أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-3-2022
1859
التاريخ: 21-2-2017
1892
التاريخ: 7-8-2020
1412
التاريخ: 29-1-2023
1001
|
بدأت الحقبة الحديثة من الدراسة العلمية للكون مع نظرية النسبية العامة لأينشتاين، المنشورة عام 1915، والتي مكنتنا من عمل توصيف رياضي متّسق للكون بأسره. وفق نظرية أينشتاين ترتبط خصائص المادة والحركة بتشوه المكان والزمن. وأهمية هذا لعلم الكونيات هي أن المكان والزمن لم يعد يتم التفكير فيهما بوصفهما شيئين مطلقين منفصلين عن الأجسام المادية، بل بوصفهما مشاركين في تطور الكون. لا تُمَكِّننا النسبية العامة من فهم منشأ الكون في داخل المكان والزمن، وإنما تمكّننا من فهم أصل المكان والزمن نفسيهما.
تشكل نظرية أينشتاين أساس نموذج الانفجار العظيم الحديث، الذي ظهر بوصفه أفضل التفسيرات المتاحة لتمدد الكون. ووفق هذا النموذج المكان والزمن والمادة والطاقة كلها ظهرت إلى الوجود في صورة كرة نارية من المادة والإشعاع ذات درجة حرارة وكثافة قُصْوَيَيْنِ منذ حوالي 15 مليار عام. وبعد الانفجار العظيم ببضع ثوان، انخفضت درجة الحرارة إلى عشرة مليارات درجة فقط، وبدأت التفاعلات النووية في تكوين الذرات التي تتكون منها أجسامنا. وبعد حوالي 300 ألف عام انخفضت الحرارة حتى بضعة آلاف درجة مئوية، محررة الإشعاع الذي نرصده اليوم بوصفه إشعاع الخلفية الميكروني الكوني. ومع تمدد هذا الانفجار، حاملًا المكان والزمن معه، بَرُدَ الكون وخفَّتْ كثافته. وقد تكونت النجوم والمجرات عن طريق تكلُّف السحب المتمددة من الغاز والإشعاع. ويحتوي كوننا اليوم على الرماد والدخان المتخلفين عن الانفجار العظيم.
أغلب علماء الكونيات يتقبلون هذه النظرية بوصفها صحيحة في جوهرها، رغم وجود بعض التفاصيل غير المحسومة. وهذه النظرية تفسّر أغلب ما نعرفه اليوم من خصائص للمادة الكثيفة في الكون، ويمكنها تفسير أغلب المشاهدات الكونية ذات الصلة. لكن من المهم أن ندرك أن نظرية الانفجار العظيم ليست كاملة، وأغلب الأبحاث الحديثة في علم الكونيات تدفعها الرغبة في سد الفجوات الموجودة في هذا الإطار العام المقنع.
من أمثلة تلك الفجوات أن نظرية أينشتاين نفسها تنهار في الزمن التالي مباشرة لبداية الكون. فالانفجار العظيم مثال لما يطلق عليه منظرو النسبية اسم «نقطة التفرد»، وهي نقطة تفشل عندها كل النماذج الرياضية وتصير كل القيم القابلة للقياس لا نهائية. ورغم أننا نعرف الكيفية التي يُتوقع أن يتطور بها الكون من أي مرحلة بعينها، فإن نقطة التفرد تجعل من المستحيل أن نعرف من الافتراضات الأولى للنظرية الشكل الذي كان الكون عليه في البداية. ولهذا علينا أن نربط هذا بالمشاهدات بدلا من الفكر المجرد، شأن علماء الآثار الذين يحاولون إعادة بناء مدينة بائدة اعتمادًا على الأطلال. ومِن ثَمَّ يعكف علماء الكونيات في وقتنا هذا على جمع كميات هائلة من البيانات التفصيلية؛ حتى يحاولوا ربط كل هذه البيانات معًا من أجل رسم صورة للكيفية التي بدأ بها الكون.
