أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-25
1201
التاريخ: 28-8-2020
3070
التاريخ: 11-10-2018
3656
التاريخ: 21-8-2020
2184
|
كان لتحرير القدس يوم الجمعة 27 رجب 583هـ / 12 تشرين الأول 1187م ردُّ فعل عنيف بالغرب، فكانت الحملة الصليبية الثالثة بقيادة إمبراطور ألمانية فردريك بربروسا على رأس مئة ألف محارب، وذلك سنة 1189م. وأخذ الإمبراطور البيزنطي إسحاق أنجيلوس يرسل الرسالة تلو الأخرى إلى صلاح الدين ليحيطه علماً بتحركات الحملة الألمانية وأخبارها ، فبادر صلاح الدين بإعلان الدعوة للجهاد، وطلب المعونة من أمراء سنجار والموصل وإربيل، وأعلم الخليفة الناصر لدين الله العباسي عله يقدم معونة، وأمل بتعاون عسكري مع دولة الموحدين في المغرب، فأرسل رسالة إلى أبي يوسف يعقوب بن عبد المؤمن الموحدي، يعلمه فيها بالخطر الصليبي القادم، وأنَّ بوسعه مضايقة السفن الأوربية حاملة الإمدادات للحملة في موانئها أو وهي في طريقها إلى بلاد الشام. ولكن حادثاً مفاجئاً لم يكن بالحسبان قلب الموقف رأساً على عقب، فقد غرق فردريك بربروسا فجأة في أثناء عبوره نهراً صغيراً وهو في طريقه من طَرَسُوس صوب أضنة وأنطاكية، فاختل نظام الجيش، وتفرَّق الألمان وتشتّت جمعهم، وانفلت شملهم، وتمزقت وحدتهم، وعاد بعض أمرائهم إلى أوربة، ومن وصل منهم. إلى الشَّام وصفهم ابن واصل بأنهم «حملة عصي، وركاب حمير» (1)، بل أسر معظمهم وبيعوا في الأسواق بثمن بخس. وذكر ابن الأثير في الكامل (أحداث سنة 586هـ) أنَّ فردريك بربروسا نزل إلى الماء ليغتسل فغرق في مكان منه لا يبلغ الماء وسط رجليه»، وهكذا زال الخطر من أن تقع بلاد الشام بين فكي الكماشة، نتيجة هجوم الالمان من الشمال، والفرنسيين والإنكليز جنوباً من ناحية عكا، لولا أن الله تعالى لطف بالمسلمين، وأهلك ملك الألمان خرج على ما نذكره عند خروجه إلى الشام، وإلا كان يقال إن الشام ومصر كانتا للمسلمين» (2). حاولت بقايا الحملة الثالثة مع دعم بحري من فرنسة وإنكلترة والبابا استرجاع عكا، تمدُّهم قوَّة بحرية كبيرة، ولكن دون جدوى، حتى وصل ريتشارد قلب الأسد ملك إنكلترة، وفيليب أُوغسطس ملك فرنسة، فساء موقف حامية عكا الإسلامية أمام ضغط تلك الجموع الكثيفة من الصَّليبيين التي شدَّدت الهجوم على المدينة، وأظهرت حاميتها بقيادة قراقوش شجاعة تستدعي الإعجاب، وقام صلاح الدين بهجمات ضد الصليبيين في إنقاذ عكا، فساءت حالة الحامية الإسلامية داخلها، واضطر قادتها قراقوش والمشطوب الكردي إلى الاستسلام، ودخل الصليبيون ثانية إلى عكا في تموز (يوليو) 1191م، بعد حصار عامين، ناقضين بنود الصلح، فأسروا كل من فيها من المسلمين. غادر فيليب أوغسطس بلاد الشَّام بحجة المرض في 13 آب (أغسطس) 1191م وترك ريتشارد قلب الأسد لتصفية الموقف الصعب والمعقد بعد ضم جزيرة قبرص لحكمة فأصبحت مركز تموين دائم لبقايا صليبيي الشرق. تحرك ريتشارد جنوباً على ساحل فلسطين مدعوماً بقوة بحرية كبيرة، فأخذ حيفا وقيسارية وصمد في أرسوف في 7 أيلول (سبتمبر) 1191م على الرّغم من هزيمته في بدء المعركة أمام جيش صلاح الدين، وحقق نصراً ممَّا بعث شعور الثقة بالنفس في الصَّليبيين بعد الهزائم المتوالية عليهم منذ حطين، وعبّر ابن شداد عن الموقف بأسف صلاح الدين كان في قلبه من تلك الواقعة ما لا يعلمه إلا الله تعالى، والناس بين جريح الجسد وجريح
