مشكلة تعدّد القراءات
المؤلف:
محمد باقر الحكيم
المصدر:
علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص 290-291.
10-10-2014
2118
نلاحظ أنّ بعض الألفاظ القرآنية تُقرأ بأساليب مختلفة ، تؤدّي في بعض الأحيان إلى الاختلاف في معنى اللّفظ ومؤدّاه ، هذا الشيء الذي أدّى في نهاية تطوّره إلى ولادة علم القراءات.
وقد حاول بعضهم أن يفسِّر ظاهرة تعدّد القراءات في البحوث التفسيريّة العامّة ، على أساس أنّ القرآن الكريم جاء به الوحي إلى الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بهذا الشكل المتعدّد ، وأنّه نزل على عدّة حروف ، وأنّ القراءات المتعدّدة هي هذه الحروف المتعدّدة.
وإذا كنّا نقبل هذه المعالجة في بعض الحالات لا يمكن أن نقبلها بشكلٍ مطلقٍ وفي جميع الحالات ، خصوصاً في الحالات التي يكون لاختلاف القراءة تأثيرٌ على المعنى ، ويكون المعنى بدوره مرتبطاً بحكمٍ شرعيٍّ كما في (يطهرن) بالتخفيف و(يطهرن) بالتشديد ؛ إذ في مثل هذه الحالة لا يمكن أن نتعقّل الترديد في الحكم الشرعي المستفاد منها (1).
وحينئذٍ نجد أنفسنا أمام تفسيرين لهذه الظاهرة بشكلٍ عام ، أو على الأقل في بعض الحالات :
أحدهما : هو إهمال ضبط الكلمات القرآنية بشكلٍ معيّنٍ في عهد الرسول من قِبَل بعض الصحابة أنفسهم ، أو نسيان الطريقة الصحيحة لنطق اللّفظ نتيجة عدم التدوين.
والآخر : تدخّل عنصر الاجتهاد والاستحسان في القراءة ، بعد فقدان حلقة الوصل التي كانت تربط بين بعض الصحابة والرسول.
ومن الممكن أن يكون السببان مشتركين في نشوء هذه الظاهرة.
ويبدو لنا بشكلٍ واضحٍ تأثير اختلاف القراءات على فهم النص القرآني ، إذا لاحظنا هذا النص التأريخي عن مجاهد أحد كبار مفسِّري التابعين :
(لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم احتج إلى أن أسأل ابن عبّاس عن كثيرٍ من القرآن) (2).
_________________________
(1) يحسن بهذا الصدد مراجعة البيان في تفسير القرآن لآية الله السيّد الخوئي (قُدِّس سرّه) (المدخل) : 102 ـ 117.
(2) الترمذي 11 : 6.
الاكثر قراءة في رأي المفسرين في القراءات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة