أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-29
777
التاريخ: 2023-04-02
639
|
وترسخت في فرنسا هياكل العلاقات الحقوقية الجديدة: فبعد أن رسمت معالمها منذ عام 1789 وضعت في قوانين وارتدت طابعها النموذجي بإعلان القانون المدني الذي سمي فيما بعد قانون (نابوليون) في 21 آذار/ مارس عام .1804 ومنطلق ذلك التأكيد الأساسي أن للجميع في كل بلد وفي كل منشأ، أن يتمتعوا بقدر متساو من الحقوق الطبيعية، ومنها المساواة (في الحقوق)، والحرية الملكية الأمر الذي أعلن رسمياً بواسطة الجمعية التأسيسية في 24 آب / أغسطس عام 1789. فأقامت هذه الحقوق مجتمعاً جديداً، حيث ألغيت الامتيازات في فرنسا منذ 4 آب / أغسطس السابق وفقدت أي اعتبار لها، وحيث إن العلاقات الاقطاعية والفئوية وجميع ألقاب النبلاء ونظام الإعفاءات والخصوصيات يجب إبدالها بشروط موحدة عامة وحتى في داخل العائلة كان على الأب أن يعدل عن حق التصرف الحر بثروته ووجهت ضربة حاسمة لأفضلية المولود الذكر في المناطق والأوساط التي حافظت على هذه العادة حتى تلك الأيام. وحظي حق المبادرة الفردية وبالتالي رفض كل تحالف جنائي لوضع الاتفاقات بحرية بين الشركاء المتساوين في المسؤولية. حظيا بموافقة قانون شاپولييه لسنة 1791 قبل أن يتبناها قانون ناپوليون المدني. وتأكدت المساواة بين الجميع حتى في تفاصيل النصوص الجنائية: فلم يستطع الدافع الإنساني لتبني المقصلة إخفاء إرادة إنهاء التمييز الذي كان يفرق بين المحكومين بالإعدام وبين الأفراد القادرين على المطالبة بطريقة إعدام أقل بشاعة عن طريق الفأس أو السيف. وتفسر قوة وبساطة المبادئ الفرنسية نجاحها في أوروبا رغم أنها انتشرت بواسطة السلاح الذي مزج بين الفكر المسيحي الثوري وبين الرغبة في الاحتلال والسلب. وقد كان مرسوم 15 كانون الأول/ ديسمبر عام 1792 يطلب بوضوح من الجنرالات في البلدان التي تحتلها جيوش الجمهورية أن يعلنوا فوراً سيادة الشعب، وإلغاء الاقطاعية والنبلاء وجميع الامتيازات بشكل عام وبعد ربع قرن أكد نابوليون في مذكرات القديسة هيلانة أنه كان يحلم بتحقيق الوحدة في القوانين والمبادئ والآراء والمشاعر والرؤية والمصالح في كل مكان وكان وجود هذه التيارات لدى الأمم التي عرفت فلسفة التنوير قبل أن تخضع لفرنسا أو تلحق بها، يخدم هذه الطموحات وقد تحقق بعضها عن طريق أعداء أشداء للثورة الفرنسية بعد أن أدركوا ضرورة منح شعوبهم الحقوق التي حاولوا حرمانهم منها بالقوة أو بمساعدة قوة خارجية . ويقدم تطور ألمانيا ظاهرة ذات دلالة فالثورة والامبراطورية الحقنا بهما عدداً متصاعداً المناطق المنفصلة عن الأراضي الرينانية، وكونت معها من فيما بعد مناطق تحالفات تجارية. حيث تلاشى فيها النظام القديم بشكل منتظم وأدخل إليها القانون المدني، وشهدت مملكة وستفاليا ودوقية برغ تحت سلطة ناپوليون المسار نفسه. وكذلك عدة ولايات أخرى من «اتحاد الرين» و «الباد» وبا قاريا (هنا) دون إعلان القانون المدني الفرنسي. وفي روسيا، أدت إجراءات شتاين لعام 1807 إلى انتصار نوع من الحرية الفردية والغاء الاستخدام الاقطاعي، وأكملها هاردن برغ Hardenberg بإلغاء امتيازات الهيئات الفئوية. وأدى كل ذلك إلى استمرار بعض الاصلاحات بعد انتهاء الهيمنة الفرنسية وإلى انتعاش المطالب الليبرالية في مناطق ألمانية أخرى. وفي أيطاليا حيث تخلى المستبدون والمتنورون عن برامجهم الاصلاحية أمام تهديد الوباء