أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-15
1579
التاريخ: 2023-06-18
1597
التاريخ: 2023-06-03
1163
التاريخ: 2023-07-15
1202
|
ان البدايات المتواضعة لعملية تحديث العراق التي وضحت معالمها في اواخر القرن التاسع عشر كانت لها اثار مهمة على مجمل الحركة الفكرية في القطر ولم تكن هذه الحركة مقطوعة باي حال من الاحوال عن التطور الفكري الذي كانت ملامحه تتبين في ارجاء الوطن العربي الأخرى، فاستخدام الطباعة في اقطار عربية كمصر والشام مكن الكتاب المطبوع في تلك الاقطار من الوصول إلى ايدي القراء العراقيين بيسر لم يسبق له العربي مثيل من قبل، وهكذا اصبح ثمة جمهور يتتبع بشغف ما كانت تتجه مطابع مصر والشام وغيرهما من كتب عيون التراث العربي سواء كانت تلك الكتب دواوين الشعراء متقدمين أو اعمال رفيعة لأدباء افذاذ ومؤرخين نابعين ففتح ذلك بابا واسعا للمقارنة بين ماضي الامة الزاهر، وماهي عليه في عهدهم من تخلف وتأخير . وزادت الصحافة التي شهدت انتشارا كبيرا ابان الحقبة نفسها من حدة ذلك الشعور إذ سهلت اطلاع القراء في العراق على مقالات مختلفة لمفكرين بارزين ،رواد امثال الطهطاوي والكواكبي تناولوا فيها قضايا عصرهم الملحة كالحقوق القومية والتعلم والاصلاح الاجتماعي، كما ساهمت الصحافة أيضاً في تواصل القراء بما يجري في وطنهم العربي الكبير من احداث تنمي تحسسهم بمشاكل امتهم وقضاياها المصيرية، ويمكن القول ان الصحافة اخرجت قراءها من النطاق المحلي إلى الاطار القومي، فأصبحت انباء اشتداد الهجمة الاستعمارية على اجزاء من الوطن العربي تثير الحماس القومي لدى اجزاء اخرى منه، ومن ناحية اخرى فان الصحافة مكنت العراقيين انفسهم من الاسهام الفعال في تطوير الفكر القومي وانضاجه وبخاصة في بدايات القرن العشرين، بما كانوا يرفدون به الصحف العربية فضلا عن العراقية، من مقالات وقصائد عديدة تقدم طروحات فكرية متنوعة وعن طريق تلك الصحف عرف القراء العرب اعمال ادباء عراقيين نابهين امثال معروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي واحمد الشاوي وعبد المحسن الكاظمي كان لكل منهم مواقف قومية واضحة وبعد ان كانت المجالس الادبية التي اعتيد عقدها في بيوت المثقفين قاصرة في معظمها على المطارحات الادبية والاخوانيات، تحولت مهمتها في هذه الحقبة لتغدو مجالس فكرية اكثر سعة تناقش فيها القضايا العامة والمواقف المختلفة. نتيجة تنامي الوعي القومي لدى الفئات المثقفة من العراقيين الذين كانت تضطرهم اعمالهم أو دراستهم للإقامة في العاصمة العثمانية، فقد انخرط بعضهم في تنظيمات جمعية (الاتحاد والترقي) التي كانت تدعو إلى اجراء اصلاح دستوري تنال بموجبه شعوب الدولة العثمانية حقوقها القومية، ولذلك فقد عمت البهجة وروح التفاؤل اوساط عراقية واسعة عندما وصلتها انباء نجاح اعضاء هذه الجمعية في اجبار السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909) على اعادة العمل بالدستور في 24 تموز 1908 الذي كان معلقا منذ عام 1876 ، بما يكفله من حريات وحقوق، وتم فتح فروع للجمعية في بعض المدن العراقية وسط جو من التفاؤل والامل. ويشير السفير البريطاني في الدولة العثمانية جيرالد لوثر ان الجماهير في بغداد استقبلت اعادة العمل بالدستور بحماسة، في حين لم يلق الدستور ترحيبا كبيرا في الموصل. سر رعان ما تكشفت الحقيقية المرة للجميع، اذ لم يكن قد مضى على تولي الاتحاديين للحكم بضعة أشهر الا وقد اسفروا عن نواياهم السياسية التي بدأوا في تنفيذها في الولايات العربية من حيث سياسة التتريك ودمج العناصر غير التركية، وقد عجلت هذه الاجراءات في تقويض كيان الدولة العثمانية، واخذت جمعية الاتحاد والترقي باتخاذ اجراءات أكثر تعسفا واستبدادا مما كان قبل اعلان الدستور فأحدث هذا التبدل المفاجئ ردود افعال حادة وسريعة في الولايات العربية. ومما زاد من نفور العرب من الاتحاديين هو يسمى بقانون انتخاب مجلس المبعوثان. ففي 