أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
5647
التاريخ: 16-11-2014
2694
التاريخ: 8-11-2020
7636
التاريخ: 13-10-2014
2526
|
المنهج التفسيري لأهل البيت عليهم السلام
إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم والأئمة المعصومين(عليهم السلام) في أحكامهم القضائية واحتجاجاتهم وأجوبتهم على الأسئلة التفسيرية، كانوا يرجعون بعض آيات القرآن إلى بعض، وكانوا يفسرون الآية التي تقع مورداً للبحث بواسطة سائر الآيات القرآنية، كما استفاد أمير المؤمنين(عليه السلام) من الآية الكريمة: { {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } [البقرة: 233] والآية {.. وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] فأثبت نظر القرآن الكريم في أن الحد: الأقل لمدة الحمل هو ستة أشهر، وبذلك رفع حكم الرجم عن امرأة كان قد حكم عليها به بتهمة الزنا(1).
و كذلك اعتبر الإمام الجواد(عليه السلام) بواسطة ضم الآية الكريمة: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] إلى الآية: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] أن حد والسارق هو قطع أصابع اليد(2)، في حين أن المتشددين من الخوارج واعتمادا ، على خصوص الآية: {والسارق و السارق ...} كانوا يعتقدون بوجوب قطع يد السارق من الكتف لأن كلمة يد تطلق على جميع ذلك المقدار!
كذلك الإمام الباقر(عليه السلام) وفي جوابه لزرارة الذي سأله: كيف يستفاد من الآية الشريفة: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] حكم وجوب القصر في صلاة المسافر مع أن لسان الآية ليس لسان إلزام؟ قال(عليه السلام): إن تعبير (لاجناح) في هذه الآية مثل تعبير (لاجناح) في الآية الكريمة: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] حيث المقصود منها هو حكم الوجوب لا الرجحان الصرف.(3)
وعليه فإن تفسير القرآن بالقرآن قد كان هو السيرة العملية لأهل البيت(عليهم السلام)، كما أنت إرجاع المفسرين إلى هذه الطريقة كان مشهودا جدا أيضا في السيرة العلمية لأولئك الذوات المقدسة، كقول الرسول الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم): " إن القرآن ليصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض"(4) كما قال الإمام علي(عليه السلام): "كتاب الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به وينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض"(5).
تنويه: انما ينقل عن السيرة العملية لأهل البيت في تفسير القرآن بالقرآن هو لأجل إثبات أصل المنهج، وإلا فإن التطبيق في بعض الموارد بغير التعبد ليس أمرا سهلا. إن دراسة مواضع السجود في الآية: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } [الجن: 18] ووجوب قطع بعض المواضع منها في حالة تكرار السرقة وكذلك تفسير معنى (جناح) شاهد على ذلك.
وحيث إنه قد ورد من ناحية أهل البيت(عليهم السلام) أن تفسير القرآن بالقرآن منهج معقول ومقبول، فإن الصحابة والتابعين لهم إذا وجدوا د شاهد من القرآن على تفسير آية ما فإنهم يبادرون إلى تفسيرها به، وإن كانت أغلب تفاسيرهم من سنخ التفسير بالمأثور، لا تفسير القرآن بالقرآن، لأنه يتطلب اجتهادا قرآنية وتدبرا في محور جميع الآيات، ولا التفسير عن دراية وهو محمود وممدوح، لأنه يحتاج إلى اجتهاد برهاني وتأمل في دائرة العلوم المتعارفة أو الأصول والقواعد الموضوعة المبرهنة، لكن طريقة تفسير القرآن بالقرآن موجودة لدى الباحثين في القرآن منذ قديم الزمان (6)، وقد كان الأسلوب العملي لكثير من كبار المفسرين أيضا وبنحو محدود لا واسع هو الاستعانة ببعض الآيات في تفسير بعضها الآخر.
وقد ذكر مؤلف تفسير المنار شروطا لأجل بلوغ المستوى العالي من التفسير، وأول هذه الشروط هو بحث نفس الآيات والكلمات لأجل فهم 100 القرآن نفسه. ثم قال: "وقد قالوا: إن القرآن يفسر بعضه ببعض".(7)
هذا التعبير يدل على أن تفسير القرآن بالقرآن أسلوب قد اتفق عليه ال الجميع، وليس مختص بفئة معينة. لكن لا صاحب تفسير المنار الشيخ محمد عبده نفسه ولا رشيد رضا ولا الآخرون لهم القدرة على ذلك العمل العظيم الذي هو استنطاق القرآن الكريم وجعله ينطق لكي تكون آياته المتماثلة والمتسانخة ناطقة وشاهدة ومصدقة بالنسبة إلى بعضها البعض، وإن كانوا قد نالوا التوفيق نسبيا في سلوكهم هذا المنهج النير البهيج.
