أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-06
1095
التاريخ: 2023-04-21
1126
التاريخ: 2024-09-24
266
التاريخ: 2024-07-09
565
|
الجمع بين الروايات في باب فهم القرآن
أن فهم مجموع القرآن الذي هو أعم من الظاهر والباطن والتأويل والتنزيل مختص بآل بيت الرسالة(عليهم السلام)، وأما فيما ان يخص ظواهر ألفاظ القرآن الكريم فلا يوجد مثل هذا التحديد، والجميع له مدعوون إلى الفهم المنهجي والعلمي للقرآن، وبهذا النحو يتم الجمع بين الروايات المتعددة التي ذكرت في باب فهم القرآن. وفيما يلي بعض الشواهد على هذا الجمع:
الشاهد الأول: يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق ولكن أخبركم عنه ألا إن فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي و ودواء دائكم ونظم ما بينكم"(1)، ولكن من جهة أخرى نلاحظ في موارد متعددة أنه يعيد الناس إلى القرآن الكريم كما في الأمثلة التالية:
أ. "... والله سبحانه يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] وفيه تبيان لكل شيء وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] (2).
ب. جوابه(عليه السلام) للرجل الذي سأله عن صفة الله سبحانه حيث قال: فانظر أيها السائل: فما دلك القرآن عليه من صفته فأنتم به واستضئ بنور هدايته"(3).
ج. كذلك يوصي الناس بتعلم مفاهيم القرآن والتفقه في معارفه وأحكامه ومواعظه التربوية فيقول: "وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور". (4)
د. وحول الحكمين أيضاً يقول(عليه السلام): "فإنما حكم الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات القرآن".(5) فلو كان فهم القرآن مختصاً بالمعصومين(عليهم السلام) فإن انتخاب الحكمين لإحياء ما أحيا القرآن وإماتة ما أمات القرآن سيكون لغواً ولا طائل فيه.
هـ. قوله(عليه السلام): "... وكتاب الله بين أظهر كم ناطق لا يعيا لسانه وبيت لا تهدم أركانه وعز لا تهزم أعوانه..."(6) فمن هذا التعبير يظهر بأن القرآن حينما لا يتكلم في محل ما، فإن المقصود من سكوته هو عن الأسرار والباطن وليس المفاهيم الظاهرية التي ينطق بها القرآن دائماً وليس في لسانه إعياء ولا لكنة.
و. قوله(عليه السلام): "وعليكم بكتاب الله فإنه الحبل المتين والنور المبين والشفاء النافع والري الناقع..."(7).
فالصفات والآثار التي ذكرت للقرآن في هذا النوع من الروايات مثل "الحبل المتين"، و "النور المبين"، و "الماء الزلال النافع" مرتبطة بفهم القرآن والعلم به، لا التلاوة البحتة، لأن التلاوة البحتة ليس لها مثل هذه الآثار.
ز. قوله(عليه السلام): "واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ولا لأحد قبل القرآن من غني، فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لأرائكم فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغي والضلال فاسألوا الله به وتوجهوا إليه بحته ولا تسألوا به خلقه... واستدلوه على ربكم واستنصحوه على أنفسكم واتهموا عليه آراءكم واستغشوا فيه أهواءكم"(8). أي ليس هناك من فقير بعد الاستفادة من القرآن، وليس هناك من غني قبل تعلم القرآن. وعليه فاطلبوا من القرآن شفاء أمراضكم واستعينوا به لأجل الغلبة على الشدائد، لأن في القرآن شفاء من أكبر الأمراض وأخطرها الا وهو الكفر والنفاق والضلالة. فاسألوا الله بواسطة القرآن وتوجهوا إليه بمحبة ل القرآن، ولا تسألوا خلق الله بواسطة كتاب الله... واعرفوا الله بالقرآن وعظوا به أنفسكم. واعرضوا عليه أفكاركم فإذا كانت مخالفة له فاتهموا أنفسكم وخطئوا أمام القرآن أهواءكم ورغباتكم في المجالات المتنوعة الاعتقادية، والأخلاقية، والحقوقية والفقهية).
والنتيجة التي تظهر من الشواهد المذكورة هي أن فهم القرآن في حدود ظواهر الألفاظ وإتمام الحجة في المسائل المتعددة: الاعتقادية، والأخلاقية والحقوقية والفقهية أمر ميسر للناس، وكلام أمير المؤمنين(عليه السلام) لن ينطق" يقصد به أسرار وباطن القرآن. ولو كان نصيب الناس من القرآن هو التلاوة وحدها لا غير، لم يكن الأمر بعرض الآراء على القرآن واتهام الأهواء به تاما. إذن فهم كل القرآن، بما في ذلك الظاهر والباطن، والتأويل والتنزيل، خاص بالمعصومين(عليهم السلام)، ولكن فهم ظواهر القرآن عام للجميع.
