المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تصنيف السواحل (تصنيف جونسون سنة 1919)
13-4-2016
إسهامات لوثـر جـولك Luther Gulick فـي علـم الإدارة
10-9-2021
شجرة البكان Carya illinoensis
10-11-2017
الأساس القانوني للمحاكم الإدارية في الجزائر
1-9-2020
Polar Sorbents
6-3-2018
الصفة المشبهة الأصلية
21-6-2022


الإمام العسكري ( عليه السّلام ) والتحصين الأمني  
  
1402   04:48 مساءً   التاريخ: 2023-05-19
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 13، ص181-184
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي العسكري / قضايا عامة /

انتهج الإمام الحسن العسكري نهج آبائه للمحافظة على شيعته وأتباعه الذين يمثّلون الجماعة الصالحة في المجتمع الاسلامي ، وقد شدّد الإمام العسكري دعوته إلى الكتمان وعدم الإذاعة والحذر في التعامل مع الآخرين ، والتشدد في نقل الأخبار والوصايا عنه ونقل أوامره إلى أصحابه ونقل أخبارهم إليه ، فإنّ أتباعه قد انتشروا في أقطار الدولة الاسلامية في عصره بعد أن أخذ التشيع طابع المعارضة واتسعت دائرته تحت راية أهل البيت ( عليهم السّلام ) وكثيرا ما كانت تصدر عنه ( عليه السّلام ) التحذيرات المهمة لهم تجاه الفتن والابتلاءات المستقبلية تجنيبا لهم من الوقوع في شرك السلطة وحفظا لهم من مكائدها .

فعن محمد بن عبد العزيز البلخي قال : أصبحت يوما فجلست في شارع الغنم فإذا بأبي محمّد أقبل من منزله يريد دار العامّة ، فقلت في نفسي : ترى إن صحت : أيّها الناس هذا حجة اللّه عليكم فاعرفوه ، يقتلوني ؟ فلمّا دنا منّي أومأ بإصبعه السبّابة على فيه : أن اسكت ، ورأيته تلك الليلة يقول : « إنما هو الكتمان أو القتل ، فاتّق اللّه على نفسك »[1].

وقد دلّ هذا النص على أمور مهمّة هي :

1 - كشف الإمام ( عليه السّلام ) عن نيّة أحد أصحابه لمعرفته بما في دخيلة نفسه ، ومنعه من التحدث بما عزم عليه من إظهار أمر الإمام ( عليه السّلام ) .

2 - كشف عن حراجة الظروف التي كانت تحيط بالإمام ( عليه السّلام ) وأصحابه ومحاولة السلطة للتعرف عليهم لتطويق عملهم .

3 - إن النص يظهر لنا استغلال الإمام ( عليه السّلام ) للمناسبات المختلفة لتحذير أصحابه من الإفصاح عن أنفسهم وإظهار علاقتهم بالإمام كما سيتضح لنا ذلك من النصوص الآتية .

ونلاحظ أنّ أحد أساليب الإمام ( عليه السّلام ) في عمله المنظم والمحاط بالسرية التامة هو منعه أصحابه من أن يسلّموا عليه أو يشيروا له بيد .

روى علي بن جعفر عن أحد أصحاب الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) فقال : اجتمعنا بالعسكر - أي سامراء - وقد صرنا لأبي محمد ( عليه السّلام ) يوم ركوبه فخرج توقيعه : « لا يسلمنّ عليّ أحد ، ولا يشير إليّ بيده ، ولا يومئ ، فإنّكم لا تأمنون على أنفسكم »[2].

كما نلاحظ مبادرة الإمام ( عليه السّلام ) إلى ابتكار أساليب جديدة في ايصال أوامره ووصاياه إلى وكلائه وثقاته وإليك نموذجا منها :

روى أبو هاشم الجعفري عن داود بن الأسود قال : دعاني سيدي أبو محمد - الحسن العسكري ( عليه السّلام ) - فدفع لي خشبة ، كأنها رجل باب مدوّرة طويلة ملء الكف فقال ( عليه السّلام ) : « صر بهذه الخشبة إلى العمري » فمضيت إلى بعض الطريق فعرض لي سقاء معه بغل ، فزاحمني البغل على الطريق . . . فضربت البغل فانشقّت - الخشبة - فنظرت إلى كسرها فإذا فيها كتب ، فبادرت سريعا فرددت الخشبة إلى كمّي فجعل السقاء يناديني ويشتمني ، ويشتم صاحبي فلمّا دنوت من الدار راجعا استقبلني عيسى الخادم عند الباب الثاني ، فقال :

يقول لك مولاي : « لم ضربت البغل وكسرت رجل الباب ؟ » . فقلت : يا سيدي لم أعلم ما في رجل الباب ، فقال ( عليه السّلام ) : « ولم احتجت أن تعمل عملا تحتاج أن تعتذر منه . إيّاك بعدها أن تعود إلى مثلها ، وإذا سمعت لنا شأنا فامض لسبيلك التي أمرت بها ، وإياك أن تجاوب من يشتمنا ، أو تعرّفه من أنت ، فإننا في بلد سوء ، ومصر سوء وامض في طريقك فإنّ أخبارك وأحوالك ترد إلينا فاعلم ذلك »[3].

وفي هذا النص دلالات كثيرة ومهمّة في مجال العمل المنظم ، كما أنّه يعكس السرية التامة في العمل من جهة الإمام وأصحابه المقرّبين من أجل تجاوز ما يثيره الظرف من إشكالات تجاه العاملين ، لذا نجد الإمام ( عليه السّلام ) يمنع رسوله من التعرّض لأيّ أمر يمكن من خلاله أن تكشف هويته وشخصيته وصلته بالإمام ( عليه السّلام ) حتى لو شتمه أحد أو ربما يسبّ الإمام ( عليه السّلام ) أمامه ، فعليه أن يغضّ الطرف وكأنه ليس هو المقصود ، ويذهب في مهمّته ، حتى لا يكشف ولا يتعرّف أحد جلاوزة السلطان على ما يخرج من الإمام ( عليه السّلام ) لوكلائه وثقاته .

وتفيد هذه النصوص وغيرها ان الظروف الصعبة والقاهرة التي عاشها الإمام ( عليه السّلام ) وأصحابه هي التي ألجأته إلى اتخاذ السرية والكتمان الشديد في تعامله مع قواعده الشعبية ، وبالتالي فهي الطريق الأصوب إلى تربية شيعته ومواليه وتهيئة قواعده لعصر الغيبة الصغرى والتي سوف يتم اتصال الشيعة خلالها بالإمام المهديّ ( عليه السّلام ) عن طريق وكيل له ، حيث لا يتيسّر الاتّصال المباشر به ولا يكون الالتقاء به ممكنا وعمليّا وذلك لما كانت السلطة العباسية قد فرضته من رقابة شديدة على الشيعة لمعرفة محلّ اختفاء الإمام المهديّ ( عليه السّلام ) .

 

[1] الخرائج والجرائح : 1 / 447 ح 32 وعنه في كشف الغمة : 3 / 212 ، 213 .

[2] الخرائج والجرائح للراوندي : 1 / 439 ح 20 وعنه في بحار الأنوار : 50 / 269 .

[3] مناقب آل أبي طالب : 4 / 460 ، 461 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.