أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2022
2021
التاريخ: 5-9-2020
1198
التاريخ: 15-2-2017
1271
التاريخ: 26-2-2022
2720
|
يتخيل بعض دارسي النيازك أن الحجر الأسود، في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة، حجر نيزكي سقط من السماء، 23 وقت إعادة إبراهيم عليه السلام بناء الكعبة، معتبرين أن اعتزاز المسلمين بالحجر الأسود يأتي في سياق العادات القديمة التي مارسها الناس تجاه الأحجار السماوية التي ظنوها تمثل رسائل من السماء وتمثل صورًا للآلهة، كما سبق الإشارة إلى ذلك. وتمتد هذه الرؤى لتحاول إثبات أن الحجر الأسود في الكعبة من الأحجار السماوية، أو هو من صخور الصدمات النيزكية التي تنشأ من تأثيرات ارتطام النيازك الكبيرة بصخور سطح الأرض. والذي يغذي مثل تلك الرؤى اعتزاز المسلمين واهتمامهم بالحجر الأسود، والروايات الخاصة بمصدره؛ إذ ثمة إشارات ظاهرية وردَتْ ضمن الروايات التاريخية التي تتحدث عن مصدر الحجر الأسود، وقت إعادة إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام بناء الكعبة في العصور القديمة، هي المحرك الأساسي لتفسيرات الباحثين أن الحجر الأسود ضرب من ضروب الأحجار السماوية؛ فتشير بعض الروايات التاريخية إلى أنه أثناء قيام إبراهيم عليه السلام بعملية إعادة البناء، رغب في وضع حجر من نوع خاص ومميز في ركن من أركان الكعبة؛ كي يصير علامة يرجع إليها الناس أثناء الطواف، فطلب من إسماعيل عليه السلام أن يأتيه بمثل هذا الحجر الذي يرغب فيه. فأخذ إسماعيل عليه السلام يبحث عن الحجر المطلوب، وعاد ومعه بعض الأحجار، فوجد إبراهيم عليه السلام، وقد وضع هذا الحجر المميز في البناء، فسأل عن مصدره فأخبره أنه قد أعطاه له الله؛ فهذا ما يجعل الناس يظنُّون أن الحجر الأسود حجر من الأحجار السماوية، لكن لا يعني هذا القول بالضرورة أنه ساقط إليه من السماء، بل قد يعني أن الله هو الذي هداه إلى العثور عليه من بين صخور الأحجار الأرضية المتاحة من حوله.
الحجر الأسود في جدار الكعبة المشرفة.
ومن الباحثين في مجال النيازك من يظن أن الحجر الأسود قطعة من زجاج الصدمة النيزكية التي وقعت في منطقة وابر بالربع الخالي، شمال شرق المملكة العربية السعودية، وكونت نوعًا مميزا من المادة الزجاجية السوداء، التي يطلق عليها «زجاج وابر». وهو نوع من الزجاج الطبيعي، الذي توجد به فجوات ناتجة عن هروب الغازات الحبيسة في المادة المصهورة لحظة التصلب. أي أنها مادة زجاجية تُشبه إلى حدٍّ كبير الصخور البركانية المعروفة بحجر الخفاف الـ «بيومس». ويعتمد من يظن أن الحجر الأسود قطعةً من «زجاج وابر» 24 على روايات تقول إن الحجر الأسود يطفو فوق الماء ولا يغوص فيه، كما في رواية صلاح الدين الصفدي (696-764هـ /1296-1363م)