القلب». ووقف أمراء صلاح الدين موقفاً عجيباً حينما قرر الدفاع عن عسقلان ادخل أنت معنا أو بعض أولادك الكبار، وإلاً فما يدخلها منا أحد لئلا يصيبنا ما أصاب أهل عكا» (3)، فأسرع صلاح الدين إلى تخريب عسقلان وإحراقها كي لا يستغل الصليبيون مركزها الهام في الزَّحف على بيت المقدس، وفي قطع طريق مصر (4). ثم أسرع صلاح الدين إلى بيت المقدس للإشراف على الدفاع عنها، لعلمه أنها غاية الصَّليبيين، وقصدهم، ولو هاجم ريتشارد بيت المقدس بعد أرسوف مباشرة لاستولى عليها، لضعف وسائل الدفاع فيها، ولكنه أصم أذنيه عن النصيحة، وركز جهوده في إعادة بناء يافا وحينما سار إلى بيت المقدس في نهاية عام 1191م وجد النطرون والرملة واللد خراباً، ولما اقترب من بيت المقدس وجد صلاح الدين قد أعد عدته للدفاع عنها، وأحكم تحصينها، فاضطر ريتشارد إلى الانسحاب، لتبدأ مفاوضات من أجل الصُّلح، وقال: «إنَّ المسلمين والإفرنج قد هلكوا، وخربت البلاد وخرجت من يد الفريقين بالكلية، وقد تلفت الأموال والأرواح من الطَّائفتين، وقد أخذ هذا الأمر حقه.. ونصطلح ونستريح من هذا التعب الدائم (5). وفي المفاوضات تمسك ريتشارد ببيت المقدس وعسقلان واستعادة الأردن، أي إرجاع مملكة بيت المقدس إلى حالها القديم كما كانت سنة 1185م، ورفض صلاح الدين، فالقدس مسری نبینا صلى الله عليه وآله وسلم، سار بعدها ريتشارد في 23 أيار (مايو) 1192م للاستيلاء على بيت المقدس، فأخذت القوات الإسلامية تطارده وتغير على قواته وفوجئ باستعدادات صلاح الدين الذي:
1- وزّع أسوار بيت المقدس على الأمراء للدفاع عنها.
2- وأفسد ماء الشرب الذي كان حول بيت المقدس بتخريب الصهاريج والآبار.
3- إغارات فرسان المسلمين بإغارات مفاجئة على معسكر الصليبيين.
4- وبينما كان الصَّليبيون ينتظرون في 17 حزيران (يونيو) 1192م قافلة قادمة من يافا تحمل إليهم المؤن والإمدادات، إذ بفرقة من المسلمين بقيادة بدر الدين دلدرم تغير عليها، فقتلوا وأسروا وفازوا ونُصروا» (6).
فساءت أحوال الصَّليبيين، نقص في المؤن والماء مع شدة الحرارة، ومع كل ذلك استطاع ريتشارد مباغتة قافلة ضخمة قادمة من مصر في 23 حزيران (يونيو) 1192م فيها إمدادات
لبيت المقدس، وأخذ ما فيها ويذكر ابن شداد الذي حاول تسكين ألم صلاح الدين حينما سمع الخبر دون جدوى، (فما مرَّ بالسلطان خبر أنكى منه في قلبه)، لأنَّه حذر القافلة مراراً من
ريتشارد وجيشه زامن ذلك اشتداد تيَّار التَّنافر بين الأتراك والأكراد في جيش صلاح الدين، مع بعض أعمال التمرد بدمشق وغيرها، ويقول شداد : إنَّ صلاح الدين دخل المسجد الأقصى، «وصلى ركعتين، ورأيته ساجداً وهو يذكر كلمات، ودموعه تتقاطر على مصلاه» (7) وبسبب الخلاف الحاد في صفوف الصليبيين بين مؤيد لفكرة مهاجمة بيت المقدس، وبين مؤيد فكرة الانسحاب لعدم وجود مياه خارج المدينة، قرَّر ريتشارد الانسحاب إلى الرملة، وبعث رسله في طلب الصلح (8) ، واجتمعت رغبته في تصفية الموقف، لعودة سريعة إلى بلاده ورغبة صلاح الدين في التَّفرُّغ لشؤون دولته.
........................................
1- مفرج الكروب 2/223، وهذا ما ذكره أبو شامة في الروضتين 2/156 أيضا.
2- الكامل حوادث سنة 585 هـ.
3- الكامل في التاريخ، حوادث سنة 587 هـ.
4- السلوك للمقريزي 1/106.
5- النوادر السلطانية 314، الروضتين 2/191ــ193.
6- الفتح القسي 333.
7- النوادر السلطانية 355.
8- السلوك 1/109.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|