الشاهد الثاني: الروايات التي تعتبر العلم بمجموع الظاهر والباطن، والتأويل والتنزيل فيما يتعلق بالقرآن مختص بالمعصومين(عليهم السلام) وأمثلتها ما يلي:
أ. كلام الإمام الباقر(عليه السلام): "ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء"(9) والمقصود من جمع القرآن في هذا الحديث الشريف ليس هو الجمع بصورة الكتابة أو القول، بل المقصود . هو الجمع العلمي، لأن الاستنساخ والكتابة (الجمع بصورة الكتابة) صحيح في مورد الحروف والكلمات، ولكنه غير صحيح في مورد باطن القرآن. إذا فالقرينة المذكورة تدل على أن المقصود من الجمع هو الضبط العلمي، وليس الكتابة.
ب. يروي أبو حمزة الثمالي عن الإمام الباقر(عليه السلام) لا أنه قال: "ما أجد من هذه الأمة من جمع القرآن إلا الأوصياء"(10). والمقصود من الجمع، هو الجمع العلمي كما سبقت الإشارة إليه، هذا ومن ناحية أخرى فإن الجمع الظاهري لآيات القرآن منقول عن غير الأوصياء أيضا.
ج. يقول الإمام الصادق(عليه السلام): "إنا أهل البيت لم يزل الله يبعث فينا من يعلم كتابه من أوله إلى آخره"(11). والعلم بالقرآن من البداية إلى النهاية يعني العلم بجميع المراحل وكذلك العلم بقيود المطلقات ومخصص العمومات و... الخ.
د. ويقول الإمام الصادق(عليه السلام) أيضا: "والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره، كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما يكون وخبر ما هو كائن قال الله: {فيه تبيان كل شيء}(12)، فمن خصائص العقل المعصوم والمحيط هو الإشراف التام على جميع منجزات الوحي وآثاره.
هـ. كذلك يقول(عليه السلام) : "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم ونحن نعلمه"(13).
والنتيجة هي أن القرآن الكريم من جهة بدعونا إلى التدبر في ا الكتاب الإلهي، والمعصومون(عليهم السلام) كذلك يرجعون تلامذتهم ومخاطبيهم في المجالات المختلفة وبأساليب متعددة إلى القرآن، وفي مقام المناظرة مع مخالفيهم أيضا كانوا يحتجون بالقرآن. ومن جهة أخرى فبعض الأحاديث تعتبر فهم القرآن مختصا بالمعصومين(عليهم السلام) والجمع بين هاتين الطائفتين من الروايات هو بالقول إن معرفة كنه وحقيقة القرآن ومجموعة الشامل للظاهر والباطن والتأويل والتنزيل خاص بالمعصومين، أما ظواهر القرآن فهي حجة للجميع وفهمها ميسر لكل من تعلم المقدمات والعلوم الأساسية ونظر وتدبر فيها وفقا للمنهج الصحيح.
وجدير بالذكر، أن الشواهد المذكورة تتضمن جميع المعارف القرآنية، التي هي أعم من المسائل الاعتقادية والعملية. إذن أصبح من المعلوم إن جميع القرآن في جميع الأقسام حجة. ولم تنقص منه ولا جملة واحدة، سواء كان في العقائد مثل التوحيد والمعاد والنبوة والإمامة و... أو كان حول الأحكام الفقهية. وبناء على ذلك فالقول باحتمال التحريف في مسألة الولاية وأمثالها غير صحيح، وإن كان هناك دليل مستقل على إثبات نزاهة القرآن من التحريف الولائي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. نهج البلاغة، الخطبة 158، المقطع 2.
2. نهج البلاغة، الخطبة 18، المقطع 5 (سورة النساء، الآية 82).
3. نفس المصدر، الخطبة 91، المقطع 8.
4. نهج البلاغة، الخطبة 110، المقطع 6.
5. نفس المصدر، الخطبة 127، المقطع9.
6. نفس المصدر، الخطبة 133، المقطع3.
7 . نفس المصدر، الخطبة 156، المقطع 7.
8. نهج البلاغة، الخطبة 176، المقطع 8 أن الإنسان مجموعة من الأفكار والرغبات وبتعديل هذين البعدين فهو من أهل الرقي وإلا فهو من أهل السقوط، والإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في هذه الخطبة يوصي بالعرض على القرآن في كلا البعدين في العلوم والأفكار الجاهزة من قبل وفي الرغبات والميول السابقة في النفس.
9. البحار، ج 89 ص 88 .
10. نفس المصدر، ص 89 .
11. نفس المصدر السابق.
12. البحار، ج 89 ص 89.
13. نفس المصدر، ص98.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|