أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-16
1580
التاريخ: 2023-06-04
1144
التاريخ: 2023-06-07
965
التاريخ: 2023-07-11
1239
|
لا شك ان بغداد لم تكن تعد مركزا للمنطقة فحسب بل شرياناً حيوياً يتحكم بكل العراق، وهذه الخصوصية لا تجدها في المراكز الأخرى كالموصل والبصرة، فبعد خضوع الموصل للعثمانيين ظلت بغداد تحت الحكم الصفوي ولم تتأثر من الناحية الاستراتيجية. كما لم تعد الموصل مفتاحا لاحتلال بغداد، بل تم احتلال المدينة بوصول القوات السلطانية اليها من الناحية الغربية أي عبر خانقين. وبهذا كان احتلال بغداد على ايدي العثمانيين ايذاناً بدخول المناطق المتبقية من العراق تحت حكمهم. ويبدو ان حكام هذه المناطق يعرفون هذا الأمر جيداً ولهذا نجدهم يعلنون ولائهم للسلطان العثماني ولاسيما بعد ان لمسوا التفوق العثماني على الدولة الصفوية ولم يكن بمقدور هؤلاء التحرك خلاف هذا الامر. فكما حدث شمال العراق حيث أعلن الامراء خضوعهم للدولة العثمانية في عهد سليم الاول وبهذا حافظوا على اماكنهم، نجد ان الامراء في جنوب العراق اتخذوا نفس الموقف. ويأتي على رأس هؤلاء الامراء بلا شك امير البصرة الذي لم يتأخر في اعلان ولائه للسلطان سليمان. وكانت البصرة تابعة للصفويين اخذها الشاه اسماعيل الصفوي في عام 1508 من دولة الآق قوينلو. الا ان هذه التبعية لا تعني حكماً صفوياً مطلقاً بكل معنى الكلمة، اذ وقعت المنطقة تحت سيطرة بعض القبائل العربية ولهذا لم تشهد الاستقرار في الادارة وكانت البصرة ومنذ مدة طويلة تدار من قبل عائلة راشد بن مغامس وتقرأ الخطبة باسمهم وتسك النقود باسمهم ايضاً، وربما كان النفوذ الصفوي فيها اسمياً. وعند وصول السلطان سليمان القانوني الى بغداد كان يدير البصرة راشد ابن مغامس وعندما علم بما آل اليه الامر في بغداد، قصد السلطان سليمان واعلن خضوعه له ، وفضلاً عن هذا قام رؤساء العشائر العربية في منطقة البصرة وفي الغراف والحويزة بإعلان ولائهم للسلطان، كما ورد الرسل من القطيف والبحرين يعلنون ولاء حاكمهم للسلطان. وفي عام 1538م أرسل الامير راشد بن مغامس وفداً برئاسة ابنه مانع وضم وزيره وقائد جنده مع هدايا كثيرة الى السلطان وسلمه مفاتيح مدينة البصرة واعاد اعلان خضوعه للدولة العثمانية، وإثر هذا عهد السلطان اليه بالبصرة على ان يقوم بضرب النقود وقراءة الخطبة باسم السلطان، ويعود سبب اتصاله بالسلطان الى خشيته من تحركات البرتغاليين في ارجاء المحيط الهندي ومضيق هرمز. وقد عهد السلطان بحكومة البصرة اليه تحت اسم (إيالة البصرة). وقد قام راشداً بسك النقود في البصرة باسم السلطان العثماني كما قرأ الخطبة باسمه ايضاً وذلك في 1538م. لقد تجسدت سلطة الباب العالي في هذه المرحلة وبشكل رئيس في تكريس خطبة الجمعة للسلطان ونقش اسمه على النقود. وفي أفضل الحالات كان العثمانيون يرسلون السلاح ويبنون الحصون ويركزون الحاميات الصغيرة وكان ينبغي على راشد بن مغامس طالما عد اميرا عثمانيا ان يدير ايالته وفق القوانين الشرعية وبشكل ينسجم مع اوامر بكلربكي بغداد. ولكننا لا نمتلك معلومات عن كيفية ادارة راشد للبصرة، والذي نعرفه انه وبعد راشد حل محله ابنه مانع غير انه اضطر الى التنازل عن موقعه ليحيى شيخ بني امان. ويستشف من نوايا وتوجهات العثمانيين في هذا الوقت بالذات انهم كانوا يعدون العدة او يستهدفون الوصول الى سواحل خليج البصرة. وبمعنى اخر الوصول الى بوابة الدخول والخروج المهمة للمحيط الهندي، ولهذا فان وجود كيان مستقل في البصرة كان من شأنه عرقلة وصولهم الى هناك. ولم يمر وقت طويل حتى ظهر الدافع الذي يوجههم في الحركة نحو البصرة. ففي سنة 1546 طالب السلطان سليمان الشيخ يحيى بإعادة بعض الاشخاص المطلوبين من قبل العثمانيين والذين فروا الى البصرة، الا ان يحيى لم يكترث بهذا الطلب، وبهذا اصبح كمن يدعو القوات العثمانية للتحرك نحوه. وبعد ان تلقى إياس باشا بكلربكي بغداد امر التحرك نحو البصرة قام بتسيير اسطول مكون من 120 سفينة سلم قيادته الى سنجق بكي (امير سنجق الموصل، كما أرسل القوات البرية تحت امرة علي الذي ينتسب الى اسرة ذو القدر. لقد سعى القائد