجريمة لا يملك المجتمع التنازل عنه . وعلى الرغم من ذلك فإن المشرع قد لا يرغب في إثارة ذكريات الجريمة على أي وجه ولو بوصفها فعلاً ضاراً ، وفي هذه الحالة تتحمل خزينة الدولة التعويض عن الجريمة (11).
4- إنه يزيل الصفة الإجرامية للسلوك بجميع أوصافها ، فلا يجوز إعادة رفع الدعوى الجزائية عن السلوك ذاته تحت وصف آخر (12).
5- إنه ذو طابع استثنائي ، فهو يخرج السلوك من نطاق التجريم على الرغم من مطابقته للنموذج القانوني للجريمة (13).
6- إنه ذو طابع إقليمي ، إذ أنه تعبير عن سيادة الدولة ، فلا يُطبَّق على الأحكام الصادرة من أجنبية ، كما أنه لا يسري على غير الجرائم التي تخضع للاختصاص القضائي للمحاكم محاكم الوطنية(14).
7- إنه يتعلق بالنظام العام، ومن ثم فهو مُلزم ولا يصح التنازل عنه من قبل المتهم بحجة أنه يريد إثبات براءته ؛ كما لا تجوز المطالبة بالاستمرار بالمحاكمة عن السلوك المعفو عنه ، إذ لا مصلحة لشخص في تذكير المجتمع بجريمة رأى نسيانها . وبناءً على ذلك فإنه يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأوّل مرة أمام محكمة التمييز، كما يجوز للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به أحد (15).
ومن الجدير بالذكر أن أثر العفو العام يقتصر على الدعاوى الناشئة عن الجريمة أو الجرائم التي وردت في قانون العفو ، فلا يتعدى أثره الى غيرها ولو كانت مرتبطة معها مالم ينص قانون العفو على غير ذلك ؛ ومن ثم إذا صدر العفو عن جريمة في مرحلة التحقيق الابتدائي ، تعيَّن على قاضي التحقيق إصدار القرار بغلق الدعوى الجزائية نهائياً كونها انقضت بالعفو وإحالة الدعوى الجزائية الناشئة عن الجرائم الأخرى المرتبطة بها والتي لم يشملها العفو الى المحكمة المختصة ، أما إذا صدر العفو العام عن إحدى الجرائم المرتبطة بعد الإحالة ، تعيَّن على المحكمة أن تصدر قراراً بإيقاف الإجراءات إيقافاً نهائياً عن تلك الجريمة (16) ، ولا أثر لذلك على سائر الجرائم .
وقد يحدد القانون تاريخاً للجرائم التي يشملها العفو ، فإن العبرة عندئذ بقيام الجريمة خلال التاريخ المحدد ، فإذا كانت الجريمة متتابعة الأفعال أو مستمرة ، وامتدت حالة التتابع او الاستمرار الى ما بعد التاريخ المحدد بالقانون ، فإن العفو لا تنقضي به الدعوى الجزائية بالنسبة للوقائع التي وردت بعد هذا التاريخ . مع ملاحظة أنه في حالة صدور قانون العفو عن جريمة تامة فهو يشمل تلقائياً الشروع فيها ، ولو لم ينص القانون على ذلك صراحة ، إذ أنه ليس بمتصوّر أن يشمل العفو العام الجريمة التامة دون الشروع فيها (17)
وبناءً على ما تقدم فإن صدور قانون بالعفو العام في أية مرحلة كانت عليها الدعوى يؤدي الى إيقاف الإجراءات نهائياً بحق المتهم .(18). وأخيراً فإن الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بصدور العفو العام يُعتبر من الدفوع الأولية.
_____________
1- انظر : د. رؤوف عبيد, مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري, ط7 ، مطبعة نهضة مصر ، الفجالة ، 1968 ، ص135.
2- G. Stefani, G. Levasseur et B. Bouloc, droit pénal général, 12 éd, Dalloz, 1984, p 679.
3- نصت المادة (19) ثانياً) من الدستور العراقي لعام 2005 على أنه : " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ... . . ونصت المادة (1) من قانون العقوبات العراقي على أنه : " لا عقاب على فعل أو امتناع إلا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه ......
