أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2020
1466
التاريخ: 2023-05-29
1107
التاريخ: 15-7-2019
1466
التاريخ: 2023-05-25
1026
|
الطرائف المتصلة بالخبر
يميل الكثيرون من الباحثين إلى تشبيه مواد الصحيفة أيضاً بهرم، قاعدته الاخبار، وكل ما فوق هذه القاعدة من مواد تنشر في الصحيفة لابد أن تعتمد على هذه الاخبار، فالمقال، والعمود، والحديث، والتحقيق والماجريات، والطرائف، كلها مواد ترتكز ارتكازاً قوياً جداً على هذه القاعدة، وبدونها لا يكون هناك مبرر ما لإحدى هذه المواد لكي تملأ بها الصحيفة جزءاً من فراغها بشكل أو بآخر.
فالخبر إذن هو الاساس الذي تبنى عليه الصحيفة من أساسها، ثم تأتي بعد ذلك بقية المواد التي يرتفع بها بناء الصحيفة، فمن هذه المواد بطبيعة الحال التعليق على الانباء، ومنها كذلك المقال الافتتاحي الذي يعبر عن رأي الصحيفة في الاهم من هذه الانباء.
ولكن: هل بهذا التعليق الصحفي ذي المقال الافتتاحي تنتهي الصحيفة من واجبها نحو القراء؟
كلا، فإن أمام الصحيفة واجباً من نوع آخر، هو النظر في هذه الانباء من زاوية أو زوايا جديدة.
هذه الزوايا الجديدة هي التي تعطي للخبر قيمة، وهي التي توضح للقراء كيف أن مندوب الاخبار لديه حاسة سادسة، هي هذه الحاسة التي يشم بها الاخبار، ويقدّر بها كل خبر منها تقديراً خاصاً.
فإذا كان من هذه الاخبار في نظر الصحيفة ما يستحق أن تبحث فيه عن طائفة من التفاصيل الهامة، أتت بهذه التفاصيل وهي واثقة من أنها ستجذب اهتمام القارئ، وستجعله يفهم الخبر فهماً جديداً قد يخالف فهمه الاول عند قراءته الخبر مجرداً من التعليق، وقد يخالف فهمه الثاني عند قراءته الخبر بهذا التعليق، وقد يتفق معهما، ولكن بزيادة هامة لها خطرها في نظر الصحيفة من جانب، ونظر القارئ من جانب آخر.
وكثيراً ما تكون هذه التفاصيل التي تأتي بها الصحيفة ذات طابع إنساني بحت، ومثل هذا الطابع من التفاصيل قل أن يتسع له مجال القصة الإخبارية، وقل أن يكون واضحاً فيها وضوحاً تاماً، وقلما يعني به كاتب الخبر على أية صورة من صور هذه الكتابة.
هذه التفاصيل التي تنشرها الصحيفة استجابة منها لرغبة كامنة في نفس القارئ، يطلق عليها الصحفيون الاوربيون اسم Features ، أي "طرائف" وهذه "الطرائف" تعتبر جزءاً من الاخبار لا ينفصل عنها كما قلنا، والغاية منها في الاعم الاغلب إنما هي تسلية القارئ، وإذا ذهبت تسأل: ما هي أكثر المواد قراءة في الصحيفة الحديثة في الوقت الحاضر؟ أهي مادة المقال الافتتاحي؟ أم صفحة الادب، أم العلم، أم الفن؟ فالجواب: كلا، لا هذه ولا تلك، وإنما هي مادة "الطرائف" .
خذ لك مثلا: خلع الملك فاروق عن العرش، إنه يعتبر خبراً من الاخبار الهامة، والطريقة التي تم بها هذا الخلع، والزمان والمكان ونحو ذلك يعتبر قصة من القصص الخبرية الخطيرة. أما الحديث عن طباع الملك فاروق، أو عاداته في النزهة والرياضة والصيد والحفلات ونحو ذلك فتعتبر من "الطرائف" . والقارئ بحاجة ماسة إلى عشرات من هذه الاخيرة ليشبع بها نفسه من جهة، وليزداد بها إحساساً بالخبر في ذاته من جهة ثانية.