الثوري، كانت الانتصارات الفرنسية لعام 1796 وإقامة جمهوريات شقيقة قد طرحت المعالم الأولى جرى إعلان حقوق الإنسان والغاء امتيازات الأرستقراطيين ورجال الدين بشكل كامل تقريباً. ولكن هزائم فرنسا لعام 1799 لحقت أيضاً الأقلية اليعقوبية الإيطالية، وأدين بعضهم من قبل مواطنيهم باسم التقاليد المترسبة والقومية الكارهة للأجنبي، ولم يتمكن المجتمع الجديد من تحديد أسسه المدنية حتى ما بعد عام 1802 وفرضت قوانين ناپوليون في المملكة الإيطالية ومقاطعاتها وألغيت الاقطاعية في نابولي عام 1806؛ إلا أن ذلك لم يشكل خطوة تقدمية حقيقية لأن بارونات نابولي تحولوا إلى مالكين حقيقيين لإقطاعاتهم القديمة وإلى ملاكين عقاريين للأرض. ولم يؤد سقوط البناء النابوليوني إلى إلغاء القوانين المدنية في كل مكان حتى في الجنوب فقد حافظ آل بوربون في قوانينهم لعام 1819، على أهم النصوص الحقوقية التي وضعها) مورات) وجرى الأمر ذاته في ب ارماParme ومع ذلك فقد حافظت التعديلات الجديدة على قسم من المكتسبات القديمة. وفوق ذلك فقد سمح تطور الاكليروس حتى خارج الدوائر الحبرية بولادة امتيازات جديدة لصالح هيئات كنسية عوملت بالسوء في القرن الثامن عشر في الولايات الإيطالية التابعة للمستبدين المستنيرين. وكانت مسألة المساواة المدنية قد حلت في إسكندنافيا، حتى قبل الثورة الفرنسية. وبدت إصلاحات سترونيسي وخلفه في الدانمارك وإصلاحات غوستاف الثالث في السويد، حاسمة ودائمة. وهكذا ترسخت أسس علاقات اجتماعية جديدة في قسم كبير من أوروبا. في حين انتصرت الرجعية والتقاليد في دول أخرى. واستند النبلاء الروس إلى الشرعية المعلنة من قبل كاثرين الثانية عام 1785 وكانت تبرر دائماً بخدمة الدولة، وكان هؤلاء النبلاء يدافعون عن امتيازاتهم ضد تهديد القرارات الاستبدادية؛ وساهموا بالتنافس مع الدولة في تشديد وتوسع الظروف السيئة لقسم كبير من الفلاحين الروس وأيضاً لفئات العمال وسكان المدن المتنامية بتأثير الهجرات الداخلية. ففي مملكة هابسبورغ، دفع ضغط النبلاء لیوپولد خليفة جوزف الثاني منذ عام 1790 إلى إلغاء الاصلاحات الاجتماعية لأكثر المستبدين المتنورين جرأة، وفي عام 1848 ميزت العبودية كذلك قسماً كبيراً من الفلاحين النمساويين والمجريين. وفي أوروبا التي تفجرت فيها الاضطرابات الثورية، أعيد النظر أحياناً بالاصلاحات المكتسبة وتعرضت بعض السياسات الرجعية أكثر فأكثر للسقوط ففي إسبانيا الممزقة تمكن برنامج التحديث لعام 1812 من الانتصار في السنوات العشر اللاحقة بالرغم من المعارضة الوحشية لرجال الدين المحافظين وحققت الليبرالية البرتغالية انتصارات مشابهة. فشهدت ولادة المجتمع الجديد صعوبات كبرى ولكن نتائج الاصلاح لم يكن لها الحظوظ نفسها من النجاح والحياة. وكانت الخطوط الفاصلة قليلة الوضوح لأن لإصلاح الحقوقي والثوري في مجتمعات لا زالت مجمدة في بناها الاقتصادية القديمة، غالباً كان يبدو خطوة ضرورية وخجولة في البلدان التي تهزها الثورة التقنية. وغالباً ما يبين ظهور طبقات جديدة وزوال الجماعات المسيطرة الهرمة، انتصار حقوق متناسبة مع الطموحات البورجوازية؛ وتشهد هزائم وانتصارات هذه القواعد الحقوقية على متانة العلاقات الاجتماعية التقليدية. وإن مجتمعات أوروبية تتحدد الآن تحت تأثير التحولات الاقتصادية أكثر مما تتحدد بالتنوع في الأنظمة الحقوقية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|