24 تموز 1908 تقرر الدعوة الى القيام بانتخابات لتشكيل مجلس للمبعوثان (البرلمان العثماني)، وبدأت الاستعدادات لإجرائها، غير ان الذين يعرفون اصول الانتخابات كانوا قليلين جدا في اسطنبول، اذ ان عدد اعضاء مجلس المبعوثان يجب ان يمثل شخص واحد عن كل خمسين الف من التبعية العثمانية والانتخاب على الاقتراع السري ، وقد صمم الاتحاديون على ان تكون اكثرية المبعوثان من الترك اولا، ومن المنتسبين لجمعية الاتحاد والترقي ثانيا، وقد عمدوا الى ترشيح مبعوثين من الترك في مختلف الولايات العربية مخالفين بذلك الدستور، فقد فاز منهم 15 نائبا تركيا يمثلوا الولايات العربية. في العراق تدخل الاتحاديون في شؤونه مستغلين قانون الانتخابات العثمانية الذي كان يحصر حق النيابة بسكنة المناطق الانتخابية واهاليها بل كان يسوغ لأي شخص مستكملا لشروط الانتخاب ان يرشح نفسه عن أي منطقة شاء، وبهذه الطريقة فاز حمزة بك قائمقام القرنة السابق وهو تركي من الاتحاديين عن لواء المنتفك، بعد ان فرضه المتصرف فريد بك وانذر بالشر من ينتخب غير قائمة الاتحاديين، واضطر المعارضون الى الانسحاب وقد خصصوا للعراق 17 نائبا منهم عراقيون، وبذلك حرمت العشائر العراقية من حق المشاركة بالانتخابات متعللين بجهلهم لأعدادهم ومواطن سكناهم. على الرغم من المآخذ التي كانت تؤخذ على مجلس المبعوثان الا انه يعد منبرا يلتقي فيه النواب من مختلف الولايات العثمانية، وقد تأثر النواب العراقيون بنواب القوميات الاخرى من المتطرفين وغيرهم، هذا مما ساعد على نمو الوعي الفكر لديهم، ولقائهم مع النواب العرب قد ولد لديهم الكثير من التقارب في وجهات النظر، وتنسيق العمل السياسي.لقد ادت سياسة الاتحاديين الى رد فعل كبير في العراق تجسد في اتجاهين:
1. رفض الدستور ومساندة السلطان عبد الحميد الثاني.
2. العمل لتأكيد الحقوق القومية للعرب.
بالنسبة للاتجاه الأول برز اثناء قيام الثورة المضادة ضد اعضاء جمعية الاتحاد والترقي في اسطنبول، وسرعان ما تشكلت هناك الجمعية المحمدية، وتركزت دعوتها على وجوب الوقوف بوجه الدستور، لكونه مخالف للشريعة الاسلامية، على حد اعتقاد زعماء الجمعية، وقد انتشرت انباء الثورة المضادة الى جميع الولايات العثمانية، ومن ضمنها الموصل التي تشكل فرع للجمعية المحمدية فيها في اواخر عام 1908 ، واتخذ من المدرسة الاحمدية في منطقة باب السراي مقرا له، ولقيت الجمعية رواجا في اوساط الناس، وبعض علماء الدين الذين كانوا يميلون للسلطان عبد الحميد الثاني، فانتموا اليها دون ان يعلموا شيئا عن طبيعتها أو عن هوية مؤسسيها. اما الاتجاه الآخر فقد يجلى عندما نبذ الاعضاء العرب عضويتهم في الجمعية الاتحاد والترقي، وانطلقوا في مجالات العمل السياسي العلني والسري على حد سواء بهدف تحقيق امالهم القومية والتصدي لأية محاولة لطمس هويتهم العربية. وايد العرب القوميون من العراق والاحزاب المناوئة للاتحاديين ومنها الحزب الحر المعتدل الذي تأسس بإستنبول لمناوئة جمعية الاتحاد والترقي، فشكلوا فروعا له في البصرة وبغداد والموصل، ومارست هذه الفروع نشاطات بارزة بهدف السعي وراء كل ما ينهض بالأمة العربية، كما اسس اخرون فروعا لحزب الحرية والائتلاف العثماني المعادي للاتحاديين والمنادي بمبدأ اللامركزية في حكم الولايات، فكان في كل من بغداد والبصرة فرع ينادي باتباع سياسة لامركزية تمنح العرب حقوقهم القومية كاملة وكانت السمة العامة لهذه الفروع انها كانت تتبع سياسة شبه مستقلة عن قيادتها الرسمية في الدولة العثمانية وانها كانت تنسق عملها غالبا مع الفروع الاخرى في العراق والوطن العربي، اكثر من تنسيقها مع قياداتها تلك وانها كانت تتبع نهجا قوميا عربيا خاصا بأحوال الامة العربية في تلك المرحلة واضافة إلى ما تقدم فقد اسس العرب القوميون في العراق احزابا وجمعيات قومية مستقلة تماما لعبت ادوارا مختلفة في التصدي لسياسة التتريك التي قامت بها جمعية الاتحاد والترقي، ففي البصرة