مثال آخر: اغتيال رئيس حكومة من الحكومات، إنه خبر من الاخبار، أما إذا أتى من يقص علينا قصة هذا الخبر ويبحث لنا عن أسبابه ونتائجه، ويحكي لنا كثيراً عن الظروف التي أحاطت بهذا الحادث، ويتنبأ ما الذي سيحدث في المستقبل، ويذكر لنا علاقات القتيل ببعض النساء أو الرجال ونحو ذلك، فهذه هي "الطرائف" .
مثال ثالث- يأتي مندوب الصحيفة أحياناً بنبأ حريق لم يسبب إلا خسائر بسيطة، وترى الصحيفة أن مثل هذا الخبر قد لا يحظى بقدر ما من الإثارة ثم سرعان ما تزداد قيمة هذا الخبر في نظر الصحيفة وفي نظر القارئ إذا تضمن أنه كانت في البيت الذي احترق عجوز شمطاء استطاع الجيران أن ينقذوها أو أن الحريق إنما تسبب عن عبث أطفال كانوا يعدّون بأنفسهم حفلة عيد الميلاد في منزل أحدهم؛ فالحريق في ذاته خبر من الاخبار المحلية، وطريقة الحدوث وزمانه ومكانه والاشخاص الذين أصيبوا به هو القصة الخبرية، أما التفاصيل الاخرى فإنها من "الطرائف" .
مثال رابع - عندما يأتي المندوب للصحيفة بنبأ تصادم يشعر إذ ذاك بأن القراء قد سئموا مثل هذه الاخبار، واعتادوها، وأنهم قد لا يضيعون وقتاً ما في قراءتها بالصحيفة، ولكن إذا قيل لهم بعد ذلك: إن هذا التصادم جاء بسبب أن السائق أفلتت من يده عجلة القيادة، لان نحلة قرصته وطارت فإن الخبر يصبح له وجه آخر، وإذا ذاك تعني الصحيفة بمثل هذه التفاصيل وتكتبها في شكل "طرائف" .
وهنا يقفز سؤال إلى ذهن الباحث: ما الفرق في هذه الحالة بين القصة الخبرية "والطرائف"؟.
والجواب عن ذلك: أن القصة الخبرية إذا اشتملت على العنصر الإنساني، وغلب عليها عنصر التسلية فإنها تصبح شيئاً قريباً جداً من الطرائف، وقد قلنا مراراً: إنه ليس هناك خط يفصل تماماً بين كل فن من فنون الصحافة الحديثة والفن الآخر، فالأصح دائماً أن يقال: إن هذه الفنون يتداخل بعضها في بعض كتداخل الالوان في قوس قزح، ولكن لا يمنع ذلك مطلقاً من تمييز كل لون من هذه الالوان عن الآخر.
ومن هنا كانت "الطرائف" Features من الامور التي يختلف العاملون في حقل الصحافة اختلافاً كبيراً في تحديد معناها، فمنهم من يشترط في هذه المادة اعتمادها فقط على الجانب الإنساني، ومنهم من يشترط فيها أن تهدف فقط إلى مجرد التسلية، ومنهم من يقول إنها أي نوع أو قدر من المعلومات تملأ به الصحيفة ما تخلف عندها من الفراغ بعد كتابة الاخبار بأنواعها، والاعمدة على اختلافها، وما إلى ذلك، وعند هؤلاء أنه ما دامت هذه التفاصيل أو المعلومات ليست معلقة في الهواء أو بمعنى آخر: ليست مقطوعة الصلة بالأخبار فإنها تصلح لان يطلق عليها اسم "الطرائف" .
أما نحن فلا نتصور الامر فوض على هذا النحو، وإلا لكانت مادة "الطرائف" من المواد التافهة في الجريدة، على حين أن الإحصاءات دلت على أنها هي التي تستحوذ على اهتمام القراء أكثر مما عداها من مواد الجريدة.
