أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-06-2015
2763
التاريخ: 8-10-2015
2846
التاريخ: 29-12-2015
2827
التاريخ: 10-04-2015
2007
|
هو عبد اللّه بن رواحة بن امرئ القيس (1)
من بني مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، وأمه كبشة بنت واقد بن عمرو بن
الإطنابة من الخزرج أيضا. وكان عظيم القدر في الجاهلية سيدا.
أسلم عبد اللّه بن رواحة وشهد بيعة العقبة
الثانية (آذار 622 م) وكان أحد النقباء الاثني عشر، ثم عمل على نشر الاسلام في
المدينة، فأصبح عظيم القدر أثيرا عند الرسول. ولقد زاد في مكانته أنه كان يخطّ
فاتخذه الرسول كاتبا. وكذلك كان شاعرا يرد على المشركين هجاءهم لرسول اللّه وتهجّمهم
على الاسلام.
وكان لعبد اللّه بن رواحة مقدرة عسكرية
ظاهرة. شهد مع رسول اللّه معركة بدر الكبرى (رمضان 2 ه-نيسان 622 م)، ولم يشهد
بدرا الصغرى (ذي القعدة من سنة 4 ه-نيسان 624 م) لأن الرسول استخلفه مكانه على
المدينة. ثم شهد معركة أحد والخندق والحديبية وما بعدها حتى استشهد في مؤتة.
في جمادي الاولى من سنة 8 ه (أيلول 629 م)
جهّز الرسول سريّة (2) إلى مؤتة قوامها ثلاثة آلاف رجل لسبر قوة الدفاع
الرومي (البيزنطي) في الشام. وكان الرسول يدرك أهمية هذه الحملة والخطر الذي يمكن
أن تتعرض له فجعل لها ثلاثة أمراء (قوّاد): زيد بن حارثة، فإن أصيب (قتل) فيكون
مكانه جعفر بن أبي طالب، فان أصيب فعبد اللّه بن رواحة. واتّفق أن كان هرقل
امبراطور الروم في البلقاء (شرق الاردنّ) من أرض الشام، راجعا من قتال الفرس، في
مائة ألف. ثم انضم اليه مائة ألف من عرب الشام من بني لخم وجذام والقين وبهراء
وبليّ. وكان المسلمون قد أصبحوا في معان ولم يبق لهم مفرّ من القتال فانحازوا إلى
قرية مؤتة وأقاموا فيها خطوط قتالهم. ولكن القوتين لم تكونا متكافئتين فاستشهد عدد
كبير من المسلمين. كما استشهد زيد بن حارثة ثم جعفر بن عبد المطلب ثم عبد اللّه بن
رواحة.
ووجد المسلمون أن لا فائدة من الاستمرار في
القتال فأجمعوا على خالد بن لوليد وولّوه عليهم، فانسحب خالد بمن بقي من الجيش.
عبد اللّه بن رواحة من الشعراء والرجّاز
المحسنين المجيدين، وهو من طبقة حسّان بن ثابت وكعب بن مالك. وقد كان في الجاهلية
يناقض قيس بن الخطيم، أما في الاسلام فكان يمدح الرسول ويردّ على شعراء المشركين.
-المختار من شعره:
قال عبد اللّه بن رواحة يرثي نافع بن بُديل
(بالتصغير)، وقد استشهد في بئر معونة (4 ه):
رحم اللّه نافع بن بديل... رحمة المبتغي
ثواب الجهاد
صابر صادق وفيّ، إذا ما... أكثر القوم قال
قول السّداد (3)
وقال يهجو أبا سفيان، بعد غزوة بدر الثانية
(سنة 4 ه):
وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد... لميعاده
صدقا، وما كان وافيا
تركنا بها أوصال عتبة وابنه...وعمرا أبا
جهل تركناه ثاويا (4)
عصيتم رسول اللّه، أفٌّ لدينكم...وأمركم
السيء الذي كان غاويا
فاني، وان عنّفتموني، لقائل... فدى لرسول
اللّه أهلي وماليا
أطعناه لم نعدله فينا بغيره...شهابا لنا في
ظلمة الليل هاديا (5)
وقال في أثناء غزوة مؤتة:
جلبنا الخيل من أجإ وفرع...تغرّ من الحشيش
لها العكوم (6)
حذوناها من الصوّان سبتا... أزلّ كأنّ
صفحته أديم (7)
أقامت ليلتين على معان... فأعقب بعد فترتها
جموم (8)
فرحنا والجياد مسوّمات... تنفّس من مناخرها
السموم (9)
فلا وأبي، مآب لنأتينها...وان كانت بها عرب
وروم
فعبّأنا أعنّتها فجاءت...عوابس والغبار لها
بريم (10)
بذي لجب كأنّ البيض فيه... إذا برزت
قوانسها النجوم (11)
فراضية المعيشة طلّقتها...أسنّتنا فتنكح أو
تئيم (12)
_____________________
1) هو غير أبي شجرة عبد اللّه بن رواحة بن
عبد العزى السلمي (الشعر والشعراء 197).
2) السرية (بفتح السين وكسر الراء وتشديد الياء)
غزوة لم يكن الرسول فيها.
3) إذا قال الناس قولا كثيرا (قليل الصواب)
قال هو قولا (قليلا) كثير الصواب.
4) تركنا بها أوصال الخ: قتلنا عتبة بن أبي
سفيان. أبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة. ثاويا: باقيا (ميتا).
5) لم نعدله: لم نعدل به أحدا (لم نجد له
شبيها).
6) أجأ: جبل في بلاد طيء. فرع (بالضم):
مكان قرب المدينة. تغر: تملأ. العكوم جمع عكم: الحزمة أو العدل (بكسر العين).
7) حذوناها: جعلنا لها حذاء. السبت: النعل
الرقيق. أزل: أملس لا يعلق به شيء. الأديم: الجلد، الأرض المستوية. -يقول: جعلنا
الخيل تسير على أرض من الصوان (الحجارة القاسية الصلبة) (التي يصعب المسير عليها)
كأنها تسير على أرض مستوية يسهل السير فيها.
8) الفترة: الفتور (التعب). جموم، يقصد
جماما (بالفتح): الراحة، استعادة النشاط.
9) مع أن خيلنا مسومة (معدة للحرب ومعودة
الحرب) فان نفسها أصبح حارا (تعبت).
10) فعبأنا أعنتها: رتبنا صفوفها للحرب
(العنان: الرسن، اللجام). البريم ما كان له لونان: أكدر. -كثر غبار الحرب على
الخيل حتى تبدل لونها.
11) اللجب: كثرة الصوت. بذي لجب: في جيش
كثير العدد تحدث فيه أصوات كثيرة. البيضة: الخوذة، حديد يلبس في الرأس. القوانس:
أعلى البيض. -قوانسها تلمع كأنها النجوم (لاشتداد الظلام من كثافة غبار الحرب).
12) رب امرأة (من الاعداء) كانت راضية
بمعيشتها مع زوجها فجئنا نحن فسبيناها أي أسرناها (إذا كانت شابة) ثم تزوجناها؛ أو
قتلنا زوجها فأصبحت أيما (أرملة)، إذا كانت مسنة.