4- انظر : د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات اللبناني ، بيروت ، 1968، ص 847 .
5- انظر استاذنا د فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية، دار السنهوري ، بيروت 2015 ، ص 503.
6- قرار رقم 120/ الهيئة التمييزية لرئاسة محكمة استئناف القادسية الاتحادية ، في 2010/10/5، منشور في مجلة التشريع والقضاء ، العدد (4) ، السنة (3) ، 2011، ص 281.
7- انظر : د. ضياء عبدالله عبود ، العفو كسبب من أسباب انقضاء الدعوى الجزائية في قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ ، مجلة رسالة الحقوق ، تصدرها كلية القانون - جامعة كربلاء ، العدد (2)، السنة (3)، 2011، ص28 ؛ المستشار عدلي خليل ، الدفوع الجوهرية في المواد الجنائية ، دار الكتب القانونية ، المحلة الكبرى – مصر ، 2005 ، ص762. وانظر :
G. Stefani et G. Levasseur, op, cit, p 118 note (1)
8- انظر المادة (305) من قانون اصول المحاكمات الجزائية .
9- انظر: ابراهيم علي علي ، أحكام العفو في القانون العراقي مقارنة بالشريعة الإسلامية ، رسالة في الدراسات القانونية المتخصصة العليا – القسم الجنائي - قدمت الى المعهد القضائي ، 1994 1995 .
10- انظر المادة (305) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي ، والمادة (3/153) من قانون العقوبات العراقي ، والمادة (76) من قانون العقوبات المصري. وتطبيقاً لذلك قضت محكمة استئناف القادسية الاتحادية بصفتها التمييزية بأنه : " تزول الصفة الجرمية عمن شمل بقانون العفو العام ، إلا أن ذلك لا ينفي الآثار المدنية أو التأديبية للجريمة ..... قرار رقم 98/ت/ عفو / 2011 بتاريخ 2011/9/28، (غير منشور).
11- انظر : وليد بدر نجم الراشدي ، العفو العام في التشريعات المقارنة ، أطروحة دكتوراه ، كلية القانون – جامعة بغداد ، 1993، ص126؛ ضياء عبدالله عبود ، مرجع سابق ، ص 25
12- انظر: د. أحمد حامد البدري ، الضمانات الدستورية للمتهم في مرحلة المحاكمة الجنائية ، منشأة المعارف، الإسكندرية ، بدون سنة طبع ، ص 43.
13- انظر: د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات اللبناني ، بيروت ، 1968، ، ص 845
14- انظر: د. نبيل شديد الفاضل رعد الدفوع الشكلية في قانون اصول المحاكمات الجزائية ، ج1 ، ط1، بيروت ، 2005، ، ج 1، ص 185.
15- R. Merle et A.Vitu, op. cit, p 1298; Pierre Bouzat et Jean Pinatel, op. cit, p 1018.
16- انظر المادة (305) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي
17- انظر: د. مصطفى محمد عبد المحسن ، انقضاء الدعوى الجنائية ، بدون مكان (طبع ، 2003-2004 ، ص362.
18- تطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز في قرار لها جاء فيه : " لدى التدقيق والمداولة واستنادا الى قرار مجلس قيادة الثورة المرقم (225) والمؤرخ في 2002/10/20 بالعفو عن المحكومين ، قرر تطبيقه بحق المحكومة (ع. أ. م . (ع) واستنادا لأحكام المادة (153) من قانون العقوبات والمادة (300) من قانون اصول المحاكمات الجزائية ، قرر اعتبار الدعوى الجزائية منقضية طبقاً لأحكام القرار المذكور " . قرار رقم 26/هيئة عامة/2002 في 2002/10/27 منشور في مجلة القضاء ، تصدرها نقابة المحامين العراقية ، العددان (43) السنة (56)، 2002، ص82 . أحمد الخطيب ، انقضاء الدعوى الجزائية والعقوبة بالتقادم ، رسالة في الدراسات القانونية
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
نقابة تمريض كربلاء تشيد بمستشفى الكفيل وتؤكّد أنّها بيئة تدريبية تمتلك معايير النجاح
|
|
|