والمقصود هو أن أقوال وسيرة وتأليفات الأقدمين والقدماء والمتأخرين والمعاصرين يفوح منها شذى تفسير القرآن بالقرآن على مشام الروح، لكن مثل هذا المسك ينبغي أن يبحث عنه في سوق نفائس الميزان" الذي نال جائزة السبق في هذا المضمار من الآخرين، وهو إن كان بلحاظ هويته التفسيرية يحمل علامة البنوة لسلف المفسرين لكن فيه معنى شاهد بأبوته".(8)
وإن كان باعة الحسن قد قدموا لعرض الجمال
لكن لا أحد يبلغ في حسنه وجماله حبيبنا
وبحق عشرتنا القديمة لا يوجد محرم أسرار
يبلغ صاحبنا الذي لا هم له سوى إقامة الحق
ألف رسم يظهر من قلم الخلق ولكن
ليس فيها واحد جذاب كرسم حبيبنا
ألف نقد يؤتى به إلى سوق الكائنات
لكن واحدة منها لا تبلغ مسكوكة صاحب عيارنا(9)
الميزان وما أدراك ما الميزان: { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ } [الجمعة: 4] وسوف يتضح فيما بعد سر نجاح وموفقية المؤلف الكبير للميزان في تفسير القرآن بالقرآن.
تنويه: إن سيرة الفقهاء والأصوليين في استنباط الأحكام الفقهية من آيات الأحكام مبتنية على تقييد المطلقات، وتخصيص العمومات لبعض آيات القرآن بواسطة المقيدات والمخصصات الموجودة في سائر آيات القرآن. كذلك إذا كان هناك احتمال نسخ في إحدى الآيات(10)، فإنهم يبحثون عن الناسخ في آيات أخرى، وبشكل عام فإنه يتم الاستفادة من كل قرينة وشاهد قرآني لأجل استنباط الفروع الفقهية من آيات الأحكام في القرآن الكريم.
وسيرة وطريقة العقلاء أيضاً في الاستفادة من آثار وتأليفات أو أقوال الكتاب والخطباء جارية على مقايسة جميع مسائل الكتاب أو الخطابة بعضها مع بعض وتأييد بعضها بالآخر أو نقضها، وقد كانت هذه السيرة أمام منظر ومسمع الشارع المقدس ولم يصدر منه بالنسبة إليها أي منع أو ردع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. البحار، ج 4، ص 180 و 232.
2. تفسير العياشي، ج 1، ص 230.
3. وسائل الشيعة، ج5، ص538.
4. كنز العمال، ج 1، ص619، ح2861 .
5. نهج البلاغة، الخطبة 133، المقطع 9. إن المقصود من تصديق آيات القرآن بالنسبة إلى بعضها البعض الذي جاء في كلام الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)، ليس هو التصديق الاصطلاحي كي يكون في مقابل التصور، بل هو بمعنى نطق وشهادة الآيات بالنسبة إلى بعضها البعض الذي جاء في كلام الإمام علي(عليه السلام ) يعني إذا كان المبدأ التصوري لآية ما فيما بين المعاني المحتملة لها يفسر بواسطة معنى تصوري واضح لآية أخرى فهذا هو من سنخ تصديق بعض الآيات بالنسبة إلى البعض الآخر، لأن الشهادة وكذلك النطق المذكور صادق في هذا المجال أيضا. كذلك إذا كان المبدأ التصديقي لآية ما فيما بين معاني ومقاصد متعددة من جملة قرآنية يحل بواسطة جملة أخرى ذات مقصود واضح (يقال اصطلاحا إن إحدى الجملتين ظاهرة والأخرى أظهر أو إحداهما ظاهرة والأخرى نص أو أن إحداهما ذات ظهور مشترك والأخرى ذات ظهور خاص)، فإن مثل هذا النطق والشهادة مصداق للتصديق المأخوذ في كلام الرسول الأكرم ، ويعد من تفسير القرآن بالقرآن، بناء على هذا فإن أي نحو من أنحاء الشهادة والنطق بالنسبة إلى المعنى التصوري أو التصديقي لآية ما يحصل بواسطة آية أخرى فهو من قبيل تفسير القرآن بالقرآن، ولا يختص التصديق والشهادة أبدا بحالة ما بعد استقرار ظهور الآية كما ظن البعض (راجع كتاب مناهج البيان في تفسير القرآن، ج 1، ص 17 - 18).
6. ان كاتب هذه السطور قد رأى في تفسير أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (م310) وكذلك في التفسير الكبير للفخر الرازي جملة: "القرآن يفسر بعضه بعضا" وهو في حال كتابة هذه المقدمة وظروفها الخاصة حيث لا قدرة له على المزيد من الفحص. والمحدث الكبير العلامة المجلسي أيضا يقول: "وقد قالوا: إن القرآن يفسر بعضه بعضا " البحار، ج 4، ص 218.
7. المنار، ج 1، ص 22.
8. مقتبس من ديوان ابن الفارض.
9. ترجمة ابيات من ديوان حافظ الشيرازي.
10. روح وحقيقة النسخ المصطلح في دراسات العلوم القرآنية ترجع إلى (التخصيص الزماني) كما أن قبلة المسلمين كانت في زمان ما بيت المقدس، ثم تحولت إلى الكعبة المقدسة، فزمان الحكم الذي تبينه الآيات المنسوخة محدود منذ البداية، وحده معلوم لدى الله سبحانه، لكن محدوديته لم تبين من البداية، وإنما بينت بواسطة نزول الآيات الناسخة.
والآية الشريفة: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } سورة البقرة، الآية 106 أيضاً إذا كانت تتعلق بالآيات التدوينية لا التكوينية، فهي بمعنى أننا وبعد نسخ الحكم السابق نشرع حكماً أفضل لكم من الحكم الماضي أو مثل ذلك، لا بمعنى أننا ندلي لكم بخطاب أكمل وأكثر نضجاً من السابق.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|