العثماني في خلال تقدمه الى اخضاع القبائل المنتشرة بين بغداد والبصرة، ونجح في الحاق هزيمة بشيخ مشايخ ال قشعم الذي يلقب بشيخ العراقين أي شيخ الكوفة والبصرة. وعندما وصلت هذه القوات الى القرنة وحاول ابن عليان حاكم منطقة الجزائر (شمال البصرة) صد هذه القوات اذ سار على راس ثلاثة الاف من اتباعه المقاتلين الى العثمانيين الا انه انهزم كما انهزمت امام العثمانيين القوات الواردة من أطراف البصرة. وهذه القوات هي بالتأكيد كانت تحت امرة الشيخ يحيى الذي كان يتحكم بالبصرة، الامر الذي ادى الى هروب المدافعين عن البصرة. فبقيت المدينة دون دفاع فدخلها العثمانيون بقيادة إياس باشا في كانون الأول سنة 1546. وعين إياس باشا في ايالة البصرة بشكل مؤقت بلال محمد باشا واصبحت البصرة تحت السيطرة المباشرة للدولة العثمانية وفقدت ميزتها في الحكم المحلي الذاتي، ثم عين بلال محمد باشا بكلربكي فيها بساليانه (مخصصات سنوية) مقدارها مليون آقجه سنويا ويكون بذلك اول والي عثماني يتولى ادارة البصرة بشكل مباشر. لقد تحول جنوب العراق الى ولاية تابعة للسلطنة العثمانية، وقد خفض الوالي العثماني الضرائب وألغى ابتزاز الاموال غير القانوني الذي كان يمارسه راشد بن مغامس وادخل النظام العثماني العام للأراضي والضرائب، كما نشر بين الشعب قانون - نامه البصرة. وما اتسم بالأهمية البالغة ان والي بغداد حول جمارك البصرة التي كانت تتقاضى مبالغ طائلة من الرسوم المفروضة على البضائع الهندية المستوردة الى ممتلكات عامة تابعة للحكومة. وفي عام 1551 استكمل تحضير الدفتر العثماني الاول الذي سجلت فيه تفاصيل املاك الحاكم الخاصة والمقاطعات ونظام لإقطاع في ولاية البصرة. على الرغم من السيطرة العثمانية فان الاستقرار الاداري لم يتحقق دائما في البصرة وارجائها بل اصبحت مسرحا للاضطرابات او سيطرة العشائر العربية عليها، فسرعان ما ثارت القبائل العربية بزعامة علي ال عليان كبير مشايخ الجزائر عام 1549، فكلف السلطان والي بغداد تمرد علي باشا لإخماد الثورة، وأصدر اوامره الى والي سيواس محمد باشا البالطه جي للتقدم على رأس قوة من الانكشارية للمساعدة في انهاء الثورة. وقد تقدمت القوات العثمانية الى واسط ومنها توجهت الى المدينة وتقع بالقرب من القرنة مركز الـ عليان. وبعد معارك شديدة بين رجال القبائل والقوات المهاجمة فشل العثمانيون في تحقيق نتيجة حاسمة، وبسبب طبيعة المنطقة غير المواتية للحروب النظامية، وامام شدة المقاومة، وجد القائد العثماني تمرد علي باشا نفسه مجبرا على الانسحاب، وقد كلفه فشله منصبه، اذ صدر الامر بعزله وتعيين محمد البالطه جي باشا لمنصب والي بغداد. ولكن الدولة العثمانية، نظرا لأهمية جنوب العراق لاسيما البصرة من الناحيتين الاستراتيجية والتجارية، وخوفا من استغلال البرتغاليين وحلفائهم الصفويين المتربصين عند مداخل الخليج، استمرت في سياستها الهادفة الى اخضاع القبائل واتباع سياسة قمعية شديدة. لكن كان لفشل الاسطول العثماني في صراعه مع البرتغاليين بين عامي (1551-155) إثر في اضعاف هيبة العثمانيين المنطقة، فاستغلت القبائل العربية ذلك لمعاودة الثورة على العثمانيين، واستطاع ال عليان في عام 1553 من صد حملة عثمانية ارسلت لقمع ثورتهم. وتزايدت على إثر ذلك جرأة القبائل واخذت تهاجم الحامية العثمانية في البصرة بشكل متواصل. وقد اشتدت ثورة ال عليان خطورة في عام 1566-1567، فنظمت حملة كبرى اشتركت فيها حاميتا شهرزور والموصل، كما ارسلت 450 سفينة مزودة بـ 200 مدفع عن طريق بيره جك عبر الفرات، وانيطت قيادة الحملة بوالي بغداد اسكندر باشا. وقد استطاع العثمانيون تحقيق بعض النجاح، ولكن رجال القبائل واصلوا المقاومة بأسلوب حرب العصابات، وكبدوا القوات العثمانية خسائر كبيرة. فلم يكن من اسكندر باشا الا ان يواصل ضغطه العسكري، ولكنه فشل في احراز نصر حاسم على رجال القبائل، فامر بقطع اشجار النخيل واتلاف المحاصيل التي تعيش عليها القبائل، مما اضطر ال عليان الى طلب الصلح لقاء دفع ضريبة الى خزينة البصرة، وتسليم أحد اولاده رهينة لدى السلطان.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|