أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-08-2015
3580
التاريخ: 31-07-2015
4147
التاريخ: 2023-05-10
2062
التاريخ: 2023-05-09
1048
|
انتهج الإمام الحسن العسكري نهج آبائه للمحافظة على شيعته وأتباعه الذين يمثّلون الجماعة الصالحة في المجتمع الاسلامي ، وقد شدّد الإمام العسكري دعوته إلى الكتمان وعدم الإذاعة والحذر في التعامل مع الآخرين ، والتشدد في نقل الأخبار والوصايا عنه ونقل أوامره إلى أصحابه ونقل أخبارهم إليه ، فإنّ أتباعه قد انتشروا في أقطار الدولة الاسلامية في عصره بعد أن أخذ التشيع طابع المعارضة واتسعت دائرته تحت راية أهل البيت ( عليهم السّلام ) وكثيرا ما كانت تصدر عنه ( عليه السّلام ) التحذيرات المهمة لهم تجاه الفتن والابتلاءات المستقبلية تجنيبا لهم من الوقوع في شرك السلطة وحفظا لهم من مكائدها .
فعن محمد بن عبد العزيز البلخي قال : أصبحت يوما فجلست في شارع الغنم فإذا بأبي محمّد أقبل من منزله يريد دار العامّة ، فقلت في نفسي : ترى إن صحت : أيّها الناس هذا حجة اللّه عليكم فاعرفوه ، يقتلوني ؟ فلمّا دنا منّي أومأ بإصبعه السبّابة على فيه : أن اسكت ، ورأيته تلك الليلة يقول : « إنما هو الكتمان أو القتل ، فاتّق اللّه على نفسك »[1].
وقد دلّ هذا النص على أمور مهمّة هي :
1 - كشف الإمام ( عليه السّلام ) عن نيّة أحد أصحابه لمعرفته بما في دخيلة نفسه ، ومنعه من التحدث بما عزم عليه من إظهار أمر الإمام ( عليه السّلام ) .
2 - كشف عن حراجة الظروف التي كانت تحيط بالإمام ( عليه السّلام ) وأصحابه ومحاولة السلطة للتعرف عليهم لتطويق عملهم .
3 - إن النص يظهر لنا استغلال الإمام ( عليه السّلام ) للمناسبات المختلفة لتحذير أصحابه من الإفصاح عن أنفسهم وإظهار علاقتهم بالإمام كما سيتضح لنا ذلك من النصوص الآتية .
ونلاحظ أنّ أحد أساليب الإمام ( عليه السّلام ) في عمله المنظم والمحاط بالسرية التامة هو منعه أصحابه من أن يسلّموا عليه أو يشيروا له بيد .
روى علي بن جعفر عن أحد أصحاب الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) فقال : اجتمعنا بالعسكر - أي سامراء - وقد صرنا لأبي محمد ( عليه السّلام ) يوم ركوبه فخرج توقيعه : « لا يسلمنّ عليّ أحد ، ولا يشير إليّ بيده ، ولا يومئ ، فإنّكم لا تأمنون على أنفسكم »[2].
كما نلاحظ مبادرة الإمام ( عليه السّلام ) إلى ابتكار أساليب جديدة في ايصال أوامره ووصاياه إلى وكلائه وثقاته وإليك نموذجا منها :
روى أبو هاشم الجعفري عن داود بن الأسود قال : دعاني سيدي أبو محمد - الحسن العسكري ( عليه السّلام ) - فدفع لي خشبة ، كأنها رجل باب مدوّرة طويلة ملء الكف فقال ( عليه السّلام ) : « صر بهذه الخشبة إلى العمري » فمضيت إلى بعض الطريق فعرض لي سقاء معه بغل ، فزاحمني البغل على الطريق . . . فضربت البغل فانشقّت - الخشبة - فنظرت إلى كسرها فإذا فيها كتب ، فبادرت سريعا فرددت الخشبة إلى كمّي فجعل السقاء يناديني ويشتمني ، ويشتم صاحبي فلمّا دنوت من الدار راجعا استقبلني عيسى الخادم عند الباب الثاني ، فقال :
يقول لك مولاي : « لم ضربت البغل وكسرت رجل الباب ؟ » . فقلت : يا سيدي لم أعلم ما في رجل الباب ، فقال ( عليه السّلام ) : « ولم احتجت أن تعمل عملا تحتاج أن تعتذر منه . إيّاك بعدها أن تعود إلى مثلها ، وإذا سمعت لنا شأنا فامض لسبيلك التي أمرت بها ، وإياك أن تجاوب من يشتمنا ، أو تعرّفه من أنت ، فإننا في بلد سوء ، ومصر سوء وامض في طريقك فإنّ أخبارك وأحوالك ترد إلينا فاعلم ذلك »[3].
وفي هذا النص دلالات كثيرة ومهمّة في مجال العمل المنظم ، كما أنّه يعكس السرية التامة في العمل من جهة الإمام وأصحابه المقرّبين من أجل تجاوز ما يثيره الظرف من إشكالات تجاه العاملين ، لذا نجد الإمام ( عليه السّلام ) يمنع رسوله من التعرّض لأيّ أمر يمكن من خلاله أن تكشف هويته وشخصيته وصلته بالإمام ( عليه السّلام ) حتى لو شتمه أحد أو ربما يسبّ الإمام ( عليه السّلام ) أمامه ، فعليه أن يغضّ الطرف وكأنه ليس هو المقصود ، ويذهب في مهمّته ، حتى لا يكشف ولا يتعرّف أحد جلاوزة السلطان على ما يخرج من الإمام ( عليه السّلام ) لوكلائه وثقاته .
وتفيد هذه النصوص وغيرها ان الظروف الصعبة والقاهرة التي عاشها الإمام ( عليه السّلام ) وأصحابه هي التي ألجأته إلى اتخاذ السرية والكتمان الشديد في تعامله مع قواعده الشعبية ، وبالتالي فهي الطريق الأصوب إلى تربية شيعته ومواليه وتهيئة قواعده لعصر الغيبة الصغرى والتي سوف يتم اتصال الشيعة خلالها بالإمام المهديّ ( عليه السّلام ) عن طريق وكيل له ، حيث لا يتيسّر الاتّصال المباشر به ولا يكون الالتقاء به ممكنا وعمليّا وذلك لما كانت السلطة العباسية قد فرضته من رقابة شديدة على الشيعة لمعرفة محلّ اختفاء الإمام المهديّ ( عليه السّلام ) .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|