في كتابه الوافي بالوفيات؛ إذ يذكر في معرض حديثه عن موضوع إعادة الحجر الأسود من قبضة القرامطة، عام 339هـ / 951م: 25 «ولما أرادوا ردَّه حملوه إلى الكوفة وعلقوه بجامعها حَتَّى رآه الناس، ثُمَّ حملوه إلى مكة ... وجهز الخليفة (المطيع) إليهم عبد الله بن عكيم المحدث وجماعةً معه. فأحضر أبو طاهر شهودًا ليشهدوا على نواب الخليفة بتسليمه ثُمَّ أخرج لهم أحد الحجرين المصنوعين فقال له عبد الله بن عكيم: إن لَنَا فِي حجرنا علامتين؛ لا يسخن بالنار ولا يغوص في الماء، فأحضر ماءً ونارا وألقى الحجر في الماء فغاص ثم ألقاه في النار فحمي وكاد يتشقّق، فقال: لَيْسَ هَذَا بحجرنا. ثُمَّ أحضر الحجر الآخر المصنوع وَقَدْ ضَمَّخَهُما بالطيب وغشَّاهما بالديبالج إظهارا لكرامته، ففعل به عبد الله بن عُكَيْمٍ كذلك ثُمَّ قال: لَيْسَ هَذَا بحجرنا فأحضر الحجر الأسود بعينه فوضعه في الماء فطفا وَلَمْ يغُص ثُمَّ وضعه في النار فلم يسخن، فقال: هَذَا حجرنا. فعجب أبو طاهر.» وقد اطلع على مثل هذه الروايات بعض الباحثين في مجال النيازك، واعتبروا أن كون الحجر الأسود يطفو فوق الماء ولا يغوص فيه، يعني أنه يشبه حجر الخفاف الذي يطفو فوق الماء. ولما كان «زجاج وابر» قريب الشبه بحجر الخفاف، من حيث وجود الفجوات فيه، فقد اعتبر ذلك دليلا على أن الحجر الأسود من «زجاج وابر»، لكن الحقيقة أن «زجاج وابر» لا يطفو فوق الماء بل يغوص فيه؛ إذ رغم كونه به فجوات هوائية، إلا أنه أيضًا يحوي في الغالب كرات تتكون من الحديد مع النيكل ثقيلة صغيرة من نفس مادة النيزك الحديدي الذي كان السبب في تكونه؛ ومن ثم فإن الدراسة اعتمدت على ظاهر الرواية التي تقول إن الحجر الأسود يطفو فوق الماء. ولم يثبت عمليا أن الحجر الأسود يطفو فوق الماء.
ويغفل الباحثون قضية مهمة، وهي أن الاهتمام بالحجر الأسود في شعائر المسلمين، لا يعتمد على طبيعته الذاتية، وإنما يعتمد على كونه علامة من علامات الطواف حول الكعبة؛ ومن ثم يجب تقبيله أو الإشارة إليه من قبل الحجاج. وثمة مبرر آخر للاعتزاز بالحجر الأسود؛ وهو كونه الحجر الذي وضع في بناء الكعبة بيدَي إبراهيم عليه السلام، وأعيد وضعه في واحدة من مرات تحريكه، بيدي النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم وعموما تختلف الآراء حول طبيعة الحجر الأسود؛ فبعضها يرى أنه حجر أرضي من صخور البازلت أو العقيق؛ 26 أو نيزك حجري، أو قطعة من «زجاج وابر». وهكذا يظل كون الحجر الأسود من النيازك أو من الصخور الأرضية، رهن فحصه من قِبَل باحث متخصص في النيازك، يكون على دراية كبيرة بالصخور الأرضية، يمكنه من الفحص الظاهري تبين طبيعة هذا الحجر. حيث لا يمكن اقتطاع أي جزء منه بغرض القيام بتحاليل معملية، وهي الطريقة التي يعتمد عليها غالبية الباحثين في مجال دراسة النيازك.
____________________________________________________
هوامش
(24) Mason, B. (1962): Meteorites. (op. cit.)
(23) Thomsen, E. (1980): New Light on the Origin of the Holy Black Stone of the Ka’ba. Meteoritics, 15, p. 87–91
(25) صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2000 ج 15، ص 225-226.
(26) Dietz R. S. and Mchone J. (1974): Kaaba stone: Not a meteorite, probably an agate. Meteoritics 9, p. 173–179.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|