أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
3016
التاريخ: 19-05-2015
3172
التاريخ: 7-8-2016
3705
التاريخ: 16-10-2015
3329
|
بعد قبول الإمام الرضا ( عليه السّلام ) بولاية العهد مضطرا ، جمع المأمون خواصه من الامراء والوزراء والحجّاب والكتّاب وأهل الحل والعقد ، وأمر الفضل بن سهل أن يخبرهم حول ولاية العهد ، وان يلبسوا الخضرة بدلا من السواد ، ثم أعطاهم استحقاقاتهم من الأموال لسنة متقدمة ثم صرفهم ، وبعد أسبوع حضر الناس وجلسوا ، كل في موضعه ، وجلس المأمون ثم جيء بالامام الرضا ( عليه السّلام ) فجلس وهو لابس الخضرة وعلى رأسه عمامة مقلد بسيف ، فأمر المأمون ابنه العباس بان يكون أول من يبايعه ( عليه السّلام ) ، فرفع الإمام ( عليه السّلام ) يده وحطها من فوق ، فقال له المأمون : ابسط يدك فقال الإمام ( عليه السّلام ) : « هكذا كان يبايع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يضع يده فوق أيديهم » ، فقال المأمون : افعل ما ترى .
ثم وزعت الهدايا على الحاضرين ، وقام الخطباء والشعراء فذكروا ولاية العهد ، وعدّدوا فضائل ومآثر الإمام ( عليه السّلام ) .
وطلب المأمون من الإمام ( عليه السّلام ) أن يخطب الناس ، فقام ( عليه السّلام ) فحمد اللّه واثنى عليه وعلى نبيه ( صلّى اللّه عليه واله ) ثم قال : « أيها الناس انّ لنا عليكم حقا برسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، ولكم علينا حق به ، فإذا أدّيتم الينا ذلك ، وجب لكم علينا الحكم والسلام »[1].
ثم صعد المأمون المنبر فقال : ( أيها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ، واللّه لو قرأت هذه الأسماء على الصم البكم لبرؤوا بإذن اللّه عزّ وجل )[2].
وقد توقع الإمام ( عليه السّلام ) ان ولاية العهد لا تتم ، فحينما رأى سرور بعض مواليه ، قال له بهمس :
« لا تشغل قلبك بشيء مما ترى من هذا الأمر ولا تستبشر ، فإنّه لا يتم »[3].
وبالفعل فقد صدق ما قاله ، فإنه توفّي قبل وفاة المأمون .
فقرات من كتاب العهد بخط المأمون
كتب المأمون كتاب العهد بخط يده ، ووضّح فيه سبب اختياره للإمام ( عليه السّلام ) ، وإليك فقرات منه : وكانت خيرته . . . علي بن موسى الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، لما رأى من فضله البارع ، وعلمه الذايع ، وورعه الظاهر الشايع ، وزهده الخالص النافع ، وتخليته من الدنيا ، وتفرده عن الناس ، وقد استبان ما لم تزل الأخبار عليه مطبقة والألسن عليه متفقة والكلمة فيه جامعة ، والأخبار واسعة ولما لم نزل نعرفه به من الفضل ، يافعا وناشئا وحدثا وكهلا ، فلذلك عقد بالعهد والخلافة من بعده . . . ودعا أمير المؤمنين ولده وأهل بيته وخاصته ، وقواده ، وخدمه فبايعه الكل مطيعين مسارعين مسرورين . . .[4].
فقرات مكتوبة بظهر كتاب العهد بخط الإمام ( عليه السّلام )
كتب الإمام بخطه على ظهر كتاب العهد كتابا جاء فيه « . . . انه جعل اليّ عهده والامرة الكبرى ان بقيت بعده . . . وخوفا من شتات الدين واضطراب أمر المسلمين ، وحذر فرصة تنتهز وناعقة تبتدر ؛ جعلت للّه على نفسي عهدا ان استرعاني أمر المسلمين وقلدني خلافة العمل فيهم . . . ان اعمل فيهم بطاعة اللّه تعالى وطاعة رسوله ( صلّى اللّه عليه واله ) ، ولا اسفك دما حراما ، ولا أبيح فرجا ، ولا مالا الّا ما سفكته حدوده ، وأباحته فرائضه ، وأن أتخير الكفاة جهدي وطاقتي . . . وإن أحدثت أو غيّرت أو بدّلت كنت للعزل مستحقا ، وللنكال متعرّضا . . . وما أدري ما يفعل بي وبكم ، إن الحكم إلّا للّه ، يقصّ الحق وهو خير الفاصلين . . . »[5].
فقد وضّح الإمام ( عليه السّلام ) للأمة المنهج السياسي للحاكم الإسلامي ، ودوره في تطبيق أحكام الشريعة ، وأسباب عزله وغير ذلك من المفاهيم السياسية ، وكان الكتابان قد كتبا في السابع من شهر رمضان سنة ( 201 ه ) .