أجل، ليست الطرائف في نظرنا هي المواد التافهة في الصحافة الحديثة، لأنها في الحقيقة هي التي تعطي للخبر قيمة، فضلاً عن أنها تزود القارئ بمعلومات شائقة لا يتسع لها الخبر في ذاته من جهة، ولا يمكن إيرادها بطريقة التعليق عليه من جهة ثانية.
بل إن الطرائف الخبرية ترفع من قدر الصحيفة في نظر القارئ وتدفعه إلى قراءتها، ولو كانت سياستها مما يخالف رأي هذا القارئ وطريقتها مما تتنافى مع ذوقه تماماً، ومن هنا رأينا أن الصحافة الامريكية قالت وهي على الحق فيما قالت إنها لا تحتاج لكي تكون صحافة للانتماء إلى حزب سياسي لكي تعيش، وذلك أنها تستمد بقاءها وتعتمد في قوتها على عناصر ذاتية، ومقومات فنية تستميل بها قراءها، ومن هذه الفنون بل من أولها في الواقع فن "الطرائف".
وهذا الذي يقال في الصحافة المقروءة يقال مثله كذلك في الصحافة المسموعة ونعني بها "الإذاعة" والصحافة المرئية "التليفزيون" .
فهل يستمع الجمهور للبرنامج الثقافي؟ وهل يستمع لنقد الكتب؟ وهل يستمع للتعليق على الانباء؟ الواقع أنه قل أن يستمع إلى شيء مما سبق بقدر ما يستمع "للطرائف"، ولما يشبه الطرائف من شتى أنواع التسلية.
وليس معنى ذلك أننا ندعو القارئ بطريقة غير مباشرة إلى إهمال المواد الصحفية والإذاعية كلها فيما عدا مادة الطرائف؟ لا، بل نحن ندعوه إلى الاخذ بمن كل مادة من هذه المواد بقدر معين، وإلا لكان كمن يجلس إلى مائدة حافلة بألوان الطعام، ولكنه لا يصيب إلا واحداً فقط من هذه الالوان، ومثل هذا الرجل لابد أن يكون مريضاً بمرض يمنعه من أن يكون حراً في أن يمد يده لشتى الطعوم التي تملأ المائدة.
وصدق من قال (1):
لقد أصبحت النظرية القائلة بأن الناس يقرءون الاخبار لأنها تهزهم أو تثيرهم نظرية أثرية فقدت تأثيرها لكثرة ما كررها الناس.. والواقع أن الناس يقرءون الصحف للإطلاع على ما فيها من معلومات، وبدافع من حب الاستطلاع، وبقصد المتعة والتسلية.
وقد جاء في نتيجة إحصاء لبعض المجلات الامريكية في 23 من آب "أغسطس" سنة 1958 ما يلي:
1 . أن قراء الاخبار المحلية يشكلون نسبة 48%.
2 . أن قراء الاخبار العامة يشكلون نسبة 40%.
3 . أن المهتمين بالطب والصحة العامة يشكلون نسبة 37%.
4 . المتتبعين لأخبار الجرائم يشكلون نسبة 28%.
5 . المتتبعين لأخبار العلوم يشكلون نسبة 28%.
6 . المتتبعين للأخبار الفكاهية يشكلون نسبة 30%.
7 . المتتبعين للأخبار السياسة الوطنية يشكلون نسبة 23%.
8 . المتتبعين للأخبار الخارجية يشكلون نسبة 21%.
ومن ثم أصبح على مؤسسات الإعلام، على اختلاف أشكالها ودرجاتها كالصحيفة، والمجلة، والكتاب، ومحطة الإذاعة، والتليفزيون، ونحو ذلك أن تستجيب لرغبات الجمهور، وأن تدرس هذه الرغبات بين حين وآخر، وأن تتعرف ذوق الجمهور، وأن تقدم له ما يتفق معه تماماً، وألا تتعالى عليه بوجه من الوجوه، وإلا جاء يوم اضطرت فيه كل وسيلة من وسائل الإعلام التي تقدم ذكرها أن تعلن إفلاسها، وتشهر عجزها عن مجاراة القراء والمستمعين على السواء.
_______________________
(1) عن الصحفي المحترف، الترجمة العربية، لفؤاد موياساتي ص 17.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|