الفت المعارضة للاتحاديين في تشرين الثاني 1911 حزب الحرية والائتلاف، وقد ايد معظم البصريين هذا الحزب، وعقد اول اجتماع للحزب في دار السيد طالب النقيب حضره حوالي 100 شخص من وجهائها، وكانت اهداف الحزب لا تتعد المطالبة بالمساواة بين العرب والاتراك وضرورة الاصلاح في الامبراطورية العثمانية وانهاء سياسة الاضطهاد. وفي بغداد اسس نفر من الزعماء العرب جمعية (المشورة) بهدف ضرب نشاط الاتحاديين والمطالبة بالحكم الذاتي للعرب، كما قام عدد من الشباب العربي المثقف بتأسيس جمعية عربية باسم (النادي الوطني العلمي) عام 1913 زاد عدد اعضائه على مائتي عضو، وكان هدفه تطبيق الحكم الذاتي للعرب ضمن نظام اللامركزية وذلك بالتعاون مع الاحزاب والجمعيات القومية المشابهة له في الهدف. وفي العام نفسه انشأ العرب القوميون في البصرة يتزعمهم السيد طالب النقيب جمعية عربية قومية عرفت بجمعية البصرة الاصلاحية وكانت من اقوى التنظيمات القومية العربية واكثرها نشاطا في العراق. وكانت هذه الجمعية على غرار حزب اللامركزية في القاهرة وابرز اهداف الجمعية:
1. ان يكون العراق ارضا عثمانية تحت راية الهلال
2. يعين الوالي من الحكومة المركزية على ان يكون عراقيا مسلما بعاداته وتقاليد العشائر المحلية، وان يعين مدير المالية، والقاضي، والمتصرف، ومدير الجمارك والبريد بعد استشارة المجلس العموم وان يكونوا ملمين باللغة العربية.
3. العربية هي اللغة الرسمية في جميع الدوائر في الولاية.
4. يخدم الضباط العرب في بلادهم.
5. تدريس جميع العلوم في المدارس باللغة العربية، مع العناية بالعلوم الدينية واللغة التركية.
وخلال العام نفسه عقدت الجالية العربية في باريس مؤتمرا للمطالبة بحقوق العرب، وعرف بالمؤتمر العربي في باريس، وفي العراق أرسل السيد طالب النقيب الى باريس برقية يؤيد فيها عقد المؤتمر، كما ارسل جماعة من بغداد برقية يطلبون فيها ان يمثل العراق في المؤتمر توفيق السويدي وكان آنذاك يدرس في باريس، وقد وقع البرقية مزاحم الباججي، ونعمان الاعظمي، وشاكر غضيبة، وعبد الرحمن البناء، وعبد اللطيف المدلل ومحي الدين الكيلاني، وبهجت زينل ويوسف ضياء، ومحمد سعيد الراوي واخرون. وابرقت من بغداد برقيات اخرى كثيرة في تأييد المؤتمر، دفع اصحابها اجورها غير انها لم ترسل. ولكن رغم ذلك حضر المؤتمر اثنان من العراق أحدهما توفيق السويدي. وخلال العام نفسه عقدت الجالية العربية في باريس مؤتمرا للمطالبة بحقوق العرب، وعرف بالمؤتمر العربي في باريس، وفي العراق أرسل السيد طالب النقيب الى باريس برقية يؤيد فيها عقد المؤتمر، كما أرسل جماعة من بغداد برقية يطلبون فيها ان يمثل العراق في المؤتمر توفيق السويدي وكان آنذاك يدرس في باريس، وقد وقع البرقية مزاحم الباججي، ونعمان الاعظمي، وشاكر غضيبة، وعبد الرحمن البناء، وعبد اللطيف المدلل ومحي الدين الكيلاني، وبهجت زينل ويوسف ضياء، ومحمد سعيد الراوي واخرون. وابرقت من بغداد برقيات اخرى كثيرة في تأييد المؤتمر، دفع اصحابها اجورها غير انها لم ترسل. ولكن رغم ذلك حضر المؤتمر اثنان من العراق أحدهما توفيق السويدي. كان لظهور عزيز علي المصري وهو ضابط في الجيش العثماني أثر كبير في تزايد الحركة القومية فقد اسس في 28 تشرين الأول 1913 جمعية عربية سرية عرفت باسم جمعية العهد، واخذ يجتذب اليها شبان العرب من ضابط وطلاب، وكان الضباط العراقيون يؤلفون الاغلبية في هذه الجمعية كنوري سعيد وياسين الهاشمي وجميل المدفعي ومولود مخلص، وعلي جودت الايوبي، وطه الهاشمي وغيرهم. وأصبح منزل عزيز علي المصري في اسطنبول يعج بالحركة، اذ كان يلتقي فيه الشبان العرب لاسيما الضباط منهم. وفي بغداد قام قوميون اخرون بأنشاء جمعية (العلم السرية) عام 1914 تضم جمهرة من المدنيين المتحمسين للعمل القومي وكانت تنبع في عملها اسلوبا يتسم بالثورية ويهدف إلى تأسيس دولة عربية مستقلة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|