أوامر المأمون بعد البيعة
أمر المأمون بطرح السواد وهو شعار العباسيين ، واستبداله بالخضرة ، وأمر الجميع بذلك وبالبيعة للإمام ( عليه السّلام ) وكتب إلى الأمصار بذلك ، وضرب الدارهم باسم الإمام ، فلما وصل كتابه إلى بغداد أجابه البعض وامتنع البعض الآخر[6].
وقام المأمون بسجن ثلاثة من قواده لرفضهم البيعة[7].
وتمرّد العباسيون على المأمون رافضين للبيعة وبايعوا لإبراهيم بن المهدي في بغداد[8].
وتمرّدوا في الكوفة وكان شعارهم يا إبراهيم يا منصور لا طاعة للمأمون[9].
ولم يستطيعوا الاستمرار في التمرّد ، فقد أطاعت جميع الأمصار المأمون ، وبايعت للامام بولاية العهد ، وكان الدعاء للإمام ( عليه السّلام ) بالصورة التالية :
« ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن علي عليهم السلام .
ستة آباءهم ما هم * أفضل من يشرب صوب الغمام »[10]
أحداث ما بعد البيعة
بحلول العيد أي بعد ثلاثة وعشرين يوما من كتابة العهد بعث المأمون إلى الإمام ( عليه السّلام ) يسأله أن يصلي بالناس صلاة العيد ويخطب ليطمئن قلوب الناس ، ويعرفوا فضله ، وتقرّ قلوبهم على هذه الدولة ، فبعث اليه الإمام ( عليه السّلام ) بالقول : « قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الأمر » ، فقال المأمون : انما أريد بهذا ان يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الأمر ، فتطمئن قلوبهم ، ويقرّوا بما فضّلك اللّه به .
فلم يزل يرادّه الكلام في ذلك ، فلما الحّ عليه ، قال : « . . . إن أعفيتني من ذلك فهو أحبّ اليّ ، وإن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وكما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) » ، فقال المأمون : اخرج كما تحب .
وأمر المأمون القوّاد والناس فقعدوا عند باب الإمام ( عليه السّلام ) وفي الطرقات والسطوح ، فلما طلعت الشمس ، خرج الإمام متعمّما بعمامة بيضاء والقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفه ، ورفع ثوبه وهو حاف ، ومعه مواليه على نفس الحالة ، ثم رفع رأسه إلى السماء ، وكبّر أربع تكبيرات ، وقال : « اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر على ما هدانا ، اللّه أكبر على ما رزقنا . . . » ورفع صوته فأجهش الناس بالبكاء والعويل ، ونزل القوّاد عن دوابهم وترجّلوا ، وضجّت مرو ضجّة واحدة ، ولم يتمالك الناس من البكاء والضجيج ، وكان الإمام ( عليه السّلام ) يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة ، ولما سمع المأمون بذلك ، قال له الفضل بن سهل : يا أمير المؤمنين ان بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس ، فالرأي أن تسأله أن يرجع ، فبعث اليه وسأله الرجوع ، فدعا الإمام ( عليه السّلام ) بخفّه فلبسه ورجع[11].
واستطاع الإمام ( عليه السّلام ) بفعله هذا ان يعيد سنّة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في صلاة العيد ، بعد ان اندثرت معالمها لعدم اهتمام الحكّام والولاة بها ، واستطاع الإمام ( عليه السّلام ) أن يدخل إلى قلوب الناس ، في هذا العمل الآني ، فقد تأثر به الجميع بما فيهم قوّاد المأمون .
[1] الارشاد : 2 / 262 وعنه في إعلام الورى : 2 / 74 وفي الفصول المهمة : 255 - 256 ، وانظر خطبته في عيون أخبار الرضا : 2 / 146 .
[2] عيون أخبار الرضا : 2 / 147 .
[3] الارشاد : 2 / 263 عن المؤرخ المدائني وعنه في إعلام الورى : 2 / 74 وعن الارشاد في بحار الأنوار : 49 / 147 وفي الفصول المهمة : 256 .
[4] الفصول المهمة : 258 .
[5] الفصول المهمة : 258 - 259 وانظر صورة الكتابين في عيون أخبار الرضا : 2 / 154 - 159 .
[6] الكامل في التاريخ : 6 / 326 .
[7] عيون أخبار الرضا : 2 / 150 .
[8] الكامل في التاريخ : 6 / 327 .
[9] تاريخ الطبري : 8 / 560 .
[10] عيون أخبار الرضا : 2 / 145 وفي مقاتل الطالبيين : 565 وفي الارشاد : 2 / 262 والشعر للنابغة الذبياني والمستشهد به حاكم المدينة عبد الجبّار سعيد المساحقي .
[11] عيون أخبار الرضا : 2 / 150 - 151 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|