عززت التطورات التكنولوجية التي شهدناها على مر العشرين عاما الماضية وتيرة التقدم في علم الكونيات الرصدي، ونحن الآن بالفعل في «عصر ذهبي» من الاكتشافات الكونية. يتضمن علم الكونيات الرصدي الآن بناء خرائط هائلة لتوزيع المجرات في الفضاء، تبين البنية المذهلة الواسعة النطاق للخيوط والألواح المجرية. وعمليات المسح هذه تكملها مشاهدات عميقة يجري عملها، على سبيل المثال، بواسطة تليسكوب هابل الفضائي. التقطت صورة «حقل هابل العميق» بفترة تَعرُّض طويلة للغاية لدرجة أنها تعرض مجرات على مسافات هائلة للغاية، حتى إن الضوء الصادر عنها استغرق غالبية عمر الكون حتى يصل إلينا منها. وباستخدام مشاهدات كهذه يمكننا رؤية التاريخ الكوني وهو يتكشف أمام أعيننا. على سبيل المثال، صار علماء الفلك الذين يستخدمون الإشعاع الميكروني في دراستهم للكون الآن قادرين على عمل صور لبنية الكون المبكر عن طريق رصد التموجات في إشعاع الخلفية الميكروني الكوني، التي أُنتجت في كرة النار البدائية. وسوف تستكشف تجارب مخطّط لها تُجرى باستخدام الأقمار الصناعية – على غرار «مسبار قياس تباين الأشعة الكونية» و«مرصد بلانك الفضائي» – هذه التموجات بمزيد من التفصيل عبر السنوات القليلة القادمة، ومن المفترض أن تسد النتائج التي ستأتي بها العديد من الفجوات في فهمنا الحالي للكيفية التي يتشكل بها الكون.
من الممكن استخدام المشاهدات الكونية في قياس معدل التمدد الكوني، وتبين الكيفية التي يتغير بها هذا المعدل مع مرور الوقت، وأيضًا استكشاف هندسة المكان عن طريق تطبيق مبادئ التثليث على مستوى هائل وفق نظرية أينشتاين، لا تتحرك أشعة الضوء في خطوط مستقيمة بالضرورة؛ وذلك لأن المكان يتشوه بفعل جاذبية الأجرام الضخمة. وعبر المسافات الكونية من الممكن أن يتسبب هذا التأثير في انغلاق الزمكان على نفسه (كسطح الكرة) مسببًا تلاقي أشعة الضوء المتوازية. كما يمكن أن يُنتج كونًا «مفتوحًا» تبتعد فيه أشعة الضوء بعضها عن بعض. وبين هذين البديلين هناك الفكرة «المعتادة» الخاصة بالمكان المنبسط الذي تنطبق فيه قوانين الهندسة الإقليدية. ويعتمد كون أي من هذه البدائل هو البديل الصحيح على الكثافة الإجمالية للمادة والطاقة في الكون، وهو ما لا تستطيع نظرية الانفجار العظيم وحدها التنبؤ به.
تعرضت نظرية الانفجار العظيم لفحص نظري دقيق في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، حين اتخذ فيزيائيو الجسيمات علم الكونيات سبيلا لمحاولة فهم خصائص المادة عند نطاقات الطاقة العالية للغاية التي لا تستطيع معجلات الجسيمات الخاصة بهم الوصول إليها. وقد أدرك هؤلاء المنظرون أن الكون المبكر مرَّ على الأرجح بسلسلة من التحولات الجذرية المعروفة باسم «التحولات الطورية»، تسارع خلالها معدل تمدده بمعامل ضخم للغاية في كسر بسيط من الثانية الواحدة. ومن المفترض أن حقبة «التضخم» هذه هي التي سببت انبساط المكان المنحني، وهو ما يُفضي إلى تنبؤ محدد يقضي بأن الكون ينبغي أن يكون منبسطا. يبدو هذا متفقًا مع عمليات المسح الكوني المذكورة سابقًا. أما المقترحات الحديثة التي تطرح أن معدل تمدد الكون قد يكون متسارعا فتفترض وجود طاقة مظلمة غامضة قد تكون أثرًا باقيًا لحقبة التضخم المبكرة.
أيضًا، استعان علماء الكونيات بالحاسبات الفائقة الحديثة في محاولة فهم كيفية تكلُّف كُتل المادة الكونية على صورة نجوم ومجرات، بينما الكون آخذ في التمدد والبرودة. وقد أشارت هذه الحسابات إلى أن هذه العملية تتطلب وجود تركيزات هائلة من مادة عجيبة، كثيفة بما يكفي بحيث تساعد في نمو البنية، لكنها مع ذلك لا تنتج أي ضوء نجمي. وهذه المادة غير المرئية تسمى المادة المظلمة. وتتفق التنبؤات الحاسوبية للبنية المتكونة مع الخرائط الضخمة التي أنتجها الراصدون، وهو ما يجعل نظرية الانفجار العظيم تحظى بمزيد من الدعم.
إن التفاعل المتبادل بين هذه الأفكار النظرية الجديدة وبين البيانات الرصدية الجديدة العالية الجودة دَفَعَ علم الكونيات قدمًا من النطاق النظري البحت إلى مجال العلوم التجريبية الصارمة. وهذه العملية بدأت مع بداية القرن العشرين، مع إسهامات ألبرت أينشتاين.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|