أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2020
1920
التاريخ: 8-9-2020
1821
التاريخ: 2023-06-07
1472
التاريخ: 27-8-2020
2315
|
أغلب الناس مستعدون للقبول بفكرة أن الكون الذي نعرفه بدأ بصورة مفاجئة بانفجار هائل، إلا أنهم في نهاية المطاف يسألون سؤالين مرتبطين بالموضوع، وإن كانا صعبي الإجابة وهما ما الذي سبب الانفجار العظيم؟ وما الذي كان موجودًا قبله؟ دائما ما تأسر الأسئلة الخاصة بنشأة الأشياء الألباب، وفي هذا الصدد لا يوجد ما قد يضاهي نشأة الكون نفسه. إن التفكر في نشأة الأشياء يشبه التأمل في فلسفات الزن البوذية؛ فكيف يأتي شيء للوجود وهو لم يكن موجودًا من قبل؟ هنا يبدو نوع واحد من التفسيرات هو المرضي؛ أن الكيان الجديد لا بد أنه قد نتج بشكل ما عن تغير في كيان آخر مختلف سابق عليه. وكما قال لوكريتوس:12 لا شيء يأتي من العدم. وربما يكون المكافئ الحديث لهذه العبارة هو «لا يوجد ما يسمى بالغداء المجاني». ربما يكون هذا صحيحًا، لكن حين يكون الكيان المعني هو الكون بأكمله، ربما لا تصف هذه المقولة الحكيمة الأمر بدقة؛ إذ إن بعض علماء الكونيات، على الأقل، يؤمنون بأن الكون قد يكون أكبر غداء مجاني وُجِدَ على الإطلاق.
هل يمكن لنظرية التضخم الكوني أن تساعدنا على فهم أسباب الانفجار العظيم؟ الإجابة بنعم ولا التضخم بطبيعته يمحو كل ما كان موجودًا قبله، وهذه نقطة محورية. اعتاد فريد هويل، الذي ذكرت من قبل أنه كان ينتقد فكرة الانفجار العظيم بأسرها، أن يقول ساخرًا إن نظرية الانفجار العظيم تخبرنا وحسب أن الكون على النحو الذي هو عليه لأنه كان على النحو الذي هو كان عليه. في أيام النظرية الأولى ربما كان هذا صحيحًا؛ إذ كان الانفجار العظيم نفسه دون تفسير: ليس إلا حدثًا مُفترضًا لتفسير الحقائق، لكن ليس له مسببات واضحة ويبدو واقعا خارج نطاق العلم تمامًا. لتفسير الكون الذي نرصده كان من الضروري أن نضع في هذه النظرية الظروف الأولية التي من شأنها أن تقودنا لما نراه اليوم، دون أي تبريرات. ويمكن للمرء أن يضع أي ظروف أولية بحيث يحصل على توصيف لأي كون يختاره. إلا أن التضخم يعالج تلك المشكلة بتمكيننا من تفسير الكثير من الملامح الأساسية للكون بوصفها نتاجًا لعمليات فيزيائية وقعت إبان التضخم بدلًا من عزوها إلى ظروف الحالة الأولية للكون. لكن رغم وجاهة هذا المنطق فإن به عيبًا خطيرًا؛ إذ يبدو كأنه يضع المنشأ «الأولي» للكون بعيدًا عن متناول يدنا. من ناحية أخرى، فإن نفس النظرية التي تصف التضخم يمكنها أن تعطينا تلميحات عن الكيفية التي بدأ بها التضخم في المقام الأول، ويمكنها أن تقدم لنا إشارات بشأن الحالة الفيزيائية التي سبقته.
دعني أتعامل مع هذا الموضوع خطوة بخطوة. إن النقاشات عن منشأ الكون معروف عنها الصعوبة بالفعل، لذا أود التوغل في هذا الأمر بحرص كيلا أزيد الأمر حيرة. وسأبدأ بتجاهل التضخم لحظة وتبني نموذج من الواضح أنه غير صحيح للكون؛ الكون ككرة تامة الاستدارة من المادة والمحاطة بفراغ لانهائي. نحن نعلم أن الكون يتمدد، لذا ينبغي أن تكبر الكرة في الحجم مع الوقت في الماضي كانت الكرة أصغر حجما. وإذا عكسنا التمدد لفترة 13.7 مليار عام فستنكمش الكرة إلى نقطة وحيدة، نقطة وحيدة لا حجم لها. وبعد ذلك ...؟ لا شيء، تختفي الكرة أعد عرض الشريط إلى الأمام، وسيظهر الكون من لا شيء في نقطة وحيدة، ثم ينتفخ، وفي النهاية يتمدد ليأخذ أبعاده الكونية. لنتدبر الآن ما تعنيه كلمة لا شيء في الوصف السابق من الجلي أنها تعني الفضاء الخاوي. إذا كان التوصيف السابق بشأن نشأة الكون صحيحًا فسنواجه معضلة كبيرة. ما الذي يجعل كرة من المادة تظهر بغتة من العدم، في لحظة معينة من الزمن وفي موضع محدد من الفضاء الموجود سلفا، في حين لم يحدث هذا على طول الزمن حتى تلك اللحظة؟ ما الذي جعل هذا يحدث؟ وفي هذا الوقت والمكان؟ لا توجد إجابة مرضية.
واجه علم اللاهوت المسيحي معضلة شبيهة بهذه؛ إذ كان غير المؤمنين يقولون: «ما الذي كان الإله يفعله قبل أن يخلق الكون؟» فإذا كان الإله موجودا طوال الأزل، كما رأى علماء اللاهوت، فلا شيء يميز تلك النقطة المحددة التي خلق فيها الكون عن غيرها. بالطبع كانت هناك إجابة بارعة لمثل هذا السؤال تقول: «كان منشغلًا بخلق الجحيم لأمثالكم!» إلا أن للفكرة وجاهتها؛ إذ إنها تمس فكرة التناقض بين الزمن المحدود والخالق غير المحدود بزمن قدم أوجستين إجابة ذكية لهذه المعضلة، وذلك حين أوضح أن المشكلة لا تكمن في طبيعة الذات الإلهية، بل في طبيعة الزمن نفسه.
هوامش
(12) “Ex nihilo, nihil fit.” De rerum natura in Lucretius, On the Nature of the Universe, translated by R. E. Latham (New York: Penguin, 1951).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يعلن إطلاق المسابقة الجامعية الوطنية لأفضل بحث تخرّج حول القرآن الكريم
|
|
|