أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-12
784
التاريخ: 2023-09-11
927
التاريخ: 2023-09-14
952
التاريخ: 14-2-2017
1895
|
يذكر ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» حادثة عرض جسم نيزكي على السلطان، حيث يذكر : 111 «... ومن الوقائع أن الأمير أركماس الذي كان نائب الشام، طلع إلى السلطان بقطعة فولاذ هيئة الكرة، وزعم أنها صاعقة نزلت ببعض الجبال، وأن أعرابيا أهداها إليه، ففرح السلطان بذلك، وجمع السباكين فقالوا إنها صاعقة لا محالة، فنظر إليها بعض الزردكاشية فأنكر ذلك، وقال: هذه حجر مرقشيتة، وهو حجر صلب، فلما سمع السلطان ذلك شق عليه ونزل إلى الميدان وجمع السباكين وحضر الأمير أركماس، ووضعوا ذلك الحجر الذي على هيئة الفولاذ في النار، فمجرد ما وضعوه في النار صار مثل الحرنقش وتفتّت فخجل الأمير أركماس من ذلك، وانتصف عليه ذلك الزردكاش، وهو الجمالي يوسف أخو مؤلفة، وعد ذلك من النوادر.» وربما يكون الحجر المقصود في هذه الرواية نيزكا حجريًّا، لكنهم في ذلك الوقت كانوا لا يعتدون إلا بالنيازك الحديدية. فبالنسبة لهم هي النوعية الوحيدة التي ترتبط بالصاعقة (النيازك)، وما عداها فلا يعتد به، كما يتضح من خلال التجهيزات التي تمت بمجرد العلم بأمر وجود حجر صاعقة مع أحدٍ من الناس.
ويورد العيدروس في كتابه «النور السافر عن أخبار القرن العاشر»، ضمن أحداث هذه السنة: 112 «وفي ليلة الاثنين الخامس من شهر جمادى الأولى وفيها: انقض كوكب عظيم من نصف الليل آخذًا في الشام وأضاءت الدنيا كذلك إضاءة عظيمة حتى لو أن الإنسان حاول رؤية الذر بذلك لم يمتنع عليه، ثم غاب في الجهة الشامية وبقي أثره في السماء ساعة طويلة.» وأورده كذلك ابن العماد نقلًا عن العيدروس ضمن أحداث نفس السنة: 113 «...فيها كما قال في النور انقض كوكب عظيم من نصف الليل آخذا في الشام وأضاءت الدنيا لذلك إضاءة عظيمة حتى لو أن الإنسان حاول رؤية الذر لم يمتنع عليه ثم غاب في الجهة الشامية، وبقي أثره في السماء ساعة طويلة.» ويورد العيدروس آخر أيضًا، ضمن أحداث ذات السنة، وهو ذاته الذي وصفه ابن العماد: 114 «...وفيها زلزلت مدينة زبيد زلزالاً شديدًا ثم زلزلت مرة أخرى ثم ثالثة وانقض في عصر ذلك اليوم كوكب عظيم من جهة المشرق آخذا في جهة الشام ورُئِي نهارًا وحصل عقبه رجفة عظيمة كالرعد الشديد.»
ومن خلال هذا العرض الموجز لبعض تسجيلات كتاب العرب القدامى لحوادث سقوط النيازك، يجد المرء نفسه أمام عدد من الأحداث التي تصف سقوط نيازك حقيقية، في أوقات مختلفة وعلى مناطق مختلفة. ويستطيع المرء، من خلال الظواهر التي وصفت مصاحبة لتلك الأحداث، أن يقف على بعض الجوانب الفنية في ظواهر السقوط تلك، كحجم النيزك الساقط، وذلك من خلال الأصوات التي ترافق سقوطه، واتجاهه من خلال إشاراتهم إلى الجوانب التي ظهر فيها، ووقت سقوطه، وتشفّي الجسم أثناء سقوطه، أو سقوطه على هيئة كتلة واحدة. ثم يجد المرء دقة متناهية في التأكيد على أن الحدث كان نيزگا؛ إذ يجد بعض التسجيلات تحرص على التأكيد على أن السماء كانت صافية (لا غيم فيها)، أي أن الأصوات لا علاقة لها بظواهر الرعد والبرق (الصواعق). ثم ما يدل على سقوط نيازك من خلال تلك الأحداث، الرجفة العنيفة التي ترافقها، والتي حرصوا على ذكرها مع بعض الأحداث، وإن لم تذكر فمعناها أن النيازك الساقطة، كانت صغيرة، فلم يترتب على سقوطها رجة محسوسة، أو كانت كبيرة بالفعل لكنها سقطت في أماكن بعيدة عن الناس، فلم يشعروا بالرجة التي يمكن أن تحدثها. ثم ما يدهش المرء حقيقة ذكر تأثيرات سقوط النيازك على الأرض، فتجد في حادث سنة 802هـ، والذي أورده «الخزرجي» في كتابه، أن الحدث أدى إلى تهدم قطع من الجبال. وهذا يتوافق مع نيازك الفوهات الكبيرة، التي يحدث ارتطامها بالأرض دمارًا كبيرًا ناتجا عن طاقة الصدمة. ثم وصف الأضواء الشديدة التي صاحبت أغلب هذه الأحداث، وأشهرها على الإطلاق، وصف العيدروس للأضواء المصاحبة لحادثة نيزك سنة 916هـ: «... وأضاءت الدنيا لذلك إضاءة عظيمة حتى لو أن الإنسان حاول رؤية الذر لم يمتنع عليه.» وهذا يتشابه تشابها تاما مع التسجيلات الحديثة للظواهر المصاحبة لسقوط النيازك. ثم وصفه ووصف غيره من المؤرخين العرب للفترة الزمنية التي يستغرقها الحدث، فمنهم من يذكر أن الحدث استمر أثره في السماء وقتًا طويلًا نسبيًّا: «... ثم غاب في الجهة الشامية وبقي أثره في السماء ساعة طويلة.» بما يتوافق تماما مع الأتربة وأعمدة الدخان التي تتخلف عن سقوط النيازك، وتظل عالقة في الأجواء زمنًا محسوسًا.
ويلاحظ أن تسجيلات النيازك – ضمن بعض المراجع التي سنحت الفرصة بالاطلاع عليها – بلغ ذروته خلال القرن الخامس الهجري من 400 – 500 هـ. ثم أخذ يتناقص تناقصًا ملحوظًا. وهذه مقارنة نسبية، وليست مطلقة ما لم تطالع بقية المؤلفات العربية. وبعض الأحداث التي تم نقلها عن مصدر واحد لا يعني أنها غير مسجلة في مصادر أخرى، لكن لم يتم الاطلاع عليها، أو تم الاكتفاء بذلك خشية الإطالة.
____________________________________
هوامش
(111) ابن إياس، محمد بن أحمد بن إياس الحنفي، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تحقيق: محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1984، ج4، ص204.
(112) العيدروس، عبد القادر بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس، النور السافر عن أخبار القرن العاشر، تحقيق: د. أحمد حالو، دار صادر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2001، ص138
(113) ابن العماد، أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي الدمشقي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، أشرف على تحقيقه وخرج أحاديثه عبد القادر الأرناؤوط، حقَّقه وعلق عليه محمد الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الطبعة الأولى، 1993، مجلد 10، ص104.
(114) ابن العماد، أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي الدمشقي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، أشرف على تحقيقه وخرج أحاديثه عبد القادر الأرناؤوط، حقَّقه وعلق عليه محمد الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، الطبعة الأولى، 1993، مجلد 10، ص104.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|